q
هل عقدوا اجتماعاتهم لمدة 24 ساعة من أجل حل مشكلة تردي الواقع الخدمي في البلاد، وهو واقع شديد الخزي؟ لم يجتمعوا وكل ما فعلوه هي خطابات تكتب حروفها بعدم الجدية. هل يعلمون أين يذهب شباب العراق الذين يعانون البطالة؟ هل يعلمون أن أزمة البطالة فتحت لنا أزمات أخرى...

نشاهد الساسة مرتين، مرة خلال مدة الترويج لمرشحيهم وقوائمهم الانتخابية، والمرة الثانية عند عقد صفقات تشكيل الحكومة وتعيين الرئاسات الثلاث.

منازل القادة السياسيين تعج بالحضور ليلاً ونهاراً، سبب الاجتماعات تقاسم المناصب، أو كما يسمونها مباحثات تشكيل الحكومة والصراع على تشكيل الكتلة الأكبر عدداً داخل البرلمان، النتيجة إقصاء لبعض الأطراف التي تفشل في تقديم عروض جيدة، وفوز الأخرى التي تستطيع فعل أي شيء بما فيها شراء المناصب بملايين الدولارات.

أغلبية سياسية، أغلبية وطنية، حكومة توافق، حكومة الشراكة، وحكومة الوحدة الوطنية.. ألخ.

هذه التسميات نسمعها طوال المدة الزمنية لتشكيل الحكومة، وهي تسميات لا تعبر عن حقيقة المسمى، إنما هي غلاف جميل يوضع على الصفقة التي تباع وتشترى فيها المناصب بين القوى المسيطرة على المشهد السياسي.

لست متشائماً ولست ضد أحد، لكن هذا الواقع، فالقاعدة العامة لمن يريد حل أي مشكلة عليه أولاً الإعتراف بها وإيجاد السبب الحقيقي لها قبل الشروع بالحل، وهذا لم يحدث حتى الآن، كل ما نقوم به هو وضع غلاف مبهرج على أزمات قبيحة ومتراكمة منذ سنوات.

وأكبر الأزمات هي ابتعاد القوى السياسية عن الشارع العراقي، وانشغالها بالصفقات وتبادل الأدوار تحت خيمة كبيرة اسمها العملية السياسية.

هل يعقل أن حراك القوى السياسية يصل إلى درجة كبيرة من النشاط بحيث يعقدون اجتماعاتهم على مدار 24 ساعة، يتنقلون من قصر زعيم إلى آخر والهدف هو الظفر بأكبر عدد من المكاسب الحزبية والفئوية وحتى الشخصية.

لا تقولوا إن مسألة تشكيل الحكومة مصيرية وتحتاج إلى هذا النشاط، لأنني أعرف أهمية وجود حكومة، أنا غاضب بصفتي مواطن عراقي لكون القيادات السياسية كانت قد أهملت قضايا حساسة جداً وبنفس أهمية تشكيل الحكومة.

كانت هذه القيادات تغط في نوم عميق عندما قارب العراق من حافة الانهيار مرات عدة، والسبب لأن تلك اللحظات لم تكن مفيدة لهم بصفتهم الحزبية أو المكوناتية أو الشخصية.

يتصارعون على تسمية الكتلة الأكبر، يخنقون الدستور من أجل الفوز بالصفقة، ويغلفون أفعالهم هذا بالدفاع عن الحقوق السياسية لجماهيريهم.

كلام بعيد عن الواقع، لو كانوا فعلاً يدافعون عن جماهيرهم لتعاونوا من أجل تقديم خدمة للناس، لم يستطيعوا حل مشكلة بسيطة مثل مشكلة الكهرباء لتتحول في النهاية إلى أزمة تخنق البلاد طوال العمر السياسي للديمقراطية في البلاد.

أتساءل هنا، لماذا لم يجتمعوا على مدار 24 ساعة بهدف جعل الكهرباء تشتغل 24 ساعة؟ هل يعلمون أن الحديث عن أزمة كهرباء حديث مخجل لسهولة حل المشكلة؟ لكنهم لا يملكون الإرادة.

يملكون كل الإرادة عندما يتعلق الأمر بتشكيل الكتلة الأكبر، ولا يملكون أي إرادة عندما يتعلق الأمر بحل الأزمة الأكبر وهي أزمة الكهرباء.

هل عقدوا اجتماعاتهم لمدة 24 ساعة من أجل حل مشكلة تردي الواقع الخدمي في البلاد، وهو واقع شديد الخزي؟ لم يجتمعوا وكل ما فعلوه هي خطابات تكتب حروفها بعدم الجدية.

هل يعلمون أين يذهب شباب العراق الذين يعانون البطالة؟ هل يعلمون أن أزمة البطالة فتحت لنا أزمات أخرى أبرزها المخدرات التي تنتشر بين الشباب كالنار في الهشيم؟

أما الفساد فلم أسمع باجتماعات على مدار الساعة لحل الأزمة، يريدون حل الفساد بالخطابات، بينما يجتمعون على مدار الساعة من أجل الظفر بتسمية رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب.

ما فائدة الكتلة الأكبر إذا لم تحل لنا أزماتنا الأكبر، وهي أزمات يعرفها الكبير والصغير والخبير وغير الخبير، الكل يتحدث عنها وعن مخاطرها، لكن قادة البلاد لا يملكون الإرادة لإيجاد الحلول.

بالنسبة لي كموطن عراقي لا تهمني من تكون الكتلة الأكبر، الأهم هو من يقدم الخدمة الأكبر، ولا يوجد عندي أي مؤشر على إمكانية حدوث هذا الأمر.

اضف تعليق