q
آراء وافكار - مقالات الكتاب

عراق 2022

التاريخ حلقات مترابطة من الأحداث والتجارب، وتراكم معرفي يتكرر فيه الحدث الواحد، وتستحدث فيه الظواهر، وتتناسل المشكلات تناسلا طرديا، وتفتح آفاق الحياة بسهولة، وأحيانا تغلق منافذها. ولولا فسحة الأمل ما بقي بالدنيا رجاوي، وما تحمل النفس ضيقه، ولضاقت الدنيا بالبشر...

الكل يترقب عام 2022 بأرقامه الجميلة المتكررة. ينتظر اليوم الأول منه ليغادر العام الماضي الذي كان عاما مشحونا بالتوترات الحياتية والسياسية والصحية. كان عاما تعيسا بالجائحة ومتحوراتها الكثيرة، والحروب والتهجير والفقر. ربما كان نذير سوء وشؤم للكثير من البشر لأنه عطل الحياة وقطع الأرزاق وغيّب الأحباب في دورة النحس والتشاؤم والكآبة. حيث هناك الجوع والفقر تأكل بالأمم.

في آواخر عام 2020 تنبأت بمستقبل العالم عام 2021 في ضوء علم المستقبليات. قلت وقتها أن الأمر ليس تنجيما في الغيب، بقدر ما هي رؤية استشرافية محكومة ببعض منهجيات البحث العلمي في ظل متغيرات أصبحت سريعة ومزاجية. فما يحدث من غرائب تبدو وكأنها طلاسم صعبة الفهم والتحليل. لذلك من المتوقع أن يكون العام المقبل غير قابل للتنبؤ بشكل خاص بالنسبة للمخاطر والفرص المستقبلية

حقا كان عام 2021 حزينا وكئيبا ومرعبا بسبب كورونا. فلا غابت عنه الكوارث الطبيعية، والثورات المشتعلة، والأوضاع المعيشية والاقتصادية السيئة. لذلك تغير منظورنا للحياة بطرق لم تخطر على بال أحد. فكان مصدر اختلاف بين البشر. البعض اعتبر 2021 سنة الخسائر، والبعض الآخر اعتبره سنة تجارب بامتياز.

ومع ذلك، بمنطق الخسارة والربح، فقد علّم البشر ما لا يعلم، ولقّن الحكومات دروسا بليغة في مواجهة الأزمات والابتعاد عن عنجهية القوة والسلاح.

التاريخ حلقات مترابطة من الأحداث والتجارب، وتراكم معرفي يتكرر فيه الحدث الواحد، وتستحدث فيه الظواهر، وتتناسل المشكلات تناسلا طرديا، وتفتح آفاق الحياة بسهولة، وأحيانا تغلق منافذها. ولولا فسحة الأمل ما بقي بالدنيا رجاوي، وما تحمل النفس ضيقه، ولضاقت الدنيا بالبشر.

كابوس الفايروسات

وعندما نفتح نوافذ الأعوام بلغة العلم، فأننا نفتح معها حقيقة الحياة بحلوها ومرها لكي نهيئ أنفسنا بمخاطر القادم من الأحداث ونتسلح بمعارف الأمل. لذلك قلت في أواخر عام 2020 بثقة: لن يكون عام2021 القضاء على فيروس كورونا. بل هو عام تناسل الكورونا إلى سلالات جديدة من صنع الطبيعة، أو الدول والشركات للاستحواذ على المليارات لتعويض خسائرها، وإنفاذ اقتصاداتها من الانهيار والركود الاقتصادي. وستبقى البشرية لسنوات تحت كابوس الفيروسات الجديدة وارتداء الكمامات. سنعيش دوامة التفكير السلبي والأمل الخادع. عالم ينتهي بكورنا، وآخر يتشكل بالفيروسات الجديدة!

فسحة امل

سأجيب من خلال تجارب التاريخ والحياة؛ لابد من الأمل. فالأمل يكبر وتتعاظم الحاجة اليه أكثر كلما كان مشهد الحياة يوحي بالقلق والضياع. هو يتجاوز حدود المنطق والممكن والمعقول لأنه يتعدى مساحة العقل البشري. الأمل قوة وحكمة وإرادة يمكن من خلاله تنـــشيط الواقع وتغييره. هو مرهون بطاقة الشباب وعنفوانهم. فالعراق قد شاخ بعجائز السياسة، وعلاجه في حيوية ونظافة عقل الشباب. هم أصحاب الإرادة والتغيير القادم.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق