q
يبدو ان الوضع السياسي يسير نحو مزيد من التعقيد لا الانفراج. ان لقاء السيد الصدر الذي جمعه بالإطار التنسيقي قبل ايام لم يكن كما توقعه البعض. لقد أصر السيد الصدر في تغريدة بعد خروجه من ذلك اللقاء على ان الحكومة القادمة لن تكون شرقية او غربية بل حكومة اغلبية وطنية...

يبدو ان الوضع السياسي يسير نحو مزيد من التعقيد لا الانفراج. ان لقاء السيد الصدر الذي جمعه بالإطار التنسيقي قبل ايام لم يكن كما توقعه البعض. لقد أصر السيد الصدر في تغريدة بعد خروجه من ذلك اللقاء على ان الحكومة القادمة لن تكون شرقية او غربية بل حكومة اغلبية وطنية.

لقد ظن البعض ان لقاء الصدر بالاطار التنسيقي سيقرب وجهات النظر لكن هذا الامر لم يحدث، وما زال السيد الصدر يصر على موقفه المعلن وانتقاده لتلك السياسة الرتيبة التي سارت العملية السياسية على سكتها طوال الاعوام الماضية. اذن هل نحن في مأزق سياسي خطير؟. اجيب بكل تأكيد نحن في اصعب مأزق على الاطلاق. ولم تعد تنفع التوافقات او التوازنات في حسم قضية الخلاف التي حدثت بعد الانتخابات.

هذا يعني أننا امام وضع سياسي جديد لم نمر به في السابق. في عام 2018 اختلف تحالف الاصلاح والبناء وسائرون على الكتلة الاكبر. ذلك الاختلاف كان طبيعيا جدا. لأنه اختلاف يتعلق بطرفين حصلا على اعلى الاصوات. واذا اردت ان اصف المنافسة التي حدثت بين اكبر كتلتين آنذاك لقلت ان المنافسة كانت تعني وجود نوع الاعتراف بان هذه المواجهة في اثبات الكتلة الاكبر تشير الى ندّية سياسية واضحة.

ومع ان قضية الكتلة الاكبر لم تحسم وقتها وجيء برئيس وزراء توافقي هو عبد المهدي الا ان هذا التوافق كان حلا وسطا لا يجرح كبرياء احدى الكتلتين حدث ذلك كما قلت في انتخابات عام 2018 تلك الانتخابات التي كانت خطأ فادحا بكل معنى الكلمة. اليوم تغيرت الصورة. لقد جرحت كبرياء كتلة الفتح وغيرها من قوى الاطار التنسيقي.

وها هم يعترضون ويرفضون نتائج الانتخابات بعد تقديم الطعون التي يقولون انها دامغة الى المفوضية. وانتهت عملية العد والفرز وتدقيق الطعون، وارسلت النتائج الى المحكمة الاتحادية للمصادقة عليها. وكما يعرف الجميع فان المحكمة الاتحادية تدقــــق في اسماء المرشحين، ومن ثم تصادق على النتائج خلال ايام. كل هذا دفع برئيس تحالف الفتح هادي العامري لتــــــقديم طلب الى المحكمة الاتحادية لالغاء نتائج الانتخابات. هذا يعني ان الكتل الخاسرة تبحث عن وجود رمزي تهدد جراء اخطاء وقعت بها المفوضية على حد قولهم.

كان يقال قديما ان افضل وسيلة لاكتشاف الانسان هو السفر معه، وهناك وسيلة اختبار اخرى وهي وضع مقدار من المال عنده لمعرفة رد فعله، اظن ان قضية السفر لم تعد جيدة في كشف اخلاق الناس بسبب اختلاف حياة المسافرين اليوم عن طريقة السفر القديمة حيث يقطع الانسان مئات الكيلو مترات في صحراء قاحلة. الوضع تغير كثيرا لكن المال بقي احد اهم اختبارات كشف زيف الانسان من صدقه.

في ايامنا هذه وعلى الاخص في بلد كبلدنا يعاني من لصوصية احترافية صار الاختبار الاهم والاوحد والاكثر فائدة هو اعطاء الانسان منصبا. ليس شرطا ان يكون المنصب رفيعا. ان ابسط منصب سيكون اداة كاشفة للانسان. وفي تجربتنا السياسية المعقدة شاهدنا العجب، وسمعنا قصصا عن فساد وسرقات يرتكبها منتمون لحزب ديني او غير ديني.

المنصب بهذا المعنى هو اكبر اختبار، وأفضل اداة لكشف الانسان ووضعه أمام ضوء الحقيقة. منذ الايام الاولى سينكشف من كان يدعي عفة اليد، وسنعرف كم سيتغير الانسان الذي كنا نظنه ملاكا فاذا به يصبح شخصا لا نعرفه. وعندها نتساءل عن اوضاعه فنقول: لقد غيره المنصب. ولم يكن قبل المنصب هكذا. ومثل هذا الكلام الذي نسمعه يعني أننا لم نفهم جيدا كيف يفكر الانسان حين يجد نفسه في منصب، وشلال الامتيازات يسقط من حوله. هنا تتحول روح هذا المسؤول بغض النظر عن منصبه الذي يشغله الى روح فاسدة متعالية تفقد احساسها الشعبي بالناس وبالوطن وبكل شيء. اقول يموت في الانسان ضميره في حين هو يجلس في مكان يحسده عليه الكثيرون. انه حسد العميان بالتأكيد.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق