q
مع لحظتي الاقلاع والهبوط يشحب الوجه وتتسارع ضربات القلق ويصعب على الانفاس شق طريقها الى الرئتين مع حدوث الم في البطن والشعور بالضعف العام والتعرق الشديد وجفاف بالفم وتشنجات عضلية واللهاث مع تزايد بنسبة القلق والتوتر والشعور بالخطر دائم مع كل مطب هوائي ومداد ذلك كله الخوف...

مع لحظتي الاقلاع والهبوط يشحب الوجه وتتسارع ضربات القلق ويصعب على الانفاس شق طريقها الى الرئتين مع حدوث الم في البطن والشعور بالضعف العام والتعرق الشديد وجفاف بالفم وتشنجات عضلية واللهاث مع تزايد بنسبة القلق والتوتر والشعور بالخطر دائم مع كل مطب هوائي ومداد ذلك كله الخوف، هذا حال الاشخاص الذين لديهم رهاب من ركوب الطائرات وهم كثر على وجه هذه المعمورة.

الخوف يعرف على انه استجابة طبيعية للخطر المحتمل جسدياً كان او عاطفياً وهو ضروري للحماية من التهديدات المحتملة، لكن حال الكثير من الناس انهم يخافون من خطر قد يكون اقل من باقي مواطن الخطر فهم يخشون صعود الطائرات لكنهم يستقلون الدراجات النارية التي تفتقر الى كل ابسط لوازم الامان، ما يؤشر وجود مشكلة نفسية للفرد تجاه هذه النقطة بالتحديد، اعني الخوف من ركوب الطائرات.

الكثير من الناس يخشون ركوب الطائرات بل ويفضلون السفر بالسيارات او القطارات حتى وان كان سفرهم عابر للقارات مع استحالة تفضيلهم هذا، فالخوف حرم الكثير من البشر من رؤية الارض من مكان مرتفع وحرمهم ايضاً من فرص العمل ذات المقابل المادي العال بالإضافة الى حرمانهم من التمتع بزيارة البلدان والاطلاع على جمالها وما وهبها بارئها فمن لم يسافر فقد فاته الكثير وغاب عنه الكثير.

رهاب الطيران هو مرض او اضطراب نفسي يصيب الانسان ويجعله يكره السفر جواً مهما كان ثمن ذلك لان المصاب يعتقد انه سيفقد حياته خلال التحليق في السماء ولا يرى ضرورة لان يجازف بنفسه وحياته، وهذا الخوف يلازمهم في كل مرة يركبون بها الطائرة وليس في المرة الاولى فقط، وانا شخصياً كنت في سفرة دراسية الى بيروت وكان بجانبي زميل لي بعد ان شددنا احزمة الامان لم اسمع منه ولو همسة واحدة ولا ابتسامة ولا اية حركة غير التمسك بكرسيه بصورة قوية ظننت للوهلة الاولى انه حزين لفراق عائلته لكنه افصح لي بعد الوصول بخوفه من الطائرة الى المرحلة التي جعلته يتريث في قرار دراسته لسنوات!

من دون شك ان حوادث الطائرات موجودة وفي كثير من البلدان والاحداث التي شهدها العالم التي تؤكد على رعبها وخطورتها، فمشاهدة الحطام وصور الاجساد المضرجة بالدماء يسهم في توليد خوفٍ لدى البعض الا انه ليس بمستوى الخطر الذي تصوره بعض وسائل الاعلام في نشراتها الإخبارية او صناع الافلام، فحسب احصاءات حوادث الطيران الدولية لعام 2018، والتي اعتمدت 2,520,000 رحلة جوية، بلغت نسبة الحوادث وفاة واحدة لكل 37,800,000مسافر، وهذه النسبة ضئيلة جداً اذا ما قورنت بحوادث السيارات والقطارات وغير من وسائل النقل المختلفة في جميع اصقاع العالم، ففي هذا السياق تقول منظمة الصحة العالمية إن عدد الوفيات جراء حوادث السير براً بلغ 1,25 مليونا في العالم في عام واحد.

الدوافع المؤدية الى رهاب الطائرات

ان بعض الاشخاص يخشون ان تسيطر جماعة ارهابية على الطائرة وتقودها الى مكان مجهول وهذه الصورة المترسخة خلفيتها مشاهدة افلام تلفزيونية او حوادث حصلت في وقت ما، هناك اشخاص لديهم خوف من الاماكن المغلقة والضيقة كما الاماكن المرتفعة وهم بالعادة تضيق بهم الاماكن وتنحبس انفاسهم وتضيف بها حتى السماء ذراعاً.

كما ان بعض الاشخاص تعرضوا لتجارب طيران قلقة ومخيفة بقيت هذه التجارب بالنسبة اليهم تمثل كابوس يصعب تخطيه او نسيانه مما يتسبب في حدوث الرهاب لديهم، بعض الاشخاص الذين لديهم ولع كبير في مشاهدة الوثائقيات التي تخص اعطال الطائرات وتحطمها مما تسبب في ادراكات معقدة لديهم تمنعهم من ركوب الطائرات.

اما السبب الاخير فأن حالات الفقد المؤلمة في الطيران تولد شعور برفض الطيران ومن هذه الحوادث وفاة شخص من افراد الاسرة في رحلة علاج سيما اذا كان احد الوالدين فأن ذلك يجعل الكثير من الاشخاص لا يفضلون ركوب الطائرة مرة اخرى بل ويمقتونها.

استراتيجيات العلاج

يمكن معالجة او التقليل من اثر رهاب الطائرات قدر الامكان بعد علاجات منها:

علاج سلوكي معرفي وهو عبارة عن تعليم الناس واحاطتهم بالمعلومات الكافية التي تغير افكارهم وقناعاتهم التي تتعلق بخطر الطائرات وبذا يمكن تخفيف الكثير من القلق لديهم، ومن الاهمية بمكان تعليم الناس بكيفية استخدام مستلزمات السلامة مثل كيفية فتح المظلة والقفز وغير ذلك من الاجراءات التي من شأنها ان تجلي الكثير من مخاوف الناس من الطيران.

كما يمكن ان يلجأ الشخص الذي يعاني من الارتفاعات او ركوب الطيران الى الهاء نفسه بمشاهدة فلم محبب اليه او مشاهدة مباريات كرة قدم او قراءة كتاب مما يجعل الوقت يمر سريعاً دون ان يعاني من الارهاق النفسي في رحلته، كذلك يعمل تحفيز النفس على السفر عبر تذكيرها بميزاته والاهداف التي يحققها وبالتالي تقتنع النفس ويهدئ الروع.

ومواجهة الانسان لخوفه سيبدده ويقتله على مبدأ (اذا خفت من شيء فقع فيه)، وهو ما يعرف بالتعريض التدريجي الذي يعمل على ازالة الخوف وابداله امن واطمئنان، وان لم تجدي كل هذا العلاجات نفعاً فأننا نضطر الى اللجوء الى الادوية والعقاقير المهدئة التي تقلل من القلق والصراع الداخلي لدى الانسان وبالتالي التغلب على رهاب الطائرات.

ختاماً قارئنا الكريم اود الاشارة الى حقيقة تخفى على الكثير من الناس سيما المصابين برهاب الطائرات وهي ان امكانية موت احدنا في حادث سير اثناء ذهابنا الى المطار اكبر بمئة ضعف من امكانية التعرض لحادث طائرة مميت!

اضف تعليق