q
إنسانيات - مجتمع

الطلاق: زاوية أخرى

العمر مرة واحدة، لا يجب أن يكون في ظل تجربة زواج فاشل! وللموضوعية، قد يكون الزواج الفاشل سببه الزوجة أيضاً، وفي أحيان كثيرة يقع الطلاق لرغبة الزوج للخلاص من امرأة لا تصلح؛ لأنَّ تكون زوجة ناهيك عن سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي وشكاوى الخيانة الزوجية التي دفعت ببعض الأزواج إلى...

ما حفزني لكتابة هذه السطور هو بعض الحوارات التي تدور هنا وهناك عن ارتفاع عدد حالات الطلاق على نحو مخيف ومثير للقلق؛ فله تداعياته على النسيج المجتمعي وعلى الأبناء؛ الأمر الذي يستدعي تنظيم جلسات ثقافية- اجتماعية للتوعية بخطورة هذا الأمر، مع اقتراح عدَّة حلول للحدّ على أقل تقدير من تفاقم هذه الحالة.

وفي الحقيقة هناك زاوية اخرى في موضوع الطلاق، لا أدري لِمَ يتغافل المتحاورون عن ذكرها!

فازدياد حالات الطلاق يعدّ حالة صحية، تبين القدرة على حسم الأمور والانتهاء من زيجة فاشلة، فالطلاق في الكثير من حالاته هو علاج فعال لحالات لا يمكن معالجتها بتوسط الباحثة الاجتماعية، ولا الأهل ولا أهل العقد والحل.

واستشهد بنماذج من صديقات وقريبات، عشتُ عن قرب حالاتهن ومعاناتهن فضلاً عمَّا ينشر أحياناً في مواقع التواصل الاجتماعي:

ماذا تفعل الزوجة مع زوج يعاقر المسكرات بل يتعاطى المخدرات؟ ما الوضع النفسي والتربوي للأبناء؟

ماذا عسى الزوجة أن تفعل مع زوج يدقق راتبها، ويقيم الدنيا ولا يقعدها إذا لم يستلمه هو؟

ماذا تفعل زوجة يطرق بابها الدائنون؛ لأنَّه مديون حتى أذنيه دون علمها أو لا تعرف أين ذهبت تلك المبالغ؟

ما موقف الزوجة أمام زوج لا يهتم بها، ولا يجالسها، بل قد لا يتكرم عليها إلا بعد مضي شهور بالعلاقة الحميمة؟ ماذا تفعل زوجة إذا أهان كرامتها أهل الزوج أو الأخوة أو أبوه وتعنيفها لدرجة الضرب؟ ما المطلوب منها وهي ترى زوج يتصرف بسفاهة بأموالها ويبيع ويشتري بأملاكها؟

هل المطلوب تبقى جامدة، خرساء، عمياء، وهي ترى الزوج، المسمَّى أب يربط أبناءه بسلاسل ويتلذذ بتعذيبهم بشتى الوسائل؟ ماذا تنتظر زوجة، حوَّل الزوج حياتها إلى جحيم؛ لأنها تنجب بنات فقط أو لم ترزق بأطفال؟!

أقولها بقوَّة وبصوت عالٍ: لا تفعلي شيئاً عزيزتي، لا النصح ينفع ولا الأهل.. عليكِ بالطلاق.. والطلاق فقط هو الحل في هذه الحالات.

الطلاق هو بداية جديدة، هو غلق ملف زواج فاشل، والخلاص من رجل فاشل، وكان فيه الزوج ظلاً وليس كيان له وجود قوي يبعث على الأمن والاستقرار والمودة والرحمة! ما ينبغي علينا فعله هو بعث رسائل اطمئنان وثقة للمطلقة أنَّ الإطلاق هو بداية جديدة، هو فجر جديد، وليس نهاية العالم، وأن نمحو من تصورها واعتقادها أنَّ الطلاق عار، بل العار هو القبول بهذا الفشل والتحطيم النفسي والإدمان عليه!

كما ينبغي علينا أن نصحح بعض المفاهيم، كالمثل القائل (ظل راجل ولا ظل حيطة)، فالحائط سند وحماية للساكنين، وله جمالية في البيت لكن زوج بالمواصفات أعلاه، فالحائط أفضل منه ألف مرَّة!

اما القول أنَّ المودة والرحمة مطلوبة، نعم، هي مطلوبة من الطرفين، وليس من طرف فقط، كذلك أهمية التسامح بين الزوجين، فهو لحالة أو حالتين وليس لحالات تدوم لسنوات!

ملخص القول: العمر مرة واحدة، لا يجب أن يكون في ظل تجربة زواج فاشل! وللموضوعية، قد يكون الزواج الفاشل سببه الزوجة أيضاً، وفي أحيان كثيرة يقع الطلاق لرغبة الزوج للخلاص من امرأة لا تصلح؛ لأنَّ تكون زوجة ناهيك عن سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي وشكاوى الخيانة الزوجية التي دفعت ببعض الأزواج إلى ارتكاب جرائم وكان الأولى اللجوء إلى الطلاق!

وختاماً ارتفاع عدد حالات الطلاق يدل على ثقافة، هي ثقافة الطلاق، وإيقاف عجلة العذاب والألم والاستغلال لتلك الرابطة المقدسة التي اسمها “الزواج”، ويبقى الطلاق حلالاً وإن كان أبغضه!

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق