q
إن هذا النوع من الأعاصير التي تشتد بسرعة قد وقع كثيرا في العقود الماضية، ويبدو أن للتغيرات المناخية دورا رئيسيا في زيادة سرعة تكثف الأعاصير، لا سيما أن أغلب السيناريوهات المستقبلية تشير إلى ارتفاع وتيرة مثل هذه الظواهر وزيادة شدتها في المستقبل...

افتتح "إعصار آيدا" (Hurricane Ida) موسم الأعاصير القوية هذا العام بعد أن ضرب فجر الأحد 29 أغسطس/آب الجاري سواحل ولاية لويزيانا الأميركية، وقد أدى هبوبه -الذي صادف الذكرى الـ16 لإعصار كاترينا المدمر- إلى غرق سواحل الولاية الأميركية وهطول أمطار غزيرة وإثارة رياح عاتية وسط توقعات بأن تزيد وتيرة هذه الظواهر المناخية بسبب الاحترار العالمي. وإليك أهم ما يجب معرفته عن الإعصار الجديد.

كيف بدأت العاصفة آيدا؟ تشكل آيدا أولا على هيئة عاصفة مدارية جنوبي كوبا يوم الخميس 26 أغسطس/آب الجاري، واتجه إلى الشمال الغربي فوق خليج المكسيك.

ومع زيادة شدة هذه العاصفة، استفادت في وقت متأخر من يوم السبت وصباح الأحد الماضيين من تيار المياه الدافئة المعروف باسم "التيار الحلقي" (Loop Current)؛ إذ يتحرك هذا التيار بشكل دائري عبر خليج المكسيك، مرورا بفلوريدا وحتى الساحل الأطلسي وتبلغ درجة حرارة المياه داخله نحو 30 درجة مئوية.

وعادة، عندما تشتد العاصفة أو تتوقف فإنها تمتص كل المياه الدافئة في المنطقة ثم تضرب المياه الباردة التي تبدأ في إضعاف العاصفة أو على الأقل منعها من زيادة قوتها. لكن في حالة العاصفة آيدا، استمر الماء الدافئ في تأجيجها خاصة مع غياب رياح باردة معاكسة.

كيف بلغت مرحلة الإعصار؟ وبسبب هذه الظروف المحيطية والجوية المواتية، نمت العاصفة آيدا وبلغت مرحلة الإعصار مع زيادة سرعة الرياح من 169 إلى 241 كم في الساعة في غضون 8 ساعات فقط. ووصلت إلى اليابسة الأحد الماضي على ساحل لويزيانا، بالقرب من نيو أورلينز، في مرحلة الإعصار من الفئة 4.

بلغت سرعة الرياح مع وصول آيدا إلى سواحل لويزيانا بين 240 و280 كيلومترا في الساعة على الساحل يوم الأحد. وهطلت كميات هائلة من الأمطار الغزيرة تراوحت بين 300 و450 مليمترا في نحو 36 ساعة، أي ما يعادل كمية الأمطار التي تهطل على مدينة تونس -على سبيل المثال- طوال سنة كاملة.

وقد تتسبب العواصف المصاحبة لهذا الإعصار في غرق العديد من المناطق خاصة أن ساحل لويزيانا يقع على مستوى سطح البحر.

هل إعصار آيدا مشابه لإعصار كاترينا؟ يظل إعصار كاترينا (الفئة 5) -الذي دمر هذا الجزء نفسه من لويزيانا في 30 أغسطس/آب عام 2005- أعنف كارثة طبيعية في الولايات المتحدة؛ فقد تسبب في مقتل أكثر من 1800 شخص، بعد أن غمرت المياه كامل مدينة نيو أورلينز تقريبا، ورغم أن قطر إعصار آيدا أصغر من قطر كاترينا ويتقدم بسرعة أكبر نسبيا، فإن قوته ومساره -المتعامد مع سواحل نيو أورلينز- يزيدان من قدرته التدميرية.

كيف سيتطور إعصار آيدا؟ حسب التوقعات الصادرة الاثنين 30 أغسطس/آب الجاري، يتوقع أن تتعرض ولايات أميركية أخرى مثل تينيسي وكنتاكي لإعصار آيدا بين مساء الاثنين ويوم الأربعاء.

وستفقد آيدا قوتها تدريجيا لتعود إلى عاصفة مدارية ثم منخفض جوي، لكن الرياح ستبقى قوية نسبيا ويمكن أن تصل إلى 100 كيلومتر في الساعة، وتكون مصحوبة بأمطار غزيرة تتراوح كمياتها بين 100 و200 مليمتر.

ومن المنتظر أن تصل آيدا، يومي الخميس والجمعة المقبلين، شمالي شرق الولايات المتحدة على شكل منخفض بسيط، مما يتسبب في هطول أمطار مستمرة، قبل التوغل في المحيط الأطلسي.

ما علاقة آيدا بالتغيرات المناخية؟ بحسب الخبراء، إن هذا النوع من الأعاصير التي تشتد بسرعة قد وقع كثيرا في العقود الماضية، خاصة حول هذه المنطقة من خليج المكسيك، وقد تعرضت لويزيانا بالفعل إلى عدد متزايد من الأعاصير من هذا النوع، مثل إعصار مايكل عام 2018 (الفئة 5)، ولورا عام 2020 (الفئة 4)، إلى جانب الإعصار كاترينا الشهير.

ويبدو أن للتغيرات المناخية دورا رئيسيا في زيادة سرعة تكثف الأعاصير، لا سيما أن أغلب السيناريوهات المستقبلية تشير إلى ارتفاع وتيرة مثل هذه الظواهر وزيادة شدتها في المستقبل.

كارثة كبرى

ذكر البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي جو بايدن أمر مساء الاثنين بتقديم مساعدات عاجلة للمتضررين والضحايا جراء مرور الإعصار إيدا في ولاية لويزيانا. وكان بايدن قد أعلن عن وقوع كارثة كبرى بالولاية بعد سقوط أمطار غزيرة وارتفاع مستوى الأمواج وبلوغ سرعة الرياح 249 كيلو مترا/ساعة ما أدى إلى انقطاع واسع للتيار الكهربي وإجلاء آلاف السكان.

أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن مساء الاثنين عن وقوع كارثة كبرى في ولاية لويزيانا بعد أن ضربها الإعصار إيدا وأمر بتقديم مساعدات اتحادية لدعم جهود مواجهة الإعصار. وقال البيت الأبيض "المساعدات يمكن أن تشمل منحا للإسكان المؤقت وإصلاح المنازل وقروضا منخفضة الفائدة لتغطية خسائر الممتلكات غير المؤمن عليها، وغيرها من البرامج لمساعدة الأفراد وأصحاب الشركات على التعافي من آثار الكارثة".

واجتاح الإعصار إيدا ولاية لويزيانا الأمريكية يوم الأحد مارا بخليج المكسيك، وكان مصحوبا برياح سرعتها 240 كيلومترا في الساعة وأمطار غزيرة وأمواج شديدة، وذلك بعد أن وصل إلى اليابسة وهو في الفئة الرابعة.

وانقطعت الكهرباء في جميع أنحاء نيو أورليانز، أكثر مدن لويزيانا سكانا، وفقا لشركة المرافق المحلية، وذلك بعد ساعات من نشر تحذيرات من احتمال حدوث سيول. وبعد مرور 16 عاما من الإعصار كاترينا، ضرب إيدا الساحل خلال الظهيرة بالقرب من بورت فورشون في لويزيانا التي تعد مركز صناعة الطاقة قبالة ساحل الخليج.

وصدرت تحذيرات من حدوث سيول في وسط نيو أورليانز على بعد أقل من 160 كيلومترا إلى الداخل من الشمال، حيث تم تعليق خدمات الطوارئ الطبية في المدينة، ووصف فارين كلارك، الأستاذ المساعد بجامعة ولاية نيكولز والذي درس تأثير كاترينا وصول إيدا بأنه "محطم للأعصاب"، وقال لرويترز بالهاتف "أستطيع سماع صوت العاصفة وهي تشتد... وبما أنني أجريت بحثا على كاترينا، فإنه مثير بعض الشيء".

وقال مسؤولون في سلاح المهندسين بالجيش الأمريكي إنهم يتوقعون أن تصمد سدود الولاية التي تم تعزيزها حديثا، إلا أنهم قالوا إن مياه الفيضانات قد تتجاوز الحواجز في بعض الأماكن، وقال حاكم لويزيانا جون بيل إدواردز في إفادة صحافية "هذه واحدة من أقوى العواصف التي تصل إلى هنا في العصور الحديثة".

وتم بناء مئات الكيلومترات من السدود الجديدة حول نيو أورليانز بعدما أغرقت الفيضانات التي تسبب فيها إعصار كاترينا الأماكن المنخفضة في المدينة وخاصة أحياء السود التاريخية. وأودت هذه العاصفة بحياة أكثر من 1800 شخص، وأعرب إدواردز عن ثقته في التعزيزات التي أُنفقت عليها مليارات الدولارات منذ ذلك الحين، وقال "لقد بُنيت لهذه اللحظة".

انقطاع واسع للكهرباء

وقالت شركة الطاقة في لويزيانا إن الساعات الأولى من العاصفة شهدت انقطاعات واسعة للكهرباء أثرت على أكثر من 750 ألف منزل وشركة بحلول ليل الأحد، وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد إفادة صحافية في مقر وكالة إدارة الطوارئ الاتحادية في واشنطن "بمجرد انتهاء العاصفة، سنكرس قوة البلاد بالكامل لعمليات الإنقاذ والتعافي".

وكان بايدن قد قال في وقت سابق إنه تم نشر 500 من العاملين في الطوارئ الاتحادية في تكساس ولويزيانا لمواجهة العاصفة، وقال المركز الوطني الأمريكي للأعاصير إنه بعد ثلاثة أيام من تشكل العاصفة الاستوائية في البحر الكاريبي، تم تصنيف إيدا على أنها إعصار من الفئة الرابعة واجتاحت الساحل برياح تبلغ سرعتها 240 كيلومترا في الساعة.

وأضاف المركز أنه في غضون ساعات اقترب إيدا أكثر من نيو أورليانز وتراجعت سرعة الرياح لتصل إلى 200 كيلومتر في الساعة ليُصنف بأنه عاصفة من الفئة الثالثة لكن مازالت تعتبر إعصارا مهددا للحياة، وحذر المركز أيضا من احتمال وقوع دمار كارثي ناتج عن الرياح وأمطار يصل ارتفاعها إلى 61 سنتيمترا في بعض المناطق، وحذر حاكم لويزيانا إدواردز من أن الأمر قد يستغرق 72 ساعة لتصل فرق الطوارئ إلى الأماكن المتضررة بشدة.

إيدا يفاقم أزمة كوفيد-19

وأمر المسؤولون بعمليات إجلاء واسعة في المناطق الساحلية والمنخفضة مما أدى إلى حدوث تكدس على الطرق السريعة ونفاد إمدادات البنزين مع هروب السكان ومن يقضون عطلاتهم، على الرغم من أن إدواردز قال إن من المستحيل إخلاء المستشفيات.

وأضاف إدواردز أن المستشفيات تعالج بالفعل حوالي 2450 مريضا بكوفيد-19 وأن كثيرا منها اقترب بالفعل من كامل طاقته الاستيعابية، وقال المكتب المعني بالسلامة وإنفاذ المعايير البيئية إنه تم إخلاء قرابة 300 منصة نفط وغاز قبالة الساحل، مما أدى إلى انخفاض إنتاج الغاز الطبيعي بنسبة 96 في المئة والنفط بنسبة 94 في المئة من منطقة الخليج.

آيدا يتلاعب بأسعار النفط... والأنظار على أوبك

ارتفعت أسعار النفط خلال تعاملات أمس الاثنين، بعد تراجعها خلال الجلسة الذي عادت منه من أعلى مستوى في أربعة أسابيع في جلسة شديدة التذبذب، إذ تراجعت قوة الإعصار «آيدا» بعد أن أجبر السلطات على وقف احترازي لإنتاج النفط في الخليج الأميركي، وتحول الانتباه إلى اجتماع لأوبك يُعقد غداً الأربعاء لبحث المزيد من تعزيز الإنتاج.

وبعد 12 ساعة على وصولها إلى البر، تراجعت قوة العاصفة لتصل إلى مستوى إعصار من الدرجة الأولى. وجرى تعليق كامل إنتاج النفط البحري في خليج المكسيك تقريباً، أو ما يعادل 1.74 مليون برميل يومياً، ترقباً لقدوم العاصفة. وارتفع خام برنت 0.3 في المائة إلى 71.89 دولار للبرميل بحلول الساعة 1533 بتوقيت غرينتش، بعد أن بلغ 73.69 دولار خلال الجلسة، وهو أعلى مستوى منذ الثاني من أغسطس (آب). وارتفع الخام الأميركي 0.3 في المائة إلى 68.88 دولار للبرميل، بعد أن لامس مستوى 69.64 دولار وهو أعلى مستوى منذ السادس من أغسطس.

وقال جيفري هالي كبير محللي السوق لدى أواندا، وفق «رويترز»: «الإعصار آيدا سيحدد اتجاه النفط في الأمد القريب جداً... إذا اعترى الضعف آيدا وبات مساره التدميري أقل من المتوقع، فإن ارتفاع النفط سيفقد زخمه مؤقتاً هنا».

وبينما انخفض الخام توقعاً لتعافٍ سريع للإمدادات، ارتفع البنزين في الولايات المتحدة قرابة ثلاثة في المائة إذ أضيفت انقطاعات الكهرباء إلى إغلاق المصافي في ساحل الخليج ويدرس المتعاملون احتمال استمرار التعطل لفترة طويلة.

وقال فيفيك دهار محلل السلع الأولية لدى بنك الكومنولث الأسترالي: «ما زال الوقت مبكراً... المنتجات النفطية، مثل البنزين والديزل، من المرجح أن ترتفع أسعارها بوتيرة حادة بسبب توقف عمل المصافي، على الأخص إذا كانت ثمة مصاعب لإعادة المصافي وخطوط الأنابيب للعمل».

وارتفع برنت قرابة 40 في المائة منذ بداية العام الجاري بدعم من تخفيضات للإمدادات تنفذها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء، المجموعة المعروفة باسم أوبك+، وتعافي بعض الطلب من الانهيار الناجم عن الجائحة في العام الماضي.

وتجتمع أوبك بلس يوم الأربعاء لبحث زيادة مقررة قدرها 400 ألف برميل يومياً لإنتاجها النفطي، فيما سيمثل تخفيفاً آخر لتخفيضات قياسية للإنتاج تنفذها منذ العام الماضي.

ونقلت «رويترز» عن ثلاثة مصادر في أوبكبلس، قولهم إن المجموعة ستبقي على الأرجح على سياستها لإنتاج النفط دون تغيير حين تجتمع غداً وستواصل زيادة متواضعة مخططة لإنتاجها.

ظاهرة نادرة.. "إيدا" يعيد مياه أكبر نهر في أمريكا إلى الوراء

قال سكوت بيريين عالم الهيدرولوجيا بهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية إن الإعصار "إيدا" الذي اجتاح ولاية لويزيانا الأمريكية الجنوبية، قلب مسار نهر المسيسيبي إلى الوراء في مجراه الأدنى، وأوضح بيريين في تصريحات لشبكة CNN أن هذة الظاهرة "غير العادية للغاية" تسببت فيها الرياح الشديدة التي تتجاوز سرعتها أحيانا 240 كيلومترا في الساعة، إضافة إلى موجات المد العاصفة في خليج المكسيك حيث يصب أكبر نهر في أمريكا الشمالية.

وقال بيريين، المتواجد في المنطقة المحيطة بنيو أورليانز التي ضربها الإعصار: "النهر تباطأ من حوالي 0.6 متر في الثانية إلى نصف قدم (0.15 متر) في الثانية في الاتجاه المعاكس"، وأشار بيريين إلى أن المقياس لا يقيس تدفق النهر بأكمله، لذلك من المحتمل أن الشرائح العميقة من مياه النهر لم تتغير اتجاهات تدفقها.

وذكر العالم أنه لاحظ تغير اتجاه جريان النهر خلال إعصار "كاترينا" الذي اجتاح المنطقة نفسها قبل 16 عاما، مخلفا 1800 قتيل بالإضافة إلى أضرار تقدر بنحو 125 مليار دولار.

8 أسئلة حول العواصف والأعاصير ومواسمها وكيف تصبح بمأمن منها؟

يعد الإعصار عاصفة مدارية عندما تبلغ سرعة الرياح المستمرة ما بين 63 إلى 118 كيلومترا في الساعة، فيدرج حينها ضمن قائمة العواصف المدارية التي حددتها المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

متى يبدأ موسم الأعاصير في المحيط الأطلسي وكم سيستمر؟ وما الإجراءات التي يمكن اتخاذها للاستعداد لمواجهة أخطر العواصف على الأرض؟

ما أنواع الأعاصير؟

وتصنف الأعاصير المدارية وفق 5 فئات وفق سرعة الرياح فيها حسب مقياس "سافير- سيمبسون" (Saffir-Simpson)؛ حيث يصنف الإعصار من الفئة الأولى عندما تصل سرعة الرياح المستمرة إلى 119 إلى 153 كيلومترا في الساعة، ومن الفئة الثانية عندما تكون الرياح المستمرة بسرعة تتراوح ما بين 154 إلى 177 كيلومترا في الساعة، ومن الفئة الثالثة مع سرعة رياح تتراوح ما بين 178 إلى 208 كيلومترات في الساعة، ومن الفئة الرابعة بسرعة رياح 209 إلى 251 كيلومترا في الساعة، ومن الفئة الخامسة عندما تزيد سرعة الرياح المستمرة على 252 كيلومترا في الساعة.

كيف ينشأ الإعصار؟

تعد الأعاصير أعنف العواصف على الأرض، ووفقا لوكالة "ناسا" (NASA) يتغذى الإعصار بمكونين فقط وهما الحرارة والماء.

وتنشأ الأعاصير فوق المياه الدافئة عند خط الاستواء، ويمتص الهواء فوق سطح المحيط الحرارة والرطوبة، لتنشأ بعدها دوامات من الهواء نتيجة ارتفاع الهواء الساخن للأعلى من منطقة الضغط المنخفض إلى منطقة الضغط المرتفع.

وما إن يرتفع هذا "الهواء الساخن" بدرجة كافية في الغلاف الجوي، حتى يبرد ويتكثف في السحب، لتنشأ عندها دوامة من الهواء والسحب المتنامية وتتحول إلى عاصفة رعدية، وهكذا فإن الشرط الأول اللازم لمواجهة الأعاصير هو السيطرة على زيادة درجة حرارة مياه المحيطات التي تُعد السبب الرئيسي في زيادة الأعاصير لا سيما في المحيط الأطلسي.

كيف تؤثر أنماط المناخ على الأعاصير؟

في تقرير -نُشر على موقع "لايف ساينس" (Live Science)- صرح جيري بيل -وهو المختص بالأعاصير الموسمية الرئيسية في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي "نوا" (NOAA) في واشنطن العاصمة- بأن "هناك نوعين من الأنماط المناخية السائدة التي تتحكم في أنماط الرياح والضغط عبر المحيط الأطلسي".

الأولى هي دورة "النينيو" أو "النينا"، وهي دورة مناخية تحدث في المحيط الهادي، وتؤثر بشكل كبير على حالة الطقس في جميع أنحاء العالم. تبدأ دورة النينا عندما تنتقل المياه الدافئة في المحيط الهادي من الجهة الغربية للجزء الشرقي الاستوائي باتجاه سواحل أميركا الجنوبية على طول خط الاستواء، لتطفو بعد ذلك على مياه شمال غرب أميركا الجنوبية.

النمط المناخي الثاني هو التذبذب المناخي متعدد العقود في المحيط الأطلسي (AMO)، والذي يعرف بأنه نمط من التذبذب المناخي الذي يستمر في أي مكان لمدة تتراوح ما بين 25 إلى 40 عاما، ويرتبط بالمياه الأكثر دفئا في المحيط الأطلسي والرياح الموسمية الأفريقية الأقوى.

هل تزداد الأعاصير قوة؟

ووفقا لدراسة -نشرت بدورية "بي ناس" (PNAS) في مايو/أيار 2020- خلص باحثون من مراكز عدة مختصة بعلوم المناخ والمحيطات في أميركا إلى أن الاحتباس الحراري يتسبب بزيادة عدد العواصف المدارية وزيادة تواترها أيضا.

كما يتسبب الاحتباس الحراري أيضا بنشوء ما يسمى بـ "عواصف الزومبي"، تلك التي تتلاشى تدريجيا لفترة زمنية بسيطة ثم تعود لتشتد من جديد، وقد شهد عام 2020 أحد هذه العواصف، وذلك عندما ضرب إعصار "بوليت" من الفئة الأولى اليابسة في برمودا في سبتمبر/أيلول 2020، ثم تحول إلى الفئة الثانية ثم ضعف وتلاشى بعد حوالي 5.5 أيام.

ولم تكن هذه نهاية الإعصار الذي استعاد قوته وصنف كعاصفة مدارية وذلك على بعد 480 كيلومترا من جزر الأزور. ويتوقع العلماء حدوث عواصف الزومبي بشكل أكثر تواترا مع ارتفاع درجة حرارة المياه.

ما وضع الأعاصير في العام الجاري 2021؟

رسميا، يبدأ موسم الأعاصير في المحيط الأطلسي في الأول من يونيو/حزيران ويستمر حتى 30 نوفمبر/تشرين الثاني. ويبدأ موسم الأعاصير في شرق المحيط الهادي في 15 مايو/أيار وينتهي في 30 نوفمبر/تشرين الثاني. ومع ذلك، فإن غالبية العواصف الشديدة تحدث بين أغسطس/آب وأكتوبر/تشرين الأول في المناطق الساحلية.

وقد شهد العام الجاري 2021 -حتى الآن- عددا من الأعاصير نذكر منها؛ العاصفة الاستوائية "آنا" في 22 مايو/أيار شمال شرق برمودا، والعاصفة الاستوائية "بيل" في 14 يونيو/حزيران جنوب شرق هاليفاكس، وتحديدا بمقاطعة نوفا سكوشا، والعاصفة الاستوائية "كلوديت" في 17 يونيو/حزيران، بساحل الخليج. والعاصفة الاستوائية "داني" في 28 يونيو/حزيران، التي وصلت إلى اليابسة شمال هيلتون هيد مباشرة بجزيرة ريتشاردز في ساوث كارولينا. وإعصار "إلسا" في الثاني من يوليو/تموز، شرق الكاريبي، وهو إعصار من الفئة الأولى.

ويتوقع أن يشهد ما بقي من عام 2021 أعاصير شديدة، فقد صرحت "الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي" (NOAA) -في 20 مايو/أيار من العام الجاري- بأن هناك احتمالا بنسبة 70% أن يتكون موسم الأعاصير لهذا العام من 13 إلى 20 عاصفة، وأن يصل منها ما يقارب 6 إلى 10 عواصف إلى حالة الإعصار، وأن يتحول 5 منها إلى أعاصير كبيرة، مما يعني أن سرعتها لن تقل عن 179 كيلومترا في الساعة كحد وسطي.

كيف تستعد للإعصار؟

تبدأ رحلة الحفاظ على سلامتك أثناء موسم الأعاصير بخطوة بسيطة جدا تتمثل في "وضع خطة"، وهنا يمكنك الاستعانة بموقع "ريدي. غوف" (Ready.gov) الذي يقدم دليلا مبسطا لإعداد خطة شاملة لجميع أفراد الأسرة.

تساعدك الخطة في معرفة الآلية التي تمكنك من تحديد ما إذا كان من الآمن البقاء في المنزل أثناء العاصفة أو أنه من الأفضل لك أن تغادر إلى مكان آخر وما هي الطرق التي يمكنك أن تسلكها عندئذ.

وفي حال كنت في منطقة خالية فلا بد لك من معرفة أماكن الإقامة الآمنة أثناء العاصفة. وهنا لا بد من تحديد مكان اجتماع محدد مسبق يمكن لأفراد العائلة أن تجتمع فيه، وقد تثقل خطوط الهاتف المحمول المحلية أثناء العاصفة، لذلك قد تكون الرسائل النصية خيارا أفضل. أما فيما يخص الحيوانات الأليفة، فلا بد من تقييدها أثناء العاصفة.

كيف تحمي منزلك من العواصف؟

غالبا ما تتسبب الأعاصير بسقوط الأشجار على الممتلكات، وهنا لا بد لأصحاب المنازل التي تقع ضمن منطقة الأعاصير من اتخاذ إجراءات احترازية دورية لحماية ممتلكاتهم كأن يقوموا بتقليم الأشجار أو إزالتها، والتأكد من أن مزاريب المطر مثبتة في مكانها وخالية من أي كسر، والتأكد من سلامة الأسقف والأبواب والنوافذ بما في ذلك باب المرآب، وقد يقوم بعض الأشخاص أيضا ببناء "غرفة آمنة"، وهي غرفة محصنة ومصممة لتحمل الأعاصير الشديدة.

ما هي قائمة إمدادات الطوارئ التي تحتاجها؟

يحتاج الأشخاص الذين يعيشون في بلاد أعاصير إلى مخزون من إمدادات الطوارئ الأساسية والتي تشمل إمدادات من المواد الغذائية غير قابلة للتلف، و"غالون" ماء للفرد يوميا لمدة لا تقل عن 3 أيام.

بالإضافة إلى راديو يعمل بالبطارية، ومصباح يدوي ببطاريات إضافية، وحقيبة إسعافات أولية، وصافرة، وقناع الغبار، ومناشف رطبة وعلب قمامة وأربطة بلاستيكية للصرف الصحي، ومفتاح ربط أو كماشة لإيقاف تشغيل الأنابيب المكسورة، وخرائط، وفتاحة علب للطعام، وشواحن الهواتف المحمولة.

اضف تعليق