q
إن كنت من مستخدمي تويتر وفيسبوك، وتابعت شريط المنشورات في الأيام الماضية، لا بد أنك تتساءل الآن ماذا يعني كلوب هاوس؟ في الواقع، لست وحدك؛ لقد أثار التطبيق اهتمام ملايين المستخدمين حول العالم، وغرّد عنه العديد من المؤثرين والمشاهير. فما قصة التطبيق الذي استنفر منصات التواصل ومالكيها...

إن كنت من مستخدمي «تويتر» و«فيسبوك»، وتابعت شريط المنشورات في الأيام الماضية، لا بد أنك تتساءل الآن ماذا يعني «كلوب هاوس»؟ في الواقع، لست وحدك؛ لقد أثار التطبيق اهتمام ملايين المستخدمين حول العالم، وغرّد عنه العديد من المؤثرين والمشاهير. فما قصة التطبيق الذي استنفر منصات التواصل ومالكيها؟ كيف يعمل؟ وما هي أبرز مميزاته؟

قبل الحديث عن كيفية نشوء تطبيق «كلوب هاوس»، لا بد من الإشارة الى عوامل الإثارة المحيطة به. فالتطبيق استطاع، وبطريقة ذكية مستفيداً من إجراءات الإغلاق حول العالم بسبب جائحة «كورونا»، أن يخلق نوعاً من الهالة حوله وبسرعة كبيرة. فهو، مثلاً، موجود بشكل حصري على متجر تطبيقات شركة «أبل»، وحتى لو كنت تملك هاتفاً أو لوحاً ذكياً للشركة عينها، ما زلت بحاجة إلى دعوة من أحد المستخدمين كي تستطيع الدخول إلى هذه «الجزيرة المخفيّة». هو أشبه بـ«نادٍ سري»، لا يمكن الدخول إليه إلا إن كنت من المحظيين وعلى معرفة بأحد أعضاء هذا النادي الموجود في الطابق السفلي! كل هذه العوامل تجعل من التطبيق مرغوباً حتى قبل معرفة ماهيته أو كيفية عمله، فيما ينتظر شعب «الأندرويد» إصداره بنسخة تعمل على هواتفهم بفارغ الصبر.

الشهر الماضي، سأل الرئيس التنفيذي لشركة «تسلا»، إيلون ماسك، الحساب الرسمي للكرملين، عبر تغريدة من حسابه على «تويتر»، عمّا إذا كان الرئيس الروسي يرغب في الانضمام إليه في محادثة على تطبيق «كلوب هاوس». وقال: «هل ترغب في الانضمام إليّ لإجراء محادثة في كلوب هاوس؟» ثم أعقب ذلك بتغريدة باللغة الروسية ترجمت إلى: «إنه لشرف عظيم أن أتحدّث إليكم»، وكانت هذه التغريدة كفيلة بأن تشعل منصة «كلوب هاوس»، إذ ارتفع إثرها عدد المستخدمين بشكلٍ كبير.

كيف يعمل التطبيق؟

«كلوب هاوس» تطبيق للدردشة الصوتية فقط، وهو مزيج بين الـ«بودكاست» وندوات الحوار، إضافة إلى لمسة من برامج الحوار التلفزيونية التقليدية. لكن المثير هنا أنه استطاع نقل روحية النقاشات التي تحصل حول مائدة الطعام، أو عندما تتحلّق مجموعة من الشبان في الشارع للتحدّث عن قضية ما، إلى سطور برمجة كانت كفيلة بجعل هذه المنصة الجديدة تضج إثارة. وبعد الدخول إلى التطبيق، يظهر للمستخدم مجموعة من غرف الدردشة (هذا الشكل من المجموعات الافتراضية ليس بالجديد، وقد عاصره أبناء الإنترنت في البدايات بشكل مشابه عبر تطبيقات مثل «بال توك» والكثير غيرها). ويمكن المستخدم أيضاً أن يخلق غرفة خاصة به، وهي بثلاثة أشكال: عامّة يمكن لأي أحد الدخول إليها، أو محدودة بأصدقاء المستخدم في حسابه، أو مغلقة بحيث يمكن الدخول إليها عبر دعوة من المستخدم عينه فقط.

وبعد الدخول إلى إحدى تلك الغرف، التي يمكن أن يصل عدد الموجودين فيها إلى 5 آلاف، سيجد المستخدم أمامه خانتين: الأولى، تضم أسماء المتكلّمين وهم عادةً قلة، فيما اللائحة الثانية تضم جموعاً من المستمعين للنقاش. ويمكن المستخدم الضغط على زر بشكل يدٍ مرفوعة، كي يطلب الكلام أو طرح سؤالٍ ما. وإذا وافق المستخدم الذي يدير الحوار على ذلك، سيتم رفع المستخدم من خانة المستمعين إلى خانة المتكلّمين كي يدلي بما لديه. كما يمكن له أيضاً أن يخرج من الجلسة بكبسة زر.

أسباب الصعود السريع

تم إطلاق «كلوب هاوس» في شهر نيسان من العام الماضي، من قبل شركة «ألفا إكسبلورايشن» ومؤسّسيها بول دايفسون وروهن سيث. وقد استفاد التطبيق من واقع جائحة «كورونا» وكثرة الأسئلة حولها ومن لحظة سياسية بالغة الأهمية، إذ تعاظم قمع أباطرة الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي للآراء التي تعارض معايير «مجتمعهم»، كما ظهر جلياً في الأحداث التي رافقت عام الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، علماً بأن التطبيق ليس ببعيد عن أجواء وادي السيليكون، لكن الساحة الافتراضية كانت بحاجة إلى دخول لاعب جديد، يقدّم تجربة مختلفة عن «تويتر» و«فيسبوك». هكذا تحوّل «كلوب هاوس» من تطبيق لم يكن لديه سوى بضعة آلاف من المستخدمين، معظمهم من العاملين في مجال التكنولوجيا في وادي السيليكون وأصحاب المليارات، مثل إيلون ماسك ومارك زوكوربيرغ، إلى منصّة تحوي الملايين من المستخدمين. وهم اليوم يتحاورون حول كل شيء؛ من استيطان المريخ إلى عالم الرياضة والسياسة والفن، فيما باتت تقدّر قيمته السوقية بنحو مليار دولار.

ما يميّز «كلوب هاوس» أيضاً، أن الحوارات التي تحصل على المنصة قريبة من الناس بشكل أكبر من برامج الحوار التلفزيونية، والتي تكون أحياناً مدفوعة أو موجّهة لنقل وجهة نظر فريق أو حزبٍ معيّن. وهي تعكس المشاكل والهموم، وحتى اهتمامات الناس في مجتمع ما، بشكل أفضل من أي وسيلة إعلامية. كما أنه يعزز فكرة أن يبحث الفرد بنفسه عن الحقيقة أو عن أجوبة عن أسئلته الشخصية. يمكن القول هنا إن «كلوب هاوس» بات يتحوّل إلى حاجة يصعب الاستغناء عنها، وهو ضربة قاسمة لبرامج الحوار التلفزيونية التي ربما استطاعت أن تحمي نفسها بعد ظهور منصات «يوتيوب» و«تويتر» و«فيسبوك» سابقاً، لكن يجري الآن استهدافها بشكل مباشر.

دعوات بـ20 ألف دولار... و«تويتر» و«انستغرام» تستنفران!

«كلوب هاوس» متاح حالياً على نظام «iOS» فقط، إلا أن الشركة وعدت، في بيانٍ، أنها تعمل من أجل إصدار نسخة تعمل على نظام تشغيل «أندرويد» قريباً. لكن عالم الديجيتال اليوم لا يعرف الانتظار، وعندما تظهر فكرة جديدة وغير كاملة أو متاحة لجميع المستخدمين من البديهي أن يأتي عمالقة شركات التكنولوجيا بكل ما لديهم من أفضلية وحجم سوقي لصنع بديل أفضل ومتاح لكل الناس. وهذا ما بدأ يحصل بالفعل؛ إذ أطلقت شركة «تويتر»، الأسبوع الماضي، منصّة غرف دردشة صوتية منافسة لتطبيق «كلوب هاوس»، تحت تسمية «سبايسز» وتعمل على الهواتف ذات نظام تشغيل «أندرويد» حصراً. تشبه «سبايسز» في وظائفها التطبيق الصوتي «كلوب هاوس». ووفقاً لتغريدة من «سبايسز»، سيتمكّن المستخدمون قريباً من إنشاء غرفهم الخاصة. كما أعلن تطبيق «انستغرام» أنه بصدد إطلاق خدمة مشابهة لـ«كلوب هاوس»، من دون تحديد موعد صدورها أو كيفية استخدامها.

تبقى مهمة حصول المستخدم على دعوة للانضمام إليه تمثل معضلة. في هذا الشأن، يقول موقع «كلوب هاوس» الإلكتروني: إن التطبيق سينفتح على جمهور أوسع، أو للجميع، في الوقت المناسب. وبما أن الصبر قد يجده البعض مهمةً صعبة، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أنه وصل الأمر ببعض المستخدمين أن يشتروا دعوات الانضمام الى المنصة من موقع «إي باي»، حيث تراوحت قيمتها من 30 دولاراً الى 20 ألف دولار!

اضف تعليق