q
الدول العربية التي تمتلك الاموال ولاتمتلك الثروة البشرية الكافية، كان عليها ان تستوعب اكبر قدر من ابناء الدول التي تتوفر على هذه الثروة او تستثمر فيها، لكن اغلب الانظمة انشغلت بعدائها لبعضها البعض ولأسباب تافهة، فضعفت جميعها، لتجد نفسها بعد اختلال التوازن الدولي...

قبل عشر سنوات، كتبت مقالا خلصت فيه الى القول، ان المشكلة ليست فقط في فساد الانظمة التي ثارت عليها الناس، فيما عرف بالربيع العربي، بل هي بنيوية تراكمية وتتجاوز مسألة تغيير نظام بآخر، فالأمن الوطني لأية دولة، يترسخ بمقدار تكاملها وتفاعلها مع محيطها، والدول المتقاربة ثقافيا توظف هذا البعد في مختلف المجالات بما يعود بالفائدة عليها جميعا.. الامن القومي العربي شعار قديم استهلك الكثير من القوى والاحزاب، الحقيقية منها والزائفة، ولم يتحقق لأسباب، بعضها موضوعي يتصل بالإرادة الدولية ولعبة التوازنات.

وبعضها الاخر يتصل بغياب الرؤية الستراتيجية عند الانظمة، وتحديدا تلك التي جاءت بعد منتصف القرن الماضي بعنوان التحرر والاستقلال، فالأمن القومي لاتختزله الصيغة الدفاعية الامنية التقليدية، وهذه غائبة ايضا عند العرب، بل بتكامل اقتصادي ولو نسبي، ان كانت الوحدة الكاملة غير مسموح بها دوليا!

فالدول العربية التي تمتلك الاموال ولاتمتلك الثروة البشرية الكافية، كان عليها ان تستوعب اكبر قدر من ابناء الدول التي تتوفر على هذه الثروة او تستثمر فيها، لكن اغلب الانظمة انشغلت بعدائها لبعضها البعض ولأسباب تافهة، فضعفت جميعها، لتجد نفسها بعد اختلال التوازن الدولي اثر انهيار المعسكر الاشتراكي وارتباك الاقتصاد العالمي، منكشفة ستراتيجيا وعلى مختلف المستويات وباتت تتخبط ولم تجد الحلول التي اعدمتها من قبل.

لقد كان شعار ثورات (الربيع العربي) الديمقراطية والحرية وغيرها، لكن الحقيقة هي ان الناس تريد الخبز والعيش بكفاية، فالجوع والفقر اكبر مكبلين للحرية بل ان الحديث عنها بوجودهما محض هراء، وهكذا تيقنت الشعوب في تونس ومن ثم مصر وبعدها ما افتعل في سوريا وليبيا واليمن، ان زيادة غلّة الاحزاب ليس هو الحصاد المنتظر من تلك (الثورات).

وان اجراء انتخابات لتفرز رئاسات ثلاث وبرلمان لايعالج جوهر المشكلة، بل زادها بؤسا بفعل السيح المؤسسي المتمادي والخلخلة التي حصلت واحتدام الصراع المجتمعي بعد تحول السلطة الى هدف بحد ذاته، ما فاقم الاوضاع وأتى بأزمات جديدة، باستثناء حرية الثرثرة وتعدد منابر الاعلام المختلفة.

الاوربيون ادركوا هذا الامر مبكرا وتوحدوا اقتصاديا والدول الاخرى في العالم انتبهت تباعا الى ان دولة واحدة مهما عظمت ثرواتها فإنها تحتاج الى غيرها،، الاّ العرب فانهم يزدادون فرقة ويستولدون الخلافات والصراعات فيما بينهم، وايضا يجددون ثوراتهم باستمرار، كمن يدور في حلقة مفرغة!

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق