q
إنسانيات - علم نفس

إيذاء الأقران وعلاقته بالعقلية المستقبلية

والدعم الاجتماعي المدرك بين المراهقين

تعد المراهقة مرحلة انتقالية من التطور الجسمي والنفسي وتحدث بنحو عام اثناء فترة البلوغ إلى البلوغ القانوني. وعادة ما ترتبط المراهقة بسنوات المراهقة، لكــــن تغييراتها الجسمية والنفسية والثقافية قد تبدأ في وقت مبكر وتنتهي فيما بعد. عمر الفرد فقط يعطي دلالة تقريبية للمراهقة. وقد وجد العلماء...

تعد المراهقة مرحلة انتقالية من التطور الجسمي والنفسي وتحدث بنحو عام اثناء فترة البلوغ إلى البلوغ القانوني. وعادة ما ترتبط المراهقة بسنوات المراهقة، لكــــن تغييراتها الجسمية والنفسية والثقافية قد تبدأ في وقت مبكر وتنتهي فيما بعد. عمر الفرد فقط يعطي دلالة تقريبية للمراهقة.

وقد وجد العلماء صعوبة في الاتفاق على تعريف دقيق للمراهقة حيث تــــم وصف المـــراهقة بأنها فترة يبدأ فيها الافراد باستكشاف وفحص الخصائص النفسية للذات من اجـــل اكتشاف من هم حقا، وكيف يتعايشون مــــع العالم الاجتماعي الذي يعيشون فيه. أثناء الانتقال الى مرحلة المراهقة، يميل الأفراد الى قضاء فترات متزايدة من الوقت بمفردهم ومع أصدقائهم وهنــــاك انخفاض في الوقت الذي يقضيه المراهقون مع آبائهم (Larson& Richards , 1991, p. 284).

ويختار المراهقون أصدقاء لهم سلوكيات ومواقف وهوايات مماثلة لهم. وقابلية تأثير الأقران ليست موحدة بين المراهقين عوامل مثل عمر المراهقين، والشخصية، وتاريخ التنشئة الاجتماعية، وإدراك الأقران كلها عوامل مهمة يجب مراعاتها يتأثر المراهقون أكثر من غيرهم بالأقران خاصة في مرحلة المراهقة المتوسطة مقارنة بالمراهقة المبكرة والمتأخرة (Brown, 1990,p. 71)، وان إيذاء الأقران هي تجربة بين الاطفال كونهم هدفا للسلوك العدواني للأطفال الاخرين الذين هم ليسوا اشقاء لهم وليسوا بالضرورة رفقاء لهم في العمر.

ايذاء الاقران ايضا يوصف بنحو شائع بالتحرش، أو التنمر- حيث يرتبط الايذاء الجسدي، أو اللفظي، أو النفسي للضحايا من قبل الجناة الذين في نيتهم الحاق الاذى بهم بجوانب متعددة من الوظائف النفسية والاجتماعية، بما في ذلك القلق واعراض الاكتئاب والوحدة وتدني احترام الذات يمكن ان يحدث التنمر في أي مكان، ومن أكثر الأماكن التي يحدث فيها المدارس، ومكان العمل، وحتى داخل الأسرة.

يوصف المتنمرون بانهم عدوانيون، مزعجون ومن المحتمل أن يبدأوا المعارك بينما يظهرون في نفس الوقت سلوكا اقل تعاوني واحترام ذات واطئ عرف أولويوس (Olweus) وهو محقق رائد في مجال التنمر بانه سلوك عدواني القصد منه إيذاء شخص أخر. ويحث التنمر عن قصد وباستمرار وبمرور الوقت وفي العلاقات التي تتسم باختلال توازن القوى وعادة ما يتخذ التنمر احد الأشكال الثلاثة وهي:-

1- التنمر المباشر الذي يتضمن العدوان اللفظي أو الجسدي اتجاه الآخر.

2- التنمر غير المباشر يشمل استخدام العلاقات الاجتماعية لإيذاء الضحية ونشر الشائعات والعزلة المتعمدة.

3- التنمر الالكتروني الذي يحدث عبر الاتصالات الالكترونية عبر الانترنيت أو الهاتف النقال أو وسائل التواصل الاجتماعي.

كما تشيـــر العقلية المستقبلية الى التوجه العام نحو السعي لتحقيق وانجاز الاهداف المستقبلية بينما ركز علم النفس من الناحية التاريخية على التوجهات السلبية نحو المستقبل مثل اليأس، والتشاؤم. فقد درس العلماء مؤخرا الفوائد المحتملة للتوقعات الإيجابية في تكوين الأمل، والتفاؤل، والكفاءة الذاتية، وقد أطلق على هذه المدركات للتوقعات الايجابية للمستقبل "بناء الفلكرو" لميلها إلى الارتباط بنتائج الحياة الايجابية في مجموعة واسعة من مجالات الحياة وقد وجد انها واحدة من اقوى ان لم تكن اقوى تنبئ بالرضا عن الحياة.

الدعم يمكن أن يأتي من العديد من المصادر مثل العائلة، والأصدقاء، والحيوانات الأليفة، والجيران، وزملاء العمل، والمنظمات ويشير الدعم الاجتماعي المدرك إلى ادراك الشخص للدعم المتاح له بسهوله من الأصدقاء، والعائلة وغيرهم كما يظهر الطبيعة المعقدة للدعم الاجتماعي بما في ذلك تاريخ العلاقة مع الفرد الذي يوفر السلوك الداعم ضمن السياق البيئي (Hobfoll & Vaux, 1993,p 685).

والدعم المدرك هو إدراك الفرد بأن سلوكه معتنى به ولديه مساعدة متاحة من الناس الآخرين، وهذا جزء من شبكة اجتماعية داعمة. هذه المصادر الداعمة يمكن ان تكون عاطفية على سبيل المثال الرعاية، أو ملموسة على سبيل المثال المساعدة المالية، أو معلوماتية، على سبيل المثال المشورة، أو الرفقة، مثل الشعور بالانتماء وغير ملموسة على سبيل المثال المشورة الشخصية، ويمكن قياس الدعم الاجتماعي على انه إدراك الفرد بأن لديه مساعدة متوفرة أو الدرجة التي يحصل عليها الفرد من خلال اندماجه في شبكة اجتماعية.

الارتباطات المهمة بين هذه المتغيرات إيذاء الأقران، والعقلية المستقبلية، والدعم الاجتماعي المدرك في الوقت الحاضر اذ يواجه الجيل الحالي الكثير من المشاكل المتعلقة بالتنمر أو الايذاء في المدارس واماكن العمل الاخرى اذ ان الافراد بعد تعرضهم للضحية يلقون الدعم المطلوب من عائلاتهم واصدقائهم وغيرهم من الاشخاص المهمين.

وفي دراسة أجراها Muchichol ,2015 عن العلاقة بين ايذاء الاقران والدعم الاجتماعي والنشاط البدني في اوقات الفراغ لدى الافراد المتحولين جنسيا توصلت الى ان الأفراد المتحولين جنسيا كانوا اقل نشاطا جسميا وانخفاض الدعم الاجتماعي والمادي لهم مقارنة بأقرانهم الموافقين لهم.

ودراسة Muchicko M., Lepp A. & Jacob E. 2015 عن ايذاء الاقران (العلائقية والجسدية) على المراهقين الهنود اظهرت الدراسة أن التنمر الجسدي نسبة 8% والتنمر العلائقي 12% و 4% افادوا بانهم ضحايا التنمر الجسدي والعلائقي. ضحايا العدوان العلائقي لديهم درجات اكتئاب ومشاكل سلوكية اعلى نسبيا من ضحايا التنمر العلائقي بينما ابلغ المراهقون الذين وقعوا ضحية جسديا عن مشاكل كثيرة مع الاقران.

ودراسة Galand & Hospel,2012 حول مفهوم إيذاء الذات والنفور من المدرسة: استكشاف تأثير الاعتدال للدعم الاجتماعي أكدت الدراسة أن إيذاء الأقران كان مرتبط سلبا بالكفاءة الذاتية ومرتبط بنحو إيجابي بعدم رضا المدرسة.

وبعد مراجعة الأدبيات السابقة وجد أن هناك ندرة في الدراسات التي تناولت العقلية المستقبلة وتم اقتراح ما يلي:-

1- سيكون هناك علاقة سلبية بين الايذاء من قبل الاقران والعقلية المستقبلية.

2- سيكون هناك ارتباط بين ايذاء الاقران والدعم الاجتماعي المدرك.

3- سيكون هناك ارتباط بين الدعم الاجتماعي المدرك والعقلية المستقبلية.

الطريقة:

تم اختيار عينة من 300 مراهق (150 ذكور و 150) اناث ضمن الفئة العمرية من 13 سنة الى 19 سنة من مدينة مومباي للدراسة من معاير شمول العينة تم اختيار المشاركين الذين حصلوا على الأقل (5) سنوات من التعليم الرسمي في المراحل المتوسطة من المدارس الانكليزية وقد تم اختيار المشاركين الذين لا يتناولون اي شكل من اشكال العلاج. للدراسة معاير تم استبعاد المشاركين الذين يعانون من أي حاله مرضية لإعاقة التعلم أو الحالة العقلية دون الطبيعية أو اي اضطراب عقلي اخر.

المناقشة:

ايذاء الاقران هو تجربة بين الاطفال لكونهم هدفا للسلوك العدواني للأطفال الآخرين، الذين ليسوا اشقاء للضرورة ورفقاء في العمر لوحظ هذا السلوك العدواني بنحو كبير بين طلاب المدارس، وخاصة في الفئة العمرية للمراهقين. متغير العقلية المستقبلية له جذور في مجال علم النفس الايجابي ويشير مصطلح "العقلية المستقبلية" نحو السعي لتحقيق الاهداف المستقبلية هذه الدراسة بذلت جهودا لدراسة دور ايذاء الاقران والعقلية المستقبلية في الفرضية الاولى لوحظ هذا السلوك جيدا بين الطلاب وخاصة في فئة عمر المراهقين متغير العقلية المستقبلية له امتداد في علم النفس الإيجابي، يشير مصطلح "العقلية المستقبلة" إلى التوجه العام نحو السعي لتحقيق الأهداف المستقبلية في الفرضية الاولى كل من هذه السلوكيات المتعارضة الى حد ما ضرورية عندما يتعلق الامر بحياة صحية يقودها فرد مراهق وجد ارتباط وسط المتغيرات، وأقر بالنتائج المناسبة وقد وجد أن كلا المتغيرين ارتبطا سلبا مع بعضهما البعض وأن الزيادة في احدهما تعني انخفاض المتغير الاخر النتائج التي تم الحصول عليها كانت حسب توقعات الدراسة، ومع ذلك وبسبب الحداثة النسبية لمفهوم العقلية المستقبلية، هناك ندرة في الدراسات الشاملة حول هذا الموضوع وبما أن هذه المتغيرات لم يتم دراستها من قبل فهناك حاجة شديدة من الابحاث لدعم البيانات المحسوبة في هذه الدراسة. تمت دراسة موضوع ايذاء الاقران على نطاق واسع ولكن ليس بالمتغير المذكور اعلاه.

أن الدعم الاجتماعي المدرك هو ادراك الفرد للواقع الذي يتم الاعتناء به ولديه مساعدة متاحة من اشخاص اخرين وهو جزء من شبكة اجتماعية داعمة له اما الفرضية الثانية فالمتغيرات مثل ايذاء الاقران والدعم الاجتماعي المدرك لم تتم دراسة متغيرات هذه الدراسة على نطاق واسع من قبل ذلك هناك عدد محدود من الدراسات السابقة التي يمكن ان توفر الدعم لهذه الدراسة، ومع ذلك فإن الدراسة التي اجرها (Lepp &Jacob ,2015) سلطت الضوء على العلاقة بين ايذاء الاقران والدعم الاجتماعي والنشاط البدني في اوقات الفراغ لدى الافراد المتحولين جنسيا وهذا ساعد على فهم أن هناك ارتباط سلبي بين المتغيرين ودراسة اخرى اجراها (Hospel & Galand ,2012) اوضحت تأثير الاعتدال على الدعم الاجتماعي وتأثير وساطة الكآبة. وبينت أن ايذاء الاقران كان مرتبط سلبا بالفاعلية الذاتية ومرتبطا بنحو ايجابي بالنفور من المدرسة الفرضية الثالثة تناولت العلاقة بين المتغيرات وهي: الدعم الاجتماعي المدرك, والعقلية المستقبلية وتوافقت نتائج الدراسة مع الفرضية المقترحة.

أهمية الدراسة:-

متغيرات البحث الحالي ايذاء الاقران والعقلية المستقبلية والدعم الاجتماعي المدرك تم دراستها بطريقة مقارنة بين هذه المتغيرات بطريقة ارتباطية ضمن مجتمع من المراهقين.

ونظرا لوجود ارتباط في المتغيرات الثلاثة يجب أن تكون هذه الدراسة سليمة وعملية أكثر من الناحية التجريبية وقد تشمل الاثار المترتبة على هذه الدراسة تشكيل استراتيجيات التدخل لتخليص الافراد الذين يواجهون إيذاء الأقران. وقد يتم مساعدتهم من خلال تزويدهم بالدعم الاجتماعي وكذلك تزويدهم بالتوجيه نحو التغيير الذاتي. ويمكن إجراء تحليلات الانحدار المتعدد للتنبؤ بقيمة متغير مرتكز على قيمة متغيرين اخرين أو اكثر. يمكن الاستفادة من هذه الدراسة من خلال التدخل في مساعدة المراهقين.

الخاتمة:

بعد النظر في إيذاء الاقران والعقلية المستقبلية كانت الفرضية الاولى التي تم اختبارها في الدراسة هي أن هناك ارتباط سلبي بين ايذاء الاقران والعقلية المستقبلية اذ تم دعم هذه الفرضية من خلال النتائج التي تم الحصول عليها باستخدام الوسائل الإحصائية إذ كان هناك ارتباط سلبي معتدل بين المتغيرين.

إيذاء الاقران هي الخبرة بين الاطفال ليكونوا هدفا للسلوك العدواني للأطفال الآخرين، الذين ليسوا أشقاء لهم وليس بالضرورة رفقاء لهم بالعمر. متغير العقلية المستقبلية له جذور في مجال علم النفس الايجابي ويشير مصطلح العقلية المستقبلية إلى التوجه العام الى السعي لتحقيق الأهداف المستقبلية.

الدعم الاجتماعي المدرك هو إدراك المراهق بأن سلوكه معتنى به ولديه مساعدة متوفرة من اشخاص اخرين وهو جزء من شبكة اجتماعية داعمة له. اما الفرضية الثانية وهي هل هناك علاقة سلبية بين ايذاء الاقران والدعم الاجتماعي المدرك تم دعم هذه الفرضية من خلال النتائج التي تم الحصول عليها باستخدام الوسائل الاحصائية اذ كان هناك ارتباط سلبي معتدل بين المتغيرين.

اما الفرضية الثالثة وهي هل هناك ارتباط ايجابي بين الدعم الاجتماعي المدرك والعقلية المستقبلية وبعد استخدام الوسائل الاحصائية تم دعم الفرضية من خلال النتائج التي تم الحصول عليها اذ تبين ان هناك علاقة ايجابية قوية بين المتغيرين.

* الدكتور حمزة هاتف عبد الجبوري، تخصص في علم النفس-جامعة القاسم الخضراء-كلية العلوم

...................................
المصادر:
-Brown, B. B., (1990). Peer groups and peer cultures. Feldman & Elliott 1990, pp. 171–96.
-Hobfoll, S. E., Vaux, A. (1993). Social support: Social resources and social context. In L. Golberger, S. Breznitz (Eds.), Theoretical and clinical aspects, 685-705. New York: Free Press.
-Larson R, Richards M. H., (1991). Daily companionship in late childhood and early adolescence: changing developmental contexts. Child Development. 62:284–300.
...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق