q

من حسنات الانسان ومزاياه المهمة التي جعلته يواصل مسيرة البقاء كل هذه الرحلة الطويلة، انه يمتلك ارادة حديدية في مواجهة المخاطر التي يتعرض له، لاسيما تلك التي تهدد حياته من خلال الامراض الفتاكة، او التي نطلق عليها بالأمراض الخبيثة، وهي امراض السرطان التي تحاول ان تفتك بخلايا الجسد البشري وتشل قدراتها كي تحيل الانسان الى جثة هامدة بسبب توقف الخلايا الجيدة عن القيام بأعمالها التي تسهم في بقاء الانسان على قيد الحياة، وقد برز في هذا المجال دور الباحثين والعلماء والاطباء الذين لم يدخروا جهدا في سبيل التوصل الى العقار المناسب الذي يضع حدا لهذا النوع من انواع السرطانات الفتاكة.

وبالفعل تم تحقيق قفزات هائلة في هذا المجال في دول كثيرة على رأسها امريكا التي يسعى علمائها الى العثور على العلاج الصحيح الذي يحد من فاعلية الاورام الخبيثة في الثدي، وقد تم القيام بملايين الاختبارات والبحوث لكي تتم معرفة الاعراض التي ترافق هذا المرض، ومن ثم تحليل الانسجة والخلايا المصابة، ليس هذا فحسب، فقد تم اكتشاف تأثير العظام ايضا ومساعدتها في انتشار هذا النوع من المرض، حيث تقوم الخلايا السرطانية بتغيير بنية العظام لكي تساعد على انتشار الخلايا الخبيثة التي تقوم بتدمير الخلايا السالمة، ومن ثم القضاء عليها بالتدريج وصولا الى شل الحياة برمتها في جسد الانسان.

بنية العظام تسهم في انتشار السرطان

فقد اوضحت دراسة انه يمكن لسرطانات الثدي التلاعب في بنية العظام للانتشار بسهولة في المكان، ويقول الباحثون في جامعة شيفيلد إن الأورام تقوم بـ"تخصيب" فعال للعظام بغرض مساعدة نفسها على النمو. وتوضح الدراسة، التي نشرت في دورية "نيتشر" الطبية، أنه من الممكن حماية العظام من التأثير الخبيث للأورام ومن ثم إيقاف انتشار السرطان. وتقول الجمعيات الخيرية لمكافحة السرطان إن هذا يمهد "لمنهج جديد شامل للبحث". ويتوقف نحو 85 في المئة من سرطانات الثدي التي تنتشر حول الجسم في نهاية المطاف عند العظام، وهي المرحلة التي يصعب التعامل عندها مع الورم الذي يصبح وقتها أشد فتكا.

واكتشف العلماء أن مرضى مصابين بسرطانات ثانوية لديهم مستويات عالية من إنزيم يطلق عليه لوكس (LOX) تنتجه الأورام ويصرف في الدم. ودائما ما تتعرض العظام للتحلل وإعادة البناء مرة أخرى. لكن الفريق البحثي يوضح أنه في سلسلة من الاختبارات التي جرت على الفئران كان إنزيم لوكس يعرقل العملية ويخلف تقرحات وثقوبا في العظام. وأظهرت الاختبارات أن استخدام العقاقير لوقف إنزيم لوكس منع السرطان من الانتشار. وقالت أليسون غارتلاند، الباحثة في العظام وبيولوجيا السرطان في الجامعة لبي بي سي: "أعتقد بأن ذلك انفراجة مهمة في محاولة منع حدوث أورام ثانوية في سرطان الثدي". وأضافت: "الخلايا السرطانية في الأورام الرئيسية تقوم بتخصيب فعال للتربة لنموها مستقبلا، بينما يعدل إنزيم لوكس البيئة المحيطة في العظام لتحسين الوضع لنموه".

وأظهرت الاختبارات التي جرت على الحيونات كذلك أن مجموعة من عقاقير علاج التهاب المفاصل يطلق عليها "البايفوسفونيت" يمكنها منع انتشار السرطان. وتتدخل عقاقير البايفوسفونيت كذلك في طريقة إعادة بناء العظام بغرض تقويتها. وقدمت عقاقير البايفوسفونيت بالفعل إلى بعض مرضى السرطان، لكن الفريق البحثي في شيفيلد يعتقد بأن لها دورا أكبر من ذلك بكثير. ولم يكتشف تأثيرها إلا على السرطانات غير الحساسة لهرمون الأستروجين، التي تشكل نحو ثلث الحالات، لكنها أشد فتكا بكثير.

وقالت كاثرين وودز، التي تعمل في حملة سرطان الثدي وجمعية "بريكثرو" لمكافحة سرطان الثدي: "بالكشف عن الدور الذي يضطلع به بروتين لوكس، تمهد تلك النتائج لمنهج جديد وشامل للبحث والعلاج بإمكانه منع انتشار سرطان الثدي إلى العظام". وأضافت: "البحث يعزز كذلك مجموعة أدلة متزايدة تدعم دور البايفوسفونيت في إيقاف سرطان الثدي الثانوي في مهده". وتابعت: "حقيقة التعايش مع سرطان الثدي الثانوي في العظام أمر صعب للغاية، إذ يسبب ألما في العظام وكسورا تحتاج إلى عمليات جراحية واسعة فقط عندما يكونون في حاجة إلى تحقيق الاستفادة القصوى من الوقت الذي يبقون فيه مع الأصدقاء وأفراد الأسرة" ويمكن تطبيق النتائج كذلك على سرطان القولون بحسب بي بي سي.

عقار جديد يعالج سرطان الثدي

في السياق نفسه كشفت دراسة أمريكية عرضت في مؤتمر "الجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريري" السبت في شيكاغو، الكفاءة العالية للعقار الطبي الموجه "بالبوسيكليب" في وقف انتشار مرض سرطان الثدي المتقدم الأكثر شيوعا. وكشفت دراسة عيادية أجريت في الولايات المتحدة كفاءة العقار الطبي الموجه "بالبوسيكليب" الذي تنتجه مختبرات فايزر الأمريكية، في وقف انتشار مرض سرطان الثدي المتقدم الأكثر شيوعا. وتبين أن هذا العقار، إذا ما أعطي مع المضاد الهرموني فولفسترانت، قادر على وقف نمو المرض خلال تسعة أشهر، مقابل ثلاثة أشهر فقط للعلاج الهرموني، بحسب نتائج هذه الدراسة التي أجريت على 521 مريضة في المرحلة الثالثة من سرطان الثدي. وعرضت هذه النتائج في مؤتمر "الجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريري" السبت في شيكاغو.

وقال الطبيب دون ديزون الخبير في الجمعية "لدى النساء المصابات بسرطان متقدم في الثدي، لاحظنا إمكانية وقف نمو المرض وتأخير الحاجة إلى العلاج الكيميائي لأشهر عدة بمجرد تناول أقراص من هذا الدواء". ويؤدي هذا العقار إلى تعطيل أنواع من البروتينات تساهم في انتشار السرطان. وأشار الباحثون إلى ضرورة متابعة البحث لتحديد ما إذا كان هذا العقار قادرا على إطالة أعمار المصابات بالمرض. ولم تظهر أعراض جانبية لهذا العقار سوى على 2,6 % من المريضات، وهي غالبا اضطرابات في الدورة الدموية بحسب فرانس بريس.

وكانت سلطات مراقبة الأدوية والأغذية الأمريكية أعطت الضوء الأخضر في شباط/فبراير الماضي لتوزيع هذا العقار واستخدامه بالتزامن مع العقارات الهرمونية لدى النساء المصابات بسرطان متقدم في الثدي تساهم الهرمونات في انتشاره. وبحسب خبراء، فان عقار بالبوسيكلسيب قد يدر على مختبر فايزر خمسة مليارات دولار ويضعها في مكان متقدم إزاء منافسيها "نوفارتيس" و"الي ليلي". ويذكر أن هناك دراسات كثيرة حول هذا المرض، وقد نشرت مؤخرا دراسة علمية أثبتت أن مرض السرطان يعود في أغلب الحالات إلى "حظ سيء" أكثر من كونه عائدا إلى أسباب وراثية أو إلى ظروف العيش.

جينات تسهم في التعرف على السرطان

في السياق نفسه توقع فريق من العلماء إمكانية التوصل إلى معرفة احتمال إصابة السيدات بسرطان الثدي من خلال دراسة أخطاء صغيرة يحملها شريط الحمض النووي (دي إن إيه) لديهن. واستطاع فريق العمل الدولي تحليل 77 جينا، وتوصل العلماء إلى أن كل جين من هذه الجينات له تأثير منخفض من حيث خطر الإصابة بالسرطان، لكنها تشكل مجتمعة تأثيرا قويا. وقد تفضي النتائج التي نشرتها دورية المعهد الوطني لمكافحة السرطان إلى تغيير شكل طرق الفحص والعلاج الوقائي والعلاج الهرموني البديل. وقالت الجمعيات الخيرية إن المجال يسجل نموا سريعا. وتقتصر الاختبارات الجينية التي جرت بالفعل في بريطانيا على أولئك السيدات اللائي سجلن أعلى النسب من حيث خطر الإصابة بسرطان الثدي. ويبحث فريق العلماء التغيرات الجينية مثل طفرات جينيات BRCA التي أدت إلى بنجمة هوليوود أنجيلينا جولي إلى استئصال الثدي والمبيض تجنبا للاصابة بالسرطان.

ودرس فريق العلماء بإشراف معهد بحوث السرطان في لندن وجامعة كامبريدج أجزاء من الشفرة الجينية التي لها تأثير كبير في احتمال إصابة النساء بمرض السرطان. ومن بين الـ 77 جينا في الحمض النووي الموروث من الأم وما يعادله من الأب، التي تشكل خطر في الإصابة بالسرطان، يكون متوسط جينات الإصابة المحتملة عن النساء 66 جينيا. وأفضت هذه النتائج إلى امكانية تحديد فريق العلماء احتمال إصابة السيدات بسرطان الثدي. ووصفت مونتيسيرات غارسيا-كلوزاس، بمعهد بحوث السرطان لبي بي سي الاكتشاف بأنه مثير للغاية وأن "اكتشاف هذه المتغيرات سجل تقدما سريعا للغاية خلال السنوات الخمس الماضية. وأعتقد أنه حان الوقت لبدء تصميم اختبار جيني يتضمن كل هذه العناصر. و من المرجح أن يكون ذلك في غضون عام."بحسب بي بي سي.

من جهتها أكدت هيئة خيرية لمكافحة مرض السرطان ضرورة أن يخضع المزيد من الأشخاص، الذين يواجهون مخاطر الإصابة بالمرض، لاختبارات على الحمض النووي "دي ان ايه" للكشف عن وجود جينات تشكل خطورة للإصابة بسرطان الثدي. ويمكن أن تؤدي تحورات في جينات "بي أر سي ايه" BRCA إلى إصابة النساء بسرطان الثدي بنسبة 80 في المئة. وأشارت تجربة أجريت على 1037 من اليهود الغربيين "اشكيناز"، الذين يتزايد احتمال إصابتهم بالسرطان، إلى أن أكثر من نصف حالاتهم لا يمكن اكتشافها وفقا للإرشادات الحالية لهيئة الخدمات الصحية الوطنية "NHS". وقالت منظمة "إيف أبيل"، التي تعنى بتوفير الرعاية الصحية للنساء، إن إجراء المزيد من الاختبارات سينقذ الأرواح وسيوفر الأموال. وتؤدي تحورات في جينات "بي ار سي ايه" إلى توقف الحمض النووي عن الإصلاح الذاتي للتلف الذي قد يلحق به، مما يؤدي إلى زيادة خطورة الإصابة بالسرطان. وبالإضافة إلى صلة هذه التحورات بالإصابة بسرطان الثدي، فإنها يمكن أن تسبب الإصابة بسرطان المبيض والبروستاتا.

نساء يخضعن لعلاج طويل

في سياق متصل يخضع ثلثا النساء المصابات بسرطان الثدي بمراحله المبكرة لعلاج اشعاعي لفترات اطول من اللازم، على ما اظهرت دراسة حديثة نشرتها مجلة "جورنال اوف ذي اميركان ميديكال اسوسييشن" (جاما). وخضعت الغالبية الساحقة من النساء اللواتي اجرين عمليات اجتثاث الورم من دون استئصال الثدي لستة الى سبعة اسابيع من العلاج الاشعاعي. الا ان اربع تجارب سريرية وتوصيات من جمعيات طبية عدة بينها "اميركان سوسايتي فور رادييشن اونكولوجي" اشارت الى ان ثلاثة اسابيع من العلاج بهذه التقنية تكفي. وتقوم هذه التقنية المسماة "العلاج بالاشعاع بجرعات عالية" على اعطاء جرعات اعلى من الاشعاعات في كل جلسة على فترات اقصر بمرتين. وهذه المقاربة لها فعالية موازية في معالجة سرطان الثدي وتتميز بأنها عملية اكثر وبكلفة اقل بحسب هؤلاء الباحثين.

واوضح جاستن بيكيلمان الاستاذ المساعد في علم الاشعاع السرطاني في كلية الطب بجامعة بنسلفانيا والمشرف الرئيسي على هذه الدراسة ان "العلاج بالاشعاع بجرعات عالية لا يستخدم كثيرا لدى النساء اللواتي يعانين سرطانا في مراحله المبكرة رغم ان هذا العلاج يتميز بنوعية عالية وكلفة اقل". وأشار الى ان هذا العلاج يوازي سريريا "علاجا اشعاعيا اطول لمعالجة سرطان الثدي مع اثار جانبية مشابهة لكن بشكل عملي اكثر بالنسبة للمرضى من خلال السماح لهم بعودة اسرع الى حياتهم الطبيعية وممارسة اشغالهم" بحسب فرانس بريس.

ولفت معد الدراسة الى ان 34,5 % من النساء فوق سن الخمسين اللواتي خضعن لعملية استئصال ورم في مراحل غير متقدمة في الثدي في الولايات المتحدة سنة 2013 عولجن بتقنية "العلاج الاشعاعي بجرعات عالية" في مقابل 10,8% سنة 2008. لكن بالنسبة للشابات والنساء المصابات بسرطان الثدي بمراحل متقدمة اكثر، فقط 21.1 % منهن خضعن لهذا العلاج سنة 2013 في مقابل 8,1 % في 2008.

انخفاض الاصابة بسرطان الثدي

من جهة اخرى توصلت دراسة كندية جديدة إلى أن معدلات عودة الإصابة بسرطان الثدي انخفضت بمقدار النصف أو أكثر بين ثمانينيات القرن الماضي والعشر سنوات الاولي من القرن الحالي بفضل تحسن أساليب العلاج وزيادة الفحوص. وقالت الدكتورة كارين جيلمون من وكالة بي.سي للسرطان في فانكوفر التي قادت فريق الدراسة إن تحليل البيانات الخاصة بمريضات سرطان ثدي في كندا يقدم تأكيدات على أن فرص النجاة من المرض تزداد كما يوفر بيانات جديدة للباحثين. وكانت دراسة سابقة نشرت في التسعينيات واستندت إلى بيانات بين عامي 1978 و1988 قد توصلت إلى أن المصابات بسرطانات الثدي التي تتغذى على هرمون الاستروجين (وتعرف باسم سرطان مستقبلات الاستروجين) يواجهن خطر عودة المرض بمرور الوقت. ويكون حجم خطر عودة المرض لأسباب غير الاستروجين كبيرا لمدة خمس سنوات بعد نجاح العلاج لكنه تراجع فيما بعد إلى أقل من نظيره بين المريضات بسرطان مستقبلات الاستروجين.

وقارن فريق جليمون في الدراسة التي نشرت في دورية علم الأورام الإكلينيكي بين بيانات 7178 امرأة تلقين العلاج بعد اصابتهن بحالات متوسطة من سرطان الثدي خلال فترتين. وأظهر التحليل الجديد أن هناك احتمالا كبيرا لعودة السرطان في غضون السنوات الخمس الأولى بين المصابات بأورام سرطانية لم يسببها هرمون الاستروجين لكن مخاطر عودة المرض بين من تلقين العلاج في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين كانت أقل. ولم تحدد الدراسة السبب في تراجع احتمالات عودة المرض لكن الباحثون يقولون إن هذا يرجع في الأغلب إلى الفحوصات التي تنجح في رصد المرض في مراحله المبكرة علاوة على "علاجات فعالة وشاملة" على نحو أكبر تستهدف أنواعا محددة من السرطان.

خطر تضخم الثدي غير النمطي

واظهرت مراجعة جديدة أن تضخم الثدي غير النمطي الذي تشخص به حوالي 100 الف امراة في الولايات المتحدة سنويا يشكل خطرا اكبر مما كان يعتقد في السابق للاصابة بالسرطان. وغالبا ما يتم ابلاغ معظم النساء اللاتي يعانين من فرط في تكوين انسجة الثدي بانه نمو حميد للأنسجة وذلك بعد خضوعهن للفحص. ومن بين كل عشر نساء تخضعن لفحوص يظهر تضخم لدى واحدة. ووجد الباحثون في المراجعة الجديدة التي نشرت نتائجها في دورية نيو انجلاند اوف ميديسن New England of Medicine ان النساء اللاتي يعانين من فرط في تكوين انسجة الثدي يزيد خطر اصابتهن بورم خبيث بنسبة سبعة بالمئة بعد خمس سنوات على اجراء الفحص وبنسبة 13 بالمئة بعد عشر سنوات وبنسبة 30 بالمئة بعد 25 عاما.

وقالت لين هارتمان الطبيبة بمدينة روتشستر بولاية مينيسوتا الامريكية التي قادت المراجعة "تعطي المراجعة مقياسا للخطر" وتظهر نسبة اعلى مما هو مقدر من خلال بعض الطرق الشهيرة المستخدمة في محاولة التنبؤ باحتمال اصابة النساء بسرطان الثدي. وابلغت هارتمان خدمة رويترز هيلث أن النتائج الجديدة يجب ان تغير الطريقة التي تعالج بها النساء اللاتي لديهن فرط في نمو انسجة الثدي بما يقود إلى فحوص اكثر دقة باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي وتأكيد اكبر على استخدام الادوية التي ثبت انها تمنع الاصابة بسرطان الثدي بحسب رويترز. وقالت هارتمان إن الجمعية الامريكية لمرض السرطان ترى ان اجراء فحص بالرنين المغناطيسي على الثدي أمر جدير بالاهتمام للنساء اللاتي يتراوح خطر اصابتهن بسرطان الثدي بين 20 إلى 25 بالمئة.

سرطان الثدي في مصر الفرعونية

من جهتها قالت وزارة الآثار المصرية في بيان إن دراسة أجرتها بعثة إسبانية على هيكل عظمي لامرأة مصرية عاشت قبل 4200 سنة أثبتت إصابتها بسرطان الثدي. وأضاف البيان أن هذه "أقدم حالات الإصابة بسرطان الثدي... الأمر الذي يدلل على ظهور هذا المرض الخبيث منذ أقدم العصور المصرية." والهيكل العظمي الذي أجريت الدراسة عليه يرجع إلى عصر الأسرة السادسة (2345-2181 قبل الميلاد) ويوجد في مقبرة غربي مدينة أسوان الواقعة على بعد نحو 900 كيلومتر جنوبي القاهرة. وقال ممدوح الدماطي وزير الآثار في البيان إن دراسة تجريها بعثة جامعة جين الإسبانية بالتعاون مع وزارة الآثار على الهياكل العظمية في جبانة قبة الهواء غربي أسوان رصدت "تشوهات غير مألوفة" على الهيكل العظمي للمرأة وإن الفحص كشف عن إصابتها بسرطان الثدي. وأضاف أن أهمية هذا الكشف تكمن في إسهامه في إضاءة "المزيد من الحقائق الأثرية والتاريخية" عن التفاصيل اليومية والظروف المعيشية في تلك الفترات البعيدة. وقال رئيس البعثة الإسبانية أليخاندرو خيمينيث في البيان إن البعثة بدأت عملها في هذه الجبانة عام 2008 ويقوم فريق يضم متخصصين في الأنثروبولوجيا الفيزيائية بدراسة تفاصيل الحياة اليومية والطقوس الجنائزية لمعرفة الظروف المعيشية للمصريين القدماء.

وقال ميخيل بوتييا رئيس الفريق البحثي إن الدراسات كشفت بقايا آثار التدهور نتيجة "انتشار ورم خبيث بين العظام" وأن المرأة كانت تنتمي إلى طبقة راقية في هذه المنطقة. وأضاف "ربما منعها مرضها من القيام بأية مهام إلا أنه من الواضح أنها حظيت بالعناية والاهتمام طوال فترة مرضها وحتى الوفاة." في السياق نفسه أظهرت دراسة تحليلية كبيرة أن النساء اللواتي يعانين من الوزن الزائد أو السمنة تتزايد احتمالات إصابتهن بسرطان الثدي بعد انقطاع الطمث مقارنة بالنساء ذوات الوزن العادي. وتوصل الباحثون إلى أن خطر الإصابة بالسرطان يرتفع مع زيادة الوزن كما أن النساء اللواتي يعانين من السمنة المفرطة تزيد احتمالات اصابتهن بالنوع الأكثر شيوعا من سرطان الثدي وأنواع أخرى أكثر تقدما بنسبة 86 في المئة.

وأشارت الباحثة ماريان نيهاوزر المشرفة على الدراسة في برنامج الوقاية من السرطان في مركز أبحاث فرد هاتشنسون في سياتل إلى أن الصلة بين سرطان الثدي والوزن الزائد ظهرت في دراسات سابقة لكن من المهم تأكيد مثل هذه العلاقة خصوصا بالنسبة إلى عامل متغير مثل الوزن لأنه "يشير إلى أن النساء قادرات على فعل شيء بخصوصه." وفي الدراسة الجديدة التي نشرت في دورية جاما لعلم الأورام حلل الباحثون معلومات جمعوها من دراسة طويلة الأمد وواسعة النطاق أجرتها مبادرة صحة النساء. وفحص الباحثون معلومات عن 67 ألف و142 إمرأة من أنحاء الولايات المتحدة تتراوح أعمارهن بين 50 و79 عاما في فترة ما بعد انقطاع الطمث وتتبعوا أحوالهن الصحية على مدى 13 عاما. وقسمت النساء في الدراسة إلى أربع مجموعات وفق معدل أوزانهن نسبة إلى الطول. وفي الإجمالي أصيبت 3388 منهن بالسرطان بحلول 2010.

وشخصت اصابة حوالي خمسة في المئة من النساء في كل مجموعة بسرطان الثدي خلال فترة الدراسة كما لوحظ ارتفاع خطر الاصابة بالسرطان مع ازدياد الوزن. وازدادت مخاطر الاصابة بسرطان الثدي لدى النساء اللواتي يعانين من السمنة المفرطة خلال الدراسة مقارنة بالنساء ذوات الوزن العادي. وخلص الباحثون إلى أن نسبة الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء الأكثر سمنة -وخصوصا النوع الذي يغذيه هرمونا الاستروجين والبروجسترون- كانت أكثر بنسبة 86 في المئة مقارنة بالنساء ذوات الوزن العادي.

وتواجه النساء اللواتي تعرضن لمستويات عالية من مبيدات "دي تي تي" خلال حمل امهاتهن بهن خطرا يزيد اربع مرات تقريبا للاصابة بسرطان الثدي على ما افاد باحثون اميركيون. وتابع الباحثون في دراستهم التي نشرت في مجلة "كلينيكال اندوكرينولودجي اند ميتابوليزم"، بنات نساء شاركن في برنامج صحي لمؤسسة كايزر بين عامي 1959 و1967 في كاليفورنيا. وفي تلك الفترة كان استخدام مبيدات "دي تي تي" منتشرا جدا وكانت هذه المادة تتكدس في الدهون الحيوانية وتدخل تاليا في السلسلة الغذائية البشرية. ورصدت هذه المادة السامة التي اعتبر انها تؤثر على وظيفة الغدد في مشتقات الحليب ومواد غذائية اخرى.

ومنعت "دي تي تي" في السبعينات في الكثير من الدول لكنها لا تزال مستخدمة في افريقيا وفي آسيا لمكافحة انتشار الملاريا. وانجبت النساء اللواتي شاركن في دراسة المؤسسة وكان لديهن جميعا مستوى يمكن رصده من مادة "دي تي تي" في الدم، 9300 طفلة بحسب فرانس بريس.

اضف تعليق