q
اقتصاد - تنمية

الزراعة الأسرية تطعم العالم

قادرة على تحقيق التنمية الشاملة

تعرف المزرعة الأسرية بأنها حيازة زراعية تديرها وتشغلها الأسرة، حيث يتم توفير العمالة الزراعية إلى حد كبير من قبل تلك الأسرة. تعتبر الزراعة الأسرية الشكل السائد للزراعة في البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء. يوجد في العالم أكثر من 500 مليون مزرعة أسرية. الغذاء...

وفقا لمنظمة الفاو، توفر الزراعة الأسرية فرصة فريدة لضمان الأمن الغذائي وتحسين سبل العيش وإدارة الموارد الطبيعية بشكل أفضل، وحماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة، لا سيما في المناطق الريفية. وبفضل حكمة هؤلاء المزارعين ورعايتهم للأرض، فإن المزارعين الأسريين يملكون عوامل التغيير الضرورية للقضاء على الجوع، ولضمان كوكب أكثر توازنا ومرونة.

بمناسبة إعلان الأمم المتحدة الفترة بين 2019-2028 عقدا للزراعة الأسرية، تسلط أخبار الأمم المتحدة الضوء على الزراعة الأسرية، من خلال هذا الحوار مع الدكتور رشيد سراج، مدير المشروعات بمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.

بداية، ما مفهوم الزراعة الأسرية بالنسبة لمنظمة الفاو؟

باختصار شديد، تعرف المزرعة الأسرية بأنها حيازة زراعية تديرها وتشغلها الأسرة، حيث يتم توفير العمالة الزراعية إلى حد كبير من قبل تلك الأسرة. تعتبر الزراعة الأسرية الشكل السائد للزراعة في البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء. يوجد في العالم أكثر من 500 مليون مزرعة أسرية. الغذاء الذي نستهلكه اليوم ينتج بواسطة مليار ونصف من صغار المزارعين، وهذا يعطي فكرة عن أهمية الحيازات الزراعية الصغرى في العالم.

يتراوح المزارعون الأسريون من أصحاب الحيازات الصغيرة، إلى مزارعين متوسطي الحجم، ويشملون الفلاحين، المجتمعات المحلية التقليدية، صيادي الأسماك، المزارعين في المناطق الجبلية، الرعاة وغيرهم.

إنهم يديرون نظما زراعية متنوعة ويصنعون منتجات غذائية تقليدية ويساهمون كذلك في نظام غذائي متوازن وفي الحفاظ على التنوع البيولوجي الزراعي في العالم. الحيازات الصغيرة تلعب أدوارا عديدة. المزارعون الأسريون متجذرون في الشبكات الإقليمية والثقافات المحلية وينفقون معظم دخلهم داخل الأسواق المحلية والإقليمية وبالتالي يساهمون في التنمية المحلية ويخلقون المزيد من فرص العمل في الزراعة وخارج مجال الزراعة.

أطلقتم في منظمة الفاو عقد الأمم المتحدة للزراعة الأسرية، حدثنا عن ذلك؟

أعلنت الجمعية العام للأمم المتحدة الفترة من 2019 إلى 2028 ليكون عقد الأمم المتحدة للزراعة الأسرية وليكون بمثابة إطار عمل للبلدان بهدف تطوير السياسات والاستثمارات العامة لدعم الزراعة الأسرية.

ويسعى هذا العقد إلى المساهمة في تحقيق أهـداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، من خلال معالجة الزراعة الأسرية من منظور شامل وإدماج القضاء على الفقر الريفي بجميع أشكاله وأبعاده.

في مايو/أيار 2019، اشتركت منظمة الأغذية والزراعة والصندوق الدولي للتنمية الزراعية بصفتهما الأمانة المشتركة لصندوق الأمم المتحدة الإنمائي في تنظيم إطلاق العقد.

وكذلك خططت المكاتب الإقليمية لمنظمة الأغذية والزراعة لإطلاق العقد على المستوى الإقليمي في أوائل 2020، بالتعاون مع الشركاء الرئيسيين في مجال الزراعة الأسرية في المنطقة.

باختصار، توصي خطة العمل لعقد الأمم المتحدة للزراعة الأسرية بسلسلة من الإجراءات المترابطة من المستوى المحلي إلى المستوى العالمي. ويسعى هذا الإطلاق، الذي تم بصورة افتراضية في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، إلى تحقيق الأهداف التالية:

أولا، توفير منصة لأصحاب المصلحة والشركاء لتبادل الآراء حول الأولويات في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا على المستويين الإقليمي والقطري في الفترة حتى 2028.

ثانيا، تطوير خطة العمل الإقليمية في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا والتي ستدعم إطار العمل الإقليمي لتعميمه وتنفيذه من قبل منظمة الأغذية والزراعة والصندوق الدولي للتنمية الزراعية والشركاء الرئيسيين.

تتمحور الركائز أو الدعائم الأساسية لعقد الأمم المتحدة للزراعة الأسرية حول سبع نقاط أساسية:

أولا، تعزيز الإنتاجية واستدامة الزراعة الأسرية من أجل نظم زراعية مقاومة لتغيرات المناخ.

ثانيا، تقوية الأبعاد المتعددة للزراعة الأسرية لتشجيع الابتكارات وللمساهمة في التنمية الإقليمية والنظم الغذائية التي تصون التنوع البيولوجي والبيئة.

ثالثا، دعم الشباب وضمان استدامة الزراعة الأسرية عبر الأجيال.

رابعا، تعزيز المساواة بين الجنسين، من خلال تعزيز الدور القيادي للمرأة في المجتمعات الريفية.

خامسا، تعزيز منظمات المزارعين الأسريين وقدراتهم على توليد المعرفة وتمتين المزارعين وتقديم خدمات شاملة في سلسلة الحضر الريفية.

سادسا، تحسين الإدماج الاجتماعي والاقتصادي والقدرة على الصمود ورفاه المزارعين الأسريين والأسر والمجتمعات الريفية.

سابعا، تطوير بيئة سياسية تمكينية لتعزيز الزراعة الأسرية.

كيف يستطيع المزارعون الصغار مواكبة التغيرات في ظل التوسع الكبير للزراعة عموما وانتشار التقنيات الحديثة في مجال الزراعة؟

مواكبة المزارعين الصغار للتوسع وانتشار التقنيات الحديثة في مجال الزراعة ترتكز حول مسألة تشجيع الابتكار والتكنولوجيا الرقمية. هناك فرص عديدة. على سبيل المثال، زيادة الاتصال بالإنترنت للوصول إلى المعلومات والمعرفة بهدف تحسين الإنتاجية في المزارع عبر الخدمات الإرشادية الرقمية.

كذلك استعمال التقنيات الرقمية والأجهزة والمنصات المحمولة لربط المزارعين بالأسواق، أو ما تسمى بالتجارة الإلكترونية. وقد اتضح دور هذه التطبيقات خلال فترة الحجر الصحي الناجمة عن انتشار جائحة كـوفيد-19.

إضافة إلى تطبيقات أخرى مثل تطبيقات التحليل الجغرافي والمكاني لمساعدة المزارعين على اتخاذ قرارات مستنيرة بأساليب علمية. هناك تطبيقات عديدة وهناك فرص لتمكين المزارعين الصغار من استخدام هذه التطبيقات والابتكارات في ميدان الزراعة.

ما المقصود باستدامة الزراعة؟

باختصار، تعني استدامة الزراعة تحسين الإنتاجية ولكن مع الحفاظ على كل نظم الإنتاج والموارد الطبيعية، مثلا تدبير استعمال المياه بشكل علمي لمنع تبذير المياه والحفاظ على التربة من الانجراف. تكمن الفكرة بصورة عامة حول ضرورة ألا يكون الإنتاج على حساب الموارد الطبيعية.

هل لديكم أمثلة ناجحة للزراعة الأسرية في المنطقة العربية؟

نعم لدينا أمثلة عديدة وقصص نجاح في كل البلدان التي تعمل فيها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، وخاصة في المنطقة العربية. مثلا، هناك مشاريع عديدة تم تحقيقها في ولاية النيل الأزرق السودانية حول المدارس الحقلية للمزارعين بهدف التغلب على التحديات التي تواجه المزارعين بالتعاون مع وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية في السودان.

كان الهدف من هذه المدارس هو تحسين قدرة صغار المنتجين على تبني تقنيات مناسبة في المزارع ومشاركة النتائج مع المزارعين المجاورين. كان التدريب يهدف كذلك إلى تحسين الممارسات الزراعية وإدارة الآفات الزراعية بصورة متكاملة.

لقد كانت النتائج إيجابية جدا حيث نجح البرنامج في توظيف 33 عاملا إرشاديا وإنشاء 129 مدرسة ميدانية، وقد أحدث ذلك تأثيرا إيجابيا في المنطقة حيث ركز التدريب على أمور عديدة منها أهمية البذور المحسنة واختبارات الإنبات وتبني المحاصيل بالتناوب وتدابير إدارة الآفات. وقد قيمت وزارة الزراعة السودانية البرنامج على أنه ناجح واستقبله المزارعون بشكل إيجابي.

نعمل في كل البلدان في المنطقة العربية على دعم صغار المزارعين مع جمعيات المزارعين والتعاونيات.

الجديد في هذا الأمر هو مسألة الابتكار والابتكار الرقمي. في بداية هذا العام فتحت منظمة الفاو باب الترشيحات في ميادين الابتكار وقد تواصلنا مع أكثر من 120 قصة نجاح من المنطقة وتمت دراستها واختيار التجارب الناجحة. كانت هناك تجارب في كل الميادين، شملت مسألة استدامة الزراعة وابتكارات التجارة الإلكترونية والربط بالأسواق.

رسالة أخيرة

نتمنى أن يتيح عقد الأمم المتحدة للحيازات الصغيرة فرصة لتسليط الضوء على دور صغار المزارعين، لأن دورهم مركزي في الإنتاج والتنمية الريفية ولابد من إعطائهم كل التقدير والمساعدة لتحقيق التنمية والتي تصب في أهداف التنمية المستدامة التي تُعقد الآمال على تحقيقها بحلول عام 2030.

اضف تعليق