q
الصح‮ ‬لا يعني‮ ‬الحق بالضرورة، لاسيما في‮ ‬التحالفات السياسية‮‬،‮ ‬مثلما الباطلُ‮ ‬الذي‮ ‬لا يعني‮ ‬الخطأ في‮ ‬هذا الموضع،‮ ‬هذه ابرز مؤشرات‮ ‬أزمة الإسلام السياسي‮ ‬اينما تصدى للسلطة،‮ ‬في‮ ‬العراق أو تونس أو مصر او السودان وأي‮ ‬ساحة تكون فيها لعبة المصالح والمبادئ متقاطعة ومحرجة في‮ ‬أغلب الأحيان...

الصح‮ ‬لا يعني‮ ‬الحق بالضرورة، لاسيما في‮ ‬التحالفات السياسية‮‬،‮ ‬مثلما الباطلُ‮ ‬الذي‮ ‬لا يعني‮ ‬الخطأ في‮ ‬هذا الموضع،‮ ‬هذه ابرز مؤشرات‮ ‬أزمة الإسلام السياسي‮ ‬اينما تصدى للسلطة،‮ ‬في‮ ‬العراق أو تونس أو مصر او السودان وأي‮ ‬ساحة تكون فيها لعبة المصالح والمبادئ متقاطعة ومحرجة في‮ ‬أغلب الاحيان،‮ ‬فالتَحالفُ‮ ‬مع الغريم و العدو قد‮ ‬يصح سياسياً‮ ‬لمناورات مرحلية واهداف مشتركة،‮ ‬لكنه‮ ‬يقيناً‮ ‬يصطدم بالثابت الذي‮ ‬لا يتغير‮.

‬الانتماء الديني‮ ‬لاشك‮ ‬يتيح الاجتهاد لكنه اجتهاد مشروط وضمن حدود‮ ‬ينص عليها العهد العقائدي،‮ ‬وهو عقد وعهد لاتبرر فيه الوسيلة للوصول الى الغاية، لأن صلاحَ‮ ‬الوسيلةِ‮ ‬في‮ ‬الدين أمرٌ‮ ‬لا جدال فيه،‮ ‬لا يمكن لك ان تسرق لتطعم الجياع،‮ ‬أو ترتكب الفاحشة من أجل عمل الخير،‮ ‬وعليه فإنّ‮ ‬ما يحصلٌ‮ ‬من تقاطع بين الصحيح المتاح والحق المقيّد‮ ‬يمثل سببا أساسيا في‮ ‬اصطدام الاحزاب الدينية مع جمهورها قبل مناوئيها وهي‮ ‬تدخلُ‮ ‬العملَ‮ ‬السياسي‮ ‬في‮ ‬بلدان مضطربة،‮ ‬لان الاسسَ‮ ‬التي‮ ‬يصل الاسلاميون فيها الى قلوب الناس وعقول الشباب،‮ ‬تتمثلُ‮ ‬في‮ ‬تسويق منظومة معايير و قيمٍ‮ ‬عالية،‮ ‬ثوابت صارمة تجعل من الانتساب والايمان بها‮ ‬انتسابا أخلاقياً‮ ‬وليس سياسياً‮ ‬حسب،‮ ‬فما أنْ‮ ‬ينهارَ‮ ‬ذلك فجأة اثناء الأداء السياسي،‮ ‬من ضعف الدولة‮ ‬واستشراء الفساد وانعدام الخدمات والتمييز الطبقي‮ ‬والمحسوبية في‮ ‬التقييم والتنصيب،‮ ‬والفقر وغياب‮ ‬العدالة الاجتماعية‮.‬

حتى تنقلب الصورة وتتشوّه،‮ ‬ويصبح المجتمع الذي‮ ‬آمن بالخطاب السياسي‮ ‬مثل الأبناء الذين‮ ‬يكتشفون خداعَ‮ ‬آبائهم،‮ ‬وعدم وفائهم بوعودهم،‮ ‬لاسيما حين‮ ‬يكتشف ازدواجية عمل تلك الاحزاب وفق المصالح بدل الثوابت،‮ ‬ودخولها في‮ ‬تحالفات الصح والخطأ وليس الحق والباطل،‮ ‬ليضعوا اياديهم بيد‮ ‬شخصيات اتهموها بانها شخصيات مجرمة،‮ ‬وبذلك وضعوا‮ ‬تصور جمهورهم امام‮ ‬احتمالين‮،‮ ‬اما أنهم ظَلموا من اتهموهم،‮ ‬او أنهم تصالحوا مع الشيطان وهو ما تسوّغه السياسة لكن الدين‮ ‬يرفضه صراحة‮ . ‬

ولعل ذلك تكرر في‮ ‬تجارب الإسلام السياسي‮ ‬بالسودان وتونس بعد ماسمي‮ ‬بالربيع العربي‮ ‬وفي‮ ‬مصر والعراق‮ ‬– موضوعنا‮ -. ‬حيث فشل الاسلاميون في‮ ‬معالجة مشاكل معقدة في‮ ‬الدولة والنظام السياسي‮ ‬وتعاملوا بسطحية واضحة،‮ ‬وذلك باحالتها كيفما اتفق الى منظمة القيم العامة التي‮ ‬هم أول من فرط بها،‮ ‬دون رؤيا علمية لمفهوم الدولة وعمل مؤسساتها،‮ ‬الذي‮ ‬يتطلب منهجا عمليا للادارة،‮ ‬منظومة القيم تتصل ببناء المجتمع‮ ‬والثقافة العامة والترشيد الروحي،‮ ‬لكن القضايا السياسية العليا ومنها ايضا الدولة المدنية والحقوق القانونية والالتزامات الدولية الاقتصادية والمالية وغيرها،‮ ‬لايمكن معالجتها بهذا الترشيد،‮ ‬بل من خلال موازنات واولويات سياسية‮. ‬

‮ ‬ولذلك ايضا عادة مانشهد تقاطعا بين الاحزاب السياسية‮ ‬واداء اي‮ ‬رئيس للوزراء مهما كان بل احيانا‮ ‬يكون مرشحا من ذات الاحزاب،‮ ‬وحين‮ ‬يوضع امام الاستحقاقات السياسية الدولية والشعبية تتراجع مصالح من جاءوا به وربما‮ ‬يكون رموزها امام المحاسبة‮ ‬يوما‮! ‬فيبدأ ليّ‮ ‬الاذرع وكسر الإرادات وربما المواجهة المسلحة في‮ ‬بلد تحولت اغلب الأحزاب فيه الى أورام مسلحة تتجرأ على الدولة حين تَضرب أو تقصر في‮ ‬ضمان مصالحها على أقل تقدير، لايمكننا بالتاكيد اجمال فشل الاسلام السياسي‮ ‬العربي‮ ‬والعراقي‮ ‬تحديدا في‮ ‬هذه المساحة،‮ ‬لكننا إردنا الاشارة الى ابرز ركائز تلك الازدواجية التي‮ ‬لاتعني‮ ‬مذهبا محددا او دينا معيناً، بل هي‮ ‬ازمة تاريخية ستكرر ذات النتائج،‮ ‬الخاسر فيها‮ ‬مصالح البلد العليا وسمعة الطبقة الدينية التي‮ ‬تتصدى للعمل السياسي‮ ‬وتفشل وتدفع للمواجهة مع أجيال‮ ‬غاضبة وشعب‮ ‬يرفض وجودها في‮ ‬الحكم بل‮ ‬يذهب الى عزل سلطتها وشخوصها عن‮ ‬القيم التي‮ ‬ساقتها وخدعت الناس بها واساءت الى دينها وتعاليمه وسبله الاخلاقية المنضبطة‮.

‬أما مكاسب ذلك التداعي‮ ‬وتلك المواجهات وانهاك المجتمع واضعاف الدولة،‮ ‬فلاشك انها تصب في‮ ‬سلال الاعداء التقليديين الذين‮ ‬يرون العراق مبتهجين،‮ ‬بلدا من الخرائب والتوتر وانعدام الامن وسبل المعيشة‮ ‬تحيطه دول تنمو وتتطور،‮ ‬كانت قبل اكثر من نصف قرن تراه قبلة لها وقدوة ونموذجا تسعى الى ان تكون بمصافه‮.‬

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق