q
ملفات - عاشوراء

تغييب البُعد السِّياسي لِماذا؟

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ السَّابِعة

الرَّفض الحُسيني كانَ يدورُ مدار السِّياسة بمُنطلقاتٍ دينيَّةٍ وأَخلاقيَّةٍ وشخصيَّةٍ، فقولهُ (ع) -نُصْبِحُ وتُصْبِحونَ ونَنْظُرُ وتَنْظُرونَ أَيُّنا أَحقُّ بالخلافَةِ والبَيعةِ- إِشارة واضِحة لا تقبل التَّأويل إِلى أَنَّ الحُسين السِّبط (ع) هو الأَحقُّ بالخلافةِ والبَيعةِ وليسَ الطَّاغية يزيد، ولا يختلفُ إِثنان على أَنَّ [الخِلافةَ والبَيعة] سِياسة...

مَن يقف وراءَ مُحاولات تغييب البُعد السِّياسي في [عاشوراء]؟! ولماذا؟!.

قبلَ الإِجابةِ على السُّؤَال تعالُوا نتثبَّت من هذا البُعد، وهل هوَ فعلاً ركنٌ أَساسيٌّ من أَركان النَّهضة الحُسينيَّة إِعتمدتهُ وقامت عليهِ؟! أَم أَنَّهُ دِعاية ووهمٌ لا أَساس لهُ من الصحَّة! فعاشوراء ليست أَكثر من حدثٍ سماويٍّ غيبيٍّ بحت لا يمُتُّ إِلى الأَرض بشيءٍ، بدايتهُ والتَّخطيط لهُ ونهايتهُ! كما يقولُ البعض، أَو أَنَّهُ عملٌ [تورَّط بهِ الحُسين (ع)] ثمَّ حاولَ الإِفلات منهُ ولكنَّهُ لم يستطِع فقد سبقَ السَّيفُ العذل، فحصلَ ما حصلَ في كربلاء، كما يقولُ آخرون؟!.

سأَذكرُ هنا فقط ما قالهُ الحُسين السِّبط (ع) في المدينةِ المُنوَّرة كدليلٍ على تشبُّع حركتهِ بالسِّياسةِ حتَّى لا نتوسَّعَ بالأَدلَّة والبراهين، وهي كثيرةٌ، رافقت قولَ وفِعلَ وتقرير الإِمام (ع) منذُ اللَّحظة الأُولى وحتَّى استشهادهِ في كربلاء.

١/ أَرسلَ الوليدُ بن عُتبة بن أَبي سُفيان، والي الأَمويِّين على المدينةِ المُنوَّرة، عبدالله بن عُمر بن عُثمان، وهوَ غلامٌ حدَث، إِلى الحُسين (ع) وإِبن الزُّبير يدعوهُما فوجدهُما في المسجدِ وهُما جالِسان فأَتاهُما في ساعةٍ لم يكُن الوليد يجلِس فيها للنَّاس فقالَ؛ أَجيبا الأَمير، فقالا؛ إِنصرف، الآن نأتيه.

فتساءلَ إِبن الزُّبير قائلاً للإِمام الحُسين (ع)؛ ما تراهُ بعثَ إِلينا في هذهِ السَّاعة الَّتي لم يكُن يجلسُ فيها؟! فقالَ الحُسين (ع)؛ أَظنُّ أَنَّ طاغيتهُم قد هلكَ فبعثَ إِلينا ليأخُذنا بالبَيعةِ قُبيلَ أَن يفشُو في النَّاسِ الخبر.

جوابٌ يدورُ مدار السِّياسة.

٢/ أَخبرَ الوليدُ الحُسينَ (ع) بمَوتِ مُعاوية ثمَّ عرضَ عليهِ البيعةَ ليزيدٍ فقال (ع) {أَيُّها الأَمير! إنَّ البيعةَ لا تكونُ سِرّاً ولكن إِذا دَعوتَ النَّاسَ غداً فادعُنا معهُم} فقالَ مَروان بن الحَكَم، وقد كانَ حاضراً مجلس الوالي؛ لا تَقبَل أَيُّها الأَمير عُذْرَهُ حتّى يُبايع وإِلَّا فاضرِبْ عُنُقَهُ، فغضِبَ الحُسين (ع) ثمَّ قال {وَيلٌ لكَ يا ابنَ الزَّرقاء أَنتَ تَضْرِبُ عنُقي؟! كَذِبتَ واللهِ وَلؤُمتَ} ثمَّ أَقبلَ على الوليدِ فقال {أَيُّها الأَمير! إِنَّا أَهلُ بيتِ النبوَّةِ ومعدنُ الرِّسالةِ ومُخْتَلَفُ الملائكةِ وبِنا فَتَحَ الله وبِنا خَتَمَ، ويزيدُ رجلٌ فاسِقٌ شارِبٌ الخمر قاتِلُ النَّفس المُحَرَّمة مُعْلِنٌ بالفسقِ ومِثْلي لا يُبايِعُ مِثْلَهُ، ولكن نُصْبِحُ وتُصْبِحونَ ونَنْظُرُ وتَنْظُرونَ أَيُّنا أَحقُّ بالخلافَةِ والبيعةِ ثمَّ خرجَ (ع).

جوابٌ ملؤُهُ موقفٌ سياسيٌّ يدورُ مدار البَيعة والخِلافة.

وكانَ الطاَّغية يزيد قبلُ قد كتبَ إِلى الوالي كِتاباً يطلبُ فيهِ أَخذ البَيعة على أَهلِ المدينةِ، ثُمَّ أَرفقَ الكتاب بصحيفةٍ صغيرةٍ فيها؛ خُذ الحُسين وعبد الله بن عُمر وعبد الرَّحمن بن أَبي بكر وعبد الله بن الزُّبَير بالبَيعةِ أَخذاً شديداً، ومَن أَبَى [والمقصود طبعاً الحُسين السِّبط (ع)] فاضرب عنقهُ وابعث إِليَّ برأسهِ.

٣/ بعدَ أَن رفضَ الحُسين السِّبط (ع) بَيعة يزيد لقِيهُ مَروان عند صباحِ اليَوم الثَّاني فدارَ بينهُما كلامٌ ونصحَ فيهِ مَروانُ الإِمامَ ببَيعةِ يزيد.

فاسترجعَ الحُسين السِّبط(ع) وقال {على الإِسلامِ السَّلام إِذا بُلِيَت الأُمَّة بِراعٍ مثلَ يزيد}.

جوابٌ واضحٌ فيهِ البُعد السِّياسي بِلا جدالٍ.

كلُّ هذهِ المواقف الثَّلاثة سياسيَّةً بامتياز، فمحورُها البَيعة والوِلاية والسُّلطة والحُكم والخِلافة.

عاشوراء بِلا سياسةٍ كبِعثةٍ بِلا دين.

هذا يعني أَنَّ الرَّفض الحُسيني كانَ يدورُ مدار السِّياسة بمُنطلقاتٍ دينيَّةٍ وأَخلاقيَّةٍ وشخصيَّةٍ، فقولهُ (ع) {نُصْبِحُ وتُصْبِحونَ ونَنْظُرُ وتَنْظُرونَ أَيُّنا أَحقُّ بالخلافَةِ والبَيعةِ} إِشارة واضِحة لا تقبل التَّأويل إِلى أَنَّ الحُسين السِّبط (ع) هو الأَحقُّ بالخلافةِ والبَيعةِ وليسَ الطَّاغية يزيد، ولا يختلفُ إِثنان على أَنَّ [الخِلافةَ والبَيعة] سِياسة.

وكما في قولهِ (ع) {ونحنُ أَهلُ بيتِ مُحمَّد(ص) أَولى بولايةِ هذا الأَمرِ من هؤُلاء المُدَّعين ما ليسَ لهُم}.

فمَن الذي يريدُ تغييبَ البُعد السِّياسي الواضح هذا إِذن؟! ولماذا؟!.

[email protected]

اضف تعليق