زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي للولايات المتحدة الأمريكية، والتي تعد الأولى لواشنطن منذ توليه السلطة في آذار الماضي، حظيت باهتمام امريكي خاص، خصوصا وأنها جاءت في وقت يشهد تصاعدا جديدا في التوتر بين الولايات المتحدة وإيران التي تعد اهم حليف للعراق في المنطقة...
زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي للولايات المتحدة الأمريكية، والتي تعد الأولى لواشنطن منذ توليه السلطة في مايو/آذار الماضي، حظيت و بحسب بعض المصادر باهتمام امريكي خاص، خصوصا وانها جاءت في وقت يشهد تصاعدا جديدا في التوتر بين الولايات المتحدة وإيران التي تعد اهم حليف للعراق في المنطقة، يضاف الى ذلك تصاعد العمليات العسكرية ضد القوات الامريكية في هذا البلد، ويرى بعض المراقبين ان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يسعى الى الفوز بولاية ثانية وخلال لقاء الكاظمي، قد سعى الى ارسال بعض الرسائل المهمة، ومنها ان الولايات المتحدة الامريكية ستبقى تدافع عن مصالحها الخاصة في هذا البلد المهم، خصوصا وانها قدمت لبغداد وبحسب ما يقول ترامب الكثير من المساعدات وتعاونت لتطهير البلاد من التنظيمات الإرهابية، لاسيما تنظيم داعش الارهابي.
وجدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعهده بسحب العدد القليل المتبقي من القوات الأمريكية بالعراق لكنه قال إن واشنطن ستظل مستعدة للمساعدة إذا قامت إيران المجاورة بأي عمل عدائي. وقال ترامب في أول اجتماع له برئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إنه يتطلع إلى اليوم الذي تخرج فيه القوات الأمريكية من العراق لكنه قال إن شركات أمريكية تبرم بالفعل ”صفقات نفطية كبيرة للغاية“ هناك.
وقال الرئيس الأمريكي للصحفيين ”سنغادر قريبا...لدينا عدد قليل للغاية من الجنود في العراق ...لكننا هناك من أجل المساعدة. ورئيس الوزراء يعلم ذلك...إذا فعلت إيران أي شيء سنكون هناك لمساعدة الشعب العراقي“. وأحجم ترامب عن وضع جدول زمني للانسحاب الكامل. وأكدت الولايات المتحدة والعراق في يونيو حزيران التزامهما بخفض عدد القوات الأمريكية بالعراق في الشهور المقبلة وعدم وجود خطط أمريكية للحفاظ على قواعد دائمة أو وجود عسكري دائم في العراق.
وصوت البرلمان العراقي في وقت سابق من العام بالموافقة على رحيل القوات الأجنبية من العراق، وتغادر قوات أمريكية وأجنبية البلاد في إطار التقليص. لكن مع خروج القوات الأمريكية من العراق، توسع شركات الطاقة الأمريكية استثماراتها في البلد الغني بالنفط الذي تضرر بشدة من وباء فيروس كورونا وتراجع أسعار الخام. ووقعت خمس شركات أمريكية ومنها شيفرون على اتفاقيات مع الحكومة العراقية تهدف لتعزيز استقلال العراق في قطاع الطاقة.
حليف قوي ومصالح مشتركة
وفي هذا الشأن قال وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، إن الولايات المتحدة "حليف قوي" لبلادهن مؤكدًا، حسبما ورد في بيان للخارجية العراقية، أنه "سنواصل حماية هذا التحالف". وشدد الوزير على أن "سياستنا الخارجية تقوم على مصلحة العراق"، موضحًا أن "علاقات العراق مع إيران تقوم على المصالح المشتركة، وتشمل العلاقات السياسية والثقافية والاقتصادية"، بحسب البيان. وأشار وزير الخارجية العراقي إلى أن حكومته "تسعى للتعامل مع دول الجوار وفق مبدأ المصالح المشتركة بشرط ألا يتدخلوا في الشؤون الداخلية"، مضيفاً أن "القرار العراقي اتخذ من قبل العراقيين أنفسهم، وسياستنا تنطلق أساساً من المصلحة العراقية".
جاءت تصريحات وزير الخارجية العراقي، في أعقاب المحادثات الثنائية التي أجراها مع نظيره الأمريكي مايك بومبيو في واشنطن، وحول زيارة الوفد العراقي رفيع المستوى، برئاسة مصطفى الكاظمي رئيس الحكومة، إلى واشنطن، قال الوزير "أطلقنا الجولة الثانية من الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة"، وكشف عن أن العراق سيوقع اتفاقية مع شركة شيفرون للنفط الأمريكية. وبشأن التعاون الأمني بين البلدين، أوضح فؤاد حسين أن بغداد وواشنطن "في خندق واحد لمحاربة داعش وسيستمر هذا التعاون"، مؤكدًا "استمرار الحوار في مجالات الطاقة والصحة والثقافة"، لافتًا إلى أن الحكومة العراقية ستوقع مذكرات تعاون وتفاهم مع واشنطن في مختلف المجالات. بحسب CNN.
من جانبه أعرب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، عن أن بلاده تتمنى "عراقا خاليا من الفساد"، مضيفًا أن الإدارة الأمريكية، تدعم الحكومة العراقية في إجراءاتها الخاصة بالانتخابات المبكرة"، قال بومبيو إن الولايات المتحدة تقدم نحو 204 ملايين دولار في صورة مساعدات إنسانية إضافية لشعب العراق واللاجئين العراقيين والمجتمعات التي تستضيفهم. وقال بومبيو في بيان ”ستوفر المساعدة المأوى الضروري والرعاية الطبية الحيوية والمساعدات الغذائية الطارئة والمياه وخدمات الصرف الصحي والنظافة العامة في جميع أنحاء العراق كما ستحسن الوصول إلى عمليات التوثيق المدني والخدمات القانونية وسترفع كفاءة منشآت الرعاية الصحية وستزيد من فرص الحصول على التعليم وسترفع مستوى المعيشة“.
النفط والكهرباء
في السياق ذاته قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن شركات أمريكية تشارك في العديد من مشاريع التنقيب عن النفط بالعراق، في حين أعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أن بلاده ترحب بالشركات والاستثمارات الأمريكية. وتولى الكاظمي منصبه في أبريل نيسان ليصبح ثالث رئيس للوزراء خلال فترة من الفوضى استمرت لعشرة أسابيع وأعقبت احتجاجات دامية دامت شهورا في العراق الذي أنهكته عقود من العقوبات والحرب والفساد والتحديات الاقتصادية.
ويأتي اجتماعه مع ترامب بعد توقيع خمس شركات أمريكية، بينها شيفرون، اتفاقات مع حكومة بغداد بهدف تعزيز استقلال العراق عن إيران في مجال الطاقة. وقالت وزارة الطاقة الأمريكية في بيان إن شركات هانيويل إنترناشونال وبيكر هيوز وجنرال إلكتريك وستيلر إنرجي وشيفرون وقعت اتفاقات بقيمة تصل إلى ثمانية مليارات دولار مع وزيري النفط والكهرباء العراقيين. جاء توقيع الاتفاقات بعد اجتماع الوزيرين العراقيين مع وزير الطاقة الأمريكي دان برويليت، وعقب لقاء مائدة مستديرة في واشنطن مع رئيس وزراء العراق وقطاع الطاقة الأمريكي.
وتضرر الاقتصاد العراقي بسبب إجراءات الإغلاق العام للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد وبسبب تراجع أسعار النفط. وقال وزير الطاقة الأمريكي دان برويليت في بيان ”هذه الاتفاقات مهمة لمستقبل الطاقة بالعراق، وإنني على ثقة من أن نفس الشركات التي مكنت الولايات المتحدة من الاستقلال في مجال الطاقة ستستخدم خبراتها الواسعة لمساعدة العراق على تحقيق إمكانياته الكاملة في قطاع الطاقة“.
أوردت صحيفة وول ستريت جورنال نقلا عن أشخاص مطلعين أن شيفرون تعتزم بشكل مؤقت توقيع مذكرة تفاهم مع العراق لتطوير أحد حقول النفط الكبرى بالبلاد. وقال تقرير الصحيفة إن شيفرون والحكومة العراقية تناقشان التنفيذ المحتمل لأعمال التنقيب في حقل الناصرية النفطي بجنوب العراق، والذي تشير التقديرات إلى أنه يحوي حوالي 4.4 مليار برميل من الخام. وقالت شيفرون إنها لا تعلق على تكهنات بالسوق أو أمور ذات طبيعة تجارية. بحسب رويترز.
من جانب اخر قالت شركة جنرال إلكتريك إنها وقعت اتفاقين جديدين بقيمة تتجاوز 1.2 مليار دولار مع وزارة الكهرباء العراقية لمباشرة برامج صيانة بمحطات رئيسية للكهرباء في البلاد وتعزيز شبكة التوزيع. وذكرت المجموعة الأمريكية أيضا في بيان أنها تعمل مع عدة وكالات لاعتماد التصدير لتسهيل تمويل للمشروعات بأكثر من مليار دولار. وجاء الاتفاقان بينما تخطط شركات أمريكية للكشف عن استثمارات واتفاقات مع الحكومة العراقية أثناء زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الأولى للبيت الأبيض. وذكر تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال أن مسؤولين أمريكيين وعراقيين يعتزمون أيضا الكشف عن تقدم بشأن إنجاز اتفاقات في مجال الغاز الطبيعي وتكنولوجيا الطاقة مع هانيويل إنترناشونال وستيلر إنرجي.
واشنطن والفصائل المسلحة
على صعيد متصل حضت الولايات المتحدة العراق على تفكيك كافة "المجموعات المسلحة" الموجودة على أراضيه، وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن "المجموعات المسلحة التي لا تخضع لسيطرة رئيس الوزراء الكاملة، أعاقت تقدمنا". وأضاف "يجب أن تحل الشرطة المحلية محل هذه المجموعات في أسرع وقت ممكن. لقد أكدت للدكتور فؤاد أننا نستطيع مساعدته وأننا سنساعده".
ولم يذكر مايك بومبيو الفصائل العراقية بالاسم، لكن زيارة رئيس الوزراء العراقي للولايات المتحدة تأتي على خلفية هجمات يومية تشنها هذه الفصائل ضد المصالح الأميركية في العراق. ويعد هذا التحدي الرئيسي اليوم لمصطفى الكاظمي الذي تولى مهامه في أيار/مايو في بلد تتنازع طهران وواشنطن لفرض نفوذهما عليه. وقال بومبيو: "ناقشنا كيف يمكن للولايات المتحدة والعراق العمل معاً لجعل العراق أكثر أمناً واستقراراً". ووعد "بدعم قوات الأمن العراقية" من أجل "تقليص قوة الميليشيات التي ترهب الشعب العراقي منذ فترة طويلة وتقوض سيادة العراق الوطنية".
كما قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها تشعر بغضب إزاء اغتيال نشطاء للمجتمع المدني في العراق وهجمات على محتجين في بغداد والبصرة. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية مورجان أورتاجوس في بيان ”نحث حكومة العراق على اتخاذ خطوات فورية لمحاسبة الفصائل والمجرمين والعصابات التي تهاجم العراقيين الذين يمارسون حقهم في الاحتجاج السلمي“.
وقالت مصادر أمنية وطبية إن ناشطة عراقية قُتلت وأٌصيب ثلاثة بجراح عندما فتح مسلحون مجهولون النار على سيارتهم في مدينة البصرة في جنوب العراق. وهذا ثالث حادث من نوعه يستهدف فيه مسلحون ناشطا سياسيا خلال اسبوع بعد أن قُتل ناشط وتعرضت سيارة أربعة نشطاء آخرين لإطلاق رصاص في حادث منفصل. وقالت المصادر إن ريهام يعقوب قُتلت برصاص بندقية هجومية كان يلوح بها مسلحان على دراجة نارية. وريهام كانت ناشطة في الحركة الاحتجاجية المحلية منذ 2018 وقادت العديد من المسيرات النسائية. بحسب رويترز.
وبدأت أحدث موجة عنف عندما اغتيل الناشط تحسين أسامة مما أدى إلى عودة المظاهرات بالشوارع لثلاثة أيام حيث فتحت قوات الأمن الرصاص الحي على المتظاهرين الذين رموا منزل المحافظ بحجارة وقنابل حارقة وأغلقوا العديد من الطرق الرئيسية. وبعد ذلك أقال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قادة الشرطة والأمن الوطني بالبصرة وأمر بفتح تحقيق في أعمال العنف، الأمر الذي هدأ غضب المحتجين.
من جانب اخر ذكرت وكالة الأنباء العراقية الرسمية نقلا عن بيان للجيش أن صاروخي كاتيوشا سقطا في قاعدة التاجي التي تستضيف قوات من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. ونقلت الوكالة عن خلية الإعلام الأمني قولها إن الصاروخين أطلقا من منطقة الراشدية. ولم ترد تقارير عن سقوط مصابين. وقال الكولونيل مايلز كاجينز المتحدث باسم التحالف في تغريدة على تويتر سقط صاروخان صغيران بالقرب من قاعدة التاجي، لم يكن هناك أي تواجد لقوات التحالف بالقرب من الحادث“.
من جانب اخر قالت الدنمرك إنها سترسل ما يصل إلى 285 عسكريا للمشاركة في عملية تدريب تابعة لحلف شمال الأطلسي في العراق مع توليها قيادة العملية المكلفة بتدريب قوات الأمن العراقية من كندا بنهاية العام 2020. وقال وزير الخارجية جيب كوفويد في بيان ”من خلال زيادة مساهمتنا في جهود إرساء الاستقرار بالعراق، فنحن نقلل مخاطر أزمة لاجئين جديدة ونعزز في الوقت نفسه الحماية من تهديد جماعات إرهابية. ووافق البرلمان أيضا على إرسال سفينة وطائرة هليكوبتر بما يشمل طاقما يصل إلى 195 فردا إلى مهمة بحرية بقيادة أوروبية في مضيق هرمز، الذي يمر عبره نحو خمس إمدادات النفط العالمية، لمدة أربعة أشهر اعتبارا من أغسطس آب.
اضف تعليق