q

لا احد يستطيع أن يقدر حجم معاناة المهاجرين، إلا من يعيشها بالفعل، فحينما يقص المهاجرون قصصهم في التهريب عبر البحار او الصحارى، وعندما نقرأ او نسمع عن المخاطر الكبيرة التي يتعرضون لها، في البحر او الصحراء، عند ذاك نلامس شيئا من حقيقة معاناتهم، او جزءا بسيطا منها، ولذلك فأن أسباب الهجرة التي دفعتهم في طريق الموت، لابد أن تكون أكبر من مخاطر ومعاناة طرق البحر والصحاري، ومع كل ما تبذله المنظمات المعنية بالحقوق والهجرة، ومع كل ما تقوم به بعض الدول الاوربية وغيرها من اجراءات، تهدف لتسهيل مهمة المهاجرين وتقليل معاناتهم، إلا أن تلك الجهود تضيع في حجمها الصغير مقارنة بالمعاناة اللامحدودة التي يعيشها هؤلاء الذين طردتهم بلدانهم، وطردهم الفقر والجوع، وحفزتهم الاحلام كي يطرقوا ابواب الدول الاكثر رفاهية عبر هجرة قاسية ورحلة مجهولة ومحفوفة بالموت والمخاطر، ومع ذلك غالبا ما تذهب احلام المهاجرين ادراج الرياح، فمنهم من يبتلعه قرار البحر العميق وتأكلهم كواسر البحر كأسماك القرش وما شابه، ومنهم من تدفنه الرمال المتحركة، ومنهم من يزهق روحه الظمأ، ومنهم من تبتلعه رمال الصحاري، وحتى من ينجو منهم يكون مصابا بعاهة، وفي الأخير يعودون الى بلدانهم الأم بخفيّ حنين!.

السنغاليون يعودون إلى الوطن الأم

فقد عاد مهاجرون سنغاليون إلى وطنهم مؤخرا بعد أن احتجزتهم السلطات الليبية لأشهر عندما حاولوا الوصول إلى أوروبا بطريق غير شرعي. وقال مهاجرون إن نحو 145 مهاجرا غير شرعي عادوا إلى داكار ما إن أفرجت عنهم السلطات في طرابلس على متن رحلة خاصة نظمتها المنظمة الدولية للهجرة.

والسنغال هي أقدم ديمقراطية تعددية في غرب أفريقيا لكن الكثير من مواطنيها يهربون من الفقر ويبحثون عن عمل في أوروبا. وذكرت المنظمة أن السنغال ثاني أكبر مصدر للمهاجرين غير الشرعيين في المنطقة بعد جامبيا. ووصل نحو 1200 سنغالي إلى إيطاليا بحرا في الفترة بين يناير كانون الثاني ‭ ‬مارس آذار. وقتل نحو ألفي مهاجر من جنسيات متعددة هذا العام في البحر المتوسط. وسار السنغاليون العائدون على متن الرحلة الخاصة بتثاقل على أرض المطار وهم يحملون مقتنياتهم في أكياس بلاستيكية ويرتعدون من البرد في الصباح الباكر.

وقال عثمان بالدي (22 عاما) إنه انطلق قاصدا إيطاليا قبل سبعة أشهر وانتقل إلى مالي ثم النيجر حيث عمل في عدة مهن ثم إلى ليبيا عبر وسطاء. وقال لرويترز "كل يوم كنت أسمع إطلاق نار في طرابلس. خفت في الأيام القليلة الأولى. لم أخرج من المنزل لنحو أسبوع ثم قررت المخاطرة." وأشار بالدي إلى أنه دفع للمهربين نحو 700 ألف فرنك أفريقي (1163 دولار) لحجز مكان على متن قارب متجه إلى إيطاليا لكن السفينة غرقت ومعها ستة من الركاب بينهم ثلاثة من مواطنيه. وأنقذ المسؤولون الليبيون بالدي من الغرق واحتجزوه مع مئات من السنغاليين الآخرين الذين قرروا العودة مع تدهور الوضع في ليبيا. وتلقى بالدي معونة من الحكومة السنغالية بلغت مئة ألف فرنك لكنه لم يستبعد قيامه بمحاولة جديدة للوصول إلى أوروبا.

وقال سليمان جولز ديوب وزير المهاجرين السنغاليين إن نحو ألفي مهاجر غير شرعي أعيدوا إلى بلادهم هذا العام. وتحدث ديوب مع العائدين وحثهم على تحذير أصدقائهم من مخاطر الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.

توقيف المهاجرين في طرابلس

من جهة اخرى اعلن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في العاصمة الليبية طرابلس توقيف نحو 400 مهاجر غير شرعي كانوا يستعدون للابحار نحو السواحل الاوروبية، وبدأ تطبيق خطة امنية تهدف الى ملاحقة المهربين.

وقال محمد عبد السلام القويري مدير مكتب الاعلام في الجهاز التابع لوزارة الداخلية في الحكومة غير المعترف بها دوليا لوكالة فرانس برس "اوقف مكتب التحريات في الجهاز اليوم نحو 400 مهاجر". واوضح "جرى توقيف هؤلاء المهاجرين فجرا بينما كانوا يستعدون للصعود على متن مراكب والابحار نحو السواحل الاوروبية في منطقة تاجوراء" شرق طرابلس، موضحا ان معظم المهاجرين "اتوا من الصومال واثيوبيا وبينهم نساء بعضهن حوامل". من جهته، قال مسؤول امني رفيع المستوى في جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية لفرانس برس ان عملية التوقيف اليوم "تاتي مع انطلاق خطة امنية اطلق عليها اسم +عملية الحسم+ تستهدف ملاحقة المهربين". واضاف ان الخطة "تستند الى معلومات وتحريات قمنا بها على مدى الفترة الماضية، وتقوم ايضا على تنسيق بين مختلف الاجهزة الامنية من اجل ملاحقة المهربين في جميع المناطق الليبية".

وشاهد مصور فرانس برس عشرات المهاجرين وهم يصلون تباعا في سيارات نقل مكشوفة الى مركز ايواء في وسط طرابلس، وقد جرى جمعهم في ساحة كبيرة وتقديم الطعام والماء اليهم فور وصولهم الى المركز. وتشهد ليبيا نزاعا مسلحا منذ الصيف الماضي حين انقسمت سلطة البلاد بين حكومتين، واحدة يعترف بها المجتمع الدولي في الشرق، واخرى مناوئة لها تدير العاصمة منذ آب/اغسطس 2014 بمساندة تحالف جماعات مسلحة تحت مسمى "فجر ليبيا". وتوفر الفوضى الامنية الناتجة عن النزاع العسكري المستمر بين قوات هاتين السلطتين ارضا خصبة للهجرة غير الشرعية عبر سواحل ليبيا التي تفتقد الرقابة الفعالة في ظل الامكانات المحدودة لقوات خفر السواحل وانشغال السلطات بالحرب الدائرة في مناطق متفرقة بحسب فرانس بريس.

أوروبا تطالب بوقف الهجرة السرية

في السياق ذاته قال رئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر إن أوروبا وأفريقيا "تطالبان" أطراف النزاع في ليبيا بالتوصل إلى اتفاق وحل سياسي لإعادة بناءالدولة وتحقيق الاستقرار وبالتالي وقف نزيف الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا والتي تعتبر ليبيا أحد أبرز ممراتها. ويبحث الاتحاد الأوروبي في قمة طارئة اليوم احتمال القيام بعمليات عسكرية ضد مهربي المهاجرين في ليبيا.

من جهتها قالت زوما إنه "من المهم للغاية أن تتوصل القوى الليبية غير المتطرفة إلى تفاهم لأنه عندما يكون هناك فراغ فإن آخرين يملؤونه". وأضافت "سنتعاون معهم" لكن "ليس في إمكان أي منا" أن يفرض عليهم حلا من الخارج. وفي ما خص الهجرة قالت زوما إنه يجب العمل على ثلاثة محاور هي الهجرة الشرعية ومكافحة المهربين وتوفير "فرص" للشبان الأفارقة كي لا يضطروا لخوض مغامرات "يائسة". ويبحث القادة الأوروبيون في قمة طارئة الخميس احتمال القيام بعملية عسكرية ضد المهربين في ليبيا، المسؤولين عن مقتل آلاف المهاجرين في المتوسط هذا العام، بحسب مسودة بيان بحسب فرانس بريس.

ليبيا بلد عبور تاريخي للمهاجرين

وقد كانت ليبيا على مدار السنين بلد عبور تاريخي للمهاجرين غير الشرعيين من القارة السمراء وبعض دول آسيا الفقيرة نحو الضفة الأخرى من المتوسط، لكن بعد سقوط نظام معمر القذافي أخذت هذه الهجرة وتيرة آخرى يتاجر من خلالها بأحلام الآلاف من الأشخاص الذين يفرون من الحرب والديكتاتورية في بلدانهم نحو أوروبا عبر قوارب تقليدية يترك الكثير حياتهم قبل أن تكمل طريقها حتى. تعد ليبيا تاريخيا بلد عبور للمهاجرين الأفارقة بسبب موقعها الجغرافي وقربها من أوروبا، لكن عمليات الهجرة تصاعدت بشكل كبير بعد سقوط نظام معمر القذافي، فأصبحت الهجرة غير الشرعية تجارة مربحة جدا حتى بالنسبة لبعض الميليشيات التي صارت تتاجر بحياة الآلاف من الأشخاص. ولا تبعد السواحل الليبية أكثر من 300 كلم عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، التي تشهد كل عام وصول آلاف المهاجرين غير الشرعيين. ومع ساحل طوله ألف و770 كلم، أصبحت ليبيا نقطة انطلاق المهاجرين غير الشرعيين الذي يحاولون عبور البحر المتوسط في رحلة محفوفة بالمخاطر للوصول إلى أوروبا. ومنذ عهد الراحل معمر القذافي لم يكن الليبيون قادرين على السيطرة على حدودهم البرية التي يعبرها مئات الأشخاص القادمين خصوصا من جنوب الصحراء والحالمين بالهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.

وتتشارك ليبيا بحدود برية بطول حوالى خمسة آلاف كيلومتر مع مصر والسودان والنيجر وتشاد والجزائر وتونس. وأكبر تدفق للمهاجرين مصدره شمال النيجر حيث ينقل المهاجرين عبر شبكات من المهربين الذين يأتون بهم إلى منطقتي الكفرة وسبها اللتين تعدان أهم مناطق تجمع المهاجرين في جنوب ليبيا.

ويعمل المهربون ضمن شبكة "تقوم بتسليم المهاجرين من مهرب إلى آخر حتى يجدوا أنفسهم على متن قارب". وأوضح العمراني أنه "في بعض الأحيان فإن عمليات نقل المهاجرين التي تجري في الصحراء لا تحصل ويتم التخلي عن المهاجرين" لمصيرهم حيث يتعرض بعضهم إلى الموت عطشا، مشيرا إلى أن "المآسي لا تحدث فقط في عرض البحر". من جهته، يقول المحلل كريم بيطار مدير مركز ابحاث "آيريس" في باريس لوكالة فرانس برس أنه "في ظل غياب مؤسسات الدولة القوية فإن ليبيا اليوم رهينة بيد الميليشيات والانتهازيين". وأضاف أن "المهاجرين يقعون رهينة في حرب الميليشيات ويدفعون ثمنا باهظا في ظل غياب الأمن، أنهم مجرد سلعة في ظل وجود روابط ضعيفة" بحسب فرانس بريس.

قتلى مهاجرون قرب سواحل اليمن

في سياق آخر ذكرت وزارة الداخلية اليمنية على موقعها الإلكتروني أن قرابة 70 مهاجرا سريا أثيوبيا لقوا حتفهم بعد أن غرق مركبهم قبالة ساحل المخاء قرب مضيق باب المندب. ولم تذكر وزارة الداخلية تاريخ الحادث لكنها عزته إلى الظروف المناخية. وقضى سبعون مهاجرا أثيوبيا في غرق مركبهم قبالة سواحل اليمن عند مدخل البحر الاحمر، على ما أعلنت وزارة الداخلية اليمنية على موقعها الإلكتروني. وأوضحت الوزارة مساء الأحد أن المركب الذي كان ينقل هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين القادمين من القرن الأفريقي غرق قبالة ساحل المخاء قرب مضيق باب المندب. ولم توضح الوزارة تاريخ وقوع حادث الغرق الذي نتج بحسب ما أوضحت عن أحوال جوية سيئة. وأورد الموقع أن غرق المركب "أدى إلى وفاة جميع من كانوا على متنه وعددهم سبعين شخصا وجميعهم يحملون الجنسية الأثيوبية".

وغالبا ما تقع حوادث غرق يقضي فيها مهاجرون أفارقة يسعون للوصول إلى اليمن عبر البحر الأحمر وخليج عدن. وفي 31 أيار/مايو لقي ستون مهاجرا صوماليا وإثيوبيا وبحاران يمنيان حتفهم في غرق مركبهم قبالة السواحل اليمنية. ويهرب اللاجئون الأفارقة وغالبيتهم من الأثيوبيين والصوماليين من الفقر والاضطرابات وغالبا ما يتسللون إلى جنوب اليمن على متن قوارب قبل أن يواصلوا رحلتهم إلى الحدود مع السعودية بحسب فرانس بريس.

حوادث عنف لمهاجرين افارقة

من جهة اخرى جرت مواجهات خلال قيام الشرطة الاسرائيلية بإجلاء المئات من الهاجرين الافارقة المعتصمين منذ الجمعة قرب الحدود المصرية احتجاجا على ظروف احتجازهم كما ذكرات القناة الثانية للتلفزيون الاسرائيلي. فقد رفض بعض المتظاهرين ترك المكان ما دفع الشرطة الى وضعهم قسرا في حافلات لنقلهم الى معسكر احتجاز هولوت او سجن صحارونيم في جنوب اسرائيل حسب القناة التي عرضت مشاهد لهذه المواجهات. وتجمع هؤلاء المهاجرون منذ الجمعة على مسافة 300 متر من الحدود المصرية في العراق للتنديد بظروف حياتهم في معسكر هولوت. ونددوا باحتجازهم "اللاانساني وغير محدد المدة" في هولوت حيث يتكدس 2300 مهاجر غير شرعي. ويستطيع هؤلاء الخروج من المعسكر خلال النهار لكن يجب ان يثبتوا وجودهم ثلاث مرات في اليوم وقضاء الليل فيه ما يقيد حريتهم في الحركة.

وتجاهل المتظاهرون هذه القواعد رافضين العودة الى المعسكر. ويطالب المتظاهرون، وغالبيتهم من اريتريا والسودان، بمغادرة اسرائيل وبان تتكفل مفوضية الامم المتحدة العليا للاجئين والمجتمع الدولي بامرهم حتى يتمكنوا من الهجرة الى بلد اخر. وتفرض السلطات الاسرائيلية على المهاجرين غير الشرعيين الموجودين في اسرائيل منذ اكثر من خمس سنوات العيش في معسكر هولوت. ويؤكد المهاجرون ان ما تقول السلطات انه "منشأة مفتوحة" عليهم ان يقضوا فيها الليل فقط "ليست في الواقع سوى سجن". وبموجب قانون تم التصويت عليه في 10 كانون الاول/ديسمبر 2013 يمكن وضع المهاجرين غير الشرعيين في مركز احتجاز لمدة سنة دون محاكمة بحسب فرانس بريس.

الجزائر ترحل مهاجرين من الأطفال والنساء

في سياق منفصل شرعت الجزائر بترحيل الآلاف من مهاجري النيجر غير الشرعيين، ومعظمهم من النساء والأطفال. وأوضحت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري سعيدة بن حبيلس أن هؤلاء "عانوا كثيرا واستغلتهم شبكات التهريب الإجرامية". وكان رئيس وزراء النيجر أعلن الشهر الماضي أن الجزائر سترحل "ثلاثة آلاف نيجري بدون عمل يعيشون من التسول". وبدأت السلطات الجزائرية ترحيل آلاف المهاجرين من النيجر، معظمهم من النساء والأطفال في وضع غير قانوني إلى بلادهم، في عملية يفترض أن تدوم أشهرا، حسب ما أفاد الاثنين مصدر من الهلال الأحمر الجزائري.

وأوضحت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري سعيدة بن حبيلس لوكالة الأنباء الفرنسية أن مجموعة أولى من 318 شخصا وصلوا السبت إلى مركز استقبال في تمنراست، أقصى جنوب الجزائر قبل ترحيلهم إلى أغادز (شمال النيجر). وأوضحت المسؤولة أن معظمهم من النساء والأطفال "الذين عانوا كثيرا واستغلتهم شبكات التهريب الإجرامية التي سلبتهم من كل ما لديهم وأصبحوا معرضين إلى البرد" بحسب فرانس بريس.

وكان رئيس وزراء النيجر بريجي رافيني أعلن الشهر الماضي أمام برلمان بلاده أن الجزائر سترحل "ثلاثة آلاف نيجيري بدون عمل يعيشون للأسف من التسول". وقد تحولت الجزائر وهي قوة اقتصادية في شمال أفريقيا، إلى قبلة مفضلة للمهاجرين القادمين من جنوب الصحراء بدلا من ليبيا التي تسودها الفوضى، وتسبب هذا التدفق في تنامي التصرفات العنصرية بما فيها عبر المقالات الصحافية، كما قالت بن حبيلس. وقالت إن الجزائر تملك "الوسائل اللوجستية" لتنفيذ هذه العملية "لكنها ليست حلا دائما".

غرق اطفال رضع شمال السواحل المغربية

من ناحية اخرى لقي تسعة مهاجرين سريين، من بينهم ثلاثة رضع، حتفهم غرقا، عرض سواحل المغرب الشمالية، في حين تم إنقاذ 21 آخرين، حسبما أفاد بيان لولاية مدينة طنجة المطلة على أوروبا. وقال البيان، إن القارب المطاطي غرق قبالة الساحل الواقع بين طنجة والفنيدق (شمال).

وأوضح البيان الذي نشرته وكالة الأنباء الرسمية، أن "30 مرشحا للهجرة السرية كانوا على متن القارب، حسب التصريحات المستقاة، مضيفا أنه فور الإخبار بالحادث، تم إرسال أربع وحدات للبحرية الملكية وطائرتين مروحيتين تابعتين للدرك الملكي إلى عين المكان". وأضاف المصدر أن "العملية مكنت من إنقاذ 21 شخصا وانتشال تسع جثت، ثلاث منها لرضع"، مشيرا إلى أن عملية البحث مازالت جارية. ويحاول مهاجرون آخرون بطريقة غير قانونية الوصول الى اسبانيا عبر مضيق جبل طارق الذي يفصل بين اوروبا وافريقيا، بمسافة 15 كيلومترا، باستعمال قوارب مطاطية ومعدات تقليدية للسباحة.

وتعد مدينة طنجة، ومعها مدينة تطوان من أقرب المدن المغربية الى اوروبا، حيث يمكن رؤية جبل طارق والسواحل الأوروبية بالعين المجردة. وأكدت وزارة الداخلية الاسبانية في تقرير خاص عن الهجرة غير النظامية، صدر بداية 2014، انخفاض الهجرة السرية عن طريق البحر بنسبة 15% مقارنة بسنة 2012. وبحسب الأرقام الرسمية المغربية، فقد انخفض عدد مستعملي "قوارب الموت" بنسبة 95% خلال السنوات العشر الأخيرة. وفي مقابل ذلك تم خلال السنوات الثماني الأخيرة إرجاع 14 ألف مهاجر من دول جنوب الصحراء في إطار ما يسمى بالعودة الطوعية، 4000 آلاف منهم بالتعاون والشراكة مع المنظمة الدولية للهجرة.

صحراء افريقيا ليست ارحم بالمهاجرين من البحر

من جهتها قالت المنظمة الدولية للهجرة إن عدد المهاجرين الذين يلقون حتفهم من الجوع والعطش في الصحراء الافريقية يماثل على أقل تقدير عدد من غرق منهم في البحر المتوسط خلال موجة هائلة لتهريب البشر من ليبيا الى اوروبا هذا العام. وقال مكتب المنظمة في النيجر إن عدد من يسافرون عبر صحراء النيجر الشاسعة للوصول الى شمال افريقيا واوروبا يمكن أن يتجاوز المثلين هذا العام ليصل الى 100 الف. وكثيرا ما يتعرض المهاجرون لإساءة المعاملة من جانب مهربي البشر الذين يتركونهم ليموتوا في الصحراء اذا نفدت أموالهم.

وعبر اكثر من 170 الف مهاجر البحر المتوسط الى ايطاليا العام الماضي وغرق اكثر من ثلاثة آلاف. ومع تزايد أعداد من يحاولون العبور هذا العام تتوقع المنظمة زيادة كبيرة في أعداد من يلقون حتفهم في هذه الرحلة الخطيرة. وأثارت القضية قلقا شديدا في اوروبا الشهر الماضي بعد أن غرق اكثر من 800 شخص حين انقلب قارب صيد في أسوأ كارثة من نوعها. واستفادت عصابات التهريب من الانفلات الأمني في ليبيا لتنقل عشرات الآلاف إلى اوروبا في زوارق متهالكة. ويصل المهاجرون في البداية الى ليبيا من مختلف أنحاء افريقيا جنوب الصحراء والشرق الأوسط.

ومدينة اجاديز في النيجر واحدة من نقاط العبور الرئيسية للمهاجرين في الصحراء الذين يغادرون دول غرب افريقيا الفقيرة متجهين الى شمال افريقيا ثم اوروبا. وقال جوسيب لوبريت رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في النيجر "ليبيا باب مفتوح... في عام 2015 نقدر أن 100 الف مهاجر سيعبرون عن طريق النيجر اي تقريبا مثلي العدد العام الماضي." وقال لوبريت إن النيجر لا تستطيع ان تفعل الكثير لوقف تدفق المهاجرين لأن كثيرين يتوافدون من دول أعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (ايكواس) مثل نيجيريا ومالي وجامبيا والسنغال وهو ما يسمح بحرية الحركة بين الدول الأعضاء وعددها 15.

ووفقا لأحدث الأرقام التي صدرت عن المنظمة فإن ما يقدر بنحو 38 الف مهاجر عبروا الى ايطاليا بين يناير كانون الثاني ومنتصف مايو ايار وتأتي الأعداد الأكبر من اريتريا والصومال ونيجيريا يليها جامبيا وسوريا والسنغال ومالي. ويشهد فصل الصيف الذي بدأ مؤخرا ذروة عبور المهاجرين للبحر. وتقدر المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة العالمية المنظمة أن حجم "تجارة" تهريب المهاجرين في ليبيا ربما يتجاوز 300 مليون دولار في العام بحسب رويترز.

وقالت اداما دياو (30 عاما) وهي سنغالية هاجرت الى الجزائر عام 2008 مع زوجها على أمل الوصول الى اوروبا لكنها ستعود الى بلادها بدونه "في الصحراء هناك الكثير من المشاكل." وأضافت في مركز للمهاجرين تابع للمنظمة الدولية للهجرة في نيامي عاصمة النيجر "يحبسون الناس في أقفاص... ثلاثة أو أربعة أشخاص لأيام الى أن تصبح لا تدري إن كانوا قد ماتوا. اذا ماتوا يحرقون الجثث." وقال لوبريت إن المهربين في بعض الأحيان يحبسون المهاجرين ويجبرون عائلاتهم على سداد مبالغ مالية للإفراج عنهم.

اضف تعليق