q
في ذكرى عيدِ الله الأَكبر عيد الغدير الأَغر، وهوَ؛ ما الذي ينبغي فعلهُ لنكونَ غديريِّين وكيفَ نُبلِّغ رسالة الغدير لنقتربَ أَكثر فأَكثر من صاحبِ الغديرِ أَميرِ المُؤمنين (ع) بدلاً من أَن تقفَ عند الماضي دع عقاربَ السَّاعة تتحرَّك لتنقُلك إِلى الحاضر والمُستقبل، فمسؤُوليَّتك توظيف التَّاريخ...

 بكلمةٍ مُختصرةٍ فإِنَّ الغدير (١٨ ذو الحجَّة ١٠ للهجرةِ) هو تبليغٌ أَوَّلاً وأَخيراً، ففيهِ نزلت الآية الكريمة {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}.

 وإِذا أَلحقنا بها آية التَّبليغ (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا} وآية الإِعذار {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) فسيكتملُ الجواب على السُّؤَال الذي يتردَّد في أَذهاننا دائماً وخاصَّةً في ذكرى عيدِ الله الأَكبر عيد الغدير الأَغر، وهوَ؛ ما الذي ينبغي فعلهُ لنكونَ غديريِّين؟! وكيفَ نُبلِّغ رسالة الغدير لنقتربَ أَكثر فأَكثر من صاحبِ الغديرِ أَميرِ المُؤمنين (ع)؟!.

 ١/ بدلاً من أَن تقفَ عند الماضي دع عقاربَ السَّاعة تتحرَّك لتنقُلك إِلى الحاضر والمُستقبل، فمسؤُوليَّتك توظيف التَّاريخ لبناءِ مُستقبلٍ أَفضل في لحظتِكَ التاريخيَّة.

 ٢/ بدلاً من أَن تنشغلَ بالقيلِ والقالِ {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} فتكونَ بوقاً أَو ذيلاً أَو إِمَّعة إِجتهد لتبليغِ رسالةِ أَميرِ المُؤمنينَ (ع) في شتَّى المجالات، الأَخلاقيَّة والإِجتماعيَّة والسياسيَّة والإِداريَّة والحقوقيَّة وغيرها.

 ٣/ بدلاً من أَن تكونَ ظهراً تركبهُ الجيُوش الإِليكترونيَّة لنشرِ الباطل أَو ضرعاً يحلبهُ الذُّباب الإِليكتروني لينالَ منكَ مرادهُ، إِقرأ في نهج البلاغةِ ساعةً في اليومِ مثلاً فستكتشفَ نفسكَ وستعرفَ كم أَنت تافهٌ بإِزاءِ نهج أَميرِ المُؤمنينَ (ع) لتبدأَ من جديدٍ رِحلةَ الإِصلاح الذَّاتي على مقاساتِ الغديرِ وليسَ على مقاساتِ الهوى أَو الأَصنام والعجُول التي تعبُدها من دونِ الله تعالى.

 وصدقَ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) الذي قال {كَفَاكَ مِنْ عَقْلِكَ مَا أَوْضَحَ لَكَ سَبِيلَ غَيِّكَ مِنْ رُشْدِكَ}.

 ٤/ بدلاً من أَن تنشغلَ باستنساخِ ونشرِ التُرَّهات والخُزعبلات والأَكاذيب، إِنشغل بنشرِ علُومِ ومعارفِ أَميرِ المُؤمنينَ (ع) فلقد وردَ عن الإِمام علي بن مُوسى الرِّضا (ع) {رحمَ الله عبداً أَحيا أَمرنا} فقيل لهُ؛ وكيفَ يُحيي أَمركُم؟ قالَ {يتعلَّم علومَنا ويُعلِّمها النَّاس، فإِنَّ النَّاسَ لَو علِمُوا محاسِنَ كلامِنا لاتَّبعُونا}.

 فمَن المسؤُول عن إِماطة اللِّثام عن المليُون عنوان من العلُوم التي علَّمها رسولُ الله (ص) أَميرَ المُؤمنين (ع) والتي وردت في قولهِ {علَّمَني حَبيبي رسُولُ الله (ص) أَلفَ بابٍ مِن العِلمِ يُفتحُ لي في كُلِّ بابٍ أَلفَ بابٍ}؟!.

 إِجتهد في نشرِ علُومِ الإِمام ولو بشقِّ كلمةٍ فلا تستحقر دوركَ وتستصغِرَ جُهدكَ بهذا الصَّدد ولا ترمِ مسؤُوليَّة التَّبليغ على غيرِكَ، فالتَّبليغُ أَعظم أَعمال الخَير خاصَّةً في زمنِ الجهلِ والتَّضليلِ وإِنتشارِ ثقافةِ الأَحلامِ والمناماتِ، وفي زمنِ ضَياع الرُّؤية والهدفيَّة والهويَّة والإِنتماء.

 واحذر أَن تُستبدَل بغيرِكَ، فمقعدُ المسؤُوليَّة لا يبقى شاغِراً مِن دونِكَ، بتقاعُسكَ وتكاسُلكَ.

 وصدقَ أَميرُ المُؤمنِينَ (ع) الذي يقولُ {افْعَلُوا الْخَيْرَ وَلاَ تَحْقِرُوا مِنْهُ شَيْئاً، فَإِنَّ صَغِيرَهُ كَبِيرٌ وَقَلِيلَهُ كَثِيرٌ، وَلا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: إِنَّ أَحَداً أَوْلَى بِفِعْلِ الْخَيْرِ مِنِّي فَيَكُونَ وَاللهِ كَذلِكَ، إِنَّ لِلْخَيْرِ وَالشَّرِّ أَهْلاً، فَمَهْمَا تَرَكْتُمُوهُ مِنْهُمَا كَفَاكُمُوهُ أَهْلُهُ}.

 ٥/ وأَخيراً؛ لا عليكَ بما يقولهُ مَن يدَّعي انتماءهُ لعليٍّ (ع) وإِنَّما عليك بفعلهِ، سلوكهُ مع نفسهِ ومع الآخرين.

 قَالَ أَبُو الصَّبَّاحِ الْکِنَانِیُّ- لِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ (ع)؛ مَا نَلْقَى مِنَ النَّاسِ فِیك؟! فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع)؛ وَمَا الَّذِی تَلْقَى مِنَ النَّاسِ فِیَّ؟! فَقَالَ لَا یَزَالُ یَکُونُ بَیْنَنَا وَ بَیْنَ الرَّجُلِ الْکَلَامُ فَیَقُولُ جَعْفَرِیٌ‏ خَبِیثٌ! فَقَالَ؛ یُعَیِّرُکُمُ النَّاسُ بِي؟! فَقَالَ لَهُ أَبُو الصَّبَّاحِ؛ نَعَمْ، قَالَ فَقَالَ (ع)؛ مَا أَقَلَّ وَاللَّهِ مَنْ یَتَّبِعُ جَعْفَراً مِنْکُمْ، إِنَّمَا أَصْحَابِی مَنِ اشْتَدَّ وَرَعُهُ وَعَمِلَ لِخَالِقِهِ وَ رَجَا ثَوَابَهُ فَهَؤُلَاءِ أَصْحَابِی.

 وصدقَ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) بقولهِ {مَنْ أَصْلَحَ سَرِيرَتَهُ أَصْلَحَ اللهُ عَلاَنِيَتَهُ، وَمَنْ عَمِلَ لِدِينِهِ كَفَاهُ اللهُ أَمْرَ دُنْيَاهُ، وَمَنْ أَحْسَنَ فِيَما بَيْنَهُ وبَيْنَ اللهِ كَفَاهُ اللهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ}.

 إِقفُ أَثرَ هذا النُّموذج واحذر المُتاجرينَ بمذهبِكَ الذينَ قالَ عنهم أَبو عبد الله (ع) {الشِّيعةُ ثلاث؛ مُحبٌّ واد فهوَ منَّا، ومُتزيِّنٌ بِنا ونحنُ زَينٌ لِمن تزيَّنَ بنا، ومُستأكِلٌ بِنا النَّاس، ومَن استأكلَ بِنا افتقَرَ}.

[email protected]

اضف تعليق


التعليقات

هشام داود سلمان
العراق
اللهم ارزقنا حقيقة الانتماء لعلي بن ابي طالب2020-08-07