q
إن انخفاض المعدل العالمي لعدد ساعات العمل جاء أسوأ بكثير مما كانت تشير إليه التقديرات سابقا في النصف الأول من العام، وإن التقديرات تشير إلى أن الربع الثاني من العام شهد تقلص عدد ساعات العمل بنسبة 14 بالمئة، وهو ما يعادل 400 مليون وظيفة بدوام كامل...

منذ ظهور فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19»، بمدينة ووهان الصينية في شهر ديسمبر الماضي، وانتشاره السريع حول العالم الذي يعيش اليوم ازمة اقتصادية خانقة بسبب حالة الإغلاق التام، ازدادت اعداد العاطلين عن العمل بشكل كبير في مختلف دول العالم، بعد أن فقد مئات الملايين وظائفهم وأصبحوا يمثلون مشكلة كبرى أمام أنظمة بلادهم الاقتصادية. وقالت منظمة العمل الدولية وكما نقلت بعض المصادر، إن التوقعات لسوق العمل في النصف الثاني من 2020 ”شديدة الضبابية“ وإن حجم التعافي المتوقع لن يكون كافيا لإعادة التوظيف لمستويات ما قبل الجائحة خلال العام الجاري.

وقالت المنظمة التابعة للأمم المتحدة في أحدث تقاريرها إن انخفاض المعدل العالمي لعدد ساعات العمل جاء ”أسوأ بكثير مما كانت تشير إليه التقديرات سابقا“ في النصف الأول من العام. وقالت المنظمة إن التقديرات تشير إلى أن الربع الثاني من العام شهد تقلص عدد ساعات العمل بنسبة 14 بالمئة، وهو ما يعادل 400 مليون وظيفة بدوام كامل. وبالنسبة للربع الرابع، تشير تقديراتها إلى فقدان 4.9 بالمئة من عدد ساعات العمل، بما يعادل 140 مليون وظيفة. وقالت إن هذا الرقم يمكن أن يزيد إلى 11.9 بالمئة، أو 340 مليون وظيفة، وفق تصور متشائم في ظل ما يعرف بموجة ثانية من الجائحة.

وقال المدير العام للمنظمة جاي رايدر في مؤتمر صحفي بجنيف ”التقديرات شهدت زيادة كبيرة للضرر الذي لحق بأسواق العمل لدينا بسبب الجائحة...لذا ليس هناك سبيل لتعاف سهل أو سريع.“ وقال رايدر إن الجائحة كان لها ”تأثير غير متناسب ومدمر“ على النساء العاملات اللاتي غالبا ما يعملن في قطاعات تضررت بشدة مثل الغذاء والإعاشة وتجارة التجزئة والعقارات.

كما قالت منظمة العمل الدولية إن أكثر من 1 من بين كل 6 شباب عالمياً توقفوا عن العمل منذ تفشي فيروس كورونا، وذكرت المنظمة في طبعتها الرابعة من تقرير كوفيد 19 وعالم العمل، أن فئة الشباب تأثرت بشكل غير متناسب بفيروس كورونا، وأن الزيادة الكبيرة والسريعة في بطالة فئة الشباب منذ فبراير/ شباط أثرت بشكل أكبر على الشابات.

وقال المدير العام لمنظمة العمل الدولية، غاي رايدر، إنه "إذا لم نتخذ إجراءات كبيرة وفورية لتحسين وضعهم، فقد يبقى إرث الفيروس معنا لعقود. بالإضافة إلى رفع نسب البطالة، تسببت جائحة كورونا أيضاً بتعطيل فرص التعليم والتدريب للشباب، حيث وضعت عقبات رئيسية في طريق من يسعى منهم لدخول سوق العمل أو التنقل بين الوظائف.

الدول الأكثر تضررا

وفي هذا الشأن قالت منظمة العمل الدولية إن الأمريكيتين ستتحملان الضرر الأكبر في خسارة 305 ملايين وظيفة وفقا للتقديرات جراء تفشي جائحة كورونا في أنحاء العالم بين أبريل نيسان ويونيو حزيران. وأضافت المنظمة التي تتخذ من جنيف مقرا أن التفشي يهدد أيضا بخلق ”جيل إغلاق“ من الشباب الذين سيضطرون لملاحقة سوق العمل لمدة لا تقل عن عشرة أعوام. وأبقى التقرير على تقديره لخسارة الوظائف في الربع الثاني، المستند إلى حساب عدد ساعات العمل مقارنة مع مستوى أساس ما قبل الجائحة، دون تغيير مقارنة بما كان عليه قبل شهر.

وقال جاي ريدر المدير العام لمنظمة العمل الدولية في إفادة صحفية إن الأمريكتين قفزتا من أقل المناطق تأثرا بالجائحة فيما يتعلق بسوق العمل في الربع الأول من العام لتصبحا الأكثر تضررا حيث من المتوقع انخفاض عدد ساعات العمل 13.1 بالمئة في الربع الثاني. ويرجع ذلك إلى تحولهما للبؤرة الجديدة لتفشي الفيروس. وقال ريدر إنه ”قلق بشدة“ بشأن الشباب الذين تأثروا على نحو غير متناسب بالأزمة مضيفا أن هذا قد يؤدي لظهور ”جيل إغلاق“.

وتابع ”الشباب سيتركون وبأعداد كبيرة“. وأضاف ”الخطر هو أن هذه الصدمة الأولية للشباب ستدوم لعقد أو أكثر“. وقالت المنظمة إن أكثر من واحد ضمن كل ستة أشخاص عاملين أعمارهم تزيد على 24 عاما خسروا وظائفهم منذ بداية الجائحة. ورفعت المنظمة تقديراتها لخسارة الوظائف في الربع الأول من العام بمقدار سبعة ملايين وظيفة إلى 135 مليونا.

على صعيد متصل قالت وكالة تابعة للأمم المتحدة في تقرير إن جائحة فيروس كورونا ستضخم أعداد الفقراء والعاطلين في أمريكا اللاتينية والكاريبي وستخفض الناتج الاقتصادي للمنطقة بنسبة 9.1 في المئة. وقدًرت اللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية والكاريبي أن عددا إضافيا يبلغ 18 مليون شخص سيجدون أنفسهم خارج العمل مقارنة بمستويات 2019 بينما تواصل إجراءات العزل العام الإضرار بالاقتصادات الهشة بالفعل. بحسب رويترز.

وتتوقع اللجنة أن عدد العاطلين سيصل إلى 44.1 مليون بحلول نهاية العام، وهو رقم أعلى من ذلك الذي سُجل أثناء الأزمة المالية العالمية 2008-2009 . وقالت اللجنة في تقريرها ”أمريكا اللاتينية والكاريبي اليوم في قلب الجائحة.“ وأضافت أن عدد الفقراء في المنطقة سيتضخم إلى 230.9 مليون في 2020، من 185.5 مليون في 2019 وسيشكل 37.3 بالمئة من سكان أمريكا اللاتينية والكاريبي. وقالت اللجنة إن الأرجنتين والبرازيل والإكوادور وبيرو ستشهد الزيادات الأكبر.

الاستغناء عن العمال

من جانب اخر أظهر مسح نٌشرت نتائجه أن ثلث الشركات الصغيرة في مختلف أنحاء العالم اضطرت للاستغناء عن عاملين في مايو أيار الماضي من أجل مواصلة العمل خلال جائحة فيروس كورونا فيما يؤكد مدى الضرر الكبير الذي ألحقه انتشار الفيروس بالاقتصاد العالمي. وأجرت المسح شركة فيسبوك بمشاركة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والبنك الدولي. وقالت 26 في المئة من الشركات الصغيرة والمتوسطة المشاركة في المسح إنها أوقفت نشاطها في الفترة بين يناير كانون الثاني ومايو أيار الماضيين. واستطلع المسح آراء أكثر من 30 ألفا من قيادات الأعمال الصغيرة من أكثر من 50 دولة.

من بين الشركات التي كانت لا تزال تعمل عند إجراء المسح، قال ثلثاها تقريبا إنها شهدت انخفاض مبيعاتها في فترة الثلاثين يوما السابقة بالمقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي. وقال ثلث الشركات الصغيرة التي شاركت في المسح وكانت لا تزال تعمل خلال إجراء المسح إنها قلصت عدد العاملين لمواجهة ما وصفه التقرير بأنه ”تحدي العمر“. وقال التقرير ”جائحة كوفيد-19 ليست حالة طوارئ صحية عامة بل هي أيضا أزمة اقتصادية تلحق ضررا شديدا بشكل غير عادي بالشركات الصغيرة والمتوسطة“.

وشمل المسح الشركات الصغيرة والمتوسطة التي لها صفحة على فيسبوك. وهذا هو المسح الأول في سلسلة لجمع البيانات كل ستة أشهر بهدف تحري أثر الجائحة على الشركات الأصغر حجما. وكانت الجائحة أرغمت الحكومات في أنحاء العالم على فرض عزل عام هذا العام الأمر الذي أعاق النشاط الاقتصادي ودفع ببعض الدول إلى الركود. وقال صندوق النقد الدولي في يونيو حزيران إنه يتوقع أن ينكمش الناتج العالمي 4.9 في المئة خلال 2020. بحسب رويترز.

وقال تقرير المسح إن القطاعات التي يتركز نشاطها على المستهلكين كانت أشد تضررا من غيرها. وقال حوالي 54 في المئة من شركات السياحة و47 في المئة من الشركات الصغرى العاملة في قطاع الضيافة وتنظيم المناسبات إنها كانت مغلقة خلال الفترة التي أجري فيها المسح. وكانت نسبة الشركات التي تديرها نساء واضطرت لوقف نشاطها أكثر من الشركات التي يديرها الرجال.

على صعيد متصل قالت سلسلة فنادق هيلتون وورلد وايد هولدينجز إنها ستخفض قوتها العاملة الأساسية بحوالي 22 في المئة، أو 2100 وظيفة، بسبب أزمة فيروس كورونا التي ألحقت ضررا شديدا بقطاع السفر العالمي. وقررت الشركة أيضا تمديد إجازات غير مدفوعة الأجر وخفض ساعات العمل وتخفيضات الرواتب للعاملين الأساسيين لما يصل إلى ثلاثة أشهر إضافية. وقال الرئيس التنفيذي كريستوفر ناسيتا في بيان ”لم يحدث قط في تاريخ هيلتون على مدار 101 عام أن واجهت صناعتنا أزمة عالمية تسببت في تعطل شبه تام للسفر.“

كما قالت مجموعة نوكيا أويج الفنلندية إنها تخطط لإلغاء 1233 وظيفة في وحدتها الفرنسية ألكاتيل-لوسنت إنترناشونال، أو ما يعادل ثلث وظائفها في فرنسا، وقالت نوكيا، التي تتنافس مع إريكسون وهواوي على الجيل الجديد من الشبكات، في بيان إن تخفيض عدد الموظفين ضروري بسبب ضغوط تكاليف معتبرة. وقالت نوكيا في أبريل نيسان إنها تسعى لخفض التكاليف بمقدار 500 مليون يورو (560.30 مليون دولار) بحلول نهاية هذا العام، مقارنة مع عام 2018 بكامله، مع استهداف 350 مليون يورو من نفقات التشغيل و150 مليون من تكاليف المبيعات.

الخوف من المستقبل

تغيرت حياتهم جراء الوباء وسواء كانوا موظفين أو يعملون بدوام جزئي، ميسورين أو فقراء، في السياحة والمطاعم أو في قطاع الطيران، يعيش من فقدوا وظائفهم حالة من اليأس ويشعرون أحياناً بالخجل وحتى بالانحطاط. جراء الأزمة الناجمة عن وباء كوفيد-19، يتوقع صندوق النقد الدولي ركوداً بنسبة 4,9% هذا العام، ووفق كبيرة الاقتصاديين لدى الصندوق غيتا غوبيناث، ستكون "الأسر ذات الدخل المنخفض والعاملون غير المهرة هم الأكثر تضرراً". لقد تحول الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم إلى عاطلين عن العمل أو سيصيرون كذلك في عام 2020.

"أعيش في حالة عدم استقرار"، بهذه الكلمات يصف كزافييه شيرغي حالته. كان هذا الفرنسي البالغ من العمر 44 عاماً يعمل في مطعم في منطقة باريس ويجني ما بين 1800 و2600 يورو شهرياً ويصل دخله أحياناً إلى 4 آلاف. ويقول "مع وصول كوفيد، انهار كل شيء. في 13 آذار/مارس قالوا لي: كزافييه، ليس لدينا عمل لك. انتهى الأمر". ويضيف "لم أدفع إيجار شقتي منذ آذار/مارس (...) أواصل دفع 250 يورو شهرياً لتسديد قرض سيارتي ولكني لم أدفع فاتورة الكهرباء منذ ثلاثة أشهر. كل ما نجنيه نصرفه على الطعام ولقد ألغينا مشروع الذهاب في إجازة. (...) لقد فقدنا كل شيء".

ويعيش كزافييه مع زوجته التي لا تعمل وطفليه بفضل 875 يورو من المساعدة الحكومية التي تمثل الحد الأدنى من الدخل لمن فقدوا مصدر رزقهم. ويقول "زوجتي في حالة اكتئاب، إنها تبكي كل يوم". أما هو فيقول إنه يحاول أن يصبر متوقعاً أن تتحسن الأمور في أيلول/سبتمبر، وأن يتقاضى أول راتب في بداية تشرين الأول/أكتوبر. ويقول "علينا أن نتجاوز كوفيد".

وكان روجيه أوردونيز، وهو كولومبي يبلغ من العمر 26 عامًا، يستعد لأن يصير طيارًا. كان مساعد طيار لدى شركة أفيانكا منذ عام 2017، وهو أول عمل ذو أجر لائق له. ويقول "تنضم إلى أفيانكا وتعتاد على أسلوب حياة معين لأنك تحصل على راتب جيد ويمكنك السفر". فقد زار في السنوات الماضية المكسيك والبرازيل وأوروغواي والأرجنتين وتشيلي والولايات المتحدة، وتمكن من اصطحاب عائلته إلى الخارج للمرة الأولى.

وفي نهاية آذار/مارس، طلبت منه الشركة أخذ إجازة غير مدفوعة الأجر لمدة 15 يومًا تم تمديدها. بعد شهرين، علم أن عقده المؤقت لن يُجدد. وفي الأثناء، اضطرت ثاني أكبر شركة طيران في البلاد إلى إعلان إفلاسها. لقد انهارت حياته وأحبطت طموحاته. لم يعد بإمكانه مساعدة أسرته على دفع "بعض الفواتير". واضطر للتخلي عن دراسته ليصبح طيارًا. لم يعد تدريبه مفيدًا له. ويقول "بحثت عن عمل ولكن الأمر صعب لأن قطاع السياحة هو الأكثر تأثراً بفيروس كورونا المستجد". بدلا من ذلك، يفكر في أن يتدرب على شيء "له علاقة بالإدارة (...) أو التجارة أو المبيعات".

ليس لدى سونيا هيريرا الكثير من الخيارات لملء الثلاجة وإطعام ابنها وابنتها وحفيدها، فهي تعتمد على بنك الطعام. وتقول "أشعر بنوع من الخجل لطلب المساعدة"، فهناك نظرات الآخرين والشعور بالذنب لأن "أشخاصاً آخرين قد يكونون بحاجة لذلك أكثر منا". وتعمل المرأة البالغة من العمر 52 عاماً وهي من هندوراس في خدمة المنازل في السوق السوداء وكانت تكسب 480 يورو شهريًا. وقد استغنى أصحاب عملها عنها في اليوم التالي للحجر الصحي. ونظراً لأنه غير مسجلة، لا يحق لها المطالبة بتعوض بطالة.

وفقدت ابنتها أليخاندرا البالغة من العمر 32 عامًا، عملها كطاهية في روضة أطفال مقابل 1000 يورو شهريًا، مع إغلاق المؤسسات التعليمية أثناء الحجر. ولكنها تتلقى تعويض بطالة بنحو 600 يورو وتتحمل أعباء الأسرة بأكملها. ومع مدخراتهم الضئيلة، "بالكاد" يسددون الفواتير والإيجار. لم يعد بوسعهم الحصول على أشياء بسيطة يومية "ندرك أهميتها عندما نفقدها". وتقول "في السابق، كان بإمكاننا الخروج من وقت لآخر، لتناول الطعام أو المثلجات ...". وتقول هيريرا: "تخيفني نهاية الشهر أكثر من الفيروس. نحن بحاجة لأن نأكل".

وكانت اختصاصية المعلوماتية الأوكرانية ناتاليا موراتشكو البالغة من العمر 39 عامًا تترقب ترقية. فعلى مدى السنوات الأربع الماضية، عملت مهندسة لمراقبة الجودة لدى مجموعة السفر الأميركية فريبورتال. وعندما تفشى الوباء، فُصل خمسة عشر موظفًا في 31 آذار/مارس. وطمأنها رؤساؤها إلى أنها باقية في عملها لكنها تلقت في اليوم التالي إشعاراً بالفصل خلال أسبوعين. وتقول: "ظننت في البداية أنها كذبة أول نيسان/أبريل. لقد كانت صدمة كبيرة". وتنتمي ناتاليا موراتشكو إلى مجتمع المعلوماتيين الذين يكسبون في أوكرانيا عادة عدة آلاف من اليورو شهريًا في حين أن متوسط الراتب يكاد لا يتجاوز 300 يورو.

وحتى ذلك الحين، كان راتبها يوفر لها حياة مريحة. وبين عشية وضحاها، تغير وضعها وهي تعيش من مدخراتها وبعض الأعمال الصغيرة وقد جنت في الشهر الماضي 600 يورو. وهي تعيل ابنيها اليافعين وأمها البالغة من العمر 73 عاما. ونظراً لصعوبة العثور على عمل، قلصت مصاريفها إلى الحد الأدنى. وتقول إن ما لم تستغن عنه هي معالجتها النفسية فهي تعاني من اضطرابات النوم والقلق.

وتعمل الفرنسية ماري سيديل التي تبلغ من العمر 54 عامًا لدى مصنع أندريه للأحذية وتخشى فقدان وظيفتها منذ أن قدمت الشركة طلبًا لإعلان الإفلاس في 21 آذار/مارس، قبل وضعها تحت الحراسة القضائية. وعرض الاستحواذ الوحيد المطروح سيحتفظ فقط بنصف العاملين وعددهم 450 موظفًا. وتقول "لقد قضيت حياتي المهنية بالكامل لدى أندريه، وها أنا أعيش اليوم على الحد الأدنى للأجر وربما أصرف من العمل... لو كان عمري 20 عامًا لما قلقت كثيراً، لكن الأمر معقد اليوم".

وأصيبت ماري بالفزع فعلاً قبل عامين عندما استحوذ موقع سبارتو على أندريه. أغلق المتجر الذي كانت تعمل فيه ونقلت. لكنها لم تحاول تغيير وظيفتها". وتقول "عندما تقضين 30 عامًا في شركة بينما تحصل على راتب بالحد الأدنى للأجر، ستحبين ذلك! لدي عملاء خدمتهم عندما كانوا صغارًا ويأتون اليوم لشراء أحذية لأطفالهم!". وتضيف "توفيت ابنتي البالغة من العمر 29 عامًا بسبب سرطان الدماغ العام الماضي، كان الأمر صعباً ... ولحسن الحظ كانت لدي وظيفتي، العلاقات مع العملاء تساعد".

وتكسب ماري سيديل 1250 يورو وزوجها عاطل عن العمل، ولديهما ابنة أخرى تبلغ من العمر 24 عامًا. ورغم عدم تسديدها أي قرض عليها دفع إيجار شقتها الذي يبلغ 1040 يورو. وتقول "نحتاج إلى راتب شخصين لنعيش. زوجي عاطل عن العمل لكنه أصغر مني ويفترض أن يجد عملاً. أما أنا، إذا فقدت عملي فسأقبل بأي شي حتى لو تطلب الأمر الخدمة في المنازل. سأعثر على شيء ما".

ويعيش المرشد السياحي في مكسيكو سيتي خيسوس يبيز في مأوى للمشردين منذ أن اضطر إلى إخلاء مسكنه في الوسط التاريخي للمدينة. ويقول المكسيكي البالغ من العمر 65 عاماً "لقد ولدت على سرير من حرير في كويواكان"، في المنطقة البوهيمية من العاصمة حيث عاشت فريدا كاهلو وليون تروتسكي، "لكن تقلبات الدهر دفعتني إلى الحضيض". وقبل الأزمة، كان يتقاضى 500 بيزو (نحو 22 دولارًا) للجولة التي تستغرق ساعة. بحسب فرانس برس.

ومع تفشي المرض وإغلاق المتاحف وصالات العرض في مكسيكو سيتي في نهاية آذار/مارس، في بداية ذروة الموسم السياحي، فقد مصدر رزقه مثل العديد من العاملين في السياحة التي تمثل 8,7% من الناتج المحلي الإجمالي. عاش في البداية على مدخراته البسيطة، لكن في غياب السياح ظل بلا عمل ولم تجد نفعاً شهاداته في الهندسة المعمارية والعلاقات الدولية وطلاقته بالإنكليزية والفرنسية. وهو يقول اليوم وقد اهترأت ملابسه، "ليس لدي مكان أذهب إليه. كل ما أطلبه هو الخروج من هذا الوضع والعثور على دار لرعاية المسنين أقضي فيها بقية عمري بكرامة. أنا لست مريضًا. لكنني سئمت الحياة".

اضف تعليق