q
القدس إحدى إشكاليات العالم المعاصر والنزاع الدولي المستديم، إذ تشكل القضية الأكثر عاطفة والأرسخ رمزية والأعمق تجذراً في الوجدان الديني والقومي والإنساني. إنها بقول آخر مشكلة فريدة، لمدينة فريدة، وتاريخ فريد. فقد ارتبطت بديانات مقدسة ثلاث. وكانت عبر تاريخها مسرحاً لحروب واحتلالات وحصار لأكثر من 38 قرناً من الزمان...

تتجاوز القدس إشكاليات الصراع العربي الصهيوني، بل والشرق الأوسط، لتغدو مشكلة دولية كبرى، لا يمكن حل قضية الشرق الأوسط وأساسها الصراع العربي – الإسرائيلي دون حل عادل وسليم لمشكلتها.

وبهذا المعنى فالقدس إحدى إشكاليات العالم المعاصر والنزاع الدولي المستديم، إذ تشكل القضية الأكثر عاطفة والأرسخ رمزية والأعمق تجذراً في الوجدان الديني والقومي والإنساني. إنها بقول آخر مشكلة فريدة، لمدينة فريدة، وتاريخ فريد. فقد ارتبطت بديانات مقدسة ثلاث. وكانت عبر تاريخها مسرحاً لحروب واحتلالات وحصار لأكثر من 38 قرناً من الزمان، حيث عانت 20 مرة من الحصار وتم التناوب على حكمها 25 مرة وتم تدميرها 17 مرة.

تشكل القدس جزءًا من الموروث الروحي للبشرية، ولها مكانة فريدة ومتميزة روحياً للديانات السماوية الثلاث، ولذلك فإن محاولة "تهويد" المدينة وفرض نمط واحد من الديانة عليها أو شكل من الإدارة بالإكراه ومصادرة حقوق السكان، إنما هي محاولة لإلغاء طابعها المتميز وإقصاء التعايش بين أديانها وتكويناتها المختلفة وإحلال الاحتكار بدلاً من التسامح الذي اتسم به تاريخها القديم والحديث.

ولهذا فإن محاولة الكيان الصهيوني الاستيلاء عليها وضمّها قسراً، بل واعتبارها عاصمة أبدية موحدة إنما هو استهتار بحقوق الشعب العربي الفلسطيني التاريخية واستخفاف بالقانون الدولي الذي يحرّم الاحتلال والضم والإلحاق بالقوة، فضلاً عن الاستيطان، ويعتبر ذلك في عداد الجرائم الدولية الخطيرة ضد الإنسانية.

ولعلّ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تأييده لتلك الخطوة ونقل سفارة واشنطن إلى القدس المحتلة ، إنما هو تجاوز سافر وصارخ لقراري مجلس الأمن الدولي الأول رقم 476 الصادر في 30 حزيران (يونيو) 1980 والثاني رقم 478 الصادر في 20 آب (أغسطس) من العام نفسه، وبقية القرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة التي تشجب محاولة “إسرائيل” تغيير معالم مدينة القدس وتركيبها الجغرافي بوصفها “قوة احتلال” لا يجوز لها ذلك مطلقاً، وثانياً بطلان “القانون الأساسي” بشأن ضم القدس الذي اتخذه الكنيسيت لما له من تداعيات على السلم والأمن من جهة، ومن جهة ثانية لمخالفته الصريحة لقواعد القانون الدولي واتفاقيات جنيف الصادرة في العام 1949 ولاسيّما الاتفاقية الرابعة الخاصة بحماية المدنيين ، ويقرر مجلس الأمن اعتبار الاجراءات الإسرائيلية باطلة أصلاً ويجب إلغاؤها. وهو ما ينبغي التمسك به والعمل بموجبه على جميع الصعد، ولاسيّما في المحافل الدولية.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق