q
مقابل كل امريكي يموت في الوباء، هناك 1000 امريكي يخسرون عملهم بسبب القرارات التي يتخذها الرئيس الامريكي وخمسون حاكم ولاية آخرون. هناك 60 ألف مواطن قضوا في الوباء، فهل الامريكيون مستعدون للقبول بـ 60 مليون عاطل عن العمل من أجل التخفيف من عدد الاصابات بكورونا...

مقابل كل امريكي يموت في الوباء، هناك 1000 امريكي يخسرون عملهم بسبب القرارات التي يتخذها الرئيس الامريكي وخمسون حاكم ولاية آخرون. هناك 60 ألف مواطن قضوا في الوباء، فهل الامريكيون مستعدون للقبول بـ 60 مليون عاطل عن العمل من أجل التخفيف من عدد الاصابات بكورونا؟

ما هو ثمن الانتصار في هذه الحرب الضرورية ضد الفايروس؟

متى "سيعلن الامريكيون الانتصار ويخرجون"، هذا ما طالب به أحد أعضاء مجلس الشيوخ الساناتور (Wayne Morse) في حرب فيتنام عام 1968، هو اعتبر هذا ضروريا بدلا من الاستمرار في الحرب، حتى لو أدّى ذلك الى سقوط فيتنام الجنوبية بيد الأعداء؟

الاقتصاديون في بنك J.P.Morgan تنبأ ان الناتج المحلي الاجمالي للولايات المتحدة سيهبط بمقدار 40% هذا الربيع وان نسبة البطالة ستصل الى 20% من قوة العمل هذا الشهر. هذه الأرقام لم تشهدها امريكا منذ الكساد الكبير في الثلاثينات.

كيف نفهم قرار إغلاق البلاد والقصف الشامل للاقتصاد الذي يعتمد عليه الجميع، في ضوء تقييم الامريكيين للأشياء؟

في امة سكانها عشر سكان اليوم، أرسل الرئيس الامريكي ابراهام لنكولن (1809-1865) اكثر من 600 ألف رجل الى الشمال والجنوب ليلقوا حتفهم بدلا من السماح لسبع ولايات جنوبية بالانفصال والرحيل بسلام، وبذلك حافظ الرئيس على وحدة البلاد وحماية الاقتصاد اثناء تلك الحرب الاهلية. بالمقابل، مع ان الخسائر اليومية من الامريكيين بسبب الفايروس الحالي بدأت تقترب، من حدود 60 ألف ضحية لكن الخسائر الاخرى من التدمير الاجتماعي والاقتصادي برزت لتوها وسوف تستمر طويلا.

كم مليون من المرضى وكبار السن اُرسلوا الى الحبس الانفرادي؟ كم عائلة اُجبرت على الكفاح اليومي للحصول على الطعام او الدواء من الصيدلية؟

عندما تأتي القرارات من الرئيس ترامب وحكام الولايات لفتح الاقتصاد وتشجيع الامريكيين للرجوع الى العمل فهل سيستجيب الامريكيون؟ هل سيُعاد فتح دور السينما ومراكز التسوق؟ هل ستمتلأ مرة اخرى الفنادق المغلقة واماكن الضيافة على الطرق الخارجية؟ هل ستعود الفرق المهنية مثل، اتحاد كرة القدم، منظمة اتحاد الرياضة، اتحاد كرة السلة، اتحاد الهوكي للعمل مرة اخرى؟

هل المدارس العامة والخاصة والمستقلة والثانويات والكليات والجامعات ستفتح ابوابها مرة اخرى وبنفس الحجم من الصفوف؟ هل ستبدأ المهرجانات، الاحتفالات، التجمعات، الحفلات بالعمل من جديد؟

هل إنقاذ الامريكيين من الاصابة بالفايروس الذي سيقتل بين 1 الى 3% من المصابين، يعني وضع امريكا كلها على جهاز تنفس اصطناعي؟.

الكآبة –كنتيجة طبيعية لوضع شعب من 328 مليون شخص في حجز اجباري وانعزال اجتماعي– هي تعبير عن الثمن الذي سوف يدفعه الامريكيون لإنقاذ حياة الآلاف من الذين ربما يموتون من الفايروس.

مع ذلك، يثير قرار غلق الاقتصاد أسئلة اخرى حول الحياة والموت.

هل يمكن ان تكون هناك مصداقية لدولة تقبل بكساد اقتصادي يحطّم معيشة الملايين من مواطنيها بينما هي تحذر قوة اخرى عظمى من انها ترغب بخوض حرب نووية يموت فيها الملايين حول منْ يحكم دول البلطيق او من يسيطر على بحر الصين الجنوبي؟

هل يمكن لدولة لاترغب بقبول 60 ألف ضحية في وباء مهددا بكساد اقتصادي، تتورط في حرب نووية مع روسيا حول استونيا؟

كلما استمر الإغلاق أطول كلما كانت الخسائر للبلاد أوسع وأعمق وأطول. الامريكيون يعيشون سلفا في قمة جبل من الديون. ديون طلبة المدارس، ديون الإسكان، ديون المستهلك، ديون الشركات، ديون البلديات والمقاطعات والحكومة. الدين الوطني البالغ 22 ترليون دولار يتسارع الآن صعوداّ نحو الكارثة. وهناك الديون السيادية للعالم الثالث ودول مثل الارجنتين وايطاليا. لو سقط الاقتصاد الامريكي في هذه الأزمة فمن سيدفع تلك الديون؟

ان قرارات الإغلاق التي تُتخذ اليوم، تقذف بعشرات الالاف من شركات الاعمال وملايين المواطنين نحو الافلاس، وهو ما يعني الانزلاق نحو التخلف عن سداد الديون التي يتبعها حتما انهيار البنوك. القرارات التي تُتخذ اليوم في ازمة كورونا هي تعبير عن هوية البلاد كأمة وكشعب. القرارات هي رسالة للعالم عن نوع التضحيات التي يقدمها الغرب والامريكيون وعن الاشياء التي يسعون لحمايتها بكل الاثمان.

انها ستؤسس سلّما تراتبيا من القيم قد لا يرتبط بالضبط بما يصرح به الناس علنا. لكنه يعبّر عن هوية الامة.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق