q

شيّع مئات الآلاف يوم الاثنين شهداء العملية الإرهابية التي وقعت يوم الجمعة في مسجد الإمام علي بن أبي طالب وسط بلدة القديح، وانطلقت الجنائز الـ21 بعد الصلاة عليها في ساحة سوق الخميس التي تم تجهيزها قبل 24 ساعة لاستقبال المشيعين في مشهد يُعد الأول من نوعه في محافظة القطيف والمنطقة الشرقية. بحسب صحيفة الرياض.

وتوافد نحو 500 ألف شخص إلى موقع التشييع الذي رسم مساره من السوق، مروراً بطريق أحد لجانب بلدة البحاري، فطريق العوامية صفوى القديح، وصولاً إلى المقبرة في بلدة القديح.

وشهدت المملكة تعاطفا شعبيا ملحوظا مع ضحايا القديح، بالرغم من ارتفاع منسوب التوتر الطائفي الذي ينعكس جليا على مواقع التواصل الاجتماعي وفي خطابات عدد من رجال الدين المعادين للشيعة. وأكدت السلطات السعودية صلة منفذ الهجوم بتنظيم الدولة الإسلامية المتطرف الذي تبنى الهجوم. بحسب فرانس برس.

وسار المشيعون في شوارع مدينة القطيف ذات الغالبية الشيعية لتشييع الضحايا، وأقيمت صلاة الجنازة في سوق المدينة تحت شمس حارقة، فيما حملت نسمات خفيفة رائحة العود الذي طيبت به السجادات التي جثيت عليها الجثامين.

وحملت الجثامين بعد ذلك على محامل زينت بالأزهار وشيعت إلى مقبرة القديح حيث وقع الهجوم، بالقرب من مدينة القطيف. ورفعت أعلام سوداء في شوارع القطيف، فيما أقامت الشرطة نقاط تفتيش وقام متطوعون مدنيون يلبسون ثيابا صفراء وبرتقالية بتفتيش السيارات.

وأعلنت وزارة الداخلية السعودية السبت أن منفذ الهجوم هو السعودي صالح بن عبد الرحمن الصالح القشعمي، مؤكدة ارتباطه بتنظيم الدولة الإسلامية المتطرف وأن المادة المستخدمة في التفجير هي من نوع "آر دي اكس" الشديدة التفجير.

وأثار هجوم القديح الذي يعد الأكثر دموية في المملكة منذ موجة تفجيرات القاعدة بين 2003 و2006، صدمة في البلاد.

وشهدت المملكة تعاطفا شعبيا ملحوظا مع ضحايا القديح، بالرغم من ارتفاع منسوب التوتر الطائفي الذي ينعكس جليا على مواقع التواصل الاجتماعي وفي خطابات عدد من رجال الدين المعادين للشيعة.

وقال عدد من المشيعين الذين التقتهم "الرياض" وواكبت الجنائز حتى مثواها الأخير، إنه من المهم سن أنظمة تجرم النمط الطائفي والتحريضي الذي يمارسه البعض، وذكر أحد المشيعين أن هناك من يحتضن هذه الأفكار الضالة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مطالباً بتطبيق الأنظمة عليهم بحذافيرها ليكون الردع مشهوداً، وليكونوا عبرة لغيرهم.

ويتركز الحضور الشيعي في شرق المملكة. وشهدت المنطقة الشرقية في خضم ما عرف بـ"الربيع العربي" في 2011، حركة احتجاجية قادها الشيعة وقتل خلالها حوالي 20 شخصا.

وقال شاهد من رويترز إن عشرات الالاف خرجوا للمشاركة في الجنازة الجماعية وبقيت قوات الامن السعودية بعيدا عن الجنازة التي أقيمت في القطيف فيما تجمعت وفود في المدينة من مختلف المناطق في المنطقة الشرقية حيث تعيش الاقلية الشيعية لحضور الجنازة.

وردد الحشد "لبيك يا حسين" وهم يسيرون نحو الجبانة وراء النعوش التي غطتها الزهور.

وفي الجنازة نشر نشطاء صورة الناشط الحقوقي البارز مخلف الشمري الذي ينتمي لقبيلة سنية كبيرة وسجن في الماضي وهم يحملون لافتة كتب عليها أن التحريض الطائفي قنبلة موقوتة.

والهجوم الذي وقع يوم الجمعة الماضي من أكثر الهجمات دموية في السنوات الاخيرة في بلد عربي خليجي حيث اشتدت التوترات العرقية نتيجة لشهرين من الضربات الجوية التي قادتها السعودية ضد المتمردين الحوثيين الشيعة في اليمن.

ورفع سكان القطيف لافتات في طريق الجنازة تندد بالطائفية وتطالب بالمساواة. ودعوا إلى إغلاق قنوات التلفزيون الخاصة التي يديرها متشددون سنة يرى الشيعة أنها تروج للكراهية.

وجرت مراسم التشييع وسط مخاوف من احتمال حدوث أعمال عنف.

وأفادت تقارير بأن الموقع شهد تعزيزات أمنية مكثفة تحسبا لوقوع أي اضطرابات، لكن المراسم اتسمت بالسلمية بينما احتشد المعزون في الشوارع أثناء حمل جثامين الضحايا إلى مثواها الأخير. بحسب فرانس برس.

وقالت وزارة الصحة السعودية إن أكثر من مئة شخص أصيبوا في الهجوم، وتعهدت الرياض بتعقب كل من تورط في تنفيذه.

وكان متحدث باسم وزارة الداخلية السعودية قد أوضح أن انتحاريا فجر حزاما ناسفا داخل المسجد، الأمر الذي أدى إلى سقوط عدد من "الشهداء والمصابين".

وقال المتحدث في بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية إن "السلطات الأمنية لن تدخر وسعا في تعقب المشاركين في هذه الجريمة الإرهابية".

وهذه أول مرة يعلن فيها فرع تنظيم "الدولة الإسلامية" في السعودية مسؤوليته عن هجوم داخل المملكة، وتبنى التنظيم الحادث عبر حساب على تويتر، ونشر صورة لانتحاري يفترض أنه نفذه.

وكان التنظيم قد هدد من قبل بشن هجمات ضد الشيعة في السعودية.

ويعد الهجوم هو الأول على هدف للشيعة السعوديين منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني عندما قتل مسلحون 8 أشخاص على الأقل خلال احتفال بذكرى عاشوراء، شرقي السعودية، حيث تعيش الأقلية الشيعية.

ونزل آلاف المحتجين إلى شوارع القديح مساء الجمعة بعد ساعات من قتل مفجر انتحاري 21 من المصلين في مسجد شيعي بالقرية في أول هجوم في المملكة المحافظة يتبناه تنظيم الدولة الإسلامية. بحسب رويترز.

وقال المتظاهرون الذين ترحموا على أرواح الضحايا إن قوات الأمن تترك قرى الشيعة بلا حماية. وقالوا إن المذهب الوهابي -المذهب الرسمي للمملكة- يشجع المتشددين السنة ويدفع للتعصب والتحامل على الأقلية الشيعية.

فالغضب في القديح يتصاعد. وظهر في تسجيل مصور وضعه نشطاء محليون على الإنترنت شرطي يقف عند أطراف الانتحاري في المسجد الذي فجر نفسه فيه ويقول فيما يبدو "الله يرحمه" وهو ما جعل السكان الذين تخضبت جلابيبهم البيضاء بالدم يصرخون فيه. وقال ناشط في المنطقة في اتصال هاتفي "شوارعنا فيها دوريات عربات مدرعة. هذا يجعل الناس يشعرون بأن قواتهم ضدهم." وأضاف "بعد الهجوم أمس نشروا ثماني (مدرعات). لماذا يرسلون هذه الأشياء الملعونة؟ نحن ناس مسالمون."

وقال "من السنة الأولى يقول المقرر (الدراسي) الحكومي لنا إن الشيعة ليسوا مسلمين حقيقيين. أنا مواطن سعودي لماذا تجبروني على دراسة هذا؟"

ويتبع معظم السعوديين المذهب الوهابي الذي يقول إن الشيعة ضالون. ويخشى بعض المنتمين للأغلبية أن يكون ولاء الشيعة الأكبر لإيران منافسة السعودية في المنطقة. وينفي الشيعة ذلك ويطالبون بأن توليهم الحكومة رعايتها. ويعيش معظم الشيعة في المنطقة الشرقية حيث ينتج أغلب النفط السعودي. بحسب رويترز.

مسيرة القديح اليوم ترفع مطالب تجريم ثقافة التكفير

وفي سياق متصل خرجت يوم السبت مسيرة حاشدة في بلدة القديح شارك فيها الآلاف من مختلف مناطق محافظة القطيف استنكارًا لجريمة التفجير الإرهابي الذي طال مسجد الإمام علي -عليه السلام- بالبلدة يوم الجمعة.

وقد سادت المظاهرة الضخمة شعارات المطالبات الصريحة والمباشرة بمنع وتجريم ومحاربة منابع الإرهاب الفكري التكفيري المتغاضى عنه والذي يعتبر الجذر الأهم في تفريخ العناصر الإرهابية.

وقد تخللت المسيرة، كلمة باسم الأهالي ألقاها نيابة عنهم سماحة السيد طاهر الشميمي، جاء فيها:

إننا لسنا دعاة خطاب تحريضي ولسنا دعاة خطاب فتنوي ولسنا دعاة خطاب طائفي، بل نحن ضحايا الخطاب الفتنوي الطائفي التحريضي، فالشيعة على مدار التاريخ هم ضحايا الفتنة.

وتطرق سماحته للخطاب القرآني والتراث التاريخي والواقع الحاضر للشيعة ومراجعهم الذي هو أبعد ما يكون عن الفتن العدوان على الآخرين.

واستغرب السيد ممن يخشى من أن تجر هذه الأحداث للفتنة وهو يتغاضى عن أهل الفتنة، فالفتنة تأتي من القنوات الفضائية والجرائد وخطب الجمعة والجماعة أمام مرأى ومسمع العالم كله، فهل يحتاج هؤلاء الفتنويون لأجهزة المخابرات لرصدهم وهم يمارسون أعمالهم في هذا البلد؟!

إن خطاب هذه المرحلة يجب أن يتناغم ويتفاعل معه الجميع ليتفادى الوطن مثل هذه الفجائع.

فيا من تقرون بأن الوطن كله مستهدف، أينكم عن أصوات النشاز المغرضة المحرضة الطائفية هذه؟!

أليست هذه المجزرة نتيجة لتحريضهم الطائفي؟!

وهل هو طائفي داخلي أم خارجي؟!

إننا نغالط أنفسنا إذا قلنا بأن التحريض جاء من الخارج.

إن الإرهاب يستهدف كل إنسان له دين أو قيم، فليعلم العالم كله أنه مستهدف.

الأمر الثاني في خطاب المرحلة: أن الحلول الأمنية تكون ناجحة إذا كانت الضربات الموجهة للوطن ولنا هي ضربات أمنية، أما إذا كان الاستهداف استهدافًا طائفيا مذهبيًًّا دينيًّا إنسانيًّا، فكيف يمكن معالجته من طريق الأمن.

لا بد أن نعالج الداء من عنصر الدواء، فلا يمكن أن تكون المشكلة طائفية ومذهبية وإنسانية، ثم نعالجها من طريق الأمن.

لا بد من إزالة منابع هذه الجرائم، ثم يأتي الأمن ليكمل المسيرة إذا كانت هنالك خروقات.

وأما النقطة الثالثة: فإن الشيعة في الوطن هم مكون أساسي وليسوا طارئين على التاريخ ولا الجغرافيا، بل هذه المنطقة لها من السنين (٥٠٠٠) سنة، ولها عمق تاريخي وحضاري وعطاء وإخلاص في جميع الجوانب.

فأين هي التشريعات القانونية التي تحمي هذا المكون في نفسه وعقائده وشعائره وجغرافيته وتاريخه؟!

إننا نطالب المسؤولين خصوصًا مجلس الشورى أن يسنوا قوانين تحفظ لهذه الطائفة حقوقها وتجرّم الاعتداء والتحريض عليها إن كانوا جادين في معالجة المشكلة.

الأمر الرابع: إن المؤسسات التربوية والإعلامية -وللأسف- كانت عاملاً بارزًا وأسهمت مساهمة مباشرة في التحريض، فمن أين تنطلق قنوات الفتنة؟ وأين هو مقر جريدة اليوم؟ ومن يكتب المناهج الدراسية لأبنائنا؟

وهل سمعتم طوال هذه السنين من التحريض أن الشيعي انتقم لنفسه؟

إن هذه المؤسسات يجب أن تأخذ دورها ومسؤوليتها في تنقية المناهج من كل ما يسئ لأي إنسان في هذا الوطن.

الأمر الخامس: نطالب بسن قوانين تجرّم الفتنويين، وبتطبيق قانون وعقوبات الجرائم الإلكترونية عليهم.

الأمر السادس: حذف كل ما يمس عقائد الآخرين من كافة الطوائف والمعتقدات في هذا الوطن.

وفي نهاية خطابه، قدم فضيلته الشكر للمشاركين وأثنى على روحهم الحسينية، وذكر بأنه لا خشية من هذه الطائفة بل الخشية هي عليها، فنحن ضحايا نطلب النصرة.

نحن نستنصر بالقيم وبكل من به أخلاق وهمم وشيم لهذا الوطن، أن يواجه هذه الفئة الباغية.

ودعا الجميع أن يتثقفوا بثقافة المرحلة، وأن يعلو صوتهم بالمطالب الحقة.

 

اضف تعليق