q
ربما ظهر فيروس كورونا الجديد في مدينة ووهان بالصين، لكنه انتقل منذ ذلك الحين إلى أكثر من 30 دولة حول العالم، وعلى الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة لاحتواء الفيروس، فقد ارتفع عدد الحالات خارج آسيا خلال الآونة الأخيرة بشكل كبير في القارة العجوز، حيث تشهد إيطاليا حاليًا أكبر انتشار...

ربما ظهر فيروس كورونا الجديد في مدينة ووهان بالصين، لكنه انتقل منذ ذلك الحين إلى أكثر من 30 دولة حول العالم، وعلى الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة لاحتواء الفيروس، فقد ارتفع عدد الحالات خارج آسيا خلال الآونة الأخيرة بشكل كبير في القارة العجوز، حيث تشهد إيطاليا حاليًا أكبر انتشار في أوروبا، هذه التطورات الأخيرة قد تركت أولئك الذين يستعدون لزيارة البلاد في حيرة من أمرهم، مصحوبة بالعديد من الأسئلة، مثل هل مازالت إيطاليا وجهة آمنة للمسافرين؟

فيمل تساءل الخبراء في منظمة الصحة العالمية لماذا تكون إيطاليا أول بلد أوروبي يغزوه الفيروس القادم من الشرق لتجرب أول وباء حقيقي في العالم المعاصر؟ أليس من الأفضل أن تعلن حالة الطوارئ في جميع المناطق لا في اثنتين منها فقط؟.

واعتبارًا من أواخر شباط (فبراير)، كانت إيطاليا قد تضررت أكثر من أي مكان آخر في الاتحاد الأوروبي بسبب تفشي المرض، وهي البلد الذي يحتل ثالث أكبر عدد من الحالات الإيجابية، وكذلك الوفيات، في العالم، تم تحديد إحدى عشر بلدية في شمال إيطاليا لتكون مركزًا للمجموعتين الإيطاليتين الرئيسيتين وتم وضعهما تحت الحجر الصحي، غالبية الحالات الإيجابية في المناطق الأخرى تؤدي إلى هاتين المجموعتين، كانت إيطاليا واحدة من دولتين في أوروبا أوقفتا جميع الرحلات الجوية المباشرة من الصين وإليها.

بعد أول حالتين تم الإبلاغ عنها في يناير في روما، قدمت إيطاليا ماسحات ضوئية وفحصًا حراريًا للركاب الدوليين الذين يصلون إلى مطاراتها. بحلول 29 فبراير، أجرت إيطاليا أكثر من 18,500 اختبار للفيروس، حتى 29 فبراير، كان هناك 29 حالة وفاة، أي ما يقارب 1118 حالة إيجابية منها 478 أكدها المعهد الوطني للصحة (ISS)، و50 حالة تعافي، في ظل تصاعد الإصابة بهذا الفيروس الفتاك، هل ستصبح إيطاليا بؤرة تفشي كورونا في أوروبا؟.

إصابات إضافية كل في 24 ساعة

سجلت إيطاليا نحو 500 إصابة إضافية بفيروس كورونا المستجد خلال 24 ساعة، على ما أعلنت السلطات الصحية الأحد، ومنذ بدء الوباء، تم تشخيص إصابة نحو 1700 شخص في البلاد. وكان عدد المصابين بالفيروس 1128 السبت، بينما كان يبلغ 888 الجمعة. وبحسب الإحصاءات الإيطالية فقد تعافى 83 شخصا بالكامل منذ بدء وباء كوفيد 19، كما شهدت إيطاليا الأحد وفاة خمسة أشخاص جراء الفيروس، ليرتفع العدد الإجمالي للوفيات إلى 34 في ثلاث مناطق بشمال البلاد هي لومبارديا وإميليا-رومانيا وفينيتو.

ومن بين 779 مريضا كانوا لا يزالون الأحد في المستشفيات، يوجد 140 في العناية المركزة، بحسب ما أوضح المسؤول عن الحماية المدنية أنجيلو بوريلي الأحد، وأجرت إيطاليا حتى الآن عدد فحوص بلغ 21127، أي أكثر بكثير من الفحوص التي أجراها جيرانها الأوروبيون، وهو إجراء اتخذته السلطات الإيطالية بهدف معرفة المزيد عن دخول الفيروس إلى البلاد.

ارتفاع عدد الوفيات

قالت هيئة الحماية المدنية إن عدد الوفيات بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد في إيطاليا زاد خمس حالات في الأربع والعشرين ساعة الماضية ليصل إلى 34 حالة وبلغ العدد الإجمالي لحالات الإصابة 1694 حالة، وقال رئيس الهيئة إن 83 من المصابين تعافوا من المرض. وظهرت العدوى قبل عشرة أيام وتركزت في بؤر بعينها في شمال إيطاليا في حين ظهرت حالات منفردة في مناطق أخرى.

مهمة مستحيلة

وأعلن وزير الرياضة الإيطالي فينتشنزو سبادافورا الإثنين ان تفشي فيروس كورونا المستجد في البلاد سيدفع الى إقامة مباريات عدة في كرة القدم خلف أبواب موصدة خلال الأيام المقبلة، أبرزها قمة الدوري بين يوفنتوس وإنتر.

كما توقف إنتاج الفيلم الجديد من سلسلة "مهمة مستحيلة" من بطولة توم كروز الذي يجري تصويره في البندقية، وفق ما أعلنت استوديوهات "باراماونت"، وتعد بلدة كودوينو جنوب ميلانو التي يسكنها نحو 15 الف نسمة المركز الرئيسي لانتشار الفيروس في إيطاليا، وفرض الحجر الصحي على العديد من الاشخاص في هذه البلدة اضافة الى بلدات اخرى في شمال ايطاليا في محاولة لوقف انتشار الفيروس.

وتم نقل "المريض الرقم واحد" كما سماه الاعلام الايطالي، وهو رجل يبلغ 38 عاما الاربعاء الى مستشفى في كودونيو، ويُعتقد أنه سبب عدد كبير من الاصابات في منطقة لومبارديا، بينهم زوجته الحامل وعدد من الأطباء والممرضين والموظفين.

وبالإضافة إلى المدن التي تخضع للحجر الصحي، فرضت تدابير واسعة على عشرات الملايين من السكان في شمال إيطاليا، مع إغلاق المدارس وإلغاء النشاطات الثقافية والرياضية، وفي أماكن أخرى من البلاد يوصي المسؤولون أيضا باتخاذ تدابير احترازية، وأفادت وسائل اعلام انه طلب من المصلين في كالابريا في جنوب البلاد عدم القيام باشارة السلام خلال القداديس، ومعظم الأشخاص السبعة الذين توفوا حتى الآن في إيطاليا إما من كبار السن واما كانوا يعانون من مشاكل صحية.

أسوأ تفش للمرض بأوروبا

ارتفع عدد حالات الوفاة في إيطاليا، التي تشهد أكبر تفش لفيروس كورونا في أوروبا، إلى سبع حالات يوم الاثنين وتخطى عدد الإصابات الجديدة 220 فيما أغلقت السلطات شمال البلاد الغني لكبح انتشار المرض.

وهوت الأسهم الإيطالية بأكثر من خمسة بالمئة في أكبر تراجع يومي منذ حوالي أربع سنوات بفعل المخاوف من أن يسبب التفشي ركودا، بينما خلت أرفف المتاجر من السلع الضرورية بعدما اشتراها السكان لتخزينها.

وأظهرت أحدث بيانات أن عدد المصابين بالعدوى تخطى 220 منذ يوم الجمعة، الأغلبية العظمى منهم في منطقتي لومبارديا وفينيتو الغنيتين بشمال البلاد، وأغلقت السلطات في منطقتي لومبارديا وفينيتو، وهما معقل الصناعة والمال في البلاد، المدارس والجامعات والمتاحف ودور العرض السينمائي لمدة أسبوع على الأقل كما حظرت التجمعات العامة بما يشمل مهرجان البندقية الشهير.

ووضعت السلطات ما يقرب من عشر بلدات في منطقة لومبارديا، قرب ميلانو العاصمة المالية للبلاد، بإجمالي عدد سكان يبلغ تقريبا 50 ألف نسمة، رهن إجراءات حجر صحي فعلي كما اتخذت السلطات إجراءات مماثلة في بلدة صغيرة بمنطقة فينيتو المجاورة.

وقال أتيليو فونتانا حاكم لومبارديا لمحطة 102.5 الإذاعية ”صراحة، لم يتوقع أحد أن يكون الانتشار بهذه القوة“، وأضاف أن إجراءات الطوارئ التي فرضت منذ مطلع الأسبوع ستكون فعالة ”وخلال أيام سينحسر انتشار الفيروس“.

وأعلنت السلطات المحلية أربع حالات وفاة جديدة يوم الاثنين لثلاثة رجال في الثمانينيات من العمر وآخر عمره 62 عاما. وحالات الوفاة الثلاث السابقة التي سجلت منذ يوم الجمعة كانت لكبار في السن كذلك وجميعهم كانوا يعانون من مشكلات صحية خطيرة أخرى.

ولا تزال منطقة لومبارديا الأكثر تضررا حيث سجلت 172 حالة إصابة مؤكدة، بينما تم رصد 33 حالة في منطقة فينيتو المجاورة، بينها أربع حالات في البندقية التي كانت مكتظة بالسياح حتى اختتام مهرجانها قبل يومين من الموعد، وعلى مستوى البلاد، قال مسؤولون إن 27 شخصا يعالجون بوحدات الرعاية المكثفة في حين يرقد 101 في المستشفيات ويجري مراقبة 94 في منازلهم.

تضرر السياحة

حذر خبراء الاقتصاد من أن يؤدي تعطيل الأعمال بسبب الفيروس إلى تبعات جسيمة على الأنشطة التجارية المحلية، وتراجع مؤشر الأسهم القيادية في بورصة ميلانو 5.4 بالمئة، كما أن إيطاليا هي البلد الخامس على مستوى العالم من حيث عدد الزيارات بحسب المجلس العالمي للسفر والسياحة، ويسهم قطاع السياحة الذي تضرر بالفعل بنحو 13 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

في حين تتطلع دول أخرى لمنع انتشار فيروس كورونا، أبلغت موريشيوس يوم الاثنين ركاب طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية الإيطالية أليتاليا قادمين من لومبارديا وفينيتو إن عليهم الاختيار بين الوضع قيد الحجر الصحي أو العودة لديارهم.

وقالت أليتاليا إن 40 من بين 224 من الركاب وأفراد الطاقم تأثروا بالحظر وقرروا مغادرة الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي على الفور، وحذرت أيرلندا مواطنيها من السفر لمناطق في إيطاليا تضررت من انتشار فيروس كورونا المستجد فيها. وأعلنت تونس يوم الاثنين أنها قد تعلق بعض رحلات الطيران لإيطاليا لتقليل تعرضها للمرض.

وقال باتريشيو برتين رئيس فرع اتحاد شركات السياحة في فينيتو ”واجهنا إلغاء العديد من الحجوزات في الأيام القليلة الماضية في المطاعم والفنادق وغيرها“، وقال ماركو ميتشيللي رئيس اتحاد الفنادق في فينيتو إن الإلغاءات ”تنهال على المنطقة كما هو الحال في بقية إيطاليا“.

شوارع خالية

شاهد مصور وكالة فرانس برس شوارع خالية في كودونيا التي يسكنها نحو 15 ألف شخص، ومنذ الإعلان عن الحالات الأولى يوم الجمعة، قرر رئيس بلديتها فرانشسكو باسيريني غلق جميع الأماكن العمومية، وتحدث عن "حالة قلق كبيرة" لدى السكان، ووضع حوالي 250 شخصاً، بينهم 70 طبيباً ومساعداً طبياً، في العزل إلى حين إجراء فحوصات لهم، بعد احتكاكهم بالمرضى في لومبارديا.

ظهرت أول اصابة في كودونيا لدى لباحث إيطالي يعمل في شركة يونيليفر، وأودع في وحدة العناية المركزة في المستشفى نظرا لتعكر حالته. وتشمل الإصابات زوجته الحامل في شهرها الثامن وصديقه وثلاثة مسنين كانوا يترددون على حانة على ملك والد صديقه، وخضع 120 من بين 160 موظفا في شركة يونيليفر للفحص.

ولم تحدد سلطات لومبارديا بدقة الشخص الذي نقل العدوى لأول مرة، لكن يرجح أنه ايطالي عاد من الصين في كانون الثاني/يناير وتناول العشاء أكثر من مرة مع الباحث، قبل هذا، لم ترصد ايطاليا إلاّ ثلاث حالات اصابة بفيروس كورونا المستجد، انتقلت العدوى إليهم خارج البلاد وتلقوا علاجا في روما. ومن بين سائحان صينيان تحسنت حالتهما خلال الأيام الأخيرة، من ناحية أخرى، رُحّل السبت إيطالي أصيب بالفيروس على متن سفينة دايموند برانساس في اليابان، ورحّل معه حوالي 30 راكبا ايطاليا وضعوا في الحجر الصحيّ.

الدوري الإيطالي بدون جمهور

قالت وكالة الأنباء الإيطالية (أنسا) إن الحكومة الإيطالية سمحت بإقامة مباريات كرة القدم بدون جمهور في المناطق المتأثرة بانتشار فيروس كورونا، ونقلت أنسا عن فينشنزو سبادافورا وزير الرياضة قوله إن الأحداث الرياضية تم حظرها في المناطق المتأثرة حتى يوم الأحد لكن ”في بعض الأحداث لدينا إمكانية اللعب بدون جمهور“.

ولم يقدم الوزير المزيد من التفاصيل لكن وسائل إعلام إيطالية أكدت أنه يشير إلى مباريات دوري الدرجة الأولى، وتوفي سبعة أشخاص واصيب أكثر من 220 شخصا بفيروس كورونا في منطقتي لومبارديا وفينيتو في أسوأ تفش للمرض في أوروبا.

وقال فريق لودوجوريتس البلغاري في موقعه الرسمي في الإنترنت إن الاتحاد الأوروبي (اليويفا) أبلغه بإقامة مباراته ضد إنتر ميلان في إياب دور 32 في الدوري الأوروبي يوم الخميس باستاد سان سيرو بدون جماهير، وأوضح الاتحاد الإيطالي لكرة القدم عبر موقعه الرسمي في الإنترنت أنه تقدم بطلب إلى الحكومة لإقامة المباريات بدون جمهور ”من أجل حماية المنافسات الرياضية“، وتأجلت أربع مباريات في الدوري هذا الأسبوع من بينها مواجهة إنتر ميلان صاحب المركز الثالث ضد سامبدوريا وهناك مشكلة في العثور على مواعيد بديلة لتلك المواجهات، والمباريات التي ستكون بدون جماهير هي أودينيزي ضد فيورنتينا يوم السبت وميلان ضد جنوة ويوفنتوس ضد إنتر وساسولو ضد بريشيا يوم الأحد وسامبدوريا ضد فيرونا يوم الاثنين المقبل، وستقام المباريات الأربع الأخرى بجمهور إذ لم ينتشر الفيروس بشكل أكبر، كما تقرر تأجيل مباراتين في الرجبي في إيطاليا الأسبوع المقبل وتم إلغاء تجمع لمنتخب كرة القدم تحت 19 عاما مع روبرتو مانشيني مدرب المنتخب الوطني.

اضف تعليق