q
هل الدولة الحضارية الحديثة دولة دينية ام علمانية؟، كثيرون يطرحون هذا السؤال، ويبحثون عن اجابة مريحة سهلة له، وهذا السؤال يستدعي سؤالا اخر وهو: هل نحن ملزمون بان نصنف الدولة الحضارية الحديثة اما دولة دينية او دولة علمانية؟ هل هما خياران لا ثالث لهما؟...

اولا الدين بوصفه حاجة فطرية، نتحدث عن الدين بوصفه حاجة فطرية، وجودية، للإنسانية، وليس بوصفه تشريعا. نتفق مع الاخ عبد الجبار الرفاعي في قوله ان الدين حاجة وجودية لكينونة الانسان بوصفه انسانا. الانسان لا يصنع حاجته للدين با يصنع انماط تدينه وتعبيراته وتمثلاته المتنوعة للدين على اختلاف احوال البشر وبيئاتهم وثقافتهم. حتى الاديان الالهية لم تنجُ من تدخلات البشر الامر الذي ينتج من بين امور أخرى الدين الشعبي الذي يختلف بهذه الدرجة او تلك عن الدين الكتابي، حاجات الانسان متعددة، مادية ومعنوية اضافة الى الحاجة الى الدين، وهذه الحاجات رغم استقلالها الواحدة عن الاخرى، الا انها مترابطة ايضا فيما بينها، فكل منها يؤثر في الاخرى ويتأثر بها.

لكن اشباع اي حاجة من هذه الحاجات لا يكون بديلا عن غيره. تأمين مثلث الحاجات هو ما يوفر للانسان حياةً تنخفض فيها وتيرة الالم ويتخلص فيها من وحشة الالم الوجودي، ان تجاوز واحدة من هذه الحاجات لحدودها وزخفها على حقل الحاجتين الاخريين يحدث خللا بنيويا في حضور الانسان في العالم ويعكر طريقة عيشه.

الدواة الحضارية الحديثة لا تتنكر لهذه الحاجة الوجودية: لا تمنع المواطنين من اشباعها كل بطريقته، ولا تفرض عليهم اشباعها، ولا تتدخل بطريقة الاشباع.

لا ضرورة ان ينغلق الذين لا يؤمنون بالدين على ما تقدم، بإمكانهم ان يتعايشوا مع من يعتقد ان الدين حاجة فطرية ووجودية، دون ان يفرضوا على الاخرين الشريعة الدينية. سيكون الموقفان موقفين حضاريين يمكنان الطرفين من التعايش وقبول احدهما الاخر.

ثانيا بين الدينية والعلمانية، هل الدولة الحضارية الحديثة دولة دينية ام علمانية؟، كثيرون يطرحون هذا السؤال، ويبحثون عن اجابة مريحة سهلة له، وهذا السؤال يستدعي سؤالا اخر وهو: هل نحن ملزمون بان نصنف الدولة الحضارية الحديثة اما دولة دينية او دولة علمانية؟ هل هما خياران لا ثالث لهما؟

وعن هذا السؤال الثاني اقول اننا لسنا ملزمين بان نستخدم ايا من المصطلحين لوصف الدولة الحضارية الحديثة. اولا لعدم وجود تعريف واحد متفق عليه لكل واحد من هذين المصطلحين. والا فعلمانية فرنسا، مثلا، هل هي مثل علمانية بريطانيا او الولايات المتحدة، وثلاثتهم دول حضارية حديثة. وثانيا لانه لا شي يمنع من العثور على اوصاف اخرى للدول. الم يقل السيد فضل الله مثلا ذات يوم: اذا لم نكن قادرين على اقامة الدولة الاسلامية فتعالوا نقيم “دولة الانسان”. وهذا وصف ثالث جديد.

والحق، اننا لا نستطيع ان نقول انها دولة دينية، ولا نستطيع ان نقول انها دولة علمانية. ولا يعني هذا الموقف ان الدولة الحضارية الحديثة تاخذ موقفا سلبيا مسبقا من العلمانية او الدين.

والسبب: ان فكرة الدولة الحضارية الحديثة تتجاوز ثنائية العلمانية والدينية الى فضاء ارحب. هذه الثنائيات المتقابلة تقتل الفكر وتدفن الابداع والابتكار.

ما نستطيع ان نقوله بثقة عالية ان هذه الدولة “حضارية”، ولهذا لا نريد ان نقيد هذه الفكرة باحد هذين الوصفين، نفيا او اثباتا، مما يشوش على وصفها بانها حضارية. بمعنى انها تنتسب الى المركب الحضاري ذي العناصر الخمسة: الانسان والطبيعة والزمن والعلم والعمل. وهي فكرة واسعة الارجاء عالية السقوف لا ترضى ان تسجن في اقبية الثنائيات المغلقة.

الدولة الحضارية، بهذا الوصف، دولة “قيم” متعلقة بالمركب الحضاري ذي العناصر الخمسة. وهذه القيم انسانية بالمعنى العام، ولسنا بحاجة الى وصف هذه القيم بالعلمانية او الدينية، يقبلها الديني كما يقبلها العلماني، لان كلاهما ينطلق من منطلق انساني عام مشترك.

لا يمكن وصف القيم بانها علمانية او دينية. القيم ذات طبيعة انسانية عامة. والبشرية من خلال مسيرتها الطويلة تقترب من الاتفاق على قيم جامعة موحدة مشتركة. نعم قد تتعدد مصاديق القيمة الواحدة من مجتمع الى اخر، لكن المفهوم واحد متفق عليه.

واما التشريعات التي تحتاجها الدولة الحضارية فهذا امر يخص كل دولة على حدة، والمجتمعات، كما قال مونتسكيو والصدر تضع او تختار من التشريعات ما يناسبها ويسد حاجتها الى التنظيم العادل الحسن.

ثالثا، القيم القرآنية، 1. نطرح مشروع الدولة الحضارية الحديثة في مجتمع تغلب عليه الثقافة والمظاهر الاسلامية، فما هو موقف هذا المشروع من الثقافة الاسلامية وخاصة الثقافة القرآنية؟

2. يدعو فريق من الناس الى القطيعة مع الدين للانطلاق نحو الحداثة، وهم يستشهدون ببعض النماذج الغربية. وقد جُربت هذه الدعوة فيبلدان اسلامية مختلفة (كأفغانستان وإيران وتركيا) لكنها فشلت وارتدت.

3. وقد يدعو فريق اخر الى التطبيق الحرفي للشريعة الاسلامية وإقامة الدولة الاسلامية وقد ادركت بعض الحركات الاسلامية (النهضة فيتونس مثلا) ان هذه الدعوة تنطوي على صعوبات، وربما على مفارقات.

4. التجربة العملية اثبتت ان كلا الدعوتين غير قابلتين للنجاح، وانه لابد من طريق اخر. وقد كتب السيد محمد باقر الصدر الأحرف الاولىالدالة على “الطريق الاخر” حينما اوضح ان مشروع النهضة يجب ان يأخذ بنظر الاعتبار الحالة النفسية والثقافية والتاريخية للمجتمع مناجل ان يضمن انخراط المجتمع في المشروع.

5. وهنا يطرح السؤال المهم نفسه على دعاة الدولة الحضارية الحديثة وهو: اي الجوانب في الفكر الاسلامي هم بحاجة اليها في بناء الانسان الحضاري، والجماعة الحضارية، والمجتمع الحضاري، وأخيرا الدولة الحضارية الحديثة؟

6. ومعرفة الجواب سهلة بالعودة الى جوهر المشروع الحضاري، والذي يتضمن معالجة الخلل في المركب الحضاري ذي العناصر الخمسة وهي: الانسان، الطبيعة، الزمن، العلم، العمل.

7. وعليه سيكون الجواب: ان المشروع الحضاري بحاجة الى القيم الحضارية القرآنية ذات العلاقة بالعناصر الخمسة للمركب الحضاري والتي من شانها تفعيل هذه العناصر وتشغيلها بطريقة منتجة للحياة الأفضل للانسان. وهنا يمكن الاسترشاد اولا بالآية القرآنية التي تقول:

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ”.

8. وهذا لا يعني تبعيض القران، لان الآيات الاخرى ذات العلاقة بشؤون الانسان الاخرى يمكن الاخذ بها من قبل المؤمنين في تلك المجالات. نما نتحدث هنا عن المشروع الحضاري تحديدا وحصرا.

9. ولهذا يفترض ان تشكل مادة (القيم الحضارية في القران) عنصرا مهما من عناصر الثقافة الحضارية التي نسعى الى إشاعتها.

10. ولكن هل يتطلب الايمان بالقيم الحضارية في القران، والعمل بها، ان يكون الشخص مسلما، او متدينا؟ ام انها مفتوحة لكل الناس وتشكل مساحة مشتركة بينهم، توحد ولا تفرق؟

والجواب: لا. فالأصل في القران انه لكل الناس، كما ان القيم الحضارية التي يطرحها مثل التعاون، واستخلاف الانسان، والحفاظ على الثروة، واستخراج كنوز الارض، واستثمار الثروات الطبيعية، قيم مطروحة لكل الناس يمكن ان يؤمنوا بها ويعملوا بها بغض النظر عن موقفهم الديني. واليوم نحن نشاهد مجتمعات غير اسلامية تؤمن بهذه القيم وتطبقها رغم ذلك.

رابعا، التخلف الديني، ادى الدين دورا مؤثرا في حياة الانسان منذ القدم. ويبدو من الاستكشافات الاثرية ان الدين ظهر في المجتمع البشري قبل ظهور الدولة. ولعل هذا الذي جعل بعض المفكرين يقولون بان الدولة ظاهرة نبوية. وهذا لا يتناقض مع القول انها ظاهرة بشرية ايضا. وكان الدين قرين كل الحضارات القديمة مثل حضارة وادي الرافدين والحضارة المصرية والحضارة الاغريقية وحضارة المايا. وحتى الحضارة الاوروبية الحديثة ارتبطت بالاصلاح الديني في اوروبا.

وكانت الشعوب، فضلا عن الفئات الحاكمة، تستخدم الدين كل بطريقته. فمنهم من جعل الدين منطلق الثورة والتغيير، ومنهم من استخدمه لتسويغ الاستغلال والاستعباد. وقد اشار القران الكريم الى الحالتين معا. ورغم الموقف السلبي للماركسية التقليدية من الدين، فان هذا لم يمنع بريجنيف ان يقول ان الدين يمكن ان يكون اداة للتقدم.

والمجتمع العراقي مجتمع ديني مخضرم، يلعب فيه الدين دورا كبيرا في صياغة تقاليد وعادات المجتمع وتصورات وافكار وعقائد الافراد. ولايمكن وصفه بانه مجتمع جاهلي كما يقول سيد قطب وخلفاؤه، ولكن لا يمكن اعتباره مجسدا للاسلام الكتابي المنزل بكافة تفاصيله. وهذا ماجعل السيد الصدر يقول ان المجتمع العراقي يؤمن بالاسلام، لكنه لم يفهمه ولا يطبقه على الوجه الصحيح، وكما يفعل التخلف الحضاري العام في جوانب الحياة الاخرى، فانه يمكن ان ينتج ظاهرة التخلف الديني، والتخلف الديني خلل حضاري حاد اخر يصيب المجتمع، فيعيق مسيرته نحو التقدم والتكامل، على النقيض من الغرض الاصلي للدين وهوتحقيق سعادة الانسان.

والتخلف الديني هو نتيجة مباشرة للخلل الحاد في العنصر الاول من عناصر المركب الحضاري، واعني به الانسان.

والتخلف الديني يظهر باشكال شتى منها:

1. التخلف في فهم الدين، وهذا ما ركز عليه السيد الصدر في تحليله لشروط النهضة على اساس الاسلام، ولهذا جعل من واجباته وهو يعمل من اجل النهوض الحضاري تقديم فهم سليم، متنور للدين.

2. التخلف في تطبيق الدين (الممارسة الدينية). وهذا ناتج من التخلف في فهم الدين، ما يؤدي الى وقوع اخطاء وانحرافات سواء على مستوى العقيدة والافكار ام على مستوى الافعال والممارسات. وقد حصل مثل هذا في حياة النبي محمد (ص) حين كان بعض المسلمين يفهم ويفسر التوجهات الدينية الجديدة بطريقة سلوكية غير صحيحة ما يضطر النبي (ص) الى التدخل والتصحيح. فما بالك بعد مرور مئات او الاف السنين على ظهور الدين.

3. ونتيجة للعاملين الاول والثاني يظهر ما يسمى بالدين الشعبي. . والدين الشعبي هو التصورات والتقاليد والعادات التي يخلقها المجتمع المحلي ويعتبرها هي الدين او جزءً من الدين. ومن الممكن ان تكون قوة تاثير الدين الشعبي اكبر من قوة تاثير الدين الكتابي، فيتحول الامر الى اجتهادات بشرية لا علاقة لها بالدين الكتابي، وهذا ما اشار اليه القران كثيرا، وبسبب هذا التخلف الديني في مجالاته الثلاثة قصورا او تقصيرا في فهم الانسان لمقاصد الدين، تترتب اضرار كثيرة على المجتمع.

ولك ان تتصور حجم الضرر اذا تذكرت ان الدين الشعبي قد يكون نتاج مجتمع متخلف حضاريا. في هذه الحالة سوف تتم شرعنة التخلف، او اسلمته في حالة مجتمع مسلم.

وما تطلب الامر في حالات التخلف السياسي او الاقتصادي او غيرهما اصلاحا سياسيا او اقتصاديا او غيرهما، فان الخلاص من التخلف الديني يتطلب اصلاحا دينيا برؤية حضارية حديثة حتى يمكن ان يكون للدين دور ايجابي في النهوض الحضاري للمجتمع، وان لايكون عاملا معيقا او معرقلا لهذا الهدف.

خامسا، الاصلاح الديني، حين نشخص ان المجتمع يعاني من التخلف الديني، فاننا نقضي تبعا بذلك بضرورة الاصلاح الديني، وعبارة “الاصلاح الديني” ليست جديدة فقد استعملت كثيرا في العالم المسيحي منذ عدة قرون. لكن هذا لا يعني ان نسخة الاصلاح الديني الاوروبي واحدة وانها وصفة صالحة لكل زمان ومكان ودين. بل ان استقراء المجتمعات والاديان المختلفة يوحي بالقول ان لكل مجتمع ودين نسخته الخاصة للاصلاح الديني.

والانبياء عبارة عن مصلحين دينيين، لكنهم جاءوا بنسخ مختلفة ومتعددة للاصلاح الديني بحسب المجتمعات التي ظهروا فيها ونوعية الانحراف او التخلف الديني فيها.

لا يتعلق الاصلاح الديني بمقولات مثل فصل الدين عن السياسة ولا باجراء تغييرات في المحتوى العقائدي او الفكري للدين. لا يعني الإصلاح الديني في هذا المقال اصلاح الدين نفسه، ولا اصلاح رجال الدين والمتحدثين باسمه. فهذه عناوين إنْ صحت فليس هنا مجال الحديث عنها.

وحين نشرع بعملية الاصلاح الديني فاننا ننطلق من نواحي الانحراف او التخلف الديني التي جرى تشخيصها في مجتمعنا، وقد شخصنا مجالات التخلف الديني في مجتمعنا بالنقاط التالية:

التخلف في فهم الدين

2. التخلف في تطبيق الدين (الممارسة الدينية).

3. الدين الشعبي المختلف عن الدين الكتابي.

وعليه فان الاصلاح الديني عندنا ينبغي ان يركز على الامور التالية:

اولا، الفهم الحضاري للدين:

وهذا يهدف الى توفير فهم سليم للدين. ويكون الفهم الديني سليما حين يبتعد عن التطرف والتعسف والتشدد في فهم الدين وتفسيره. تمثل رؤية دينية كالتي قدمها داعش على سبيل المثال الذروة في التخلف الديني لما تنطوي عليه من محدودية في الفهم ونفي للاخر المختلف في الفهم والتفسير.وفي حالتنا، اي حالة العمل من اجل اقامة الدولة الحضارية الحديثة، فنحن بحاجة الى فهم حضاري للدين، اي فهم للعناصر الدينية التي تساعد على الوصول الى هذا الهدف. لقد حاول الشهيد محمد باقر الصدر تقديم رؤية حضارية للاسلام تكون احدى أدوات مقاومة التخلف والقضاء عليه. وهذا يعني فهم المقولات الدينية كما وردت في سياقها الاجتماعي والتاريخي وعدم فصلها عن هذا السياق وكيفية استيعابها وتفسيرها في سياق تاريخي مختلف. وهذا ما يسمى بمناسبات الحكم والموضوع وهي طريقة تصون العقل من التجمد والتطرف في اثناء فهمه للدين.

النظرة الطريقية

ثانيا، النظرة الطريقية للتطبيق: وتهدف هذه النظرة الى توفير تطبيق سليم للمقولات الدينية. والتطبيق السليم ينظر الى الاحكام من زاوية كونها ادوات تنفيذية لتحقيق غايات وقيم اخلاقية وحضارية اعلى بحيث تكون الحاكمية للغايات والقيم. ان الدين يقدم الصلاة، مثلا، وهي شعيرة عبادية طقسية بوصفها أداة توصلية “تنهى عن الفحشاء والمنكر”، كما يقدم الحج وهو شعيرة دينية اخرى ذات رمزية دلالية مكثفة بوصفه اداة لتحقيق “منافع لهم”، أي للمجتمع. ان التطبيق الطريقي السليم للاحكام الدينية لا يتعامل مع هذه الاحكام بوصفها غايات بحد ذاتها وانما بوصفها وسائل الى تحقيق غايات اعلى وابعد.

ثالثا، اصلاح الدين الشعبي والحد من تأثيراته على الدين الكتابي، وذلك من خلال نشر الوعي الديني المستند الى الفهم الحضاري له. الوعي الديني يستهدف تمكين الشريحة المتدينة من الناس من التمييز بين ما هو من الدين الكتابي وماهو من الدين الشعبي ومنح الأولوية للاول على الثاني، رابعا، تحرير الدين الالهي من التراث البشري، وذلك بالتمييز بين ماهو من الكتاب في الدين، وبين ماهو من اجتهادات البشر وتفسيراتهم على مدى التاريخ، خامسا، انسنة الدين، وذلك على قاعدة ان الدين في خدمة الانسان وليس العكس.. سادسا، الانفتاح الديني على الحضارات الاخرى والافادة منها.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق