q
اهم التحديات التي تواجه المرشح الجديد لرئاسة الحكومة العراقية هي إرضاء الكتل السياسية التي تتمتع بعلاقات قوية مع القوى الخارجية وتريد الحصول على ضمانات لحلفائها الخارجيين، لكن أي ضمانة للخارج تعني تجاوزا على حقوق الشعب العراقي، وتدخلا في الشأن الداخلي، ولا يمكن التفاؤل كثيراً وتوقع حصول طفرة...

اخيراً قام رئيس الجمهورية برهم صالح بتكليف محمد توفيق علاوي برئاسة الوزراء، املا في انهاء ازمة سياسية استمرت لاكثر من شهرين، اذ سيدير علاوي حكومة تمهد لاجراء انتخابات مبكرة.

واتفقت الكتل السياسية العراقية على تكليف مرشح توافقي يرضي اغلبها، مع إرضاء نسبة لا بأس بها من المتظاهرين المرابطين في ساحات التظاهرات لتعود بذلك روح التفاؤل لانهاء التوتر الذي ضرب العراق والمنطقة واظهر بشكل جلي حالة الصراع الدولي على الأرض العراقية، وافضت الى اقتحام السفارة الامريكية واغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني.

المرشح الجديد لرئاسة الحكومة الخامسة منذ إقرار الدستور الدائم عام 2005 وحتى الان تقع عليه مهمة صعبة ومعقدة وتحتاج الى عقلية عملية تفهم الشارع بعيدا عن التنظير السياسي الذي تعودنا قراءته في مقالات علاوي التي ينشرها في وسائل الاعلام العراقية، فرئيس الوزراء لا يتعامل مع دولة مؤسساتية انما عليه إعادة البناء من الخطوات الأولى، فالقوانين لا تطبق على الأحزاب والجماعات المسلحة والقوى التي تتمتع بدعم خارجي، والعدالة الاجتماعية انتقائية حتى ولدت الفوارق بين الناس الذين انفجروا نتيجة الضغط الهائل على قواعد العدالة الاجتماعية.

ما يحتاجه علاوي كخطوة أولى هي تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن، وهذه المهمة تحتاج الى الحصول على موافقة قوى فاعلة وهي كالاتي:

اولاً: الكتل السياسية الكبيرة، وهي تحالفي الفتح بزعامة السيد هادي العامري، وتحالف سائرون بزعامة السيد مقتدى الصدر، ومن حيث المبدأ وافقت الكتلتان على الترشيح وهي التي ستقود عملية التصويت على أعضاء الحكومة الجديدة، بشرط ان تحافظ على مصالح الكتلتين، ويبدو ان السيد مقتى الصدر اكثر تحمساً لترشيح علاوي الذي وصفه بانه مرشح الشعب.

ثانياً: القوى الكردية والسنية، ولا يبدو ان هناك معارضة امام تشكيل الحكومة المقبلة من قبل القوى السنية او الكردية، لكنها ستضع شروطاً يجب على علاوي تنفيذها وخاصة عندما يتعلق الامر بالكرد فهم يريدون حصتهم من الوزارات، وقد يفرضون شخصيات معينة كما حدث في الحكومات السابقة، حتى وان أدى ذلك الى ازمة جديدة مع المتظاهرين لان التظاهرات لا تؤثر بشكل مباشر على إقليم كردستان.

ثالثاً: أمريكا وايران، اغلب القوى السياسية العراقية بكافة طوائفها وقومياتها بحاجة الى إرضاء واشنطن وطهران، والحكومة التي لا تحظى برضى الطرفين لا يمكنها الحصول على ثقة البرلمان، ويبدو ان هناك ضوء اخضر امريكي لترشيح علاوي، واتضح جليا من تصريح المبعوث الأمريكي السابق للعراق بريت ماكغورك الذي قال في تغريدة له ان محمد توفيق علاوي يعد خياراً قوياً.

رابعاً: المرجعية وساحات التظاهرات، فاذا كان التيار الصدري هو بيضة القبان في تشكيل الحكومات السابقة، فان ساحات التظاهر المدعومة من المرجعية ستكون هي الفاعل الجديد في الموافقة او رفض الحكومة الجديدة، ورغم ان ساحات التظاهر لا تملك التاثير المشابه للأطراف الأخرى، لكنه يضيف ديناميكية جدية لا يمكن تجاوزها بسهولة، ويكفي ان ترشيح علاوي جاء استجابة للمطالب الشعبية التي اشترطت ضرورة المجيء بمرشح قريب من الشارع.

اهم التحديات التي تواجه المرشح الجديد لرئاسة الحكومة العراقية هي إرضاء الكتل السياسية التي تتمتع بعلاقات قوية مع القوى الخارجية وتريد الحصول على ضمانات لحلفائها الخارجيين، لكن أي ضمانة للخارج تعني تجاوزا على حقوق الشعب العراقي، وتدخلا في الشأن الداخلي، ولا يمكن التفاؤل كثيراً وتوقع حصول طفرة نوعية مع ولادة الحكومة الجديدة، فكل ما ستفعله هو إعادة الأوضاع الى ما قبل انطلاق تظاهرات تشرين الأول 2019 مع بعض التعديلات على أداء الحكومة بما يرضي حالة الغضب الشعبي، ولا يمكن توقع انتهاء ازمة الخدمات العامة والقضاء على البطالة، وانهاء ازمة الكهرباء وإيقاف التدخل الخارجي.

اضف تعليق