q
ما تقدم به الشباب المتظاهر ليست مطالب، وانما خارطة طريق محكمة إذا ما اريد للعراق النهوض من جديد بعيدا عن أمراض العملية السياسية التي انتهت بنا الى كل هذا الخراب والفساد والتخلف واحتلال ذيل القوائم بكل شيء، ولو كانت هذه الخارطة هشة لانبرى من يصفون أنفسهم بالقادة...

ما تقدم به الشباب المتظاهر ليست مطالب، وانما خارطة طريق محكمة اذا ما اريد للعراق النهوض من جديد بعيدا عن أمراض العملية السياسية التي انتهت بنا الى كل هذا الخراب والفساد والتخلف واحتلال ذيل القوائم بكل شيء، ولو كانت هذه الخارطة هشة لانبرى من يصفون أنفسهم بالقادة الذين اعتدنا ظهورهم على الفضائيات بأربطة عنق براقة وبأكداس من الكلام الذي لا يقول شيئا، لانتقادها واتهام الشباب بالانفعال وعدم الدراية.

لكنهم ومن دون استثناء اعترفوا علانية بأن الانتفاضة كشفت عن اختناق العملية السياسية وانسداد افقها وعجز القائمين عليها عن تشخيص أخطائها ومعالجتها، ولو كانت الفرصة مواتية لركب غالبيتهم موجة التظاهرات، فما عرف عنهم غير استبدال الأقنعة بحسب لون الموجة، لكن المكابرة وغلق أبواب الانتفاضة والخجل ممن يرتبطون بهم حال دون ذلك.

وبرغم مضي أكثر من عقد ونصف على عمر العملية السياسية الذي يعد بمقاييس الدول طويلا، الا ان القوى التي تديرها لم تكتسب أية خبرة، لا في ادارة الشأن السياسي ولا في ادارة الأزمات التي تواجهها، ولذلك لجأت في سنواتها الماضية الى ترحيل الأزمات الى أوقات لاحقة من دون أن تدرك ان تكدس الأزمات سيتمظر بأزمة مدوية يصعب معها ايجاد الحل كما في هذه الأزمة، ولذلك ليس بالغريب أن أن تطول الأزمة، ويلزم الجميع الصمت حيالها، ولجوء (الطرف الثالث) الذي يخشى الجميع تسميته الى استخدام العنف، مع انه ليس من الخيارات في الأزمات المحلية والأخير في الأزمات الدولية، بينما كان خيارها الأول، ما يكشف عجزا لافتا، او ان قناعاتها تذهب الى ان جميع المآلات تنتهي الى خسارتها.

ولو كانت تتمتع بالخبرة لتمكنت من ايجاد حلول توازن فيها بين مصالحها وما يتطلع اليه الشباب، فالارتباك والسلوك السياسي غير السوي وتغليب مصالح الغير على المصالح الوطنية وانعدام المبادرة، واختيار بدائل سياسية وأمنية في أوقات غير مناسبة أفقدها قواعد جماهيرية كانت تحسب لها، وما قدمته من تضحيات جسام في مواجهة التنظيمات الارهابية التي لا يمكن بأي حال التغافل عنها.

ومع ان الأزمة بلغت شهرها الثالث، الا ان المراهنات على الوقت والبرد والامطار والملل فشلت، وصرنا بمواجهة اجراءات تصعيدية من شأنها اصابة مرافق الدولة بالشلل العام، ونجهل تحديدا ما تنطوي عليه الايام القادمة من أشكال تصعيدية جديدة والتي نأمل الا تخرج فيه التظاهرات عن سلميتها، ففي ذلك تعقيد للأزمة وانفلاتها، مثلما أسهم العنف الذي مارسه (الطرف الثالث) عبر اغتيال واختطاف واعتقال وتغييب النشطاء في الاصرار على تواصلها واطالة أمدها، والتزمت بالمواصفات المطلوبة في الشخصيات المقترحة بشكل غير رسمي لرئاسة الوزراء، بالمقابل ادركت القوى المتنفذة ان ما تقترحه من أسماء لن تحظى بثقة الشباب وقبولهم.

ان بقاء الأزمة على حالها ينذر بحريق مرعب، وانتظار الحلول من أطراف أجنبية لن يحل الأزمة لأنها لن تأخذ مصالح العراقيين بحسبانها، فلابد من حلول محلية، والتأكيد ان هذه الحلول لن يكتب لها النجاح ما لم تسلك طريقا وسطا بين ما يريده الشباب وما ترغب به القوى المتنفذة، وسيفشل أي بديل لحل الأزمة في حال استند الى الآليات ذاتها المعتمدة في العملية السياسية، كما ستفشل الحلول اذا لم تحظ ببعض التنازلات من الأطراف المتأزمة، لذلك نقترح الآتي: تشكيل مجلس للانتفاضة مكون من (100) مئة شخصية او ما يقترحه المتظاهرون من عدد، يمثلون مختلف ساحات التظاهر في العاصمة والمحافظات الجنوبية.

بالمقابل تقدم الكتل السياسية خمسة مرشحين مستقلين يمثلون الكتل الخمسة الفائزة بالمراتب الاولى في الانتخابات بواقع ممثل واحد لكل كتلة، ويقوم مجلس الشباب باختيار واحد منهم في بناية مجلس النواب وبطريقة الاقتراع السري لشغل منصب رئاسة الوزراء، ويراعي هذا الحل جميع الأطراف التي عبرت خلال المدة الماضية عن تخوفها من الشخصية التي تتبوأ هذا المنصب، وقد يقع الاختيار على شخصية تضع المسمار الأول في نعش التوافق الذي كان البوابة الكبيرة لشيوع الفساد، وتوفير الأموال الكافية للجهات المسلحة لديمومة عملها، وانهاء الصراع الدامي على المناصب التنفيذية في مؤسسات الدولة الذي وصل الى أصغر دائرة فيها، فهل هذا ممكن، ام سنرى من ذوي الأربطة البراقة من يسخفه؟.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق