q
يتوقع خبراء الاقتصاد إمكانية نشوب أزمة مالية عالمية جديدة عام 2020، على إثر حالة الركود الاقتصادي المتوقعة خلال الفترة القادمة، وأن الفترة الحالية يسودها قلق عالمي، خشية حدوث ركود اقتصادي وشيك، ما قد يتسبب بحدوث أزمة اقتصادية عالمية، فالتوترات التجارية العالمية بدأت تؤثر على الاقتصاد العالمي الذي يواجه...

التوترات التجارية العالمية بدأت تؤثر على الاقتصاد العالمي الذي يواجه بالفعل تحديات صعبة، بما في ذلك ضعف في نشاط الصناعات التحويلية لم يشهده منذ الأزمة المالية العالمية في 2007-2008، وهناك الكثير من التنبؤات التي تخص الاقتصاد العالمي خلال السنوات القادمة والتي يشير الاكثر منها الى اتساع رقعة الركود وتصاعدها فيما يتوقع اخرون ان الركود سوف ينحسر ويزول خلال السنوت القادمة في هذا التقرير نقدم ابرز المعلومات الاقتصادية الصادرة عن صندوق النقد الدولي وبعض الخبراء الاقتصاديين خلال هذه السنة.

حول المنطقة بمجملها، توقّع صندوق النقد أن يبلغ النمو فيها نسبة 0,1 بالمئة فقط، بعدما كان عند عتبة 1,2، ما يعكس ضعفاً في اقتصادات منطقة تعصف بها الازمات، وقال الصندوق في تقريره إنّ خفض توقعات النمو في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا سببه التراجع في اقتصادي إيران والسعودية.

لكنه ذكر أنّ "الاضطرابات (...) في اقتصادات اخرى، بينها ليبيا وسوريا واليمن، تلقي بثقلها على آفاق المنطقة"، وتراجعت أسعار النفط والغاز، المصدرين الرئيسيين للإيرادات في المنطقة، بنسبة 13 بالمئة بين نيسان/ابريل وتشرين الاول/اكتوبر، على أن تواصل أسعار الخام انخفاضها حتى العام 2023، واعتبر الصندوق ان الهجمات ضد المنشآت النفطية في أرامكو شرق السعودية منتصف خلقت توترات وعدم يقين في المنطقة، خصوصا انها جاءت بعد هجمات تعرّضت لها ناقلات نفط وسفن في مياه الخليج.

وبالنسبة للإمارات، صاحبة أكثر الاقتصادات تنوعا في المنطقة، فقد انخفضت توقعات النمو إلى 1,6 بالمئة بعدما كانت تتراوح عند عتبة 2,8 بالمئة، وذلك على خلفية تراجع اسعار النفط وتباطؤ اقتصادي في دبي، كما تراجعت توقعات النمو في الكويت وقطر وسلطنة عمان، لكنّ الصندوق رفع التوقعات بالنسبة للعراق، ثاني أكبر مصدري النفط في المنطقة، بعدما انكمش اقتصاده بنسبة 0,6 بالمئة.

تراجع الآفاق الاقتصادية لآسيا

قال صندوق النقد الدولي يوم الجمعة إن دولاً آسيوية تواجه مخاطر متصاعدة فيما يتعلق بآفاقها الاقتصادية بينما تتضرر أسرع المناطق نمواً في العالم من الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وتباطؤ الطلب الصيني، وخفض الصندوق في تقريره للآفاق الاقتصادية العالمية توقعاته للنمو الاقتصادي لمنطقة آسيا المحيط الهادي هذا العام إلى 5 في المئة وإلى 5.1 بالمئة للعام 2020، وهي أبطأ وتيرة للنمو منذ الأزمة المالية العالمية قبل أكثر من عشر سنوات.

وقال تشانج يونج ري مدير قسم آسيا والمحيط الهادي لدى صندوق النقد الدولي خلال مؤتمر صحفي أثناء اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدولي "عوامل معاكسة ناجمة عن ضبابية السياسة العالمية وتباطؤ نمو أكبر الشركاء التجاريين تلقي بظلالها على التصنيع والاستثمار والتجارة والنمو"، وقال "تميل المخاطر نحو الجانب السلبي" داعيا صنًاع السياسات في المنطقة للتركيز على خطوات للسياسة المالية والنقدية ف الأجل القصير لتحفيز النمو.

وأضاف أن تباطؤا أسرع من المتوقع في نمو اقتصاد الصين قد يكون له أيضا تداعيات سلبية في المنطقة، إذ أن الكثير من الدول الآسيوية لها سلاسل إمداد مرتبطة بشكل وثيق بالصين وخفض صندوق النقد توقعاته للنمو في الصين إلى 6.1 بالمئة هذا العام و5.8 بالمئة للعام 2020، مشيرا إلى التأثير الناجم عن الصراع التجاري.

تأثيرات التباطؤ تظهر في ألمانيا والصين والهند

خفّض صندوق النقد الدولي بشكل حاد توقّعاته للنمو في السعودية وإيران، أكبر اقتصادين في الشرق الاوسط، على خلفية العقوبات الأميركية والتوترات الاقليمية وتراجع أسعار النفط، وتوقّع الصندوق أن ينكمش اقتصاد إيران في 2019 بنسبة 9,5% بعدما كان توقع في نيسان/ابريل انكماشا بنسبة 6%، على أن ينمو الاقتصاد السعودي بنسبة 0,2 بالمئة مقابل توقعات سابقة بنمو ب1,9 بالمئة، وهذا أسوا أداء متوقع للاقتصاد الإيراني منذ 1984، حين كانت ايران في حرب مع العراق، ويوحي تراجع التوقعات بنسبة 3 بالمئة بين نيسان/ابريل وتشرين الأول/اكتوبر إلى تدهور كبير في الاقتصاد الايراني منذ ان بدأت الولايات المتحدة تطبيق عقوبات اضافية على قطاع النفط الإيراني، وكان الاقتصاد الإيراني شهد انكماشا في 2018 بنسبة 4,8 بالمئة

وفي تقريره "آفاق الاقتصاد العالمي"، قال الصندوق إن إيران "اختبرت ولا تزال تختبر ضائقة اقتصادية حادة جدا".

ديون الدول الأفريقية

قال صندوق النقد الدولي إن الدين العام في الدول الأفريقية الواقعة جنوبي الصحراء يستقر لكن اقتصادات المنطقة تواجه رياحا معاكسة متزايدة لأن تباطؤ النمو العالمي سيؤثر على الصادرات، وحذر صندوق النقد في السابق من تزايد عبء ديون القارة، وهو إلى حد كبير نتيجة للاقتراض لسد عجز متسع في الميزانية في الدول المنتجة للمعادن والنفط في أعقاب هبوط أسعار السلع الأساسية.

وفي توقعاته الاقتصادية للمنطقة، قال صندوق النقد إن الدين العام كنسبة إلى الناتج المحلي الاجمالي استقر عند حوالي 55 بالمئة في المتوسط، وقال أبيبي إمرو سيلاسي مدير إدارة أفريقيا بصندوق النقد "ما نراه بشكل عام في المنطقة هو أن مستويات الدين تبدأ بالاستقرار إلى حد كبير أتوقع أن تبقى مستقرة بشرط أن تنفذ الدول الميزانيات التي صاغتها".

لكن صندوق النقد قال إن سبع دول، اريتريا وجامبيا وموزامبيق وجمهورية الكونجو وساو تومي وبرينسيب وجنوب السودان وزيمبابوي في ضائقة ديون وأضاف ان تسع دول أخرى، من بينها إثيوبيا وغانا والكاميرون، تواجه مخاطر مرتفعة لضائقة ديون، وتوقع صندوق النقد أن تنمو اقتصادات المنطقة 3.2 بالمئة مقلصا توقعاته التي أصدرها في أبريل نيسان والبالغة 3.5 بالمئة، ويتوقع أن يتسارع النمو إلى 3.6 بالمئة العام القادم مقارنة مع توقعاته في أبريل نيسان البالغة 3.7 بالمئة.

ووفقا لتقرير الصندوق فإن اقتصاد جنوب أفريقيا، وهو الأكثر تطورا في القارة، من المتوقع أن ينمو 0.7 بالمئة فقط هذا العام و1.1 بالمئة في 2020 ومن المتوقع أن ينمو اقتصاد نيجيريا، أكبر مصًدر للنفط في القارة، 2.3 بالمئة هذا العام و2.5 بالمئة العام القادم، وقال صندوق النقد إن إثيوبيا، ثالث أكبر اقتصاد في المنطقة والتي تنفذ برنامجا طموحا للإصلاح تحت قيادة رئيس الوزراء آبي أحمد، تتجه نحو تسجيل نمو قياسي عند 7.4 بالمئة وسيتباطأ ذلك بشكل طفيف إلى 7.2 بالمئة في 2020 .

ما الذي يقلل الضرر الاحق بالاقتصاد العالمي

يرى صندوق النقد الدولي بوادر انحسار في التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين وهو ما قد يقلل الضرر الذي لحق بالفعل بالاقتصاد العالمي بسبب الرسوم الجمركية الانتقامية التي تبادل البلدان فرضها، وقالت كريستالينا جورجيفا المديرة التنفيذية لصندوق النقد إنها تشعر بتفاؤل لأنباء اتفاق تجاري مبدئي توصلت إليه واشنطن وبكينءئ، لكنها حثت أكبر اقتصادين في العالم على العمل صوب "سلام تجاري" دائم.

ودعت جورجيفا، التي كانت تتحدث إلى الصحفيين على هامش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدولي، أيضا إلى أن يعمل البلدان معا لإصلاح نظام التجارة العالمي لضمان عالم أكثر سلاما ورخاء في المستقبل.

هل الاقتصاد العالمي "بعيد" عن الركود؟ أم العكس

قال مسؤول بصندوق النقد الدولي إن التوترات التجارية تؤثر على النمو في أرجاء العالم لكن صندوق النقد ”بعيد“ عن توقع ركود عالمي، وتحدث المسؤول بينما يستعد صندوق النقد لإصدار توقعات اقتصادية جديدة الشهر القادم، وقال صندوق النقد إن الرسوم الجمركية التي فرضتها أو هددت بها الولايات المتحدة والصين قد تقتطع 0.8 بالمئة من الناتج الاقتصادي العالمي في 2020 وتثير خسائر في الأعوام القادمة.

وقال المسؤول، وهو على دراية بعملية إعداد التوقعات "التوترات التجارية تؤثر على النمو لكننا فعلا لا نرى ركودا في التقديرات الأساسية الحالية أعتقد أننا بعيدون عن ذلك" وأضاف المسؤول، الذي ليس مخولا بالحديث علنا "في حين أن نشاط قطاع التصنيع ضعيف إلا أننا نرى أيضا مرونة في قطاع الخدمات كما أن ثقة المستهلكين متماسكة السؤال هو إلى متى يمكن أن تستمر تلك المرونة، نحن نراقب بعناية كل المؤشرات".

كما حذر صندوق النقد الدولي من سعي الحكومات لإضعاف عملاتها عبر تيسير نقدي أو تدخلات في السوق، قائلا إن هذا سيضر بعمل النظام النقدي العالمي ويتسبب في معاناة لجميع الدول، وقال صندوق النقد في منشور على مدونته، يأتي في وقت يستعد فيه مصرفيون من بنوك مركزية عالمية للاجتماع هذا الأسبوع في جاكسون هول في وايومنج، إن مقترحات استخدام التيسير النقدي والمشتريات المباشرة لعملات دول أخرى من غير المرجح أن تكون ناجعة.

وقالت جيتا جوبيناث كبيرة الخبراء الاقتصاديين بصندوق النقد الدولي والباحثان في الصندوق جوستافو أدلر ولويس كوبيدو في المنشور "لا يجب أن يعتقد المرء بقوة في الرأي القائل بأن تيسير السياسة النقدية يمكن أن يُضعف عملة دولة بما يكفي لتحقيق تحسن مستمر في ميزانها التجاري عبر تحويل في الإنفاق السياسة النقدية وحدها من المستبعد أن تنتج التخفيضات الكبيرة والمستمرة في القيمة اللازمة لتحقيق تلك النتيجة".

وزاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الأيام الأخيرة من نبرة شكاواه من أن قوة الدولار تضر بالصادرات الأمريكية مع ارتفاع مؤشر رئيسي لقوة الدولار مقابل العملات الأخرى وسط تعاف في سوق الأسهم وجدد ترامب حملته عبر تويتر لكي يخفض مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) أسعار الفائدة.

وكتب في تغريدة "ننافس دولا عديدة لديها سعر فائدة أقل بكثير، وينبغي أسعار الفائدة لدينا أقل منهم. أمس، ‬أعلى دولار في تاريخ الولايات المتحدة لا تضخم فلتستيقظ يا مجلس الاحتياطي".

مخاوف حرب التجارة تكبح نشاط الاندماج والاستحواذ عالميا

أفادت بيانات من رفينيتيف أن عمليات الاندماج والاستحواذ تراجعت عالميا بنسبة 16 بالمئة على أساس سنوي إلى 729 مليار دولار في الربع الثالث من العام، وهو أدنى حجم فصلي منذ 2016، إذ كبحت الضبابية الاقتصادية المتزايدة الشهية للمخاطرة لدى الشركات التي تدرس إبرام الصفقات.

وتأثر إبرام الصفقات بالمخاوف من أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تدفع النمو الاقتصادي العالمي نحو أدنى مستوياته في عشر سنوات، وذلك بالرغم من أن تمويل الدين لعمليات الاستحواذ مازال منخفض التكلفة ولاتزال أسواق الأسهم متينة.

وقال مايكل كار الرئيس المشارك العالمي لشؤون الاندماج والاستحواذ لدى مجموعة جولدمان ساكس "تتضاءل أحجام الاندماج والاستحواذ لأن هناك مخاوف من أن المخاطر قد تكون في ارتفاع في عدة نقاط.. في الأسواق وغيرها" وكان التأثر الأبرز في الولايات المتحدة، حيث ارتفع إنفاق المستهلكين بشكل هزيل في فصل الصيف وظل استثمار الشركات مكبوحا بفعل التوترات التجارية. وتراجعت عمليات الاندماج والاستحواذ في الولايات المتحدة بنسبة 40 بالمئة على أساس سنوي إلى 246 مليار دولار في الربع الثالث، وهو أدنى مستوى ربع سنوي منذ 2014.

وجاء الأداء أفضل في آسيا، المتضررة جراء المخاوف حيال مستقبل هونج كونج كمركز مالي عقب موجة من الاحتجاجات المناصرة للديمقراطية، لكن بفارق ليس بالكبير وتراجع نشاط الاندماج والاستحواذ في المنطقة 20 بالمئة على أساس سنوي إلى 160 مليار دولار، وهو أدنى مستوى منذ 2017، وكانت أوروبا هي النقطة المضيئة الوحيدة في الربع الثالث، حيث بلغ نشاط الاندماج والاستحواذ 249 مليار دولار، بزيادة أكثر من 45 بالمئة مقارنة بنفس الفترة في العام السابق.

اضف تعليق