q
الحروب الثلاثة السابقة تخبرنا حقيقةً واحدةً أنه لا يُستبعد إذًا أن يشهد عام 2019، أو أي عام لاحق حرباً جديدة ما دامت مشكلة كشمير لم تصل إلى حل نهائي يرضي الطرفين ولن يرضى الطرفان أبدًا، فما يريده كلاهما هو كامل السيطرة على الإقليم وبما أن كامل السيطرة...

الحروب الثلاثة السابقة تخبرنا حقيقةً واحدةً أنه لا يُستبعد إذًا أن يشهد عام 2019، أو أي عام لاحق حرباً جديدة ما دامت مشكلة كشمير لم تصل إلى حل نهائي يرضي الطرفين ولن يرضى الطرفان أبدًا، فما يريده كلاهما هو كامل السيطرة على الإقليم وبما أن كامل السيطرة لا يمكن أن تتحق إلا بإزاحة المنافس، فلا يمكن استبعاد حرب جديدة مدفوعةَ بالشعور الهندي بالقوة والأفضلية، أو مدفوعةً بالرغبة الباكستانية في الثأر والانتقام، لكن أي الجيشين أقوى حاليًا؟ وإلى جهة يمكن أن يميل ميزان القوة العسكرية بين الطرفين؟

يمكن إجمال الأمر في القول إن الجيش الهندي هو الرابع عالميًا من بين 137 دولة، بينما الجيش الباكستاني يحتل المرتبة 15 عدد جنود الجيش الهندي في الخدمة حاليًا مليون و300 ألف جندي إضافةً إلى مليونين و100 ألف في صفوف الاحتياط متأهبين للخدمة وقت الحاجة، وتحتوي الهند إجمالًا على 450 مليون مواطن ملائم للخدمة العسكرية إذا لزم الأمر، أي ما يُقارب 30% من إجمالي سكانها البالغ مليار ونصف مواطن على الجهة الأخرى نجد الجيش الباكستاني متألفًا من 650 ألف جندي فقط في الخدمة.

واحتياطيه من الجنود يبلغ 550 ألفًا آخرين والصورة الأكبر فيها 76 مليون مواطن ملائم للخدمة متى لزم الأمر من أصل عدد سكانها الكلي البالغ 200 مليون مواطن، لكنّ قصور تلك المقارنة هو أننا لم نعد في زمن الحروب المباشرة لا ميدان للمعركة يصطف جنود الفريقين على طرفيه يتقاتلان ساعةً من نهارٍ وتُحسم النتيجة بعدها حروب المستقبل الرشيقة والصواريخ الموجة والضربات الخاطفة هى من يمكنها أن تحسم الأمر لا أعداد المقاتلين في صف كل جيش يزيد تلك النقطة وضوحًا هو مقدار إنفاق كل دولة على عتادها العسكري من الأسلحة الخاطفة.

باكستان أنفقت عام 2018 ما يُقارب 11 مليار دولار على التسلح، أي 3.6% من ناتجها القومي أما الهند فأنفقت في نفس العام 58 مليار دولار، أي 1.2% من ناتجها القومي تلك الأرقام تظهر سعياً باكستانياً للتطوير إذ خصصت 20% من إنفاقها الحكومي على السلاح في السنوات السابقة كما تظهر اطمئاناً هندياً لقوتها الحالية؛ إذ لم تنفق سوى 12% من إنفاقها الحكومي السنوي، لذا إذا كان الأمر يدور حول العدد فالغلبة للهند، فبجانب قوتها البشرية فهى تمتلك ما يربو عن 3500 دبابة، بينما باكستان 2500 فقط والهند تملك 10 آلاف قطعة مدفعية، بينما باكستان تملك 4500 فقط لكن بوضع الاهتمام في الإنفاق قيد الحسبان نكتشف أن الجيش الهندي يواجه نقصًا خطيرًا في عمليات الصيانة، وقطع الغيار، والخدمات اللوجيستية الأخرى اللازمة لتؤدي تلك الأسلحة وظيفتها على أفضل وجه.

كشمير بؤر التوتر

قال رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان إن بلاده مستعدة للحرب إذا فرضت عليها محذراً من عواقب ما سماها المغامرة الهندية في كشمير، واعتبر خان خلال كلمة في مظفر أباد بالجزء الباكستاني من كشمير، اعتبر إلغاء نيودلهي الوضع الخاص للشطر الهندي من كشمير خطأ استراتيجياً خطرا، لا يهدأ ملف كشمير إلا ليسكب التوتر فيه ملحا، فبعد أن قررت الهند بشكل مفاجئ في الخامس من شهر أغسطس الجاري نزع صفة الحكم الذاتي عن كشمير وجامو، ردت باكستان بطرد السفير الهندي لديها وتعليق التجارة الثنائية، ولاحت وسط حالة التوتر نذر الحرب بين جارين نوويين، نسأل أكثر عن احتمالات المواجهة العسكرية الهندية الباكستانية.

بعد أن قررت نيودلهي إلغاء الحكم الذاتي لولاية جامو وكشمير، والتي كانت طوال سبعة عقود نقطة خلاف بين الدولتين الجارتين، التجربة التاريخية، تدفع المراقبين إلى التشاؤم، فبسبب كشمير بالذات، نشبت في الماضي عدة حروب واسعة النطاق بين الهند وباكستان، احتجّت إسلام آباد على الخطوة نيودلهي الأخيرة، قائلة إن قرار إلغاء وضع جامو وكشمير الخاص خطوة غير قانونية وقد تكون لها عواقب وخيمة على السلام والاستقرار في المنطقة.

قبل خطوة نيودلهي هذه، كان لجامو وكشمير وضعية الولاية الهندية الخاصة، وكان لها، دون غيرها في الواقع، دستورها ووزنها وفي حين كانت حكومة الولاية، التي كانت تتشكل من خلال الانتخابات، تحل العديد من الأسئلة، فسوف تتولى، منذ الآن، حل المسائل عاصمة الهند مباشرة، وعليه، فيرجّح أن لا يقتصر الأمر على الاحتجاجات، بل أن يزداد النشاط الإرهابي ولكن، على خلفية استعداد الهند لاندلاع مواجهة، يُستبعد أن تغير نيودلهي قرارها.

باكستان، ليس لديها عمليا أي خيارات، فهي غير مستعدة لأي مواجهة عسكرية على الأرجح، ستشن إسلام آباد هجوما دبلوماسياً أحد القرارات الممكنة، عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي، لإعلان أن جامو وكشمير أرض متنازع عليها، وأن تغيير الوضع من جانب واحد غير ممكن. وقد تلجأ باكستان إلى قوة ثالثة لحل القضية، على سبيل المثال، إلى الولايات المتحدة.

هل تشعل المياه حربا؟

تصاعدت حدة التوتر الأمني بين الهند وباكستان بشكل دراماتيكي بعد اشتباكات جوية وإسقاط مقاتلات حربية في المنطقة الحدودية، تلت هجوما انتحاريا وقع في كشمير الهندية قبل فترة وأسفر عن مقتل 40 عسكرياً، لكن ما يزيد من خطورة الوضع هو وقف نيودلهي تدفق روافد مياه بنهر السند عن إسلام آباد، الأمر الذي يشكل تهديداً خطيراً لباكستان التي تعاني من الجفاف حيث تشير التوقعات إلى أنها مقبلة على أزمة مياه في 2025.

كانت الهند قد شنت الثلاثاء هجوما "وقائيا" ضد جماعة "جيش محمد" في باكستان، بعد ما حملتها مسؤولية الهجوم الأخير في كشمير الهندية، أثارت الغارة تنديد باكستان التي جاء ردها سريعاً بقصف جوي عبر الحدود هو الأول من نوعه منذ حرب 1971، وتسبب القصف المتبادل في مقتل أربعة مدنيين في باكستان، وإصابة أربعة جنود هنود، وفيما أغلقت باكستان مجالها الجوي بالكامل، أعلنت الهند إغلاق تسعة مطارات شمالي البلاد.

وحذر رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان من "عواقب كارثية" إذا لم تسُد لغة المنطق بين البلدين، الأمر الذي أثار قلقا دولياً من نشوب صراع مدمر بين الدولتين النوويتين، ويرى خبراء أن قطع الهند الماء عن باكستان لا يقل خطورة عن ردها العسكري على الهجوم الانتحاري، بالنظر إلى أن باكستان تعتبر واحدة من أفقر دول العالم في المياه، حسب تقرير لمجلة فورين بوليسي.

وتقدر دراسة حديثة أن هذا البلد سيواجه نقصا في المياه بمقدار 104 ملايين قدم بحلول عام 2025، وتعاني باكستان من الجفاف إذ يبلغ المعدل السنوي لهطول الأمطار فيها 240 ملليمترا فقط، مقارنة بالدول ذات المساحة المماثلة مثل نيجيريا التي تتلقي أكثر من 1500 ملليمتر، وفنزويلا أكثر من 900، حسب تقارير، يشار إلى أن الهند وباكستان ملزمتان باتفاقية لتقاسم المياه وقعت في عام 1960، إلا أنها مهددة بالانهيار، في حال استمر التصعيد بين البلدين.

ويوضح تقرير فورين بوليسي أن المياه التي منحتها الاتفاقية لباكستان من نهري تشيناب وجهلوم، تمر إليها عبر الشطر الهندي من إقليم كشمير، مما يعني أن المفاوضات حول المياه تظل رهينة مخاوف تتعلق بالسيادة على الأراضي، بالنظر الى النزاع القائم حول كشمير، ويلفت التقرير إلى أن هناك العديد من النزاعات العابرة للحدود حول المياه في آسيا لكنها "بطيئة" في تفاقمها.

ويزيد قرار الهند بناء سد على نهر رافي الذي يعبر الأراضي الباكستانية، من التوتر بين البلدين، وتوقع التقرير أن يؤدي بناء السدود وتحويل روافد الأنهار إلى مفاقمة هذه النزاعات مستقبلاً، وحسب التقرير هناك أكثر من 400 سد قيد الإنشاء أو في مرحلة التخطيط سترى النور في السنوات الـ10 المقبلة في كلّ من الهند ونيبال وبوتان وباكستان، إضافة إلى سدود أخرى كثيرة ستقام على طول الحدود الصينية في هضبة التبت.

إلى جانب صراع المياه بين الهند وباكستان، فالبلدان يخوضان نزاعاً على الأراضي في كشمير، بدأ منذ نيلهما الاستقلال عن بريطانيا عام 1947، إقليم كشمير حالياً مقسم بينهما إلى شطرين وتطالب كلّ دولة بالسيادة الكاملة على الإقليم بالنظر إلى موقعه الاستراتيجي، ويعود أصل النزاع حول كشمير إلى خلاف حول الحكم الذاتي المحلّي، مبنيّ على المطالبة بتقرير المصير.

وقد اشتبك البلدان بسبب هذه المنطقة عدة مرات، علماً بأن الغالبية الساحقة من سكانها مسلمون (90 في المئة)، ويزيد وجود الجماعات المتشددة بالمنطقة والاتهامات لإسلام أباد بدعم الانفصاليين الكشميريين، من حدة التوتر بين الدولتين.

تاريخ من التوترات

- آب/أغسطس 1965: خاض البلدان حربا قصيرة.

- كانون ثاني/ديسمبر 1971: الهند دعمت محاولات باكستان الشرقية لتصبح دولة مستقلة وقامت بغارات داخل الأراضي الباكستانية وانتهت الحرب بإنشاء بنغلاديش.

- أيار/مايو 1999: جنود باكستانيون ومليشيات احتلوا مواقع هندية في جبال كارجيل، والهند شنت ضربات جوية وبرية دفعت المتسللين إلى التراجع.

- تشرين أول/اكتوبر 2001: هجوم مدمر على كشمير الهندية يقتل 38 شخصا، وبعد شهرين تسبب هجوم على البرلمان الهندي في مقتل 14شخصا.

- تشرين ثاني/ نوفمبر 2008: أدت هجمات منسقة على محطة السكك الحديدية الرئيسية في مومباي والفنادق الفاخرة ومركز الثقافة اليهودية، إلى مقتل 166 شخصاً.

- وألقت الهند باللوم على جماعة عسكر طيبة التي تتخذ من باكستان مقرا لها.

- كانون الثاني/يناير 2016: أدى الهجوم الذي استمر أربعة أيام على القاعدة الجوية الهندية في باثانكوت إلى مقتل سبعة جنود هنود وستة مسلحين.

- 18 أيلول / سبتمبر 2016: هجوم على قاعدة للجيش في أوري في الشطر الهندي من كشمير يقتل 19 جنديًا.

- 30 أيلول/سبتمبر 2016: الهند تقول إنها نفذت "ضربات جراحية" على المسلحين في كشمير الباكستانية. اسلام اباد تنفي حدوث ضربات.

هل ستنشب حرب نووية بين الهند وباكستان

كتب الباحث زكاري كيك، مدير التحرير السابق لمجلة "ذا ناشيونال انترست" الأميركية، مقالة مهمة في المجلة نفسها يحذر فيها من نشوب حرب نووية بين الهند وباكستان نتيجة سوء تقدير قادة كل دولة لنيات الدولة الأخرى، فتبادر إحداهما إلى ضربة نووية استباقية على خلفية النزاع المستمر بينهما على إقليم كشمير ووقوع هجمات إرهابية في الهند تتهم فيها نيودلهي باكستان بتدبيرها ودعم الجماعات الإرهابية المنفذة.

يقول كيك إنه على الرغم من تركيز اهتمام العالم بقوة على كوريا الشمالية وأسلحتها النووية، فإن أكبر احتمال للحرب النووية هو في الواقع على الجانب الآخر من آسيا فهذا المكان هو ما يمكن تسميته بالمثلث النووي الذي يضم باكستان والهند والصين وعلى الرغم من أن القوات الصينية والهندية هي حالياً في حالة استراحة من المواجهة، إلا أن أخطر نقطة اشتعال على طول المثلث كانت تقليدياً الحدود الهندية-الباكستانية.

فقد خاضت الهند وباكستان ثلاثة حروب رئيسية قبل حصولهما على الأسلحة النووية، وحرباً ثانوية بعد ذلك وهذا لا يشمل حتى المناوشات المسلحة الأخرى التي لا تعد ولا تحصى وغيرها من الحوادث التي تحدث بشكل منتظم، في قلب هذا النزاع، بطبيعة الحال، يقبع النزاع الإقليمي بين الدولتين على ولاية جامو وكشمير في شمال الهند، كشمير الذي تدعي باكستان أنه يعود لها.

ويذهب كيك إلى أن من العناصر الأساسية أيضاً في البعد النووي للصراع هو حقيقة أن القدرات التقليدية للهند تفوق كثيراً قدرات باكستان ونتيجة لذلك، اعتمدت إسلام أباد مبدأً نووياً باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية ضد القوات الهندية لموازنة التفوق التقليدي للأخيرة، ويشير الباحث إلى أن هذا الوضع يبدو مشابهاً لوضع قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) خلال فترة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي (1945-1991)، وأن باكستان تعتمد نفس الاستراتيجية التي اعتمدتها قوات الناتو بقيادة الولايات المتحدة ضد الاتحاد السوفياتي أثناء الحرب الباردة. ففي مواجهة الجيش السوفياتي المتفوق عددياً، تحولت الولايات المتحدة، بدءاً من فترة إدارة الرئيس دوايت أيزنهاور(1953-1961)، إلى التسلّح بأسلحة نووية للدفاع عن أوروبا الغربية من هجوم سوفياتي وعلى الرغم من أن كل رئيس أميركي تقريباً، فضلاً عن عدد لا يحصى من القادة الأوروبيين، كانوا غير مرتاحين لهذه الاستراتيجية التصعيدية، إلا أنهم لم يتمكنوا من الإفلات من الحقائق العسكرية الضاغطة حتى إدارة الرئيس رونالد ريغان على الأقل.

ففي ندوة بحثية أقيمت في مركز ستيمسون في واشنطن، قال فيروز خان، وهو عميد سابق في الجيش الباكستاني ومؤلف أحد أفضل الكتب حول البرنامج النووي لبلاده، إن القادة العسكريين الباكستانيين قاموا بشكل صريح ببناء عقيدتهم النووية في الحرب الباردة وفق إستراتيجية حلف الناتو ولكن فيبين نارنغ، وهو أستاذ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والذي شارك في الحلقة البحثية نفسها، قد أشار إلى أن الفرق المهم بين استراتيجيات حلف الناتو وباكستان هو أن هذه الأخيرة قد استخدمت درعها النووي كغطاء لدعم الهجمات الإرهابية التي لا حصر لها داخل الهند. وكان أكثرها جرأة هجمات 2001 على البرلمان الهندي وحصار مومباي عام 2008 الذي أسفر عن مقتل أكثر من 150 شخصاً وقال نارنغ إنه "لو حدث مثل هذا الهجوم في الولايات المتحدة، لكانت أميركا قد أنهت دولة –أمة"، المسؤولة عن هذه الهجمات.

والسبب في عدم لجوء الهند إلى القوة، وفقاً لنارانغ، هو أنه - على الرغم من عقيدة البداية الباردة المزعومة - لم يكن القادة الهنود متأكدين تماماً من المكان الذي تقف عنده عتبة باكستان النووية أي أنه حتى لو اعتقد القادة الهنود أنهم يشنون هجوما محدودا، فإنهم لا يستطيعون التأكد من أن القادة الباكستانيين لن ينظروا إليه على أنه موسع بما يكفي لتبرير استخدام الأسلحة النووية وهذا ليس صدفة فكما قال العميد فيروز خان، فإن الزعماء الباكستانيين قد تركوا عمداً العتبة النووية غامضة.

ومع ذلك، يرى كيك أنه ليس هناك ما يضمن استمرار ضبط النفس في الهند في المستقبل في الواقع، كما قال مايكل كريبون، إن "الخطأ في التقدير هو الإسم الأوسط لجنوب آسيا" وتركزت مناقشات الحلقة البحثية على التغيّرات التكنولوجية التي قد تؤدي إلى تفاقم هذا الوضع القابل للاشتعال بالفعل وتولى نارنغ زمام المبادرة في وصف كيفية اكتساب الهند للقدرات اللازمة للقيام بضربات عسكرية مضادة بمعنى، إخراج ترسانة باكستان النووية (من المواجهة) في ضربة استباقية preventive أو على الأرجح وقائية preemptive) وعرض نارنغ للتقدم الهندي في قدرات المعلومات والمراقبة والاستطلاع لتكون قادرة على تعقب واستهداف قوات إسلام أباد الاستراتيجية، وكذلك حيازة الهند نظام دفاع صاروخي يمكن أن يهتم بصد أية صواريخ لم تدمرها الضربة الاستباقية الأولى.

كما أشار نارنغ إلى أن الهند تمتلك عددًا من القدرات الصاروخية التي تلائم مهام القوات المضادة، مثل الصواريخ متعددة الاستخدامات المستقلّة (MIRVs)، والصواريخ البالستية التي يكون رأسها الحربي قادراً على تتبع الأهداف الأرضية بشكل مستقل (MARVs)، وصواريخ براهموس BrahMos عالية الدقة التي طورتها نيودلهي بالاشتراك مع روسيا وزعم نارنغ قائلاً "إن صاروخ براهموس هو جحيم سلاح القوة المضادة"، حتى من دون الرؤوس الحربية النووية.

وكما اعترف نارنغ نفسه، ليس هناك سبب كبير للاعتقاد بأن الهند تتخلى عن مبدأها النووي الذي يقوم على عدم الاستخدام الأول للسلاح النووي لصالح مبدأ الضربة النووية الأولى مع ذلك، ومع الأخذ في الاعتبار نقطة مايكل كريبون حول الخطأ في التقدير، لا يعني هذا أن هذه التغييرات التكنولوجية لا تزيد من إمكانية حدوث حرب نووية، وليس من الصعب تصور سيناريو يتعثر فيه الطرفان في حرب نووية لا يريدها أي منهما.

ويرى الباحث كيك أن السيناريو الأكثر رجحاناً للحرب النووية هو أن تبدأ بهجوم على نمط هجوم مومباي الذي يقرر بعده القادة الهنود أنه يتعين عليهم الرد عليه وعلى أمل إبقاء النزاع مقتصراً على الأسلحة التقليدية، قد تأذن نيودلهي بالغارات العقابية المحدودة داخل باكستان، وربما تستهدف بعض المعسكرات الإرهابية بالقرب من الحدود لكن، قد يساء فهم هذه الهجمات الهندية من قبل القادة الباكستانيين، أو قد تتخطى الهجمات عتبات إسلام آباد النووية من دون قصد وفي محاولة للتخفيف من حدة التصعيد، أو وقف ما يعتقدون أنه غزو هندي، يستطيع القادة الباكستانيون استخدام الأسلحة النووية التكتيكية ضد القوات الهندية داخل باكستان.

ومع إدخال الأسلحة النووية إلى النزاع، لن تعود عقيدة نيودلهي بعدم المبادرة إلى استخدام السلاح النووي تعمل فالقادة الهنود، الذين يعرفون أنهم سيواجهون ضغوطاً محلية لا تصدق من أجل الرد، لن تكون لديهم أية ضمانات أيضاً بأن القادة الباكستانيين لا ينوون اتباع الاستخدام التكتيكي للأسلحة النووية من خلال ضربات استراتيجية ضد المدن الهندية وقد يميل القادة الهنود لإطلاق الضربة النووية الأولى الاستباقية، متسلّحين بما يعتقدون أنه معلومات استخبارية معقولة حول مواقع القوات الاستراتيجية الباكستانية، ومتسلحين كذلك بصواريخ دقيقة للغاية، وصواريخ متعددة الاستخدامات المستقلّة (MIRVs)، ودفاع صاروخي قادر على صد أي صواريخ باكستانية نجت من الضربة الاستباقية الأولى.

تحذير من الحرب النووية بين الهند وباكستان

كتب الباحث زكاري كيك، مدير التحرير السابق لمجلة "ذا ناشيونال انترست" الأميركية، مقالة مهمة في المجلة نفسها يحذر فيها من نشوب حرب نووية بين الهند وباكستان نتيجة سوء تقدير قادة كل دولة لنيات الدولة الأخرى، فتبادر إحداهما إلى ضربة نووية استباقية على خلفية النزاع المستمر بينهما على إقليم كشمير ووقوع هجمات إرهابية في الهند تتهم فيها نيودلهي باكستان بتدبيرها ودعم الجماعات الإرهابية المنفذة.

يقول كيك إنه على الرغم من تركيز اهتمام العالم بقوة على كوريا الشمالية وأسلحتها النووية، فإن أكبر احتمال للحرب النووية هو في الواقع على الجانب الآخر من آسيا فهذا المكان هو ما يمكن تسميته بالمثلث النووي الذي يضم باكستان والهند والصين وعلى الرغم من أن القوات الصينية والهندية هي حالياً في حالة استراحة من المواجهة، إلا أن أخطر نقطة اشتعال على طول المثلث كانت تقليدياً الحدود الهندية-الباكستانية.

فقد خاضت الهند وباكستان ثلاثة حروب رئيسية قبل حصولهما على الأسلحة النووية، وحرباً ثانوية بعد ذلك وهذا لا يشمل حتى المناوشات المسلحة الأخرى التي لا تعد ولا تحصى وغيرها من الحوادث التي تحدث بشكل منتظم، في قلب هذا النزاع، بطبيعة الحال، يقبع النزاع الإقليمي بين الدولتين على ولاية جامو وكشمير في شمال الهند، كشمير الذي تدعي باكستان أنه يعود لها.

ويذهب كيك إلى أن من العناصر الأساسية أيضاً في البعد النووي للصراع هو حقيقة أن القدرات التقليدية للهند تفوق كثيراً قدرات باكستان ونتيجة لذلك، اعتمدت إسلام أباد مبدأً نووياً باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية ضد القوات الهندية لموازنة التفوق التقليدي للأخيرة، ويشير الباحث إلى أن هذا الوضع يبدو مشابهاً لوضع قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) خلال فترة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي (1945-1991)، وأن باكستان تعتمد نفس الاستراتيجية التي اعتمدتها قوات الناتو بقيادة الولايات المتحدة ضد الاتحاد السوفياتي أثناء الحرب الباردة.

ففي مواجهة الجيش السوفياتي المتفوق عددياً، تحولت الولايات المتحدة، بدءاً من فترة إدارة الرئيس دوايت أيزنهاور(1953-1961)، إلى التسلّح بأسلحة نووية للدفاع عن أوروبا الغربية من هجوم سوفياتي وعلى الرغم من أن كل رئيس أميركي تقريباً، فضلاً عن عدد لا يحصى من القادة الأوروبيين، كانوا غير مرتاحين لهذه الاستراتيجية التصعيدية، إلا أنهم لم يتمكنوا من الإفلات من الحقائق العسكرية الضاغطة حتى إدارة الرئيس رونالد ريغان على الأقل.

ففي ندوة بحثية أقيمت في مركز ستيمسون في واشنطن، قال فيروز خان، وهو عميد سابق في الجيش الباكستاني ومؤلف أحد أفضل الكتب حول البرنامج النووي لبلاده، إن القادة العسكريين الباكستانيين قاموا بشكل صريح ببناء عقيدتهم النووية في الحرب الباردة وفق إستراتيجية حلف الناتو ولكن فيبين نارنغ، وهو أستاذ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والذي شارك في الحلقة البحثية نفسها، قد أشار إلى أن الفرق المهم بين استراتيجيات حلف الناتو وباكستان هو أن هذه الأخيرة قد استخدمت درعها النووي كغطاء لدعم الهجمات الإرهابية التي لا حصر لها داخل الهند. وكان أكثرها جرأة هجمات 2001 على البرلمان الهندي وحصار مومباي عام 2008 الذي أسفر عن مقتل أكثر من 150 شخصاً وقال نارنغ إنه "لو حدث مثل هذا الهجوم في الولايات المتحدة، لكانت أميركا قد أنهت دولة –أمة"، المسؤولة عن هذه الهجمات.

والسبب في عدم لجوء الهند إلى القوة، وفقاً لنارانغ، هو أنه - على الرغم من عقيدة البداية الباردة المزعومة - لم يكن القادة الهنود متأكدين تماماً من المكان الذي تقف عنده عتبة باكستان النووية أي أنه حتى لو اعتقد القادة الهنود أنهم يشنون هجوما محدودا، فإنهم لا يستطيعون التأكد من أن القادة الباكستانيين لن ينظروا إليه على أنه موسع بما يكفي لتبرير استخدام الأسلحة النووية وهذا ليس صدفة فكما قال العميد فيروز خان، فإن الزعماء الباكستانيين قد تركوا عمداً العتبة النووية غامضة.

ومع ذلك، يرى كيك أنه ليس هناك ما يضمن استمرار ضبط النفس في الهند في المستقبل في الواقع، كما قال مايكل كريبون، إن "الخطأ في التقدير هو الإسم الأوسط لجنوب آسيا" وتركزت مناقشات الحلقة البحثية على التغيّرات التكنولوجية التي قد تؤدي إلى تفاقم هذا الوضع القابل للاشتعال بالفعل وتولى نارنغ زمام المبادرة في وصف كيفية اكتساب الهند للقدرات اللازمة للقيام بضربات عسكرية مضادة بمعنى، إخراج ترسانة باكستان النووية (من المواجهة) في ضربة استباقية preventive أو على الأرجح وقائية preemptive) وعرض نارنغ للتقدم الهندي في قدرات المعلومات والمراقبة والاستطلاع لتكون قادرة على تعقب واستهداف قوات إسلام أباد الاستراتيجية، وكذلك حيازة الهند نظام دفاع صاروخي يمكن أن يهتم بصد أية صواريخ لم تدمرها الضربة الاستباقية الأولى.

كما أشار نارنغ إلى أن الهند تمتلك عددًا من القدرات الصاروخية التي تلائم مهام القوات المضادة، مثل الصواريخ متعددة الاستخدامات المستقلّة (MIRVs)، والصواريخ البالستية التي يكون رأسها الحربي قادراً على تتبع الأهداف الأرضية بشكل مستقل (MARVs)، وصواريخ براهموس BrahMos عالية الدقة التي طورتها نيودلهي بالاشتراك مع روسيا وزعم نارنغ قائلاً "إن صاروخ براهموس هو جحيم سلاح القوة المضادة"، حتى من دون الرؤوس الحربية النووية.

وكما اعترف نارنغ نفسه، ليس هناك سبب كبير للاعتقاد بأن الهند تتخلى عن مبدأها النووي الذي يقوم على عدم الاستخدام الأول للسلاح النووي لصالح مبدأ الضربة النووية الأولى مع ذلك، ومع الأخذ في الاعتبار نقطة مايكل كريبون حول الخطأ في التقدير، لا يعني هذا أن هذه التغييرات التكنولوجية لا تزيد من إمكانية حدوث حرب نووية، وليس من الصعب تصور سيناريو يتعثر فيه الطرفان في حرب نووية لا يريدها أي منهما.

ويرى الباحث كيك أن السيناريو الأكثر رجحاناً للحرب النووية هو أن تبدأ بهجوم على نمط هجوم مومباي الذي يقرر بعده القادة الهنود أنه يتعين عليهم الرد عليه وعلى أمل إبقاء النزاع مقتصراً على الأسلحة التقليدية، قد تأذن نيودلهي بالغارات العقابية المحدودة داخل باكستان، وربما تستهدف بعض المعسكرات الإرهابية بالقرب من الحدود لكن، قد يساء فهم هذه الهجمات الهندية من قبل القادة الباكستانيين، أو قد تتخطى الهجمات عتبات إسلام آباد النووية من دون قصد وفي محاولة للتخفيف من حدة التصعيد، أو وقف ما يعتقدون أنه غزو هندي، يستطيع القادة الباكستانيون استخدام الأسلحة النووية التكتيكية ضد القوات الهندية داخل باكستان.

ومع إدخال الأسلحة النووية إلى النزاع، لن تعود عقيدة نيودلهي بعدم المبادرة إلى استخدام السلاح النووي تعمل فالقادة الهنود، الذين يعرفون أنهم سيواجهون ضغوطاً محلية لا تصدق من أجل الرد، لن تكون لديهم أية ضمانات أيضاً بأن القادة الباكستانيين لا ينوون اتباع الاستخدام التكتيكي للأسلحة النووية من خلال ضربات استراتيجية ضد المدن الهندية وقد يميل القادة الهنود لإطلاق الضربة النووية الأولى الاستباقية، متسلّحين بما يعتقدون أنه معلومات استخبارية معقولة حول مواقع القوات الاستراتيجية الباكستانية، ومتسلحين كذلك بصواريخ دقيقة للغاية، وصواريخ متعددة الاستخدامات المستقلّة (MIRVs)، ودفاع صاروخي قادر على صد أي صواريخ باكستانية نجت من الضربة الاستباقية الأولى.

شروط باكستان للتفاوض مع الهند

أعرب وزير الخارجية الباكستاني، شاه محمود قريشي، عن استعداد بلاده للتحاور مع الهند، شرط موافقة نيودلهي على تخفيف حدة التوترات في إقليم كشمير.

وقال: "إذا أقدمت حكومة نيودلهي على رفع حظر التجوّل المفروض منذ 4 أشهر في المناطق الخاضعة للاحتلال الهندي بإقليم كشمير، وحسّنت من أوضاع سكان تلك المنطقة، وأخلت سبيل القياديين في كشمير، وسمحت لهم بلقائي، عندها يبدأ الحوار بين باكستان والهند"، وجدد تأكيده على أن إسلام أباد كانت وما زالت تؤيد فكرة حل الخلافات بالحوار، وأن الهند الطرف الذي يرفض الجلوس على طاولة المحادثات.

وأكد وزير الخارجية الباكستاني عدم رغبة بلاده في خوض حرب مع الهند، وشدد في الوقت ذاته على أن قوات بلاده مستعدة لأي احتمال وفي 5 أغسطس/ آب الماضي، ألغت الحكومة الهندية بنود المادة 370 من الدستور، التي تمنح الحكم الذاتي لولاية "جامو وكشمير"، الشطر الخاضع لسيطرتها من الإقليم، كما تعطي المادة الكشميريين وحدهم في الولاية حق الإقامة الدائمة، فضلا عن حق التوظيف في الدوائر الحكومية، والتملك، والحصول على منح تعليمية، ويرى مراقبون أن الخطوات الهندية من شأنها السماح للهنود من ولايات أخرى بالتملك في الولاية، وبالتالي إحداث تغيير في التركيبة السكانية للمنطقة، لجعلها من دون أغلبية مسلمة.

مركز النبأ الوثائقي يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية
للاشتراك والاتصال [email protected]
او عبر صفحتنا في الفيسبوك (مركز النبأ الوثائقي)

........................
المصادر
- ساسة بوست
- القدس العربي
- ذا ناشيونال انترست
- RT
- سبوتنك عربي
- الحرة
- الميادين

اضف تعليق