q
تتواصل معناة الهزارة الشيعية في باكستان و افغانستان بسبب استمرار الاعتداءات والهجمات الارهابية وعجز السلطات عن حمايتهم. وأسفر آخر هجوم ارهابي عليهم في جنوب غرب باكستان عن سقوط 21 قتيلا و47 جريحا معظمهم من التجار الهزارة الذين جاؤوا يتمونون من سوق في مدينة كويتا...

تتواصل معناة الهزارة الشيعية في باكستان و افغانستان بسبب استمرار الاعتداءات والهجمات الارهابية وعجز السلطات عن حمايتهم. وأسفر آخر هجوم ارهابي عليهم في جنوب غرب باكستان عن سقوط 21 قتيلا و47 جريحا معظمهم من التجار الهزارة الذين جاؤوا يتمونون من سوق في مدينة كويتا يخضع لحماية القوات الخاصة الباكستانية. ولم تتمكن هذه القوات من منع الانتحاري من تفجير نفسه. ويستهدف المتطرفون السنة هذه الطائفة التي تقول أنها تعيش في حالة من الخوف الدائم. ومنذ قرن ونيّف، هرب جزء كبير من مجتمع الهزارة من الفقر والقمع اللذان كان يعاني منهما في أفغانستان، وهو بلد ذو غالبية سنية، للاستقرار في باكستان وخصوصا في كويتا. وعدد الشيعة الهزارة اليوم اكثر من 500 ألف نسمة ويعيشون بشكل أساسي من التجارة. وبعد سقوط الطالبان عام 2001، أصبحت المقاطعة الباكستانية بلوشستان الحدودية مع أفغانستان قاعدة للمقاتلين المتطرفين الأفغان.

وكلما تمركزت فيها الجماعات الإرهابية، أصبحت الأقلية الشيعية المحلية، ومعظمها من الهزارة، هدفا لعدة هجمات. ويرى عبد القيوم شانغيزي الذي يدير منظمة الهزارة جارغا، أن أكثر من 600 من الهزارة قتلوا منذ عام 2000 ومعظمهم من منطقة كويتا. ويتحدث المحللون عن تصاعد العنف ضد هذه الاقلية. وفي كويته الهزارة استهدفوا لأول مرة من المتطرفين في 1999. وبعض الفترات هي أعنف من غيرها وبعض الهجمات أكثر دموية من غيرها، مثل الهجوم الانتحاري في 4 تموز/يوليو 2003 على مسجد الهزارة في المدينة [الهجوم أسقط 53 قتيلا و150 جريحا حسب حصيلة منظمات الدفاع عن حقوق الهزارة، لكن العنف لم يتوقف حقيقة في العشرين سنة الماضية. ومنذ البداية كان هدف الجماعات الإسلامية المتطرفة هو أن يغادروا البلد لأنهم يعتبروننا "كفارا"، في حزيران/يونيو 2011 وزعت جماعة لشكرِ جهنگوی منشورات تقول إن جميع الشيعة كفار وإن باكستان سيكون قبر الهزارة إن لم يغادروا البلد قبل 2012.

وتعرضت قبائل الهزارة ذات الغالبية الشيعية ايضا للاضطهاد خلال قرون من التاريخ الافغاني العاصف. لكن عندما باتت السلطة في قبضة"طالبان"في العام 1996، لم تكتف الحركة المتشددة بقمع الهزارة، بل اقترفت المذابح في حقهم. وتصف طالبان الهزارة بأنهم كفرة، وقتلت الآلاف منهم ودفنتهم في مقابر جماعية أو ألقت بجثثهم في الآبار في حين أودع عشرات الآلاف خلف القضبان.

باكستان

وفي جنوب غرب باكستان، تجد أقلية الهزارة الشيعية التي تضم آلاف الأشخاص نفسها مضطرة للعيش في "معازل" تخضع لإجراءات أمنية مشددة خوفا من اعتداءات، بينما تبدو السلطات عاجزة عن حمايتها. وأسفر آخر هجوم وقع في 12 نيسان/ابريل عن سقوط 21 قتيلا و47 جريحا معظمهم من التجار الهزارة الذين جاؤوا يتمونون من سوق في مدينة كويتا يخضع لحماية القوات الخاصة الباكستانية.

ولم تتمكن هذه القوات من منع الانتحاري من تفجير نفسه. ويستهدف المتطرفون السنة هذه الطائفة التي تقول أنها تعيش في حالة من الخوف الدائم. وهذا الهجوم الذي تبناه تنظيم داعش الارهابي وكذلك جماعة عسكر جنقوي المحلية المسلحة، ليس سوى آخر حلقة في سلسلة طويلة من أعمال العنف التي استهدفت هذه الأقلية التي باتت تعيش في جيوب تخضع لإجراءات أمنية مشددة.

وفي كويتا التي يبلغ عدد سكانها 2,3 مليون نسمة، يعيش حوالى 500 ألف من الهزارة في ماري آباد وهزارة تاون وهما حيان تحيط بهما عشر نقاط تفتيش ويحميهما 600 من أفراد قوات الأمن، حسبما ذكر أحد كوادر حكومة بلوشستان. وهذه المنطقة الشاسعة الواقعة على الحدود مع إيران وأفغانستان وعاصمة كويتا، هي أكثر أقاليم باكستان اضطرابا، وتختبئ مجموعات مسلحة متطرفة وانفصالية في صحاريها وجبالها. ولدخول هذه الجيوب، ينبغي على غير الهزارة إبراز وثيقة هوية. ويشكو الهزارة الذين يخشون الخروج من هذه المناطق من أنهم يعيشون في عزلة تامة.

وقال بستان علي وهو ناشط من الهزارة "هنا المكان أشبه بسجن". وأضاف أن الهزارة "المقطوعين عن بقية أنحاء المدينة" و"المحصورين (....) يعانون من تعذيب نفسي". ويشكل الهزارة جزءا كبيرا من الطائفة الشيعية في باكستان التي تشكل خمس سكان هذا البلد البالغ عددهم 207 ملايين نسمة معظمهم من السنة. واستُهدف الهزارة الذين يسهل التعرف عليهم من ملامحهم الآسيوية ما يجعلهم أهدافا سهلة للمتطرفين السنة، بعشرات الهجمات منذ 2001 في باكستان كما في أفغانستان المجاورة.

وفي السنوات الخمس الأخيرة، قتل 500 منهم وجرح 627 آخرون في كويتا، حسب مسؤول باكستاني في قوات الأمن. ويقدر عبد الخالق هزارة الذين يقود حزبا للهزارة عدد الذين قتلوا في بلوشستان بما بين 1500 وألفين. وقال محمد أمان الأستاذ الذي يعيش في هزارة تاون، إن أكثر من ثلاثين شخصا قتلوا على مقطع طريق يمتد ثلاثة كيلومترات بين ماري آباد وهزارة تاون في نحو عشرة هجمات على الرغم من وجود ثلاث نقاط تفتيش.

وأوضح الطالب نوروز علي أنه عند الخروج من مناطق الهزارة "نعرف أننا نمر في منطقة حرب (...) يمكن أن يحدث فيها أي شيء". وأضاف "لكن علينا أن نؤمن لقمة العيش لعائلاتنا". وفي مواجهة اتهامات بعدم فاعليتها، تؤكد الشرطة أنها "اتخذت كل الإجراءات لضمان أمن" الهزارة. وقال الضابط عبد الرزاق شيما إن "عدد أفراد الشرطة الذين قتلوا في السنوات الست الأخيرة أكبر من عدد الهزارة". وأضاف أنه تم توقيف عدد من الإرهابيين وتصفية عدد آخر "لكن مجموعات جديدة تشكلت من جديد، نحاول العثور عليها والقضاء على لتهديد".

تتضمن التدابير الأمنية إجراءات عديدة. فبعد اعتداءات استهدفتهم، تم تزويد تجار الفاكهة والخضار بمواكبة أمنية عندما يتوجهون إلى سوق كويتا الرئيسي للتبضع. وعلى الرغم من ذلك، أدى هجوم انتحاري إلى سقوط 21 قتيلا و 47 جريحا في 12 نيسان/ابريل. وقال البريغادير تصور أحمد قائد وحدات الحدود التابعة للقوات الخاصة الباكستانية إن الحكومة تريد وضع كاميرات مراقبة في هذا السوق وحتى "في بلدات التجار الهزارة". لكن الهزارة يشككون في جدوى هذه الإجراءات.

وكتب البروفسور محمد أمان في افتتاحية في صحيفة "دون" اليومية مؤخرا "إذا كانت ثلاث نقاط تفتيش في ثلاثة كيلومترات لا يمكن أن تحمينا، فهل ستقدم المواكبات والحواجز ومراقبة الكاميرات نتيجة أفضل؟". وأضاف "يبدو أن الإرهابيين يكسبون هذه الحرب"، مشيرا إلى أن "رسالتهم واضحة: اذهبوا إلى الجامعة أو إلى السوق أو إلى مدينة أخرى وسنقتلكم (...) وإذا كنتم محميين فسنضع قنابل في أكياس للبطاطس او على حافة الطرق. لا يمكنك الإفلات". بحسب فرانس برس.

وحتى الجيوب التي يقيمون فيها ليست آمنة وأسفر اعتداءات فيها عن سقوط مئتي قتيل في 2013. ويؤكد حزب الهزارة الديموقراطي أن ما بين 75 ألفا ومئة ألف من الهزارة فروا في داخل البلاد أو إلى الخارج منذ تفجر العنف في السنوات الأخيرة. وقال طاهر هزارة "لا أمل لدينا". وقام الرجل المقيم في حي هزارة تاون الذي يقول أنه أشبه ب"المعازل"، باعتصام استمر عدة أيام بعد الاعتداء الأخير. وتساءل "ممن علينا أن ننتظر الحماية لإنقاذ حياتنا؟".

افغانستان

استهدفت عدة صواريخ تجمعا لأقلية الهزارة الشيعية في العاصمة الأفغانية كابول مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة العشرات، في هجوم تبناه تنظيم داعش. وهذا أول هجوم كبير تشهده كابول منذ انفجار سيارة ملغومة بالقرب من مجمع شديد التحصين في يناير كانون الثاني. كما أنهى الهجوم فترة هدوء نسبي بالمدينة تزامنا مع تفاوض متمردي حركة طالبان والولايات المتحدة بشأن تسوية سلمية. وتتعرض أقلية الهزارة لهجمات منذ أعوام من جماعات متشددة منها طالبان والقاعدة وتنظيم داعش. وأعلن التنظيم المسؤولية عن الهجوم عبر وكالة أعماق التابعة له، قائلا إنه استهدف الشيعة.

وأفادت قناة (طلوع نيوز) التلفزيونية التي كانت تغطي الحدث مباشرة بوقوع ما لا يقل عن عشرة انفجارات في التجمع المقام لإحياء ذكرى أحد قادة الهزارة. وقال محمد محقق، النائب في البرلمان والقيادي في الحزب السياسي الرئيسي للهزارة، ”يتعرض تجمعنا للهجوم. تسقط صواريخ علينا من كل اتجاه“. وكان محقق يتحدث من على المنصة ونقل التلفزيون تصريحاته في بث مباشر. وشوهد الحضور وهم يركضون في كافة الاتجاهات مع سقوط الصواريخ. وقالت وزارة الداخلية في بيان إن ثلاثة أشخاص قتلوا وأصيب 32 شخصا، بينهم طفلان. وأضافت أن قوات الأمن قتلت شخصين يشتبه بأنهما مهاجمان واعتقلت ثالثا. وأقيم التجمع لإحياء ذكرى وفاة عبد العلي مزاري، أحد زعماء الهزارة والذي توفي في عام 1995 بعدما احتجزته حركة طالبان. ووقع الهجوم بعد يوم من مقتل 16 شخصا على الأقل في تفجير انتحاري وهجوم مسلح استهدف شركة إنشاءات بمدينة جلال اباد بشرق أفغانستان. بحسب رويترز.

الى جانب ذلك قال مسؤولون وشهود إن آلافا من أفراد أقلية الهزارة العرقية التي معظمها من الشيعة هربوا من منازلهم في إقليم غزنة بوسط البلاد بينما توغلت حركة طالبان في ضاحيتين كانتا آمنتين. وفي معارك عنيفة سيطر مئات من مقاتلي طالبان على أجزاء كبيرة من منطقتي جاغوري وماليستان اللتين تسكنهما أعداد كبيرة من الهزارة، وهي جماعة لطالما عانت من التمييز في أفغانستان.

وقال محمد علي الذي هرب من منزله في جاغوري إلى مدينة غزنة ”رأيت طالبان تحرق منزل قائد شرطة محلي وتقتل القائد وابنه... أُغلقت السوق ولا يوجد طعام أو دواء أو كهرباء لذا هربنا“. وأغلقت الطرق المؤدية إلى المنطقة وتعطلت الاتصالات الأمر الذي جعل من الصعب على منظمات الإغاثة والمسؤولين تقييم أعداد الضحايا بينما زادت مشاكل النازحين سوءا بسبب انخفاض درجات الحرارة. وذكر مسؤول كبير أن ما لا يقل عن 35 مدنيا، معظمهم من الهزارة، وأكثر من 50 من أفراد القوات الخاصة قتلوا في الاشتباكات. وأضاف أن أكثر من 7000 شخص فروا من جاغوري وماليستان إما إلى غزنة أو باميان، كما دمر أكثر من 3000 منزل.

اضف تعليق