q
أدت حملة مصرية تدعو إلى مقاطعة الزواج إلى أن تتوقّف الأسر التي تغالي في متطلّبات زواج بناتها عن تلك المغالاة إلى رد فعل قوي من دار الإفتاء، السلطة الدينية في مصر، ومن الشابات أنفسهن اللواتي أطلقن حملة مضادة. وتهدف حملة \"خلّيها تعنّس\" إلى حثّ الشباب...
بقلم ن.أ. حسين

القاهرة: يزداد التفاعل مع الحملات الداعيّة إلى العزوف عن الزواج ومقاطعته، وسط تحذير دار الإفتاء المصريّة والعديد من علماء الاجتماع من تعارض تلك الحملات مع الشريعة الإسلاميّة وخطورتها على المجتمع.

أدت حملة مصرية تدعو إلى مقاطعة الزواج إلى أن تتوقّف الأسر التي تغالي في متطلّبات زواج بناتها عن تلك المغالاة إلى رد فعل قوي من دار الإفتاء، السلطة الدينية في مصر، ومن الشابات أنفسهن اللواتي أطلقن حملة مضادة.

وتهدف حملة "خلّيها تعنّس" إلى حثّ الشباب على مقاطعة الزواج عوضًا عن النضال من أجل تلبية المطالب الزواج المرتفعة، نظراً لارتفاع أسعار متطلبات الزواج من شبكة (الذهب أو الحلي التي يقدّمها الشاب إلى خطيبته) وأثاث ومساكن التي تحددها أسر الفتيات للموافقة على الزواج.

وأتمّت حملة "خلّيها تعنّس"، في 26 شباط/فبراير، شهراً على تأسيسها، حيث انطلقت على موقع التواصل الاجتماعيّ "فيسبوك". وتظهر الصفحة صورة لمجسم عروس وعريس مع علامة ممنوع الدخول. وأثارت هذه الحملة جدلاً واسعًا إنتقل إلى الصحف المحلية.

وتشير التدوينات والتعليقات على الحملة أنه إذا كانت الجواهر والحفل المترف هو ما يلزم الزواج فمن الأفضل للنساء الشابات البقاء في المنزل و"مواجهة العنوسة". ويتشارك المتابعون رسومًا كاريكاتورية أو صورًا لما يسمونه "العوانس". كما ويتشاركون تجاربهم الخاصة حول عدم تمكنهم من الزواج من المرأة التي يريدونها لأنهم لا يستطيعون تحمل الطلبات التي تفرضها أسرتها.

وعلّق (م. ط)، وهو شاب في أواخر العشرينيّات ومن المشاركين على هاشتاج "خلّيها تعنس"، على أهداف الحملة، في تصريحات لـ"المونيتور" عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعيّ "فيسبوك" قائلاً: إنّ قصّة حبّه الأولى، أخفقت منذ عامين بسبب مطالبة أسرة الفتاة التي أحبّها بمسكن في حيّ راق ومهر ضخم وشبكة ثمينة وحفل زفاف في فندق فخم بحوالي مليون ونصف مليون جنيه.

وأشار إلى أنّه لم يكن ليستطع الوفاء بكلّ تلك المتطلّبات خلال فترة خطوبة لا تتجاوز عامين، رغم أنّ دخله يعتبر مرتفعاً بالنّسبة إلى متوسّط الدخل في مصر، إذ يتقاضى حوالى 8 آلاف جنيه شهريّاً، وقال: "إلاّ أنّي وجدت أنّي في حاجة إلى ادّخار ما يزيد عن 4/3 دخلي لأكثر من 200 شهر لأحقّق تلك الطلبات".

وردّاً على حملة "خلّيها تعنّس"، أطلقت مجموعة من الناشطات على "فيسبوك" حملة "خلّيك في حضن أمّك"، في 28 كانون الثاني/يناير من عام 2019، متمثّلة في هاشتاج وعدد من الصفحات والمجموعات. ورغم اختلاف مؤسّسات تلك الصفحات أو المجموعات، إلاّ أنّ الهدف المجمع عليه هو الاعتراض على محاولة الحملة الأولى تهديد الفتيات وأسرهنّ بالعنوسة. كما اعترضن على إجماع النشطاء المشاركين في "خلّيها تعنّس" على وصف كلّ أسر الفتيات بالمغالاة في تكاليف الزواج. وأشرن إلى أنّ تكاليف عدّة تتحمّلها أسر الفتيات ولا تطالب إلاّ بالمناصفة في تلك التكاليف.

وقالت هبة عبد العزيز، إحدى مؤسّسات صفحات "خلّيك في حضن أمّك"، لـ"المونيتور": إنّ حملة "خلّيها تعنّس" تنطوي على تعميم خاطئ تجاه الأسر بوصفها الأسر كافّة أو بغالبيّتها ماديّة، وهو أمر غير صحيح.

وأشارت إلى أنّ هناك أسراً عديمة الثقافة والوعي هي التي تربط الزواج بالنواحي الماديّة فقط، لافتة إلى أنّ الأسر الواعية على مستقبلها ومستقبل بناتها لا يمكن أن تربط الزواج بالمادّة فقط، خصوصاً أنّ أسرة الفتاة تتحمّل مبلغاً ماليّاً يساوي قيمة المهر الذي يدفعه الشاب لاستكمال أثاث السكن.

وعلّق أحد مؤسّسي صفحات "خلّيها تعنّس" محمّد المصريّ في تصريحات لـ"المونيتور" عبر اتّصال هاتفيّ على ما أثير حول الحملة من جدل، قائلاً: "لم نقصد إهانة الفتيات أو وصفهنّ بالعنوسة على الإطلاق، لأنّ العنوسة وصف ينطبق على الرجال والسيّدات، لكنّ الحملة في الأساس موجّهة ضدّ بعض الأسر والتجّار الجشعين. لقد وجدنا مساندة من قبل العديد من الفتيات اللواتي حرمن من الزواج بسبب مغالاة أسرهنّ".

في ظلّ ازدياد التفاعل الذي وصل إلى أكثر من مليون مشارك على هاشتاج "خلّيها تعنّس" بين مؤيّد ومعارض، أعلنت دار الإفتاء المصريّة، في تقرير بـ14 شباط/فبراير، أنّ حملة "خلّيها تعنّس" مخالفة للشريعة الإسلاميّة، وإن كان أصحابها يهدفون إلى الخير من ورائها، داعية المصريّين إلى عدم الاستجابة لها لأنّ العزوف عن الزواج، ربّما يدفع ببعض الشباب إلى إشباع غرائزهم الجنسيّة بطرق لا تتوافق مع الشريعة.

وأوصت الإفتاء بتذليل الصعوبات والعوائق أمام المقبلين على الزواج والدعوة إلى تيسير المهور وتخفيف تكاليف الزواج، مناشدة مؤسّسات المجتمع المدنيّ وضع حلول للتغلّب على ظاهرة العنوسة وتفعيل برامج كفالة الزواج.

وعمّا قالته دار الإفتاء عن الحملة، علّق محمّد المصريّ قائلاً: "نحن نؤمن بأنّ الزواج هو سنّة الله ورسوله، وكلّ ما دعونا إليه هو العودة إلى السنن وتعاليم الدين التي تتعارض مع تعقيد شروط الزواج وتدعو إلى التيسير وعدم ربط الزواج بالمادّة. ونظراً لأنّ تلك الدعوة لن تلقى استجابة، إلاّ من خلال أفعال قويّة، دعونا إلى المقاطعة فترة، وليس مدى الحياة".

من جهته، يستبعد الناشط أحمد حجازي أن تحقق حملة "خلّيها تعنّس" أهدافها وقال لـ"المونيتور": "إنّ الخطأ يكمن في عدم نضوج هؤلاء الشباب الذين تعرّضوا للإحباط بسبب أسر الفتيات. وأشار إلى أنّ العديد منهم يلهث وراء شكل الفتاة ومستوييها الماديّ والاجتماعيّ، وبالتالي ستؤدي خياراتهم السطحية إلى الطلاق."

وطرحت أستاذة علم الاجتماع السابقة في جامعة المنوفيّة سهام عفيفي رؤيتها لحلّ حالة الجدل الحاليّة حول الزواج في اتصال مع "المونيتور"، وقالت: إنّ متطلّبات الزواج من مهر وشبكة وحفل زفاف ضخم وأثاث فاره هي عادات متوارثة وشديدة القدم ويعكس استمرارها استمرار سطوة وسيطرة الأجيال القديمة متمثّلة في الأسرة على قرار الشباب والشابات في مصر.

وأشارت إلى أنّ ممارسة السيطرة لا تقتصر على تفاصيل الزواج، بل ربّما تمتدّ إلى تفاصيل الدراسة والعمل، خصوصاً في أسر الإناث. ولذلك، تمنّت أن تطالب الحملات على مواقع التواصل الاجتماعيّ بمزيد من الحريّة للشباب في اتّخاذ قرارات حياتهم، وخصوصاً الفتيات ليس في ما يخصّ الزواج فقط. كما طالبت الأسر بتشجيع أبنائها وبناتها على اتّخاذ القرارات منفردين، بعد تقديم النصيحة، بما فيها قرارات الزواج.

https://www.al-monitor.com

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق


التعليقات

الكاتب الأديب جمال بركات
مصر
أحبائي
الزواج في وطننا العربي أفضل كثيرا من الزواج و العلاقات في غيره من دول العالم
صحيح ان هناك بعض التراجع في علاقات الزواج ونحن نعرف بعض اسباب هذه المظالم
ولو اراد حكامنا سد هذه الثغرات لقلت نسب العنوسة في وطننا العربي وأصبح جنة كل حالم
ياحكامنا العرب وطنكم أفضل وطن ونسلكم اجمل نسل توحدوا وأصلحوا ..اللهم وصل صوتي لكل حاكم
احبائي
دعوة محبة
ادعو سيادتكم الى حسن الحديث وآدابه....واحترام بعضنا البعض
ونشر ثقافة الحب والخير والجمال والتسامح والعطاء بيننا في الارض
جمال بركات....مركز ثقافة الالفية الثالثة2019-03-09