q
تركز الدعاية الاسرائيلية اليوم على ان مشكلات العراق سوف تحل اذا ما اتخذ طريق التطبيع، وان الوضع الاقتصادي سوف ياخذ طريق العالمية لان ابواب واشنطن وباريس وبرلين وعواصم القرار الاوربية موجودة بيد تل ابيب، وحينما يسمع مواطن عراقي سحقه ارهاب الطبقة السياسية...

موجة التطبيع الاسرائيلية التي تجتاح الدول العربية وخاصة الممالك الخليجية، تضرب العراق هذه المرة، من بوابة التسريبات يبدأ برنامج جس نبض الشارع العراقي، وتشتعل الساحة المحلية والاقليمية بالنافذة الاسرائيلية الجديدة على احدى اهم دول الشرق الاوسط.

الباحث الإسرائيلي، المحاضر في جامعة بار إيلان، إيدي كوهين، كان بطل قصة التسريبات التي قال فيها أن هناك نوابا عراقيين أو اشخاص من طرفهم قد زاروا إسرائيل ضمن وفود رسمية من الحكومة العراقية، بحسب قوله.

وزعم كوهين أن "الوفود فاوضت على حل الأحزاب الشيعية في العراق وسوريا ولبنان ودول الخليج، وبحثت سبل التطبيع مع إسرائيل".

الخارجية الاسرائيلية كشفت ايضا أن ثلاثة وفود حزبية عراقية ضمت 15 شخصا، زارت إسرائيل خلال العام الماضي 2018، وبحثت قضايا خاصة بإيران والتطبيع. وأشارت الخارجية الإسرائيلية في بيان نشرته على موقعها الرسمي في "تويتر"، أن "زيارة الوفد العراقي الثالث إلى إسرائيل جرت قبل عدة أسابيع".

وأضافت أن "الوفود ضمت شخصيات سنية وشيعية وزعماء محليين لهم تأثيرهم في العراق، زارت متحف ياد فاشيم لتخليد ذكرى المحرقة، واجتمعت ببعض الأكاديميين والمسؤولين الإسرائيليين"، مشيرة إلى أن الخارجية الإسرائيلية تدعم هذه المبادرة دون إيضاح الهدف منها.

من الخليج الى العراق

وحتى كتابة هذا المقال لا تزال المعلومات الجديدة تصدر بشكل متقطع عن قضية الزيارات العراقية وحملة التطبيع، في مشهد يبدو مخططا له بعناية لتهيئة الاجواء الجديدة بعيدا عن المناكفات السياسية الداخلية، ونقل المعركة الى العراق بعد نهاية الحكاية الخليجية مع زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى سلطنة عمان، وحملات الوفود الرياضية والاقتصادية الى كل من البحرين والامارات وقطر.

بالطبع لا تطمح تل ابيب الى تحقيق اختراق كبير للساحة العراقية الرسمية خلال الامد القصير، لكن المؤكد انها وضعت بغداد في دائرة التطبيع الواسعة، بما يسهم في محو اثار الجيل القديم الذي لازمه مصطلح الصهيونية والكيان الغاصب لمقدسات المسلمين، والعروبة وايام النضال القومي ضد الاستعمار.

النقاش الدائر اليوم في الفضاء العام العراقي يغذي الفكرة الاسرائيلية، ويجعل من فتح الافاق السياسية معها امرا ممكنا، فبمجرد طرح هذا الموضوع للنقاش، يدخل الاسرائيلي الى عقول شباب لا يرى ابعد من ظله، تأخذه الماكينة الدعائية المحترفة نحو الميادين المطلوبة من قبل تل ابيب.

الدخول من بوابة الازمات الداخلية

تركز الدعاية الاسرائيلية اليوم على ان مشكلات العراق سوف تحل اذا ما اتخذ طريق التطبيع، وان الوضع الاقتصادي سوف ياخذ طريق العالمية لان ابواب واشنطن وباريس وبرلين وعواصم القرار الاوربية موجودة بيد تل ابيب، وحينما يسمع مواطن عراقي سحقه ارهاب الطبقة السياسية.

وموجة الدعايات الاسرائيلية ستكون كاسحة وغير قابلة للرد، وسوف يدعمها الاعلام الخليجي والعربي عموما، من اجل تبرير تطبيعه هو الذي سبق الجميع لتثبيت قواعد الحكم السلطوي في الخليج، وثانيا للمساعدة في تعزيز المواقع الاسرائيلية بحجة مواجهة ايران.

ويدخل الصراع الاسرائيلي على العراق ضمن قواعد جديدة لرسم ملامح المنطقة وسط تنبؤات بحرب جديدة ساحتها العراق المنتشي بنصره على داعش والطامح لاستعادة دوره الاقليمي، واطرافها كل من السعودية واسرائيل من جهة وايران وحلفائها من جهة اخرى.

وفي الجانب العراقي سيمثل هذا التحول الجديد ضغوطا اخرى على الحكومة التي تواجه تحديات داخلية وخارجية كبيرة، ففي الداخل لم يستطيع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي حسم ملف الوزرات الامنية وبعض الوزارات الاخرى، كما ان ملف الخدمات والوظائف يهدد بانهيار المعادلات السياسية القديمة، اما في الخارج فان أي صراع اقليمي سيجعل السياسة الخارجية العراقية اسيرة للتجاذبات ما يقلل من فرص تحقيق اهدافها القومية.

اضف تعليق