q
تطورات جديدة شهدتها قضية ماثيو هيدجز، البريطاني الجنسية، والمحكوم عليه من قبل القضاء الاماراتي بالسجن المؤبد بتهمة التجسس لصالح المخابرات البريطانية (إم.آي6)، حيث أصدر رئيس دولة الإمارات خليفة بن زايد آل نهيان، عفوا رئاسيا عن مئات السجناء بمناسبة العيد الوطني الـ47 وشمل العفو الجاسوس البريطاني...

تطورات جديدة شهدتها قضية ماثيو هيدجز، البريطاني الجنسية، والمحكوم عليه من قبل القضاء الاماراتي بالسجن المؤبد بتهمة التجسس لصالح المخابرات البريطانية (إم.آي6)، حيث أصدر رئيس دولة الإمارات خليفة بن زايد آل نهيان، عفوا رئاسيا عن مئات السجناء بمناسبة العيد الوطني الـ47 وشمل العفو الجاسوس البريطاني ماثيو هيدجز، الذي اعتقل بمطار دبي قبل 5 أشهر، وهو ما قد يسمح وبحسب بعض المصادر بفتح صفحة جديدة بعد تأزم العلاقات بين الإمارات والمملكة المتحدة.

وكانت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الاماراتية قد أعلنت أن عائلة هيدجز قامت بتقديم التماس بالعفو إلى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ، وذلك من خلال إرسال رسالة شخصية إليه ، وقد قام موظفو القنصلية البريطانية بنقل الرسالة عبر القنوات الرسمية. وذكرت وكالة أنباء الامارات أن وزارة شؤون الرئاسة أعلنت عقب ذلك أن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة أصدر عفواً رئاسياً بأثر فوري ويشمل العفو الرئاسي المُعتاد لليوم الوطني اسم هيدجز ضمن قائمة المَعفى عنهم ويُسمَح له بمغادرة الدولة فور اكتمال الإجراءات الرسمية.

وكانت النيابة العامة قد أحالت في وقت سابق المتهم ماثيو هيدجز — بريطاني الجنسية — إلى محكمة أبوظبي الاستئنافية لمحاكمته عن الاتهامات المنسوبة إليه بالسعي والتخابر لمصلحة دولة أجنبية مما من شأنه الإضرار بمركز الدولة العسكري والسياسي والاقتصادي. وبحسب النيابة العامة فقد تمت إحالة المتهم المذكور إلى المحاكمة بناء على أدلة قانونية أسفرت عنها التحقيقات القضائية التي أجرتها النيابة العامة معه في ظل ضمانات كاملة لحقوق المتهم اثناء إجراء تلك التحقيقات وفقاً للدستور الإماراتي وقوانين الدولة، فضلا عن متابعة سفارة دولته.

وقال وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هنت في وقت سابق بعد صدور حكم السجن المؤبد: "أشعر بصدمة كبيرة وبخيبة أمل لسماع الحكم الصادر اليوم. لقد أثرت شخصيا قضية ماثيو هيدجيز على أعلى المستويات في الحكومة الإماراتية، بما في ذلك خلال زيارتي إلى أبو ظبي يوم 12 نوفمبر. وقد تحدثت حينها مع ولي العهد الأمير محمد بن زايد ووزير الخارجية عبد الله بن زايد". وتابع قائلا: "لكن الحكم الصادر اليوم ليس ما نتوقعه من شريك صديق وموثوق للمملكة المتحدة، ويتعارض مع الضمانات التي أعطيت سابقا… مسؤولونا القنصليون على اتصال وثيق مع ماثيو هيدجيز وعائلته. وسوف نواصل بذل كل المستطاع لمساعدته".

وأردف الوزير البريطاني: "قد أوضحت مرارا وتكرارا بأن تعامل السلطات الإماراتية فيما يتعلق بهذه القضية ستكون له تداعيات على العلاقات بين بلدينا، وهي علاقات يجب أن تُبنى على الثقة. من المؤسف أننا وصلنا إلى هذا الوضع، وإنني أهيب بالإمارات إعادة النظر بالحكم". واعتقل هيدجيز، وهو طالب دكتوراة في جامعة درم البريطانية في 5 مايو/أيار الماضي في دبي، وتقول الإمارات إنه قدم إليها تحت غطاء باحث أكاديمي، لغرض التجسس لمصلحة دولة أجنبية ونيابة عنها، ما يعرض للخطر الجيش والاقتصاد والأمن السياسي للإمارات العربية المتحدة". وقيل إن الطالب البريطاني أجرى مع مصادر مقابلات تناولت السياسة الخارجية واستراتيجية الأمن الإماراتيتين.

هيدجز يصل لندن

وفي هذا الشأن ذكر ت مصادر اعلامية أن الأكاديمي البريطاني ماثيو هيدجز وصل إلى مطار هيثرو في لندن يوم الثلاثاء بعد يوم من عفو الإمارات عنه بعدما صدر ضده حكم بالسجن المؤبد لإدانته بالتجسس. وشكر هيدجز وزارة الخارجية البريطانية لضمان عودته بسلام إلى بلاده. وقال في بيان ”شكرا جزيلا للسفارة البريطانية ولوزارة الخارجية على جهودهما في ضمان عودتي بسلام إلى الوطن“.

وعفت الإمارات عن هيدجز بعد عرض تسجيل مصور يظهر فيه وهو يعترف بأنه عضو بجهاز المخابرات البريطاني (إم.آي6). ونفت بريطانيا أنه جاسوس ورحبت بالعفو. وكان هيدجز، طالب الدكتوراه بجامعة درم الذي يبلغ من العمر 31 عاما، محتجزا منذ الخامس من مايو أيار عندما ألقت السلطات الإماراتية القبض عليه في مطار دبي الدولي بعد زيارة بحثية استغرقت أسبوعين. ووصفته أسرته وزملاؤه بأنه باحث متفان أوقعته الظروف في متاعب مع الأمن ونظام العدالة في الإمارات.

أما الإمارات فصورته جاسوسا حصل على محاكمة عادلة في جرائم تجسس خطيرة. ووترت القضية العلاقات بين الإمارات وبريطانيا، البلدين الحليفين منذ وقت طويل، ودفعت لندن لإصدار رد دبلوماسي قوي بعد صدور الحكم ، مع التحذير من أنه قد يضر بالعلاقات. وأصدر رئيس الإمارات العفو عن هيدجز بأثر فوري ضمن عفو عام شمل أكثر من 700 سجين بمناسبة العيد الوطني للبلاد.

ورحب وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت بالقرار ووصفه بأنه ”نبأ رائع“. وأضاف ”رغم أننا لا نتفق مع الاتهامات فإننا ممتنون للإمارات لحل القضية بسرعة“. وألمحت الإمارات إلى أنها تعمل على التوصل ”لتسوية ودية“ للقضية بعد أن وصفت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي الحكم بسجن هيدجز بأنه مخيب للآمال بشدة.

وذكرت دانييلا تيجادا زوجة هيدجز أنه ظل في الحبس الانفرادي لأكثر من خمسة أشهر وأن الأدلة ضده ضمت ملاحظات من بحث أطروحته للدكتوراه. وأضافت أن جلسة المحكمة استمرت أقل من خمس دقائق. ورفض سفير الإمارات في لندن هذه الرواية وقال إن القضية ”خطيرة للغاية وأنه لم تكن ”هناك محكمة صورية لمدة خمس دقائق“. وقبل دقائق من إعلان العفو عرض متحدث باسم الحكومة على الصحفيين تسجيلا مصورا يعترف فيه هيدجز بأنه عضو في جهاز المخابرات البريطاني (إم.آي6) وكان يجمع معلومات عن الأنظمة العسكرية التي تشتريها الإمارات.

وخلال التسجيل الذي لم يكن مسموعا بعض الأحيان، وظهر مصحوبا بترجمة على الشاشة لم يتسن التحقق منها بشكل مستقل، قال هيدجز فيما يبدو أنه كان يتقرب من مصادره بصفته طالب دكتوراه. وقال المتحدث جابر اللمكي إن هيدجز قطعا عميل سري وكان يسعى لسرقة أسرار قومية حساسة ومنحها لمن يدفعون له. وأضاف ”قد أثبتت الأدلة التي عُرضت على المحكمة من قبل النيابة العامة التهم المسندة للسيد هيدجز والتي أكدها كذلك اعترافه الصريح بقيامه بالتخابر لصالح دولة أجنبية، الأمر الذي لا يقبل الجدل بإدانة السيد هيدجز“.

ولم يستقبل اللمكي أسئلة بشأن القضية. وقال إن هيدجز كان يهدف إلى ”جمع وتحليل المعلومات عن متخذي القرار بالدولة بما فيهم أفراد من الأسر الحاكمة“ وبيانات اقتصادية تتعلق بشركات استراتيجية. وقال اللمكي ”نظرا لشبكة العلاقات الكبيرة التي أسسها المدان نتيجة عمله السابق“ مع مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري ومقرها دبي ”تم تعيينه من قبل أحد أجهزة الاستخبارات، وذلك لمعرفة هذا الجهاز بالعلاقات التي يملكها هيدجز مع الأوساط العسكرية والأمنية في الإمارات... وتم إسناد مهمة العودة إلى الإمارات تحت غطاء باحث أكاديمي“.

وشككت أسرته في الرواية الإماراتية. وقالت إن أطروحته ركزت على الهياكل الأمنية والقبلية وتوطيد السلطة السياسية في أبوظبي وهي موضوعات ذات حساسية في الإمارات. وليس لدى الإمارات، شأنها شأن معظم دول الخليج العربية، تسامح يذكر تجاه الانتقاد العلني لأعضاء الأسرة الحاكمة أو كبار المسؤولين أو سياساتها وتحاكم نشطاء مطالبين بالديمقراطية لما تصفه بإهانة قادة الدولة.

رد بريطاني

من جانب اخر أعربت لندن عن امتنانها للإمارات، بعد إصدار الأخيرة عفوا رئاسيا عن الجاسوس البريطاني ماثيو هيدجز. وقال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت: "أنباء رائعة عن ماثيو هيدجز... رغم أننا لا نتفق مع الاتهامات لكننا ممتنون لحكومة الإمارات لحل القضية بسرعة". بدورها رحبت زوجة هيدجز بقرار حكومة الإمارات الإفراج عن زوجها وقالت إنها "تترقب بشدة عودته للوطن". وأضاف هانت أنها "لحظة حلوة ومرة" في نفس الوقت، لأنه يفكر في أبرياء ما زالوا محتجزين في إيران، مضيفا: "لن تتحقق العدالة حتى يعودون هم أيضا إلى الوطن سالمين"، وذلك بحسب ما نقلت عنه وكالة "رويترز".

ولعل التركيز البريطانى على قضية السجناء البريطانيين فى إيران هو أحد القضايا الرئيسية التى تحمل صدى كبير فى الداخل البريطانى فى المرحلة الراهنة، فى ظل الوضع الصعب الذى تعانيه حكومة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى فى المرحلة الراهنة، على خلفية المواجهة الشرسة التى تواجهها مع حزب العمال البريطانى، بسبب سياستها حول مسألة الخروج من الاتحاد الأوروبى، حيث كانت مسألة السجناء البريطانيين فى إيران أحد القضايا التى سبق وأن أثارها رئيس الحزب المعارض جيريمى كوربين، حيث سبق له وأن دعا إلى تقوية العلاقات مع طهران كوسيلة لدفعها لإطلاق سراح السجناء البريطانيين القابعين هناك. وفي وقت سابق اعتبرت صحيفة "الجارديان" أن حكم المحكمة الإماراتية يمثل خرقا لحقوق الإنسان، كما أعربت عن تقديرها في نفس الوقت لموقف وزير الخارجية البريطاني "جيرمي هانت" بالتضامن مع الباحث.

اضف تعليق