q
في سوريا تتشابه البدايات والنهايات، تبدأ ثورة بطريقة مفاجئة يجتمع العالم ضد الرئيس بشار الأسد، ينقلب عليه الجميع حتى أصدقائه في انقرة والرياض، بعد سبع سنوات يعود المشهد الى الصورة التي انقلب منها، الكل يخط ود الرئيس، وبعضهم يدافع عنه كما تفعل إسرائيل...

في سوريا تتشابه البدايات والنهايات، تبدأ ثورة بطريقة مفاجئة يجتمع العالم ضد الرئيس بشار الأسد، ينقلب عليه الجميع حتى أصدقائه في انقرة والرياض، بعد سبع سنوات يعود المشهد الى الصورة التي انقلب منها، الكل يخط ود الرئيس، وبعضهم يدافع عنه كما تفعل إسرائيل.

في اخر الاخبار عادت مملكة البحرين من بعيد لقلب صفحة التوتر التي سادت مع سوريا طوال السنوات الماضية، واستغل وزير خارجيتها الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ليقوم بمصافحة حارة مع نظيره السوري وليد المعلم.

لم يكتفي الوزير البحريني بهذه المصافحة "الأممية"، انما عاد في اليوم التالي وصرح عبر قناة "العربية" السعودية ليؤكد انه قام بهذا السلوك الدبلوماسي مع الوزير السوري وليد المعلم على اعتبار ان الأخير يمثل الحكومة الرسمية في دمشق، "الحكومة السورية هي الحكم في سوريا، ونحن نعمل مع الدول وإن اختلفنا معها، وليس مع من يُسقط هذه الدول". هكذا علق خالد بن حمد ال خليفة على اللقاء الذي اثار جدلا واسعا.

في السنوات الماضية أصبحت البحرين البوابة الخلفية للسعودية، تُحَرّكها متى ارادت ان تفتح منافذ السياسة الإقليمية المغلقة، فقبل اشهر دفعت شخصيات بحرينية الى زيارة إسرائيل بذريعة الحوار الديني ونشر التعايش السليمي، وتبادلت المنامة وتل ابيب الزيارات قالت الأخيرة انها تعزز علاقاتها مع دول خليجية أخرى أهمها السعودية والامارات، ومهدت هذه اللقاءات مع سعي حثيث لزيادة وتيرة التطبيع العلني بين إسرائيل والسعودية، وختمت الأسبوع الماضي باجتماع جمع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ورئيس جهاز الموساد الإسرائيلي عاموس يدلين.

وفي الشأن السوري لا تختلف التحركات الدبلوماسية عن القاعدة العامة لقطع العلاقات او اعادتها، فالاستراتيجية السعودية وحلفائها تجاه سوريا عموماً تغيرت منذ أن أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان آل سعود، في حديثه مع صحيفة "التايم" الأمريكية في أبريل الماضي، دعمه أن الحكومة برئاسة بشار الأسد "قوية".

لكن لدى السعودية شرط لكي تعيد علاقاتها الى سابق عهدها مع سوريا، وهو شرط وضع على طاولة الحكومة العراقية واللبنانية، انه "متلازمة النفوذ الإيراني"، فكل الحكومات يجب ان تقكع علاقاتها مع طهران كما يحلو للرياض، قال محمد بن سلمان حول هذه القضية: "أعتقد أن بشار باقٍ في الوقت الحالي، وأن سوريا تُمثل جزءاً من النفوذ الروسي بالشرق الأوسط لمدة طويلة جداً، ولكنني أعتقد أن مصلحة سوريا لا تتمحور حول ترك الإيرانيين يفعلون ما يشاؤون في سوريا على المدى المتوسط والبعيد، وذلك لأنه إن غيرت سوريا أيديولوجيتها حينها بشار سيكون دُميةً لإيران".

لكن هل تستطيع السعودية ابعاد ايران من سوريا بعد كل ما جرى والضحايا الذين فقدهم الحرس الثوري؟ تكمن قوة الموقف الإيراني في نزوله للميدان والسيطرة على الأرض وهي استراتيجيته المعمولة في دول أخرى مثل العراق ولبنان واليمن وهي ذات الاستراتيجية التي اتبعت في سوريا.

وتتركز قوة الرياض في المال، والمرحلة القادمة تتطلب مليارات الدولارات لاعادة الاعمار، ومن هنا يمكن للسعودية ان تعود بقوة الى سوريا والهدف ليس اسقاط بشار الأسد كما كان عادل الجبير يعزف هذه السمفونية طوال سنوات، انما تعزيز مكانته في مواجهة ايران، وقد اعطى الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز خلال زيارته الأخيرة الى روسيا_ اعطى وعودا بمشاركة فاعلة في إعادة اعمار سوريا مشترطا ابعاد ايران من هناك.

التحركات السعودية ربما جاءت متاخرة فالامارات والأردن وحتى إسرائيل قد بدأوا استراتيجية جديدة تجاه سوريا قائمة على تعزيز التعاون مع بشار الأسد والهدف التخلص من النفوذ الإيراني، وبينما حسمت تل ابيب موقفها واعلنته بدون خجل، لا تزال الدول العربية الأخرى تعمل عبر أجهزة المخابرات.

الدول العربية والغربية تفتح صفحة جديدة من تاريخ سوريا، عنوانها صداقة علنية مع الرئيس بشار الأسد، وهدفها اسقاط النفوذ الإيراني الذي تعاظم خلال سنوات الحرب العربية والغربية على سوريا، انه تنازل جديد تقدمه هذه الدول لصالح ايران فهي تعترف ضمنيا ان حليف ايران يحق له الاستمرار بالحكم شريطة طرده الإيرانيين، وهو مطلب غير مفهوم واكثر تعقيدا من مطلب اسقاط الأسد الذي منعت طهران تطبيقه على ارض الواقع.

اضف تعليق