q
{ }
نظم مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجة حلقته النقاشية الشهرية تحت عنوان الاشكاليات القانونية والسياسية للتعامل مع الاحتجاجات الشعبية في العراق، في الدول الديمقراطية، لابد أن تكون هناك استجابة وتعاطي ايجابي من قبل السلطات مع الاحتجاجات الشعبية، طالما هذه المطالب هي مطالب مشروعة، وهذه الحقوق المفقودة...

نظم مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجة حلقته النقاشية الشهرية تحت عنوان "الاشكاليات القانونية والسياسية للتعامل مع الاحتجاجات الشعبية في العراق" يوم الاربعاء الموافق 26 تموز 2018 في قاعة جمعية المودة في محافظة كربلاء.

 استضاف المركز كل من الأستاذ المساعد الدكتور على سعد عمران/ رئيس قسم القانون في معهد العلمين للدراسات العليا في محافظة النجف الاشرف، والاستاذ المساعد الدكتور حسين احمد السرحان/ رئيس قسم الدراسات السياسية في مركز الدراسات الاستراتيجية -جامعة كربلاء ورئيس قسم حقوق الانسان في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، وبحضور نخبة من الشخصيات الاكاديمية والسياسية والاعلامية.

ترأس الجلسة الاستاذ الدكتور خالد عليوي العرداوي/ مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية. واكد في مقدمة له "ان الاحتجاجات الشعبية تحصل في اي بلد من بلدان العالم، ونجد أن هذا الاحتجاجات في الغالب تنتهي باستجابة السلطات لمطالب المحتجين. وفي الدول الديمقراطية، لابد أن تكون هناك استجابة وتعاطي ايجابي من قبل السلطات مع الاحتجاجات الشعبية، طالما هذه المطالب هي مطالب مشروعة، وهذه الحقوق المفقودة دفعت المتظاهرين في محافظات وسط وجنوب العراق الى الخروج للشارع".

 وأضاف "ان هذه المطالب لا تتضمن اسقاط النظام السياسي في العراق أو اسقاط نظام الحكم، انما في اغالبها تركز على توفير الخدمات والبنى التحتية، وتوفير فرص العمل، ناهيك عن المشاكل والتحديات التي يوجهها الشباب في عموم المجتمع العراقي. وهذه الاحتجاجات كفلها الدستور العراقي الدائم لعام (2005)، وهذا الدستور كما يعرف المختصون هو دستور نظام ديمقراطي، ويتضمن باب من الابواب المهمة يحمي الديمقراطية ويحمي حقوق الانسان، الا وهو باب الحقوق والحريات، لكن للأسف لاحظنا خلال هذه الاحتجاجات في الاسابيع الماضية تصدي بالقوة من قبل الاجهزة الامنية قاد الى سقوط شهداء وعدد كبير من الجرحى من المحتجين أو من قوى الامن، ايضا لاحظنا هناك تضييق على الحقوق والحريات من خلال تقييد حرية الرأي والتعبير ومنها منظومة الانترنيت. بالتالي يحق لنا أن نسأل هل ما حصل في العراق هي اجراءات دستورية؟ هل الدستور العراقي سمح للأجهزة الامنية ان تقتل المتظاهرين السلميين؟ هل الدستور العراقي سمح للمتظاهر ان يعتدي على القوى الامنية وأن يحرق املاك الدولة وأن يعتدي على الاملاك العامة والخاصة؟ فاذا سمح الدستور بذلك يبدو أن دستورنا يحتاج إلى مراجعة، وإذا لم يسمح فلابد أن يكون هذا الفعل هو خرق للدستور سواء كان ينتمي الى السلطة العامة أو إلى عموم الناس".

الاشكاليات القانونية:

في سياق ذلك استضاف مركز الفرات الاستاذ المساعد الدكتور على سعد عمران رئيس قسم القانون في معهد العلمين للدراسات العليا في النجف الاشرف ليستعرض من خلال ذلك اهم الاشكاليات القانونية التي تصب في ذات الموضوع.

أكد الدكتور علي سعد عمران "انه فيما يخص موضوع التظاهرات فلابد من اعطاء كلمة سريعة بحق التظاهر في العراق، وكيف نظرت السلطة العامة في العراق إلى حق العراقيين في إبداء آرائهم والتعبير عما يختلج أنفسهم من كلمات يريدون قولها أو يهتفون بها عاليا. فقد نظرت السلطة العامة في العراق لهذا الموضوع على مدار الحقبة التاريخية من النظام الملكي ولحد اليوم عبر عدد من الاطر القانونية. وبالإمكان ان نلخص مضامين تلك القوانين بالقول: أن السلطة العامة في العراق نظرت إلى حق التظاهر بانه ممنوع والاستثناء هو الجواز وهذا الاستثناء يتقيد بقيود تشريعية عديدة".

وأضاف "لذلك نرى أن هذا المنهج هو يخالف ما استقرت عليه الدول الديمقراطية، التي اباحت للمواطنين حق التظاهر لإبداء وجهات نظرهم، خصوصا إذا كانت هذه التظاهرات عفوية وغير مدعومة من حزب معين. لذا يقسم المفكرون المعاصرون التظاهرات من حيث الجهة التي تدعمها إلى (تظاهرات شعبية عفوية، وتظاهرات سياسية إذا كان مدفوعة من حزب او اية جهة سياسية أخرى، وما حدث في العراق بالتحديد يدخل في خانة التظاهرات العفوية الشعبية، فهي لاتتضمن مطالب سياسية كبيرة بقدر ما تضمنته من مطالب خدمية، ولذلك المنظرون قسموا المظاهرات من حيث الاهداف التي تريد تحقيقها، إلى مظاهرات ذات طابع سياسي ومظاهرات ذات طابع خدمي".

وأضاف، "ان التظاهرات الحالية في العراق هي تظاهرات مطلبية، لذلك كان هناك قاعدة عامة من العهد الملكي هي منع التظاهرات واجازتها استثناء، مع وجود مجموعة من القيود التشريعية الكثيرة في هذا الموضوع. هذه القيود بعضها لصالح النظام العام والامن في العراق، وبعضها لصالح السلطات أكثر من كونها لصالح الافراد. والان نتحدث في سياق دستور عام (2005) وليس عن حقبة تاريخية بعيدة. في دستور (2005) المادة (38) من الدستور بينت بانه للعراقيين حق (الاجتماع والتظاهر السلمي) وينظم هذا الحق بقانون".

 واكد "الى الآن لم يسن القانون الذي يجب أن ينظم الحق في التظاهر السلمي. كما ان التظاهرات غير السلمية التي يستخدم فيها السلاح والعنف تخرج عن نطاق الحماية الدستورية لأنها تعتبر اعتداء على القانون. لذلك الكلام كله ينصب على التظاهر السلمي، وهذا التظاهر السلمي لم يُشرع له مجلس النواب قانون، رغم وجود مشروع قانون تم قراءته مره واحدة وأدخلت عليه التعديلات ولا زال الخلاف عليه مستمر. وهذ القانون ايضا بحاجة إلى قانون آخر رديف له يبين التعويض عن الاضرار التي تحدث خلال التظاهرات".

واشار الدكتور عمران الى ان "هناك نقطتين اساسيتين في هذا الموضوع؛ هما التنظيم القانوني للتظاهرات، واشكالية تعويض الاضرار التي تصيب المواطن ومن المسؤول عنها. في العراق هناك امر لسلطة الائتلاف المؤقت المنحلة بالرقم (19) هو حرية التجمع والاجتماع. ينظم هذا الامر حالة التجمع في الوقت الذي كان يرزح العراق فيه تحت طائلة الاحتلال الامريكي. هذا الامر اعطى الحق في التظاهر بصورته الاستثنائية، علما أن القاعدة العامة التي كانت فيه هي منع التظاهرات. وبطبيعة الحال فرض مجموعة من القيود، هذا الامر الان يُطبق في العراق على التظاهر السلمي والاجتماع.

السؤال هو كيف تتعامل السلطات المحلية مع تنظيم التظاهرات ام يجب أن تُنظم بقانون؟ الجواب هو ان الدستور أكد على وجوب تنظيمها بقانون. بمعنى أن مجالس المحافظات والمحافظين لا يتدخلوا في تنظيم هذه الحرية، بل في مراقبة سيرها وفي عدم خرقها للقانون بل يجب ان تنظم بقانون. هذه قضية اساسية ولكن حصل خلاف ذلك في بعض المحافظات. بالتالي السؤال هو كيف يُنظر إلى تعويض الأشخاص الذين تضرروا من هذه التظاهرات؟ القانون العراقي مع الاسف جاء مفتقرا إلى هذا التنظيم القانوني وهو على خلاف بعض الدول العربية كمصر وبعض دول العالم الاخرى كفرنسا، فهناك تنظيم قانوني للتعويض عن الاصابات التي تحدث نتيجة للتظاهرات، وهم اعتمدوا على مبدأ (المخاطر الاجتماعية)، بمعنى أن الدولة تعوض من يصيبه الضرر، انطلاقا من مبدأ التكافل الاجتماعي الذي يشير اليه فقهاء القانون".

 اما مايتعلق بالعراق، نتساءل من الذي يتحمل التعويض في العراق؟ القانون العراقي يقول ان التعويض يعود على محدث الضرر، وإذا لم يعرف محدث الضرر فالمشرع العراق يحيل المتضرر إلى المبادئ العامة للقانون التي توصي بأخذ الضرر والتعويض وفق المبادئ العامة، علما أن المبادئ العامة تشير إلى أن التعويض يقوم على ثلاثة اركان وهي (سبب/ وضرر/ وعلاقة سببيه). وهذا لن يوصلنا الى شيء، لذلك يفترض انه هذه القضية تعالج في التشريعات العراقية، السؤال الاهم من الحصول على التعويض، هل هناك اجازة في القانون للاعتداء على المتظاهرين لإطلاق العيارات النارية وقتل المتظاهرين؟

 وفي جوابه عن ذلك، أكد الدكتور عمران ان الدستور العراقي اعطى لحق الحياة حرمة خاصة، واكد أن هذا الحق من (الحقوق غير القابلة بالمس)، لذلك الحق في الحياة مقدس. بالتالي فإن انتهاك هذا الحق يعد جريمة بنظر المشرع الدستوري. وإذا خرجنا من نطاق الدستور إلى القوانين العراقية فهل تجيز لعنصر الامن إطلاق النار على المتظاهرين؟ طبعا لا يوجد نص في أي قانون عراقي يتحدث عن جواز إطلاق النار على المتظاهرين وقتلهم. إطلاق النار يتم من خلال التحذير وتفريق المظاهرات لأسباب وحالات، منها مثلا الخوف على الامن العام في منطقة معينة، وهذا يتحقق من جراء الخوف على حرمة النفس وحرمة المال، اما القتل فلم يجوزه القانون".

 وأضاف "هناك قانون يسمى (قانون واجبات رجل الشرطة في العراق) صدر عام (1980)، وهذا القانون تعامل مع هذا الموضوع واكد أن رجل الشرطة لا يطلق النار على المتظاهرين الا في حالة الدفاع عن نفسه وعن نفس الاخرين، بخلاف هذه القاعدة لا يجوز اطلاق النار على المتظاهرين. وبالتأكيد فإن قضية قتلهم تخضع إلى أحكام قانون العقوبات العراقي، والعقوبة في قانون العقوبات العراقية في جرائم القتل وهي نوعين؛ جرائم القتل الخطأ، وجرائم القتل العمد. لذا نخلص بالقول الى أن حالة التظاهرات عبارة عن معادلة، والطرف الاول هو المتظاهر وحقوقه المشروعة، والطرف الثاني هو نظام الدولة وامن الدولة وامن الشعب، فكيف نحقق هذه الموازنة؟".

"هذا الموازنة تحكمها جهتين هما؛ الجهة التشريعية اي مجلس النواب، الذي يفترض أن يسن قوانين تعالج تنظيم حق التظاهر والمسؤولية عن الاضرار التي تصيب الافراد خلال التظاهرات، والجهة الثانية هي السلطة التنفيذية سواء كانت اتحادية أو محلية، فكيف تتعامل مع المتظاهرين في حدود القانون دون جواز الخروج عن القانون؟ وعندما يعتقل المتظاهر، ما هو السند القانوني لهذا الاعتقال؟ الدستور واضح وهو يؤكد انه لا يجوز توقيف أحد الا بحكم قضائي من قاضي التحقيق، فلذلك يجب على سلطات الدولة عندما تتعامل مع المتظاهرين أن تتقيد بأحكام القانون والدستور، بالمقابل يجب على المتظاهرين ايضا أن لا يقوموا بأعمال تخريبية ولعلها تفسد تلك المطالب المشروعة التي خرجوا من اجلها".

الاشكاليات السياسية:

من جانبه تعرض الاستاذ المساعد الدكتور حسين احمد السرحان رئيس قسم الدراسات السياسية في مركز الدراسات الاستراتيجية/ جامعة كربلاء، ورئيس قسم حقوق الانسان في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية الى حقيقة مفادها : ان النظام السياسي في العراق يصنف ضمن مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية، وليست التحول الديمقراطي وهي المرحلة اتي تشهد وضع المؤسسات ووضع الاطر القانونية والتشريعية والدستورية، والتي ستمكننا لاحقا من الدخول في مرحلة التحول الديمقراطي وهو المرحلة الثانية في طريق النظام الديمقراطي، نعم نحن نظام سياسي ديمقراطي في الدستور العراقي، لكنه للأسف، لحد الان لم نجتاز مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية، والبعض يرى باننا تجاوزنا هذه المرحلة بوجود قانون انتخابات وبوجود قوانين ومبادئ دستورية بفصل السلطات، لكنه للأسف هذه لم تتماسك بشكل صحيح، ولهذا اطلقنا تسمية ما سنوضحه لاحقا بالإشكاليات السياسية. القصد نحن لم نستطع تجاوز هذه الاشكاليات وهذه المحطات بالاتجاه الصحيح، ولذلك هي بقيت متلازمة. وما ينظر له كأسباب للتظاهرات في الوقت الحالي، هي نتائج لهذه الاشكاليات السياسية والدستورية".

* شهدت المحافظات الجنوبية والوسطى وصولا الى العاصمة بغداد في العراق حركة احتجاجات واسعة مع بداية تموز الجاري اعتراضا على تردي خدمات الطاقة الكهربائية وازمة ملوحة المياه الصالح للشرب وخدمات التربية والتعليم والصحة وخدمات البلدية.

* لم تكن هذه الاحتجاجات الاولى بعد 2003، بل سبقتها حركة تظاهرات في العاصمة بغداد (ساحة التحرير) عام 2011 احتجاجا على تردي الخدمات في القطاعات كافة، الا انها جوبهت بهجمة قوية اعلاميا وسياسيا. كما شهدت البلاد تظاهرات خلال الاعوام السابقة ولاسيما في شهر الصيف اللاهب تموز وآب. ولكن سرعان ما خفتت بعد انخفاض درجات الحرارة والدخول في فصل الخريف الذي تتوفر فيه الطاقة الكهربائية ليس لزيادة في الانتاج ولكن لقلة في الاستهلاك. وهي تظاهرات تبنتها تيارات مدنية ودأبت على التظاهر في كل يوم جمعة من كل اسبوع واستمرت لما يقارب السنتين حتى أعلن التيار الصدري دعمه لها وزج بجماهيره فيها مما ضاعف العدد كثيرا، الامر الذي حفز الجهات الامنية لاسيما المكلفة بحماية المنطقة الخضراء الى الوقوف بوجهها وحدثت صدامات قُتل على اثرها عدد من المتظاهرين واصيب الكثير وتوجت بدخول المنطقة الخضراء واقتحام مبنى البرلمان.

* نعم التظاهرات الحالية هي امتداد لتلك النسخ من التظاهرات وتؤشر استمرار تراكم الفشل في الاداء الحكومي وباقي مؤسسات الدولة. ولكن في الاحتجاجات الحالية –مع انها لاتختلف في التوقيت والاسباب والعفوية– الا ان هناك مجموعة من الاختلافات والتمايزات بينها وبين ما سبقها من حيث من حيث موقف القوى السياسية منها لاسيما التي دعمت المظاهرات السابقة، ومن حيث الجهة التي تقودها، فضلا عن جانب الانتشار.

* لذا نحاول في هذه الورقة توضيح مجموعة من الامور للوصول الى هدفنا في الوقوف على اهم الاشكاليات السياسية المترتبة على التعامل مع حركة الاحتجاجات الشعبية في العراق من قبل مؤسسات الدولة، وهي كالآتي:

- اسباب وطبيعة الاحتجاجات الشعبية واختلافها عن سابقاتها.

- الآثار المترتبة على التعامل مع المحتجين:

• الآثار السياسية وحقوق الانسان

• الآثار الامنية

• الاثار الاقتصادية

- الموقف الدولي منها.

أولاً: اسباب وطبيعة الاحتجاجات الشعبية واختلافها عن سابقاتها.

1-الاسباب

* انطلقت شرارة الاحتجاجات من قضاء المْدينَة في محافظة البصرة جنوب العراق احتجاجا على شبه انعدام الخدمات كافة، السبب والنتيجة في ذات الوقت. فهو سبب مباشر للاحتجاجات وهو نتيجة تؤطرها صورة تراكم فشل الاداء الحكومي -كما باقي مؤسسات الدولة -على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية والثقافية وغيرها.

لكن لماذا بدأت الاحتجاجات من هذا القضاء الواقع شمال محافظة البصرة؟

# من متابعة ظروف القضاء نتمكن من التثبت ان الاحتجاجات عفوية. يقع القضاء على الشريط النفطي ومحاط بالحقول النفطية وهي حقل غرب القرنة 1 و2. فيه عدد سكان كبير جدا بالنسبة لعدد سكان المحافظة. القضاء منطقة زراعية ويمر نهر الفرات باتجاه واحد باتجاه القرنة ويكون النهر ملاصقا لجانب واحد من قضاء المْدينَة قادما من مدينة الجبايش. سكان القضاء مستفيدين من مرور نهر الفرات ويعد مصدر لمياه سقي مزارع النخيل ومياه الشرب.

# وبسبب وقوعه على الشريط النفطي، استحوذت وزارة النفط والشركات النفطية على مساحات واسعة من الاراضي الزراعية مقابل تعويضات مالية قليلة. وهذا ان السبب المباشر في تردي الزراعة وشبه انعدامها في القضاء، لك القطاع الي يشغل نسبة كبيرة من الايدي العاملة، فضلا عن الاسباب غير المباشرة المتمثلة بغياب السياسيات الزراعية والتخطيط وعدم حماية المنتج والتي تشمل القطاع الزراعي في العراق.

# نتج عن ذلك تزايد عدد العاطلين عن العمل، والذي تزامن مع التردي الكبير للخدمات العامة وارتفاع درجات الحرارة وقد سجل القضاء ومحافظة البصرة واحد من أربع مدن رئيسة في العالم الاعلى درجات حرارة. ورغم وجود شركات النفط الا انها لم تستوعب عدد كبير من الايدي العاملة لأسباب عدة. وهذه نتيجة طبيعية لان الاستثمارات النفطية لاتستوعب سوى 1% من الايدي العاملة.

# الامر الآخر، وبسبب احاطة الشركات النفطية بالقضاء الذي يضم أكبر احتياطي للنفط في البلاد ووجود حقول غرب القرنة 1 و2، تصاعدت نسبة التلوث في القضاء مما قاد الى تزايد حالات الامراض السرطانية التي بلغت أكثر من (3600) حالة مرضية اغلبهم من الاطفال، فضلاً عن حالات التشوه الخلقي للولادات في ظل قلة العلاج وتردي الخدمات الصحية.

* طبيعة تعامل الحكومة مع الاحتجاجات التي عمت محافظة البصرة كانت سببا ايضا في توسع دائرة الاحتجاج. فالحكومة كانت تهدف الى حماية الشركات النفطية واستثماراتها بعد محاولة المحتجين اقتحام مقراتها. وهذا التعامل قاد الى سقوط قتيل وهو اسعد المنصوري وعدد من الجرحى، الامر الذي دعا عشيرته الى المطالبة بالمتسببين بمقتله. وعند عدم استجابة السلطات اصبحت العشائر هي العنصر الاساس في الاحتجاج. وهذا تطور خطير اذ انه أرسل رسالة سلبية الى عموم الشعب بأن السلطات لاتكترث بمصلحة الشعب ولم تعالج مسألة التصدي للمحتجين بالقوة.

2- طبيعة الاحتجاجات واختلافها عن سابقاتها.

* الاسباب اعلاه تبين الاحتجاجات عفوية بدأت بالمطالبة بتحسين الخدمات والاقتصاد. دون ان يكون لأي تيار سياسي او اجتماعي ثقافي دور في الدعوة لها. ولم يتم رفع علم أي جهة سياسية او دينية، بل كان العلم العراقي الحاضر فقط.

* الاحتجاجات ليست فئوية كما يحصل نتيجة احتجاج فئة معينة من المجتمع لمطالبة بحقوقها.

* لم تتبناها قوى سياسية معينة، كما في احتجاجات السنوات السابقة.

* لم تقتصر على محافظة واحدة، وبدأت بأهم محافظة اقتصاديا، فهي المدينة الاكبر المصدرة للنفط، وامنيا حيث تنشط فيها الصراعات العشائرية وانتشار المليشيات وصراعها على الموارد الاقتصادية، فضلا عن انتشار السلاح. ثم بدأت تعم المحافظات القريبة صعودا الى المحافظات الوسطى والعاصمة بغداد.

* انها تأتي بعد ان نفذت مبررات وجود الفشل بسبب الارهاب وارتفاع اسعار النفط. وبالتالي لا مبرر لنقص الخدمات. كما انها جاءت بعد ان يأست الجماهير من مواجهة الفساد والفاسدين.

* الفئات العمرية المشاركة هم من فئة الشباب والمراهقين ومنهم من لم يواكب او لم على وعي بمرحلة ما قبل 2003. وبالتالي نلاحظ ان أي اتهام لهم على انهم من أنصار حزب البعث هي سخافة. كما انهم لم يحصلوا على تعليم جيد ولا خدمات صحية وبالتالي انعدمت لديهم المهارات.

* بعد قتل واصابة عدد من المتظاهرين، تميزت الاحتجاجات الحالية بدخول العشائر على الخط وهذا ما دعى الحكومة الى التصدي لها بقوة نتيجة قوة العشائر والسلاح الذي تملكه. وها ما لم تشهده حركة الاحتجاجات السابقة.

* قدرة المحتجين على استدامة الاحتجاجات في ايام متتالية وفي عدة محافظات.

* من حيث التوقيت: تأتي الاحتجاجات في مرحلة صعبة امنيا وسياسيا. امنيا: تأتي بعد 7 أشهر من اعلان الحكومة القضاء على داعش عسكريا، ولازال الوضع الامني السليم غير متحقق. وبالتالي يتم التركيز على مواجهة خلايا داعش الارهابية النائمة التي حققت هجمات عنيفة على طريق كركوك بغداد وبعض الهجمات الاخرى. سياسيا: تأتي الاحتجاجات بعد اجراء الانتخابات البرلمانية التي جرت في 12 ايار الماضي، وماتبعها من خلاف كبير حول نتائج العد والفرز الالكتروني وعمليات التزوير والتلاعب بالنتائج. ولهذا السبب تصور رئيس مجلس الوزراء العبادي ان التيار الصدري من يقف خلف تحريك الشارع لفرض برنامجه السياسي ومواجهة السياقات التي اعتمدت في تشكيل الحكومات السابقة. وفقا لما اكده أحد الوزراء في الحكومة الحالية لموقع العربي الجديد. ولهذا كانت تمثل خطورة كبيرة على الحكومة وبعض القوى السياسية. وسياسيا ايضا، تأتي المظاهرات وسط توتر كبير تشهده المنطقة وحرب التصريحات بين إيران والولايات المتحدة الاميركية حول البرنامج النووي الايراني الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في اواخر ايار الماضي وقررت فرض عقوبات اقتصادية وحشدت حلفائها لعدم شراء النفط الايراني. ولهذا، وبعد محاولات المحتجين دخول الشركات النفطية، ذهبت بعض الآراء الى ان إيران تريد تنفيذ تهديداتها بقطع تصدير النفط في المنطقة، وبالتالي أقرب مساحة يمكنها تحقيق هدفها هو جنوب العراق وأنها حركت فصائلها المسلحة لترهيب الشركات العاملة مما يقود الى خفض انتاج النفط لاسيما وان العراق يساهم بأكثر من 4 مليون برميل/يوم في سوق الطاقة، وبالتالي وقوف تصدير هذه الكمية سيؤثر ويزعزع من استقرار سوق الطاقة وفقا لتلك الآراء.

* ايضا ماجعلها تختلف عن الاحتجاجات السابقة هو طريقة تعاطي الحكومة والاجهزة الامنية مع المحتجين والمطالب الجماهيرية سواء بمواجهتها بالقوة او الاعتقال او الترهيب او قطع الانترنت والتواصل، او الوسائل الاقتصادية. كما سنبينها في جزء لاحق من الورقة.

* القدرة على استدامة الاحتجاجات حفزت الكثير على التركيز على المشكلة الرئيسة وهي مشكلة النظام السياسي والاداري في البلد. وبدأت المطالبات بحل مجالس المحافظات وتقليص عدد اعضاء مجلس النواب.

* نتج عن غضب الجماهير مهاجمة مقرات القوى السياسية جميعا في بعض المحافظات التي شهدت احتجاجات، ونجم عنها حرق 22 مقرا حزبياَ.

ثانياً: الآثار المترتبة على التعامل مع المحتجين:

نتيجة الاسباب اعلاه، اختلف تعامل الحكومة العراقية مع حركة الاحتجاجات المستمرة والمتواصلة وفي وسط وجنوب العراق عن سابقاتها والتي شهدتها العاصمة بغداد وبعض المحافظات، ونتيجة للظرف الحالي للحكومة قانونيا، وعدم امتلاكها اية مقومات للاستجابة للمطالب، الا انها اتخذت مجموعة من الخطوات هي:

1- استخدام القوة: الامر الذي قاد الى مقتل 14 مواطن وجرح أكثر من 600 مواطن من المحتجين وقوات الامن واعتقال المئات أطلق سراح اغلبهم بعد اخذ تعهدات بعدم مشاركتهم في الاحتجاجات. وملاحقة الناشطين المدنيين.

2- اعلنت الحكومة تعهدها بتوفير فرص عمل لمحافظة البصرة وتقديم أكثر من تريليون دينار عراقي لتلبية الخدمات.

3- قطع خدمة الانترنت في وسط وجنوب العراق وضعف الخدمة في المحافظات الشمالية.

4- اللقاء مع المحتجين من قبل المسؤولين المحليين ورئيس الوزراء.

5- تحاول بعض القوى السياسية والاعلام الحكومي تحجيم حركة الاحتجاجات ومطالبها لتقتصرها على توفير الكهرباء والخدمات. كذلك لم يكن اغلب الاعلام غير الحكومي جدير بثقة الجماهير في التعبير عن طموحاتهم ومناصرة افكارهم.

6- دعوة رئيس الجمهورية القوى السياسية للقبول بنتائج العد والفرز اليدوي والاسراع بتشكيل الحكومة.

اذن ماهي الاثار المترتبة على تلك المعالجات ان صح التعبير

• الآثار السياسية وحقوق الانسان:

- تكرر الحكومة الاتحادية والاجهزة الامنية خرقها للمواد الدستورية وقواعد النظام السياسي الديمقراطي من قبيل التصدي للمحتجين بالقوة والاعتقالات العشوائية. وقطع خدمة الانترنت والتواصل مما يشكل خرقا لحرية الاتصال وهو مخالفة للمادة 40 من الدستور.

- اثبتت طريقة تعامل الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية مع الاحتجاجات على انها تعيد أبرز الاشكاليات السياسية والمتمثلة في تمسكها وتقديسها لآلية المحاصصة السياسية والحزبية في ادارة شؤون الدولة ولذلك لانجد أي مسؤول قدم استقالة.

- الدعوة للتسليم بنتائج الانتخابات هو التفاف على نقص الشرعية الكبير الذي ستمنى به السلطات التشريعية والتنفيذية القادمة.

- التعامل بوسائل اقتصادية مع احتجاجات محافظة البصرة قاد الى تمييز المواطنين في البصرة عن اقرانهم في باقي المحافظات المحتجة، مما شكل دافعا للاستمرار بالاحتجاج.

- كل التدابير اعلاه عززت من عنصر عدم الرضا الجماهيري عن مؤسسات الدولة وهذه الرسالة لم تفهمها الحكومة من المشاركة المتدنية في التصويت.

- ما تم هو مخالفة واضحة لحقوق الانسان وحرياته وهذا يجعل البلاد في مستوى متدني في مؤشرات حقوق الانسان العالمية، ويضعف من درجة موثوقية المجتمع الدولي دولا ومنظمات بالدولة العراقية ومؤسساتها.

• الاثار الامنية للتعامل مع الاحتجاجات:

- التركيز على المواجهة المباشرة للمحتجين استدعى نقل قطعات عسكرية من مناطق هي بحاجة لها الى المحافظات المحتجة. في وقت تدعو الحاجة والخطط الامنية الى تواجد تلك القطاعات في المناطق التي لازالت تتواجد فيها الخلايا الارهابية.

- تعريض السلم الاهلي والاجتماعي الى الخطر بسبب نتائج تلك المواجهات التي تحولت الى نزاعات عشائرية.

- التصدي للمحتجين بالقوة قاد الى زعزعة الاستقرار النسبي الذي تشهده محافظات الوسط والجنوب، الامر الذي دعا بعض الدول الى تحذير رعاياها من التواجد قرب الاحتجاجات، الامر الذي يرتب اثارا سياسية واقتصادية وامنية وغيرها.

- استغلال بعض الجهات الظروف الحالية لتصفية خصومها من ناشطين وحقوقيين وغيرهم. لذلك هناك تصاعد في عمليات الاغتيالات والخطف.

- كما ان اغتيال من يتبرع بالدفاع عن المعتقلين من المحتجين واعتقال وملاحقة بعض الحقوقيين ادى الى توجيه الاتهامات العشوائية للحكومة او للقوى السياسية.

- التعهد بتوفير الآلاف من فرص العمل – وان كانت غير قابلة للتطبيق – دون تحقيقها فعلا، تُزيد من نقمة الشارع وتجعله قريب من الانفجار.

• الاثار الاقتصادية للتعامل مع المحتجين:

- التداعيات الامنية – اضافة الى الفساد وتردي البنى التحتية وتخلف النظام المصرفي -جعلت العراق في وضع أكثر سوءا فيما يخص تشجيع الاستثمارات.

- كثير من التعاملات المالية التي تجري بين البنوك الخاصة العراقية مع الخارج تتم عبر توفر خدمة الانترنت، وبالتالي انعدام هذه الخدمة، قد أضر بتلك المؤسسات المصرفية ومصالحها وهي قطاع خاص وتشغل العديد من الايادي العاملة، كما ان ذلك انعكس سلبا على اسعار اسمهم القطاع المصرفي في سوق العراق للأوراق المالية الامر الذي يضعف موقفها في السوق ويضر بالمتعاملين معها.

- قطاع الاتصالات في العراق قطاع خاص سواء كانت خدمات الهاتف المحمول او شركات تزويد خدمة الانترنت، وبالتالي قطع خدمة الانترنت أضر بهذا القطاع الذي يضم ايضا نسبة كبيرة من الايدي العاملة.

- اللجوء الى احتياطي الطوارئ لتمويل بعض المحافظات وارضاء المحتجين هي ليست تلبية لمطالبهم ولايمكن ان تساهم على المدى القريب بتوفير الخدمات سوى انه ستنفق بدون تخطيط وستصنف ضمن هدر المال العام.

- اللجوء الى احتياطي الطوارئ هو إنفاق في غير محله، ويؤسس لعرف تلجأ لها الحكومات القادمة متى ما تصاعدت حركة الاحتجاج.

- اخيرا كل هذا التوسع في الانفاق العام لن ينعكس ايجابيا على مصالح المواطنين. كما انه سيجعل الحكومة بوضع سيء في إطار اتفاق الاستعداد الائتماني مع صندوق النقد الدولي ولاسيما وإننا على ابواب المراجعة الثالثة للاتفاق في ايلول القادم إذا ما تشكلت الحكومة الجديدة.

المداخلات:

الشيخ مرتضى معاش/ المشرف العام على مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام:

"نعتقد بوجود ظاهرتين في هذه القضية وهما (ظاهرة الدولة الامنية/ ظاهرة الشباب الصغير)، وهذا الامر يحتاج إلى دراسة مستفيضة على الجانب الاجتماعي، نحن كنا نتمنى أن تكون لدينا دولة ديمقراطية قائمة على العدل والمساواة، ولكن ووفق هذا الرد والقمع العجيب الغريب برزت الدولة الامنية، وهنا يمكن استذكار الحارس الشخصي للرئيس الفرنسي الذي مارس فعلا انتقاميا مع أحد المتظاهرين، وعلى خلفية هذا السلوك ممكن أن تسقط حكومة فرنسا نتيجة ضرب متظاهر. وبالتالي هذا الرد العنيف الذي مورس ضد المتظاهرين في العراق، يرمز للدولة الامنية التي تحمي مكاسب المحاصصة، التي افرزتها سيطرة الاحزاب وتحمي الدولة العميقة التي تستفيد من الفساد المستشري في داخل البلد".

اضاف معاش، "هذه ظاهرة خطيرة وهي تدل على أن الامن فوق الشعب، وهذا هو الذي يؤسس واسس للدولة الفاشلة، فالدول الناجحة تقوم على فلسفة اساسها (التعليم /التنمية /الصحة / توفير فرص العمل)، علما أن ثورة الشباب الصغير تعطينا نظرة عن هؤلاء الشباب الذين لم يحظوا بفرصة جيدة للتعليم وهو يفتقد للمهارة اللازمة للعمل. لذلك نحن امام ازمة كبيرة جدا وهؤلاء الشباب الصغير سوف يقوم بثورة كبيرة، كما أن تعسف الاحزاب والمؤسسات المسيطرة على الدولة سيزيد من رفض الجماهير للواقع، مما يؤدي الى صعود الجماعات والهويات الفرعية والعشائر لتأخذ حقها بيدها، وهذا ما لمسناه من خلال تلك التظاهرات والسبب هو عدم وجود الدولة بل مجموعة أحزاب تهيمن على السلطة، لذا لابد على صانع القرار السياسي في العراق اليوم أن يغير من قواعد اللعبة، وبالتالي يبحث عن شيء جديد يسعى لخلق دولة التعليم والصحة وتطوير المهارات حتى يستطيع الشباب أن يعمل وينظر للمستقبل بتفاؤل وأمل.

الاديب خالد مطلق العبودي/ الامين العام لمؤسسة المسرة الانسانية الثقافية:

 أكد قائلاً، "بعد سقوط نظام صدام استبشر العراقيون خيرا بدخول القوات الامريكي وقدموا لهم اكاليل من الزهور، وكانوا يتصورون أن هذا الدخول سيغير حياتهم إلى السعادة والهناء ويأخذهم إلى شاطئ السلام. واليوم تتكرر المأساة لأني أجد كثيرا من الشباب ومن المواطنين وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، ايضا يستبشرون بالدعاية التي تطلق من كون القوات الامريكية ستدخل من جديد من اجل تغيير النظام، وهذه الطامة الكبرى فأمريكا لم تدخل للعراق الا لمصالحها الخاصة".

واضاف العبودي، "بالتالي يحق لنا تسمية هذه الانتفاضة بصرخة الحق، فقد خرج المتظاهرون مطالبين بحقوقهم، ولكن أزاء ذلك نستطيع القول بان التظاهرات لم تكون عفوية بالقدر الكافي بل هي مسيسة على النحو الاكبر، والدليل على ذلك اكثر السياسيين بعد الانتخابات وقبل الانتخابات قالوا سيشهد العراق حربا اهلية، اما ما يخص فقرة القتلى التي يطلقها البعض على ضحايا التظاهرات فهذا وصف مجحف حقا وهم شهداء قولا وفعلا، بالتالي فإن السبب الاول والاخير الذي جعل المظاهرات تشمل المحافظات الجنوبية، وذلك من خلال ما نراه من سلوك حكومي لم يستطيع استقطاب المتظاهرين وتلبية مطالبهم المحقة، كما أن الوفود التي قابلت رئيس الوزراء ليست من رحم المتظاهرين".

الدكتور ايهاب علي النواب/ أكاديمي وباحث في مؤسسة النبأ:

سجل تحفظه على العنوان واكد "ان هناك فرق بين الاحتجاج والتظاهر، فخروج المتظاهرين هو من اجل تحسين الخدمات، وهذا بحد ذاته اشكالية ضد فكرة الاحتجاج الوطني الذي يفوق حالة الخصوصية التي يتعرض لها الفرد او الجماعة. ايضا السؤال هل الاحتجاج الفردي امامه اشكالية قانونية وما هو فرقه عن الاحتجاج الشعبي؟ الشيء الاخر المتظاهر العراقي اين كان موقعه من تلك الدولة وهل هناك مساحة للأمل فيها؟ أضف إلى ذلك، فإن الحراك الشعبي في الدول الاوربية أدى إلى تقدم تلك الانظمة وتطورها. ان الحكومة العراق تمضي باتجاه تكرار التجربة السابقة للنظام الديكتاتوري، وذلك من خلال قمع الحريات وقطع الانترنيت وقتل المتظاهرين وزج الآخرين بالسجون وتعذيبهم، بل الأسوأ من هذا هو الغاء التعيينات والايقاف عن العمل، بالتالي هناك سؤال يطرح نفسه اين التفاعل القانوني من قبل نقابة المحامين؟".

حسين محمد صادق موسى، باحث دكتوراه في القانون الدولي العام:

يعتقد "أن الاشكالية القانونية والسياسية هي عدم وجود سيناريو محدد لهذه التظاهرات. ففي كل دول العالم نلاحظ عندما تكون هناك تظاهرات يوجد هناك قادة لتلك التظاهرات، بالتالي القيادة هي من توصل مطالب المتظاهر العراقي الى السلطة. كذلك هناك عشائر وبحكم ذلك كل عشيرة لها مطلب يختلف عن مطلب العشيرة الاخرى، لذلك تعاملت السلطة مع هذه التظاهرات بمنطق العصا والجزرة، ايضا بالمقابل هناك مجموعة وعود منها توفير فرص عمل في محافظة البصرة خصوصا ونحن لدينا فائض عالي جدا بمستوى التعيينات الحكومية".

اضاف موسى، "الاشكالية الثانية هي كيف تتعامل الحكومة المكونة من احزاب فاسدة مع متظاهرين ضد الفساد، في البصرة على سبيل المثال هناك حزبان معروفان هما من يتقاسمان المصالح الاقتصادية في المحافظة".

الدكتور حيدر حسين أحمد آل طعمة، الباحث في مركز الفرات:

 "يستفسر عن بعض التظاهرات التي منعت من الخروج للشارع بحجة عدم حصولها على ترخيص، السؤال هل يجب أن يكون هناك اجازة لكي يخرج المتظاهرون؟ وماذا عن الخروج العفوي؟ الشيء الاخر ان المخاوف من زيادة الانفاق العام معدومة والسبب، لا تستطيع الحكومة من زيادة الانفاق خارج اطار قانون الموازنة لعام (2018)".

الحاج جواد العطار/ عضو برلماني سابق:

يرى "الاشكالية القانونية حدثت من الطرفين، من طرف التظاهرات كونها تجاوزت على الممتلكات العامة والخاصة وهذا اشكال قانوني كبير، الاشكال القانوني الاخر يرتبط بالحكومة واستخدام القوة المفرطة تجاه المتظاهرين سواء اثناء التظاهرات او ما بعد التظاهرات من اعتقالات. اما الاشكاليات السياسية فالاول هو عدم وجود قيادة، الاشكال الاخر أن المطالب غير واضحة، بالتالي يكون للحكومة مساحة لا باس بها للتمييع والتسويف، ومع ذلك يبقى التظاهر حق طبيعي".

حامد الجبوري/ باحث في مركز الفرات:

" يحتل العراق المركز (169) من أصل(180) في مؤشر مدركات الفساد العالمي، ايضا يحتل المرتبة(168) من أصل (190) دولة في مؤشر سهولة اداء الاعمال، بالتالي متى يستطيع العراق من بناء مؤسساته؟، الشيء الاخر هناك ثمة تجاهل غير اعتيادي على السلوكيات الامنية تجاه متظاهرين المناطق الغربية في السنوات السابقة.

الدكتور حميد الهلالي/ ناشط مدني:

يرى "الاجراء الذي اتخذ من قبل الدولة ضد المتظاهرين يصنف في خانة تسييس المادة (212/230)، التي تتهم المتظاهرين بأنهم عمدوا إلى الاعتداء على موظف عام. ردة الفعل من قبل المتظاهرين هي ردة فعل مشروعية، فالسلطة خلال مدة وجودها في الحكم هي تعترف من على شاشات التلفزيون بانها فاسدة. كما أن الخطاب الاعلامي للدولة كان خطابا بعثيا خصوصا وهو يتهم المتظاهرين بأنهم مندسون، كذلك زج قوات مكافحة الارهاب وباقي الاجهزة الامنية ايضا يعتبر عمل خاطئ وفيه رسائل خطيرة".

الدكتور عمران الكركوشي/ أكاديمي:

 أكد على "أن التظاهرات هي مرحلة متقدمة على الاحتجاجات، كما ان هناك ارادة قوية لتدمير هذا البلد من قبل الاطراف الداخلية والخارجية، ولذلك كان اسلوب التعامل مع التظاهرات قاسي. ايضا النخبة الثقافية والاكاديمية تتعاطى وفق مبدأ المنظر مع قضايا الدولة العراقية، لذا لابد أن نتعاطى مع الشارع بشكل فاعل وايجابي. التظاهرات انطلقت واقعا من يوم الانتخابات حيث كانت نسبة المشاركة متدنية، لذلك هناك ارادة سياسية لتدمير البلد، بالتالي على الارادة الوطنية أن تمتلك زمام المبادرة من اجل بناء الدولة".

الحقوقي احمد جويد/ مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات:

يرى "أن المرض الذي يعاني منه العراق هو حب السلطة، بالتالي الانسان في العراق هل هو غاية أم وسيلة؟ اليوم عندما نبني مؤسسات تشريعية وقانونية وقضائية واجهزة دولة فهل هي لخدمة السلطة أم لخدمة الانسان؟، للأسف في العراق أي انسان يطالب بحقه تكال له التهم، فضلا عن ذلك، الاشياء في العراق تفرض فرضا وليست في الاقناع بالتالي نحن نعيش حالة فوضى بكل ما للكلمة من معنى، لذا فالإنسان العراقي لا يثق في السلطة في العراق".

الجواب على المداخلات والاسئلة

اخيرا يرد الدكتور علي سعد عمران على جميع الاستفسارات التي أدرجها الاخوة الحضور بشكل متسلسل وتفصيلي بالقول: ابتداء الموظف الذي يتعرض للفصل تعسفيا يطعن امام قضاء محكمة العمل إذا كان عاملا في القطاع الخاص من اجل ارجاعه للعمل والموظف الحكومي بإمكانه الرجوع الى محكمة القضاء الاداري. اما فيما يخص الموافقة على التظاهرة، فان الاجراء واقعا خلاف للدستور، اما بالنسبة للفرق بين الاحتجاج والمظاهرة الاحتجاج يعتبر الخطوة الاولية. اما ما يخص الاجراءات التي تتخذ ضد من يقتل المتظاهرين فيحالون إلى القضاء.

ايضا رد الدكتور حسين احمد السرحان بأن اقتحام مباني الدولة الرسمية امر غير مقبول وهي ثقافة غير جيدة، اما ما يخص مطالب المتظاهرين فتصل للسلطات من خلال قنوات عدة منها الاعلام والبيانات وتحشيد الرأي العام. وبالنسبة لمطالب المتظاهرين فإنها تتحول تدريجيا الى مطالب سياسية إذا ما تم تجاهلها من قبل مؤسسات الدولة. وفيما يخص بناء المؤسسات فالأمر يحتاج الى اتفاق وطني على مشروع بناء الدولة. لذا يرى السرحان ضرورة أن نحول الازمة إلى فرصة، وأن نستغل ضغط الجماهير باتجاه محاسبة الفاسدين وهذا الخيار مطروح امام السيد العبادي.

* مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية/2004-2018 

www.fcdrs.com

 

اضف تعليق