q
تسليم ثروات البلاد، لاسيما النفط، في هذه الظروف التي تشهد فيها المنطقة واقعا قلقا سياسيا واقتصاديا وامنيا، للفاسدين والفاشلين ممن نهبوا الاموال واساؤا الادارة، يمثل خروجا من الازمات التي تشهدها المحافظات، ام انه ازمة مضافة تعمل على صناعتها اياد خفية داخليا وخارجيا، لتحقيق اجندة لم تعد خافية .. وتحديدا في البصرة التي ما انفكت المؤامرات تحاك ضدها وباشكال مختلفة!؟...

يقول اليابانيون، في واحد من امثالهم.. ((من يقر بجهله، يظهره مرة واحدة، ومن يحاول اخفاءه يظهره مرات عدة)).. توقفت عند هذا المثل، لانه نابع عن تجربة، ليس في اليابان فقط، بل في كل مكان في العالم، فالانسان الذي يصمت عند الحديث عن امر لايعرفه، يحترم عقله، والذي يتكلم بجهل، يهين عقله ونفسه معا.

قبل سنوات، او في المرحلة التي احتدم فيها النقاش بشان مستقبل العراق، وفيما اذا كان يبقى بلدا يدار بطريقة لامركزية او يقسم على شكل اقاليم، وفقا لما اقره دستور 2005 .. في تلك السنين ظهر على شاشة احدى الفضائيات، احد دعاة الفدرلة، وكان هذا متحمسا جدا، ويهدف الى جعل البصرة اقليما، وعمل على ذلك وفشل .. قال هذا الشخص وهو يصف ميزات جعل المحافظة الواحدة اقليما بدلا من ثلاث محافظات او اكثر، كما كان يريد اخرون .. ان تحول المحافظة الواحدة الى اقليم، يعني انه سيكون هناك رئيس اقليم ورئيس وزراء ومجلس وزراء ومجلس نواب وغيرها من المناصب الكثيرة الاخرى، بينما اذا اصبحت ثلاث محافظات او اكثر اقليما واحدا، فسيكون لجميع هذه المحافظات ما للمحافظة الواحدة من مناصب! .. والطريف انه عدّ هذا الامر حافزا لجعل كل محافظة اقليما بحد ذاته! ..وفي لقاء اخر معه، سئل الشخص نفسه، عن كيفية ارضاء الاحزاب الاخرى في المحافظة، اذا ما عارضت مشروعه، فقال ان المناصب كثيرة وستوزع عليها، أي انه يسترضيها بالمناصب .. وكان هذا قبل سنين، او قبل ان تخف المطالبة بتقسيم البلاد على شكل اقاليم ..

قبل ايام واثناء الاحتجاجات التي شهدتها البصرة، مؤخرا، ظهر علينا بعض اعضاء مجلس المحافظة بطلب جعل المحافظة اقليما، لكي يجدوا من خلاله الحلول لمشاكل المحافظة، كما يقولون، وهذا القول تكرر مع اخرين في محافظات اخرى، طالبوا بالاقليم، وكأنه الحل السحري الذي اكتشفوه، مؤكدين ان هذا حق دستوري ويجب ان يطبق، وللحقيقة التي لايريد ان يعرفها هؤلاء وغيرهم، نقول، ان نظام الاقاليم اذا ما طبق، فان شيئا اسمه العراق سيختفي من الخارطة، وان البلاد ستدخل في فوضى ادارية واحتراب داخلي، يبدا ولاينتهي، ليس فقط على الحدود التي مازالت تمثل مشكلة بين بعض المحافظات، بل لان الصلاحيات الممنوحة في الدستور للاقاليم، اكبر واوسع من السلطة المركزية، لاسيما في مجال الثروات وغيرها من الحلقات الاساسية لبقاء الدولة وبنائها، ومنها مسالة النفط، فالمكتشف منه بعد العام 2003 يكون تحت تصرف سلطة الاقليم، وان قانونه يكون نافذا بعد شهرين من اقراره اذا لم يتفق بشأنه مع المركز، ناهيك عن حرس الاقليم وشرطته الخاصة وعلمه وغيرها من اشكال الانفصال، وهو ما يريده، البعض ممن ينادون اليوم بالاقاليم، والذين هم من ابناء المدن الغنية، الطامحين الى وضع اليد على ثرواتها، والتصرف بها بعيدا عن مصلحة البلاد، أي الاستئثار بالثروات الوطنية، على حساب اخوانهم من ابناء الوطن في المدن الاخرى التي ليست فيها ثروات .. والسؤال الذي يطرح نفسه، هل هذا هو الحل الحقيقي لمشاكل البلاد، التي ابتليت بالفاسدين ممن بددوا ثرواتها طيلة السنوات الخمسة عشر الماضية، والتي يجزم الجميع ان ما صرف عليها كافيا لان يجعل منها مدنا اخرى؟ وهل تسليم ثروات البلاد، لاسيما النفط، في هذه الظروف التي تشهد فيها المنطقة واقعا قلقا سياسيا واقتصاديا وامنيا، للفاسدين والفاشلين ممن نهبوا الاموال واساؤا الادارة، يمثل خروجا من الازمات التي تشهدها المحافظات، ام انه ازمة مضافة تعمل على صناعتها اياد خفية داخليا وخارجيا، لتحقيق اجندة لم تعد خافية.. وتحديدا في البصرة التي ما انفكت المؤامرات تحاك ضدها وباشكال مختلفة!؟.

اضف تعليق