q
وما قام به المجرمون الإرهابيون في يوم 12/ حزيران يصنف على انه مجزرة إنسانية بحق وإنكار لكل القيم والمصالح الضرورية التي صانها الشارع الإسلامي المقدس، وفي معرض كلامنا عن جريمة راح ضحيتها ما يربو على (1700) شاب لابد أن نعطي مفهوماً للضحية فهو تعبير أوسع...

لا يسعنا الحديث عن النصر النهائي على قوى الشر والإرهاب وهنالك من يإن ألما على ذويه وأحبته الذين اختفوا في القاعدة العسكرية التي تدعى (سبايكر) عشية سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مدينة تكريت وأسره المئات، بل الآلاف من الشبان المتطوعين في القوة الجوية وغيرهم والذين خرجوا للمغادرة لمساكنهم في محافظات العراق كافة فجرى أسرهم وعزلهم عنصريا ثم التنكيل بهم قتلاً وانتهاكاً لحرمات إنسانية منعت التعدي عليها كل الشرائع السماوية والأرضية.

وما قام به المجرمون الإرهابيون في يوم 12/ حزيران يصنف على انه مجزرة إنسانية بحق وإنكار لكل القيم والمصالح الضرورية التي صانها الشارع الإسلامي المقدس، وفي معرض كلامنا عن جريمة راح ضحيتها ما يربو على (1700) شاب لابد أن نعطي مفهوماً للضحية فهو تعبير أوسع مدلولاً من (المجنى عليه)، كون هذا المعنى ينصرف للمقتول أو المغيب أو المعتدى عليه بشكل مباشر، أما الضحية فهو يتسع ليشمل ذويه ممن ناله الضرر المادي والأدبي بسبب فعل الجاني ويشمل مثلاً الزوج أو الأخ أو الابن والأرحام عموماً، بل قد يكون المجتمع ككل ضحية جريمة ببشاعة ما اقترفه الجناة مع المتدربين في قاعدة سبايكر.

وبعبارة أخرى مصطلح الضحية ينصرف للمجنى عليه وللمتضرر من الجناية، وقد عرف أحد إعلانات الأمم المتحدة الصادر عن المؤتمر السابع لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين الضحايا بأنهم "الأشخاص الذين يصابون فرديا أو جماعياً بضرر وعلى الأخص بعدوان على سلامتهم البدنية والعقلية أو بضرر أدبي أو بخسارة مادية أو بعدوان جسيم على حقوقهم الأساسية من جراء أفعال أو امتناعات تشكل انتهاكاً للقوانين الجنائية"، والعدالة تقتضي أن تلتفت السلطات المختصة لهؤلاء وتلبي جزء يسير من احتياجاتهم وفي مقدمتها معرفة مصير أولادهم وذويهم وأن يحظى من وجدت رفاته بتكريم يليق بهم ويبرز عظم الجرم الذي ارتكب بحق هؤلاء الفتية، كما إن منع الإفلات من العقاب لابد أن يكون الشغل الشاغل للسلطات المختصة بما من شأنه أن يرد شيء من الاعتبار لذوي الضحايا وهم يرون القتلة وقد نالهم الجزاء الأوفى يقول تعالى في محكم كتابه المجيد (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) سورة البقرة /179 وفي معرض بيان حقوق الضحايا نقول ان الأمر يتطلب منا بيان النزر اليسير من هذه الحقوق والتي تمثل واجبات تقع على كاهل السلطات العامة العراقية إزاء هذه الشريحة المضحية ومنها:

1- حق ذوي الضحايا في معرفة الحقيقة: أي معرفة مصير أبناء العراق الأوفياء الذين طالتهم يد الغدر في مدينة تكريت وأقصد من لم يتم العثور على رفاة جسده، فالحكومة مطالبة بالكشف عن المعلومات المتوفرة لديها حيال هذا الملف لذوي المجني عليهم والرأي العام، المسألة لاتهم ذويهم فحسب بل المجتمع ككل ينبغي أن يعلم الحقيقة فهو المستهدف من هذه الجريمة وهو المجني عليه الحقيقي، ويشار بهذا الصدد إلى إن البرلمان العراقي شكل لجنة تحقيقية وكذلك وزارة الدفاع وغيرهما من الجهات الرسمية بيد إن الرأي العام وذوي الضحايا لم يطلع منهم أحد على شيء من النتائج.

2- حق الضحايا في إظهار الجريمة للعالم المتمدن ببشاعتها وتبيان طبيعتها بوصفها جريمة ضد الشعب العراقي ارتكبها مجموعة من المجرمين المستخفين بكل معاني الإنسانية بخلفية طائفية مقيتة وبأسلوب همجي فض.

3- الحق في الحماية وبالخصوص للضحايا (ذوي المجني عليهم) والشهود فعلى السلطات المختصة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية هؤلاء لتفادي تعرض أي منهم إلى اعتداء أو ضرر قد يهدد حياتهم أو سلامتهم الجسدية والنفسية أو يلحق الضرر بأموالهم ومصالحهم، وان سلمنا إن الشهود ليسوا جميعاً ضحايا فان الضحايا الآخرين كابدوا معاناة نفسية وجسدية كبيرة في البحث عن ذويهم وتقصي إنباءهم وتلقي الأخبار السيئة عن مصيرهم فلا بد من حمايتهم بكل الوسائل الممكنة وشمولهم بقانون حماية الشهود والخبراء والمخبرين والمجني عليهم رقم (58) لسنة 2017.

4- الحق في الدعم القانوني والمساعدة القضائية وهو ما يستلزم قيام وزارة العدل بتشكيل فريق قانوني بالتعاون مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ومجلس القضاء الأعلى ونقابة المحامين العراقيين ليتولى مهمة متابعة القضايا المرفوعة من الضحايا المتضررين من جريمة الإرهاب الأعمى ومتابعة المطالبات بالحق الشخصي من الجناة كما يأخذ الفريق على عاتقه الترافع عنهم لكي لا يضطروا إلى توكيل المحامين ودفع الأجور لهم لا سيما إن علمنا بان غالبية هؤلاء الضحايا وذويهم من بسطاء الناس وشدة تعقيد مراجعة المحاكم ودوائر الدولة ذات العلاقة في وزارة الداخلية والصحة والمالية تجعلهم في حرج وتكون الدولة قد تنكرت لحقوقهم في الوقت الذي يمكن لهذا الفريق ان يضم ممثلين من هذه الدوائر ما يسهل اقتضاء الحقوق، كما نؤكد ضرورة متابعة طرق الطعن بقرارات المحاكم بخصوص الجناة من قبل الضحايا وممثليهم وفق ما رسم قانون أصول المحاكمات الجزائية النافذ حين يكون من شأن تلك القرارات أن تؤدي إلى الأضرار بالضحايا وبمركزهم القانوني، فطرق الطعن مقررة بالأصل لتلافي الأخطاء المحتملة من قبل المحكمة.

5- الحق في إمضاء العدالة من خلال الإجراءات الجزائية المتخذة بحق الجناة بإعلام الضحايا بالإجراءات المتخذة بحق الجناة الهاربين وإطلاعهم على ما تم التوصل إليه بمعونة الشرطة الدولية (الانتربول) من معلومات عن أماكن تواجدهم ومصيرهم والمساعي المبذولة لاستردادهم.

6- أهمية تحقيق الدبلوماسية العراقية اختراق حقيقي في العلاقات مع الدول الأجنبية كافة باتجاه تحقيق مبدأ التعاون الدولي لصالح استرداد جميع مجرمي تنظيم داعش الإرهابي الذين تمكنوا من الفرار من العراق والوصول إلى بعض الدول ومنها العربية والأوربية ممن يحملون جنسيتها في بعض الأحيان أو حصلوا على الحق في اللجوء فيها وهذا التحرك ليس بعزيز وبحاجة إلى إرادة حقيقية وتحضير جيد بإعداد ملف متكامل عن جرائم داعش عموماً ومجزرة سبايكر خصوصاً والاستعانة بمنظمة الأمم المتحدة وكافة المنظمات الإنسانية والمحاكم والسلطات العامة في تلك الدول للوصول إلى استرجاع سريع لهؤلاء ومحاكمتهم وإنزال العقوبة الملائمة بحق كل منهم، وعلى أقل تقدير لو استطاعت الدبلوماسية العراقية من تحقيق التعاون مع تلك الدول للحصول على معلومات عن الإرهابيين وشبكات تمويلهم وتجنيدهم ودعمهم ما يمكن إن الأجهزة الاستخباراتية العراقية من ملاحقة أتباعهم وذيولهم في العراق ممن كان لهم يد في مجزرة القاعدة الجوية من بعيد أو من قريب.

7- الحق في الترضية النفسية للضحايا: في محاكمة الجناة كل الجناة سواء منهم المنفذين أو المخططين والممولين والداعمين لهم بأي صورة من صور الدعم المادي والمعنوي داخل وخارج العراق بل الأمر لا يستقيم إلا بمحاكمة المتسببين باستفحال هذه الجرثومة الإرهابية من المسؤولين آنذاك في السلطات الاتحادية والمحلية ممن أدمنوا على الفساد والتستر على الفاسدين ولتكون الترضية حقيقية ينبغي ان يكون هنالك تحقيق محايد يكشف أسماء المسؤولين العراقيين بلا تردد وإطلاع الرأي العام على نتائج التحقيق وتقديمها إلى الادعاء العام لتتحول إلى دعاوى جزائية ضد هؤلاء بغض النظر عن مناصبهم والأحزاب والأشخاص المتسترين عليهم وبهذا تهدأ نفوس الضحايا وترقد أرواح المجني عليهم بسلام حين تتحقق العدالة المنشودة.

8- الحق في تخليد ذكرى المجزرة الأليمة إذ على الحكومة العراقية والحكومات المحلية أن تسعى جاهدة إلى التفكير بأعداد مسابقة عالمية للفنانين لصنع نصب تذكارية تخلد الواقعة لما من شأنه أن يذكر الأجيال اللاحقة بالفاجعة التي حلت بالعراق.

9- الحق في الرعاية: حيث يكون من أولويات الجهات المهتمة بحقوق الإنسان وعلى رأسها مفوضية حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية أن ترعى الضحايا بكل المستطاع من الوسائل المادية والمعنوية التي من شأنها ان تشعرهم بالرعاية الرسمية والمجتمعية وكذلك أهمية إعادة إدماج الضحايا بالمجتمع بمعالجة الآثار النفسية والاجتماعية الخطيرة التي خلفتها الجريمة فلو تساءلنا كم أرملة؟ وكم يتيم؟ خلفت فعلة الإرهابيين والأذى النفسي الذي قاسته عوائل الضحايا فلم نجد إن الحكومة أو السلطات المختصة وضعت حلولاً أو على الأقل مقترحات لمعالجة تلك المخلفات الخطيرة التي من شأنها ان تتسبب بأضرار جسدية ومعنوية أو على الأقل تسهم في منع تفاقم بعضها وكمقترح يمكن للحكومة ان تطوره أكثر نرى ضرورة إنشاء مدارس تأهيل نفسي لهؤلاء ويزج فيها خبراء في علم النفس وعلم الاجتماع وتتضافر جهودهم مع الجهات الدينية والاجتماعية لمعالجة ما يمكن معالجته من آثار الصدمة وبما يمكن هؤلاء الضحايا من استئناف حياتهم من جديد.

10- الحق في جبر الضرر: فعلى السلطات المختصة في العراق ان تقوم بجبر الضرر الذي لحق الضحايا من ذوي المجني عليهم وهذا المفهوم يتحقق من خلال العديد من الخطوات نبين بعضها:

‌أ- تقرير حقوقهم: أي حقوقهم التقاعدية في الحصول على راتب لذويهم يؤمن مستوى معاشي يليق بهم لاسيما ضرورة شمولهم بقانون مؤسسة الشهداء رقم (2) لسنة 2016 بتعديل المادة الأولى من القانون والإشارة لشهداء المجزرة بشكل صريح، وضرورة التغلب على جميع الإشكاليات التنفيذية المتعلقة بالتعليمات التي تسهل تنفيذ القانون والحصول على حجة وفاة من المحكمة لمن لم يتم العثور على جثمانه، وبعبارة أخرى أهمية تبسيط الإجراءات وتذليل الصعوبات.

‌ب- دفع التعويضات المالية للضحايا: عما تكبدوه من أضرار مادية ومعنوية كنوع من الترضية وجبر الضرر الذي حاق بهم على ان تكون تعويضات تتلاءم مع التضحية التي قدمت في سبيل الوطن ومن شأنها ان تردم شيئاً من الأثر النفسي الذي خلفته الجريمة.

‌ج- منحهم امتياز عقاري كقطعة أرض سكنية مع تسهيلات مصرفية لأجل بناءها وإسكان ذوي المجني عليهم بها.

.....................................

** مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات/2009-Ⓒ2018

هو أحد منظمات المجتمع المدني المستقلة غير الربحية مهمته الدفاع عن الحقوق والحريات في مختلف دول العالم، تحت شعار (ولقد كرمنا بني آدم) بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب. ويسعى من أجل تحقيق هدفه الى نشر الوعي والثقافة الحقوقية في المجتمع وتقديم المشورة والدعم القانوني، والتشجيع على استعمال الحقوق والحريات بواسطة الطرق السلمية، كما يقوم برصد الانتهاكات والخروقات التي يتعرض لها الأشخاص والجماعات، ويدعو الحكومات ذات العلاقة إلى تطبيق معايير حقوق الإنسان في مختلف الاتجاهات...

هـ/7712421188+964
http://ademrights.org
[email protected]

اضف تعليق