q
مهمة سائرون يسيرة ووفق تقسيم الأصوات لن تعجز عن تحقيق الكتلة النيابية الاكبر عددا ومن الجلسة البرلمانية الاولى وبانها ستفوز بتسمية رئيس مجلس الوزراء الجديد حتى وان لم تتحالف مع الفتح ودولة القانون فيما اذا أخذت في نظر الاعتبار حسابات العامل الاقليمي والدولي، ورغم ذلك...

في كل الديمقراطيات القديمة والحديثة، تذهب القائمة الاولى الفائزة بأكبر عدد من الأصوات او المقاعد البرلمانية الى تسمية رئيس وزراء للتفاوض مع الكتل الفائزة الاخرى لتشكيل الحكومة... وان كان هذا الامر طبيعيا وسلسا ويمنح الفائز فرصته في تشكيل الحكومة سواء أكانت ائتلافية قوية او ائتلافية ضعيفة او توافقية او حكومة اغلبية، فانه معقد قليلا في العراق بسبب تفسير المحكمة الاتحادية للمادة ٧٦ من الدستور العراقي الفقرة اولا التي تنص: (يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا، بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية)، وهنا برزت الإشكالية حيث فسرت المحكمة؛ الكتلة النيابية الاكبر عددا ليس بالكتلة الفائزة بأعلى عدد من الأصوات بل الكتلة القادرة على جمع اكبر عدد من الأصوات داخل قبة البرلمان وبعد انعقاد جلسته الاولى.

وان كان للمحكمة الاتحادية العليا وجهة نظرها الغير قابلة للطعن في تفسير مواد الدستور، فإن هذا التفسير غير بوصلة الديمقراطية حينما حرم القائمة العراقية الفائزة الاولى من تشكيل الحكومة في انتخابات ٢٠١٠ وقائمة دولة القانون الفائزة الاولى في انتخابات ٢٠١٤، ونرجو ان لا تتكرر الحالة في هذه الانتخابات مع قائمة سائرون الفائزة الاولى في انتخابات ٢٠١٨.

وان كانت الانتخابات قد انتهت فإنها انتجت قوائم فائزة متقاربة في النتائج وهي بالتسلسل: سائرون والفتح والنصر، وان كانت هذه القوائم الثلاث اضافة الى الحكمة متقاربة في التوجهات وقادرة بالتحالف مع القوائم الكردية على تشكيل الحكومة المقبلة.. فان قيادة سائرون قد تذهب الى ابعد من ذلك وتتحالف مع القائمة الوطنية والقوائم المحلية الصغيرة لتشكيل حكومة قوية او أبوية كما سماها السيد الصدر الذي لمح الى تحالفه مع الجميع في تغريدة على تويتر دون ذكر ائتلاف دولة القانون وقائمة الفتح.

وان كان زعيم قائمة النصر قد أوضح ايضا توجهاته المستقبلية ورؤيته للحكومة المقبلة بانها حكومة رشيدة تحارب الفساد والارهاب ولا تقوم على المحاصصة فانه قد منح الضوء الاخضر لقائمة سائرون لمفاتحته والتحالف معه.

وعلى ما يبدو ان مهمة سائرون يسيرة ووفق تقسيم الأصوات لن تعجز عن تحقيق الكتلة النيابية الاكبر عددا ومن الجلسة البرلمانية الاولى وبانها ستفوز بتسمية رئيس مجلس الوزراء الجديد حتى وان لم تتحالف مع الفتح ودولة القانون فيما اذا أخذت في نظر الاعتبار حسابات العامل الاقليمي والدولي، ورغم ذلك فان ما يلاحظ على نتائج الانتخابات ما يلي:

1. لأول مرة قد تخرج رئاسة مجلس الوزراء من حزب الدعوة بعد ثلاث دورات برلمانية متتالية اضافة الى حكومة الجعفري الاولى.

2. ان نتائج الانتخابات لم تأتي بجديد ولم تغير اغلب الوجوه، وان كنا نأمل ان تغير الكتل الجديدة سياساتها مثلما غيرت أسمائها.

3. ان نسبة المشاركة كانت متدنية قياسا بالانتخابات الماضية وهو ما يحمل عدم رضا من المواطن على الأداء السياسي عموما.

4. ان النتائج جاءت متقاربة جداً بين ثلاثة فائزين، وهو مؤشر جديد في الانتخابات العراقية لان المنافسة دائماً ما كانت تنحصر بين كتلتين لا اكثر، وهو مؤشر صحي يسهل كثيرا من عملية التحالفات مع تشظي الكتل الكردستانية وتحالف القوى.

وأخيرا ان مهمة سائرون في تشكيل الحكومة المقبلة ليست صعبة ولن تطول لعدة اسباب منها:

اولا؛ ان قرار سائرون مركزي وسريع والدليل تغريدة الصدر يوم امس التي حددت ملامح المرحلة المقبلة بعد ظهور النتائج وبشكل مباشر.

ثانيا؛ النتائج موزعة بين قوائم متعددة مما يمنح سائرون مرونة في التحالف.

وثالثا؛ ان الكتل الفائزة متقاربة في رؤيتها، ومع غياب الطعون الحمراء الا في كركوك فان الكتل الفائزة قد تبدأ تفاهماتها قبل المصادقة على النتائج، باستثناء جناح في الفتح وائتلاف دولة القانون وكلا الطرفين لن يؤثرا بمعادلة تشكيل الحكومة اذا قدم الجميع مصلحة الوطن على المصالح الحزبية او الفرعية.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق