q
رغم مرور 40 عاما على معاهدة السلام المبرمة بين مصر وإسرائيل.. أثار حفل أقامته السفارة الإسرائيلية في أحد الفنادق المطلة على نهر النيل بقلب القاهرة بمناسبة ذكرى قيام إسرائيل سخط قطاع كبير من المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، ومصر هي أول الدول العربية التي وقعت معاهدة سلام مع إسرائيل برعاية أمريكية عام 1979...

(رويترز): رغم مرور 40 عاما على معاهدة السلام المبرمة بين مصر وإسرائيل.. أثار حفل أقامته السفارة الإسرائيلية في أحد الفنادق المطلة على نهر النيل بقلب القاهرة بمناسبة ذكرى قيام إسرائيل سخط قطاع كبير من المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، ومصر هي أول الدول العربية التي وقعت معاهدة سلام مع إسرائيل برعاية أمريكية عام 1979. ومنذ ذلك الحين تقف العلاقات بين البلدين عند حد المستوى الرسمي إلى حد كبير خاصة فيما يتعلق بالتعاون الدبلوماسي والأمني والاقتصادي.

وقوبلت كل محاولات التطبيع الثقافي التي قام بها في مصر بضع مفكرين وصحفيين مصريين وإسرائيليين منذ توقيع اتفاق السلام برفض وتنديد شديدين، وقالت السفارة الإسرائيلية في بيان نشرته بالعربية على صفحتها على فيسبوك في وقت متأخر مساء يوم الثلاثاء إنها أقامت حفل استقبال ”بمناسبة عيد الاستقلال السبعين لدولة إسرائيل“ في فندق ريتز كارلتون في ميدان التحرير بالقاهرة. وأضافت أن الحفل حضره ”لفيف من الدبلوماسيين ورجال الأعمال وممثلون للحكومة المصرية“.

وهذا أول حفل تقيمه السفارة الإسرائيلية بفندق كبير بالقاهرة فقد جرت العادة أن تقيم السفارة حفلاتها وفعاليتها على نطاق محدود بمقر إقامة السفير، وهو أيضا أول حفل كبير تقيمه السفارة منذ 2011 بعدما هاجم متظاهرون مبناها في القاهرة في سبتمبر أيلول من نفس العام وإنزالهم للعلم الإسرائيلي من على البناية التي كانت توجد بها السفارة في مشهد بدا محرجا بشدة للسلطات الأمنية المصرية والحكومة الإسرائيلية.

وعكس الغضب الذي انتاب عدد كبير من المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي حتى قبل أن يبدأ الحفل إلى أي حد لا يزال من الصعب تحول اتفاق السلام إلى تطبيع للعلاقات بين الشعبين المصري والإسرائيلي.

ولا يزال يطلق أغلب المصريين والعرب كلمة ”النكبة“ على ذكرى قيام إسرائيل، وكتب رجل مصري على تويتر يقول ”احتفال السفارة الإسرائيلية بالقاهرة النكسة الثانية“ وهي الكلمة التي يستخدمها العرب لوصف الهزيمة العسكرية التي ألحقتها إسرائيل بعدة دول عربية بينها مصر عام 1967، وعلق شاب مصري على البيان الذي نشرته السفارة الإسرائيلية على فيسبوك قائلا ”أنتو حتى لو متصالحين مع الأنظمة فالشعوب مش طايقاكم، والشعوب أدوارهم جاية ﻻ محالة“، وقال آخر ”لا للتطبيع مع الكيان المغتصب سوف تظلون أعداءنا ولن نصبح يوما أصدقاء“، في المقابل، رحب عدد قليل من المصريين بالحفل. وقال أحد مستخدمي فيسبوك تعليقا على بيان السفارة ”أرحب بالسلام معكم في حال حل القضية الفلسطينية وترك جميع الأراضي المحتلة بعد ذلك مرحبا بكم يا أولاد العم“.

وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية يوم الأحد إن معارضين للتطبيع مع إسرائيل طالبوا بإلغاء الحفل كما حاول مسؤولون مصريون إلغاءه تحت ذريعة الأسباب الأمنية لكن محاولاتهم باءت بالفشل.

وشكر السفير الإسرائيلي لدى مصر دافيد جوفرين، في كلمة ألقاها باللغة العربية خلال الحفل يوم الثلاثاء، السلطات المصرية وأجهزة الأمن على إتاحة الفرصة لإقامة الحفل، ولم يصدر أي فعل رسمي في مصر على الحفل. ولم يتسن لرويترز الحصول على تعليق من المتحدث باسم وزارة الخارجية.

استغل جوفرين، الذي بدأ عمله في القاهرة عام 2016 بعد سنوات من رحيل الدبلوماسيين الإسرائيليين في أعقاب حادث اقتحام السفارة، الحفل لإعادة التأكيد على أهمية التطبيع بين الشعبين.

وقال في كلمته ”نحن اليوم في أوج معركة السلام. هذه المعركة تستوجب التغيير الواسع في الوعي والإدراك وتحتم خلق جو يسوده التسامح والتعارف على الآخر والصبر. لا شك في أن الأمر يحتاج إلى عملية طويلة ومستمرة ولكنها ضرورية لجعل السلام ينتشر ليس فقط بين الحكومات بل يعم أيضا بين الشعوب“.

وأضاف ”تشكل اتفاقية الغاز التي تم التوقيع عليها مؤخرا والتي تخدم مصالح الطرفين دليلا على هذه الثمار ويبقى الأمل أن تفتح الطريق أمام التعاون في مجالات أخرى“، وفي فبراير شباط هذا العام، قال الشركاء في حقلي تمار ولوثيان البحريين الإسرائيليين للغاز إنهم وقعوا اتفاقات مع شركة دولفينوس المصرية الخاصة لتصدير ما قيمته 15 مليار دولار من الغاز الطبيعي الإسرائيلي على مدى عشر سنوات.

وعبر مسؤولون إسرائيليون في ذلك الوقت عن أملهم أن تقوي اتفاقية الغاز العلاقات الدبلوماسية مع مصر، وأثار الاتفاق جدلا في الأوساط المصرية بشأن جدوى استيراد الغاز من إسرائيل في الوقت الذي بدأت فيه مصر الإنتاج بالفعل من حقلها البحري ظُهر الذي يعد أكبر حقل غاز في البحر المتوسط وأحد أكبر اكتشافات الغاز العالمية في السنوات الأخيرة.

وأظهرت مجموعة الصور التي نشرتها السفارة للحفل مشاركة رجل الأعمال علاء عرفة الممثل الإقليمي لشركة دولفينوس للسفير الإسرائيلي في تقطيع كعكة الحفل، وكانت مصر وإسرائيل أبرمتا اتفاقا مثيرا للجدل لتصدير الغاز المصري لإسرائيل عام 2005 وانتهى الاتفاق بسبب تكرار استهداف متشددين إسلاميين ينشطون في محافظة شمال سيناء المصرية لأنابيب نقل الغاز عقب انتفاضة 2011 الشعبية التي أطاحت بحسني مبارك، لم يقتصر الغضب من الحفل على المستوى الشعبي.

فقد حذر علي عبد العال رئيس مجلس النواب أعضاء البرلمان الذين تلقوا دعوات من السفارة الإسرائيلية من المشاركة في الحفل، وقال النائب مصطفى بكري، وهو من أشد المؤيدين للحكومة، على تويتر يوم الثلاثاء ”كل مصري سيذهب إلي حفل السفارة الإسرائيلية الذي سيقام اليوم في القاهرة في ذكري احتلال إسرائيل لفلسطين، عليه أن يعرف أنه بذلك يوجه طعنه لأهلنا الذين يواجهون العدو الصهيوني بصدورهم العارية، وكأنه ينسى أو يتجاهل دماء الشهداء والأسرى المصريين الذين استشهدوا علي يد القتلة الصهاينة“.

وحذر أعضاء في مجلس نقابة الصحفيين من المشاركة، وقالوا إن الصحفيين المدعوين للحفل يعرضون أنفسهم للشطب من جداول النقابة، وقال أحمد حماد أستاذ الدراسات الإسرائيلية بجامعة عين شمس لرويترز ”هناك فرق بين التطبيع السياسي والتطبيع الشعبي. على المستوى السياسي هناك أعراف دولية لا نستطيع تجاهلها“.

وأضاف أن السلطات المصرية لا تستطيع أن تمنع الحفل وأشار إلى احتفالات مماثلة أقامتها السفارة المصرية في تل أبيب في مناسبات وطنية، وقال حماد ”الشارع رافض تماما للتطبيع. الشعب لم ولن ينسى العداء بيننا وبينهم والحروب والدماء التي سالت بيننا وبينهم“، ووصف حماد إقامة الحفل في فندق للمرة الأولى بأنه ”محاولة ساذجة وورقة ضغط خائبة“ نحو التطبيع.

اضف تعليق