q
استنادا الى نتائج الانتخابات، سوف ينطلق السباق الى المستقبل الذي يستوعب السنوات الاربع المقبلة. والسباق بين فرسي رهان تسابقا على العراق، وهما \"حكومة الاغلبية السياسية\" و \"حكومة التوافق الوطني\". لاسباب بات اكثرها معروفا، مازال اللواء معقودا للثاني. لكن نتائج الانتخابات قد تغير مجرى السباق ومآلاته...

استنادا الى نتائج الانتخابات، سوف ينطلق السباق الى المستقبل الذي يستوعب السنوات الاربع المقبلة. والسباق بين فرسي رهان تسابقا على العراق، وهما "حكومة الاغلبية السياسية" و "حكومة التوافق الوطني". لاسباب بات اكثرها معروفا، مازال اللواء معقودا للثاني. لكن نتائج الانتخابات قد تغير مجرى السباق ومآلاته.

الحكومة التوافقية احدى مفردات نظرية ليبهارت في الديمقراطية التوافقية التي طرحها قبل اكثر من اربعين سنة لمعالجة مشكلة صعوبة تطبيق الديمقراطية التمثيلية في المجتمعات المنقسمة اثنيا. حاولت اربع دول تطبيق هذه النظرية لكنها لم تنجح الا في دولة واحدة هي سويسرا.

تواجه الحكومة التوافقية الكثير من الصعوبات والمشاكل. واولى هذه الصعوبات هي: تشكيلها. فليس من السهولة تشكيل حكومة توافقية لانها تتطلب توزيع المناصب الوزارية على اساس المحاصصة. ودائما تبرز صعوبة الاتفاق على الحصص بين الكيانات التي تدعي انها تمثل المكونات.

اما الصعوبة الثانية فهي صعوبة اتخاذ القرارات، حيث يتطلب التوافق (او الاجماع) بين اعضائها، والاجماع يعني امتلاك كل عضو في الحكومة حق الفيتو على قرارتها.وحين يتعذر اتخاذ القرار تتعطل الحكومة وتصاب بالعوق الذي يحول بينها وبين الانجاز والعمل.

والمشكلة الثالثة التي يخلقها نظام التوافق هي الحيلولة دون ظهور المعارضة. فمادام الكل يشتركون في الحكومة، فمن يعارض؟ والمعارضة ليست ترفا في الحكم الديمقراطي، انما هي من ضروراته الاساسية. الحكومة والمعارضة ثنائية لا يمكن تصور غيابها في النظام الديمقراطي. فلا يمكن ترك الحكومة بلا رقيب يحاسب. وهذا الرقيب غير موجود في التوافقية.

والملاحظة الاخيرة ان العراق جرب الحكومة التوافقية خمس مرات. وصار يعرف حسناتها وسيئاتها. والمفروض حسب القول الدارج ان المجرب السيء لا يجرب. فما الداعي الى تجربة الحكومة التوافقية مرة سادسة؟!

هذا كلام معارضي الحكومة التوافقية. لكن انصارها لا يملكون ردا غير القول ان العراق لا يمكن ان يحكم من طرف واحد. وهذا صحيح. لكنه لا يصلح ان يكون ردا على فكرة حكومة الاغلبية السياسية.

يقول دعاة حكومة الاغلبية السياسية ما يلي:

١. ليس المقصود بالاغلبية هنا الاغلبية الدينية او المذهبية او القومية. انما هي الاغلبية السياسية التي تعني تجمع عدد من الاحزاب ذات البرامج المشتركة في حكومة واحدة تنفذ برنامج الجامع المشترك الاعظم بين هذه الاحزاب.

٢. حكومة الاغلبية السياسية تشكل ظرفا موضوعيا يسمح بقيام معارضة قوية تتشكل من الاحزاب التي لم تشترك بالحكومة بسبب اختلاف برامجها عن احزاب الحكومة. وسوف يكون بامكان هذه المعارضة القوية مراقبة الحكومة عن كثب ومحاسبتها بشدة فتكون بذلك احد عناصر مكافحة الفساد والقضاء عليه وعدم السماح بظهوره. ويمكن للاحزاب غير المشاركة في السلطة ان تشكل حكومة ظل في مقابل الحكومة الرسمية.

٣. حكومة الاغلبية السياسية تسمح بتداول السلطة دوريا، خاصة اذا تم اعتماد #الانتخاب_الفردي. ذلك ان الاغلبية السياسية الحاكمة والاقلية السياسية المعارضة ليست حالة ثابتة في المجتمع والبرلمان، انما هي عرضة للتبدل في ضوء نتائج الانتخابات الدورية. وعليه يكون من السهل على الناخبين ان يستبدلوا الحكومة بعدم التصويت لصالح افرادها واحزابها في الانتخابات.

٤. في الحكومة التوافقية ينقسم العراقيون الى مكونات: العرب والكرد والشيعة والسنة، وما اسهل ان ينقسم الوطن بانقسامهم هذا. وهذا انقسام ازلي تكويني صارم لا امل بازالته في الانتخابات؛ لكن في حكومة الاغلبية السياسية ينقسم المواطنون العرب والكرد والشيعة والسنة الى فريقين: فريق الاغلبية السياسية وفريق المعارضة السياسية، وهذا انقسام ليس حديا وصارما حيث من الممكن ان يتغير كل اربع سنوات.

واخيرا:

لم يجرب العراقيون بعد هذا النموذج من الحكم القائم على ثنائية الحكومة والمعارضة. وبما ان الاجماع يكاد ينعقد على فشل الحكومة التوافقية المجربة، فما هو المانع من تجربة نمط جديد من الحكم؟.

...........................................................................................
* الآراء الورادة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق