q
ثمة ما يشبه الظاهرة بدأت تطفو على السطح الاجتماعي والتدريسي بالتحديد، حيث لوحظ في السنوات الأخيرة حالات اعتداء على الكوادر التدريسية بشكل شبه يومي في العراق، ومن دون وجود ردع يمنع هذه التجاوزات، ونعلم جميعا منزلة المعلمين فهم المربون للأجيال على القيم والمبادئ والاخلاق الحسنة...

ثمة ما يشبه الظاهرة بدأت تطفو على السطح الاجتماعي والتدريسي بالتحديد، حيث لوحظ في السنوات الأخيرة حالات اعتداء على الكوادر التدريسية بشكل شبه يومي في العراق، ومن دون وجود ردع يمنع هذه التجاوزات، ونعلم جميعا منزلة المعلمين فهم المربون للأجيال على القيم والمبادئ والاخلاق الحسنة، وكذلك ذكرت منزلة المربي والمعلم الكبيرة في التشريعات الاسلامية والاحاديث النبوية الشريفة، ومع كل هذه المكانة تستمر حالات الاعتداء عليهم وعدم احترامهم، لذا علينا معرفة الأسباب والحلول المناسبة للقضاء على هذه الخلل المجتمعي الخطير.

أولياء الطلبة يشجعون عليها

من الاسباب الرئيسة التي تقف وراء حالات الاعتداء على التدريسيين هو قله ثقافة بعض اولياء الامور في تفهم دور المعلم في بناء المجتمع، حيث يتفقون مع أبنائهم وفق مبدأ (غنصر أخاك ظالما أو مظلوما) ويصطفون إلى جانبهم حتى وإن كان أبناؤهم على خطأ.

ما هي المعالجات والحلول؟

مع تفشي هذه الظاهرة في المجتمع بشكل واسع، على الدولة وضع تشريعات لقوانين صارمة تحمي المعلمين، وكذلك وضع مناهج معده لزيادة ثقافة وتوعية الطلاب اخلاقيا، وخطه معده لتفهم اولياء الأمور للمشاكل التي تحدث بين الطلبة والتدريسيين، أما دور المؤسسات الاجتماعية عليهم إقامة ندوات للطلبة واولياء الأمور لتوضيح دور المعلم واهميته في المجتمع.

ولأهمية الموضوع أعلاه وتأثيره في جميع مجالات الحياة وبناء المجتمع، لذا قامت (شبكة النبأ المعلوماتية)، بجولة استطلاعية وتم طرح سؤال على المختصين والخبراء ومن يهمه الامر وكان السؤال كالآتي:

ما أسباب حالات الاعتداء على التدريسيين؟

التقينا الاستاذ (توفيق غالب الحبالي)، اعلامي وكاتب، فأجابنا قائلا:

للأسف اصبحت ظاهرة الاعتداء على الكوادر التدريسية سلوك لدى الطلبة والتلاميذ وبمساندة ذويهم، وهنا يأتي الضعف الاجرائي القانوني بحق المعتدين، لو كان هناك اجراء قانوني حازم من خلال اصدار احكام قضائية بحقهم باعتقادي لان تتكرر مثل هكذا اعتداءات جسيمة مما سببت انتهاكا صارخا لهيبة المعلم، وبصراحة كنا في العقود الماضية وعندما نشاهد المعلم او المدرس في الشارع نبتعد عنه لمسافات طويلة وذلك لهيبته عندنا، ما زلنا لهذا الوقت عندما نشاهد معلمنا نحني لهم الرؤوس والهامات احتراما لهم، لذا لابد من تفعيل القانون وتكون العقوبات القضائية شديدة بحق من يعتدي على المعلم، وكذلك توجد مسألة اخرى اصبحت دخيلة على مجتمعنا وهي التدخل العشائري في شؤون المدارس، والكثير من هذه الحالات نسمع بها لأسف الشديد، بان هذه العشيرة طالبت هذا المعلم أو المدرس بفصل عشائري كونه حاسب ابنهم اثناء الدرس، وجميع هذه العوامل ساهمت بتدني مستوى التعليم وكذلك ساهمت بانتهاك هيبة المعلم.

وأجابنا الاستاذ (ماهر المعموري)، استاذ في احدى مدارس كربلاء المقدسة، أجابنا بالقول:

إن ظاهرة الاعتداء باتت تحدث في جميع المدارس وتقريبا كل يوم وسببها قد يكون في جانبين، اولا قد يكون التعامل السيء من قبل التدريسيين، وفرض عقوبات على الطلبة بشكل يقلل من قيمته الاجتماعية وهذا سبب مهم في تفشي الظاهرة، ومن جانب اخر نلاحظ بعض الطلبة يتصرفون بشكل غير اخلاقي بسبب عوائلهم التي قد تكون غير واعية بما يكفي، أو اعطاء المجال الواسع لهم وهذا يحط من سلوكياتهم، وأي الشخصي من اكثر الاسباب التي جعلة الاعتداء قائم إلى الان هو فشل الدولة في وضع حد لهذه الظاهرة، وكذلك الفساد القائم على المحسوبية الذي يجبر التدريسيين من السكوت على حقه.

المشكلة اكبر من حلّها بالكلمات

وتوجهنا بالسؤال إلى الدكتور (كريم الوائلي)، مدير عام في وزارة التربية، أجابنا قائلا:

الامر اكثر تعقيدا من أن نجيب عنه بكلمة او كلمتين، اذا يقتضي الامر دراسة تحليلية موضوعية لواقعنا الاجتماعي والثقافي والسياسي، وحالات الانفلات التي يعيشها المجتمع العراقي، إن هناك تغيرات جوهرية في الواقع الاجتماعي العراقي احدث خللا كبيرا في منظومة القيم، الامر الذي قاد الى تهشيم نسيج المجتمع العراقي، وتغيرت المنظومات القيمية في المجتمع العراقي، وهذه جزء من حالة الانفلات في الواقع، ولا يخفى أن المجتمع العراقي يعاني كثيرا من أزمتين، ازمة ثقافية معرفية، وازمة في العنف المستشري في المجتمع، أما الازمة الثقافية المعرفية فلان مجتمعنا يعاني من تخلف حقيقي، بسبب تدني المستوى التعليمي وتفشي الامية الابجدية والامية الفنية والثقافية، الامر الذي قاد الى منطق القوة في الحصول على المكاسب مهما كان نوعها، ومنها أن يفرض بعض الاباء على المعلمين والمدرسين وجوب تنجيح ابنائهم، ليس مجرد نجاح وانما بمعدلات عالية ، ونظرا لان الدولة ضعيفة وقانون العشائر هو السائد، اصبح القوي يأكل الضعيف، هذا فضلا عن ان بعض المعلمين وليس كلهم يساهمون بذلك بشكل او بآخر، طمعا في مكاسب مادية ودروس خصوصية وهدايا ونحوها، أو بسبب الخوف من العقاب الذي ينتظره من اولياء الامور، ولقد لاحظنا ان هناك تهاونا من الدولة في حماية الكوادر التربوية مما زاد الطيب بلة، أما ازمة العنف فهي الاكثر تأثيرا، اذ يعاني المجتمع العراقي من تفشي العنف بأنواعه المختلفة، عنف اسري، عنف ثقافي، عنف السلطة، عنف الكيانات وغيرها، وهذا من شأنه أن يولد افعالا بالغة السوء في المجتمع، ولقد كان لضعف التعليم وضعف المناهج التدريسية على كل الصعد اثرا واضحا، واصبح التثقف يقوم على اساس استخدام القوة، لدرجة يعد ( شاطرا ) من يكسر القانون ومن يأخذ حقه أو غير حقه بيده يضاف الى ذلك أن الطوائف والاعراق تثقف بطرائق متعددة على نمط معين من السلوك، ولعل اخطر ذلك أن نظام القبيلة يسهم بشكل أو بأخر في ارتكاب جرائم بحق المعلمين، أن قانون حماية المعلم لن يحل المشكلة اذا ظل مجرد قانون دون تطبيق حازم وفوري وشديد، وأن يكون للدولة دورها بذلك عموما الموضوع بحاجة الى دراسات، كون الاعتداء على المعلمين هو احد انواع العنف الذي يمارسه الاباء ضد المعلمين.

وأخيرا التقينا الحقوقي (سعد محمد الكربلائي)، بكلوريوس قانون، وأجابنا قائلا:

لننظر إلى هذه الظاهرة من جانب قضية المجتمع بأكمله، والسبب لأن المعلمين هم المرحلة الكبيرة لتحويل الشباب أو البنات إلى اشخاص نافعين في مجتمعهم، والعمل على تحقيق رغباتهم المستقبلية، لذا فهم جوهرة المجتمع واساسة، وأسباب هذه الظاهرة الشنيعة بحقهم هي بسبب ضعف القانون وعدم تطبيقه على الواقع بشكل الصحيح، لذا فهي قضيتنا جميعا لكي نرجع ما كان علية المعلم من منزله رفيعة، ونستطيع التخلص منها بالقضاء على الفساد الاداري واساليب الواسطة بشكل نهائي.

اضف تعليق