q
ان الولايات المتحدة الأمريكية تسعى اليوم وبعد ان فشلت في تحقيق خططها السابقة في هذا البلد من خلال دعم الجماعات الارهابية المسلحة وغيرها، في خلق ازمة جديدة تستطيع من خلالها تحشيد القوى الاخرى لإيجاد مبرر لضرب الجيش السوري او العمل على احتلال سوريا بدعم أممي.

بعد الانجازات العسكرية التي حققتها القوات السورية وحلفائها ضد تنظيم داعش الارهابي وما اعقبها من تطورات مهمة، تجددت الاتهامات الغربية بخصوص استخدام الأسلحة الكيميائية في هجمات وقعت في الآونة الأخيرة بالغوطة الشرقية، التي تسيطر عليها قوات ما يسمى المعارضة السورية المدعومة من قبل دول وجهات خارجية، وهو ما تنفيه الحومة السورية التي وقعت في عام 2013 على المعاهدة الدولية لحظر الأسلحة الكيماوية في إطار اتفاق توسطت فيه موسكو لتلافي توجيه الولايات المتحدة ضربات جوية ردا على هجوم بغاز الأعصاب أدى لمقتل المئات، وحملت واشنطن مسؤوليته لدمشق. وأعلنت سوريا في الأعوام التالية تدمير مخزونها من الغازات السامة المحظورة على يد مراقبين دوليين.

ويرى بعض المراقبين ان الولايات المتحدة الأمريكية تسعى اليوم وبعد ان فشلت في تحقيق خططها السابقة في هذا البلد من خلال دعم الجماعات الارهابية المسلحة وغيرها، في خلق ازمة جديدة تستطيع من خلالها تحشيد القوى الاخرى لايجاد مبرر لضرب الجيش السوري او العمل على احتلال سوريا بدعم أممي، خصوصا وانها ادركت ان روسيا قد اصبحت صاحبة الكلمة في هذه الحرب. وحذر وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس القوات السورية من مغبة استخدام الأسلحة الكيميائية، وهاجم روسيا لدعمها حكومة دمشق. وأقر سيد البنتاغون بعدم امتلاك الولايات المتحدة اليوم أي أدلة على وقوع هجمات كيميائية جديدة في سوريا، منوها بورود تقارير غير مؤكدة تتحدث عن استخدام غاز الكلور في غوطة دمشق الشرقية. وانتقد وزير الدفاع الأمريكي دعم الحكومة الروسية للرئيس السوري بشار الأسد، مرجحا أن موسكو ربما متورطة في هجمات كيميائية على المدنيين في سوريا.

وقال زعماء سياسيون في فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا إنهم سيدعمون القيام بتحرك عسكري ضد دمشق إذا ظهر دليل على استخدام القوات الحكومية السورية أسلحة كيماوية.واستخدام الكلور كسلاح كيماوي محظور بموجب معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية التي أبرمت عام 1997. ويتحول غاز الكلور عند استنشاقه إلى حامض الهيدروكلوريك في الرئتين ويمكن أن يؤدي للوفاة بسبب السوائل المتراكمة في الرئتين نتيجة لذلك.

تحذير امريكي

وفي هذا الشأن حذر وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس سوريا من أن استخدام القوات الحكومية الغاز كسلاح سيكون ”من الحمق الشديد“ واستشهد بتقارير غير مؤكدة عن شن هجمات بغاز الكلور في الغوطة الشرقية وانتقد روسيا لدعمهما دمشق. ولم يصل ماتيس إلى حد التهديد بالرد على القوات السورية إذا تأكد شنها هجوما بغاز الكلور.

لكنه أشار إلى ضربة جوية على قاعدة جوية سورية في السادس من أبريل نيسان 2017 في أعقاب هجوم بغاز السارين وقال إن الرئيس دونالد ترامب ”لديه هامش مناورة سياسية كامل“ لاتخاذ أي قرار يعتبره مناسبا. وقال ماتيس ”سيكون من الحمق الشديد أن يستخدموا الغاز كسلاح. وأعتقد أن الرئيس (دونالد) ترامب أوضح ذلك بشدة في بدايات حكمه“. وأضاف أنه ليس لديه حاليا أدلة واضحة على أي هجمات بغاز الكلور في الآونة الأخيرة، لكنه أشار إلى تقارير إعلامية عديدة عن استخدام ذلك الغاز. ويتهم رجال إغاثة ونشطاء من المعارضة في الغوطة الشرقية الحكومة باستخدام غاز الكلور خلال الحملة.

وتنفي الحكومة السورية ذلك. وتتهم دمشق وموسكو المعارضة بتدبير هجمات بالغاز السام من أجل تحميل مسؤوليتها للحكومة السورية. وتعهد الرئيس السوري بشار الأسد بمواصلة الهجوم في الغوطة الشرقية، أحد أكثر الهجمات فتكا منذ بداية الحرب. ومع دخول الصراع عامه الثامن، ستمثل السيطرة على الغوطة الشرقية نصرا كبيرا للأسد الذي استعاد السيطرة على مناطق تابعة للمعارضة بدعم روسي وإيراني تدريجيا.

وانتقد ماتيس روسيا لدعمها الأسد، مشيرا إلى أنها ربما تكون حتى شريكة في ضربات القوات الحكومية السورية ضد المدنيين. وأضاف ”إما أن روسيا عاجزة أو تتعاون عن كثب مع الأسد. هناك كثير من التقارير المروعة عن استخدام غاز الكلور أو الأعراض التي قد تنتج عن استخدامه“. وكان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان قال إن الضربات الجوية التي تنفذها الحكومة السورية على الغوطة الشرقية وقصف دمشق من المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة يشكل جرائم حرب. بحسب رويترز.

وقال البيت الأبيض إن الطائرات الحربية الروسية أقلعت من قاعدة حميميم الجوية في سوريا ونفذت ما لا يقل عن 20 مهمة قصف يومية في دمشق والغوطة الشرقية بين 24 و28 فبراير شباط. وتتهم الولايات المتحدة روسيا بقتل المدنيين. ورفض ماتيس توضيح ما إذا كانت الطائرات الروسية المقاتلة نفذت القصف بشكل مباشر، قائلا إن موسكو شاركت على أي حال. وأضاف ”هم شركاء الأسد وأود ألا أفصح الآن عما إذا كانت الطائرة التي أسقطت القنبلة روسية أو سورية“.

تحقيق واتهامات

من جانب اخر تريد الولايات المتحدة أن ينشئ مجلس الأمن الدولي تحقيقا جديدا لتحديد المسؤول عن الهجمات بأسلحة كيماوية في سوريا، وقالت السفيرة الأمريكية بالأمم المتحدة نيكي هيلي إنها تأمل طرحه للتصويت. وانتهى تحقيق دولي سابق، يعرف باسم آلية التحقيق المشتركة، في نوفمبر تشرين الثاني بعدما قامت روسيا للمرة الثالثة خلال شهر بعرقلة محاولات لتجديد التحقيق الذي قالت موسكو إنه معيب.

ثم اقترحت موسكو في يناير كانون الثاني مشروعها الخاص لإنشاء تحقيق جديد، لكنه لم يجر طرحه مطلقا للتصويت. وانتقدت الولايات المتحدة النص الروسي ووصفته بأنه محاولة لصرف الانتباه عن مبادرة فرنسية لاستهداف منفذي الهجمات بغازات سامة. وقالت هيلي للصحفيين”عندما طرح الروس الآلية الخاصة بهم لم تجد من يساندها ولهذا نتقدم بأخرى... نعمل عليها منذ تم القضاء على آلية التحقيق المشتركة“. وأضافت”لقد أخذنا في الحسبان أمورا معينة ظن (الروس) أنها مشكلة، لكن إذا لم يريدوا آلية على الإطلاق فسيستخدمون حق النقض (الفيتو) ضدها“.

وخلص التحقيق السابق الذي أجرته الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى أن الحكومة السورية استخدمت غاز الأعصاب (السارين) في هجوم الرابع من أبريل نيسان 2017 واستخدمت مرات عديدة أيضا الكلور كسلاح. وألقت على تنظيم داعش باللائمة في استخدام غاز الخردل. وبحث خبراء من مجلس الأمن مسودة القرار الأمريكية، لكن دبلوماسيين قالوا إن روسيا لم تحضر. وتقترح مسودة القرار الأمريكي، إنشاء آلية تحقيق مستقلة تابعة للأمم المتحدة لمدة عام، والتي ستحدد من المسؤول عن الهجمات بالأسلحة الكيماوية في سوريا.

في السياق ذاته قالت الولايات المتحدة إن روسيا خرقت التزامها بضمان تدمير مخزون سوريا من الأسلحة الكيماوية ومنع حكومة الرئيس السوري بشار الأسد من استخدام الغاز السام. وقال السفير الأمريكي لشؤون نزع الأسلحة روبرت وود في مؤتمر نزع السلاح الذي يقام تحت رعاية الأمم المتحدة في جنيف ”زعم روسيا أن نظام الأسد تخلص من مخزوناته الكيماوية إنما عبثي تماما. نفيها المتواصل مسؤولية نظام الأسد عن استخدام الأسلحة الكيماوية لا يصدق ببساطة“.

وأضاف ”روسيا بحاجة لأن تكون في الجانب الصحيح من التاريخ بشأن هذه القضية، فهي الآن في الجانب الخاطئ“. وقال مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف حسام الدين آلا للمؤتمر إن سوريا لا يمكنها استخدام أسلحة كيماوية لأنها ببساطة لا تملك أيا منها. وقال السفير السوري آلا إن الحكومة السورية حققت إنجازا لم يسبق له مثيل بتدمير أسلحتها الكيماوية في وقت قياسي وبطريقة يتعذر معها استعادة هذه الأسلحة على الرغم من أن الظروف الميدانية صعبة للغاية ”بسبب حربنا ضد الإرهاب“.

وكانت واشنطن أعلنت العام الماضي أن سوريا استخدمت مجددا غاز الأعصاب (السارين) المحظور وأمر الرئيس دونالد ترامب بتوجيه ضربة جوية لسوريا. وتقول الولايات المتحدة إن لديها دليلا على استخدام سوريا غاز الكلور في هجمات خلال الأسابيع القليلة الماضية. وقال عمال إنقاذ ومسعفون على الأرض إن سكانا أصيبوا بالاختناق من جراء أبخرة بعد ضربات جوية.

وبعكس غاز الأعصاب، فإن امتلاك الدول غاز الكلور ليس محظورا ولكن لاستخدامه في تنقية المياه وأغراض أخرى مدنية وليس كسلاح. وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في كلمة أمام مؤتمر نزع السلاح، إن سوريا تخلصت من مخزون الأسلحة الكيماوية ووضعت ترسانتها تحت الرقابة الدولية. وأضاف أن واشنطن تستغل مزاعم كاذبة باستخدام أسلحة كيماوية لمهاجمة حكومة الأسد. بحسب رويترز.

وذكر لافروف أن الولايات المتحدة تكرر مزاعم من وصفهم بأنهم عمال إنقاذ سوريون ”يفتقرون إلى المصداقية تماما“ في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة الذين خرجوا ”بمزاعم سخيفة ضد الحكومة السورية“. وأضاف ”نلاحظ أن الولايات المتحدة وحلفاءها يستغلون مزاعم لا أساس لها من الصحة عن استخدام دمشق لأسلحة سامة كأداة تخطيط سياسي مناهض لسوريا“.

ضربات عسكرية

من جهة اخرى قال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إن بلاده ستبحث المشاركة في الضربات العسكرية الأمريكية ضد الحكومة السورية إذا ظهر دليل يثبت استخدام أسلحة كيماوية ضد المدنيين. وقال جونسون إنه يأمل ألا تقف بريطانيا ودول غربية أخرى دون حراك في حالة شن هجوم كيماوي مبديا دعمه لضربات محدودة إذا ظهر ”دليل لا جدال فيه“ على ضلوع الحكومة السورية.

وأضاف لهيئة الإذاعة البريطانية ”إذا علمنا أن هذا حدث واستطعنا إثباته وإذا كان هناك اقتراح بالتحرك في وضع يمكن للمملكة المتحدة أن تفيد فيه فأعتقد أننا سنبحث الأمر بجدية“. ووجه الجيش السوري وحلفاؤه إلى الغوطة الخاضعة لسيطرة المعارضة والقريبة من دمشق واحدة من أشرس حملات القصف في الحرب السورية المندلعة منذ سبع سنوات مما أسفر عن مقتل المئات.

وبريطانيا جزء من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الذي يوجه ضربات جوية ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق إلا أن الحكومة خسرت في تصويت برلماني على استخدام القوة ضد الحكومة السورية في عام 2013. وقال جونسون إنه أيد القرار الأمريكي بإطلاق صواريخ كروز على أهداف تابعة للحكومة السورية العام الماضي بعد مقتل نحو مئة شخص بينهم أطفال في هجوم بالغاز على بلدة خان شيخون الواقعة تحت سيطرة المعارضة. بحسب رويترز.

وتتهم الأمم المتحدة الحكومة السورية بالمسؤولية عن هجوم استخدم فيه غاز السارين. وقال جونسون ”ما ينبغي أن نسأل عنه أنفسنا كدولة، وما ينبغي أن نسأله عنه أنفسنا في الغرب هو: هل يمكن أن نسمح باستخدام أسلحة كيماوية.. استخدام هذه الأسلحة غير القانونية دون استنكار ودون رادع ودون عقاب؟“. ومع هذا، حذر من أنه ليست هناك نية دولية تذكر لاتخاذ إجراء عسكري متواصل ضد الحكومة السورية.

كوريا الشمالية وسوريا

الى جانب ذلك ذكرت وسائل إعلام حكومية في كوريا الشمالية أن بيونجيانج نفت تقارير تفيد بأنها تعاونت مع سوريا بشأن الأسلحة الكيماوية وقالت إن الولايات المتحدة اختلقتها للضغط على البلاد. ونقلت وكالة الأنباء المركزية الكورية التي تديرها الدولة عن متحدث في معهد أبحاث الدراسات الأمريكية بوزارة الخارجية قوله إن الولايات المتحدة اختلقت”حجة لا معنى لها“ عن مساعدة كوريا الشمالية لسوريا في إنتاج أسلحة كيماوية.

ونقلت الوكالة عنه قوله أيضا”مثلما قلنا بوضوح عدة مرات.. جمهوريتنا لا تطور ولا تنتج ولا تخزن الأسلحة الكيماوية وتعارض استخدام الأسلحة الكيماوية نفسها“. وكان روبرت وود، السفير الأمريكي لشؤون نزع الأسلحة لدى مؤتمر نزع السلاح الذي أقيم تحت رعاية الأمم المتحدة في جنيف، قال إن هناك تاريخا من العلاقات بين الدولتين فيما يتعلق بنشاط الصواريخ ومكونات الأسلحة الكيماوية.

وذكر تقرير سري للأمم المتحدة بشأن انتهاك كوريا الشمالية للعقوبات المفروضة عليها أنه جرى اعتراض شحنتين كوريتين شماليتين كانتا في طريقهما إلى وكالة حكومية سورية مسؤولة عن برنامج البلاد للأسلحة الكيماوية في الشهور الستة الماضية. وتخضع كوريا الشمالية لعقوبات الأمم المتحدة منذ 2006 بشأن برامجها النووية وتلك الخاصة بالصواريخ الباليستية، وعزز مجلس الأمن الضغوط ردا على سادس اختباراتها النووية وإطلاقها العديد من الصواريخ الطويلة المدى. وأبلغت مصادر دبلوماسية أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ومقرها لاهاي فتحت تحقيقا في هجمات بمنطقة الغوطة الشرقية المحاصرة التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا لتحديد ما إذا كانت ذخائر محظورة قد استخدمت.

اضف تعليق