q
{ }

أقام مركز الإمام محمد الباقر(ع) لإحياء التراث، يوم الثلاثاء 23 من شهر كانون الثاني (2018)، ندوته الفكرية التخصصية الدورية، بالتعاون مع مكتبة الإمام الحسن (ع) العامة، في مقر المكتبة بالنجف الأشرف، لإحياء التراث الفكري والإنساني لعلماء شيعة أهل البيت(ع). وكان المحاضر في الندوة الموسومة (الفقه السياسي في مدرسة أهل البيت(ع) – الإمام الشيخ جعفر كاشف الغطاء أنموذجا) الأستاذ الدكتور الشيخ عباس كاشف الغطاء.

وقد دارت المحاضرة حول محورين أساسين:

الأول: الفقه السياسي في مدرسة النجف الأشرف.

وقد أشار المحاضر إلى حاجة الأبحاث العالية في الفقه الإمامي إلى تناول هذا النوع من الأبحاث التي تسلط الأضواء على المفاهيم السياسية وعلاقة الشعب بالسلطة، وشكل ونوعية الحكم والسلطة التي تتناسب مع هذه العصور من جهة، بحيث تكون مقرة من قبل وجهة النظر الشرعية الإمامية من جهة أخرى.

بالإضافة إلى بحوث فقهية - سياسية عديدة لا يمكن التغاضي عنها أو غفلتها في ظل الانفتاح العلمي والفكري الذي يشهده العالم، وفي ضوء التغيرات والتطورات التي شهدتها المنطقة العربية والإسلامية في الآونة الأخيرة، والتي تقتضي من الفقهاء تكثيف بحوثهم للخروج بنتائج يمكن تطبيقها في مجالات كثيرة في إطار الدولة المعاصرة، كالحكم والسلطة وتوزيع السلطات ونوع الحكومة وحق الرقابة عليها، ومبدأ الشورى وغير ذلك.

والمحور الثاني: ركز المحاضر فيه على الدور الكبير والفاعل لفقهاء النجف الأشرف والذي كان يمثله الشيخ الإمام جعفر كاشف الغطاء (المتوفى سنة 1227هـ)، زعيم الطائفة الإمامية في عصره، والذي صارت إليه القيادة الدينيّة العليا للشيعة بعد وفاة السّيّد مهدي بحر العلوم سنة (1212هـ).

 إذ كان (قدس سره) يمثل كلتا السلطتين: الحاكم للبلاد، والفقيه المفتي. في ظل ظروف عصيبة شهدتها البلاد تلك الفترة وهي ترزح تحت نير الاستعباد العثماني، حيث كانت القسوة والشدة والتمييز الطائفي هي الأمور التي يتخذها أداة ووسيلة في حكمه للسيطرة على البلاد.

وقد تطرق المحاضر الى أحداث سياسية متعددة كانت للشيخ الأكبر كاشف الغطاء مع السلطة العثمانية، وحنكته في الحفاظ على ممتلكات العتبة العلوية المقدسة من أن تستولي عليها تلك السلطة. وتعامله الحكيم مع الدول المجاورة للعراق ومحافظته على استقلالية القرار الديني في ظل التنازع الدولي للسيطرة على مقدرات البلاد.

وكذلك كان للإمام الشيخ كاشف الغطاء الوقفة البطولية في تسليح النجفيين، وفتح ساحات التدريب على السلاح لطلبة الحوزة العلمية، إبان الغزو الوهابي على المدن المقدسة: النجف الأشرف وكربلاء المقدسة، وقد توج الشيخ الأكبر تلك الجهود ببناء سور النجف الكبير الذي حال دون تمكن الغزو الوهابي من تحقيق مآربه في تلك البلاد المقدسة.

وبعد أن أنهى المحاضر محاور البحث، تقدم عدد من الفضلاء بمجموعة من الأسئلة والاستفسارات والمداخلات التي أغنت موضوع المحاضرة وأثرته بما عاد على الحضور بالنفع، وعلى موضوع البحث بالإثراء.

وقد أبدى الحضور ارتياحه الكبير للجهود المتميزة التي يبذلها مركز الإمام محمد الباقر(ع) لإحياء التراث، في طريق إحياء تراث وذكر علمائنا الأعلام الذين شيدوا أركان الفكر، وبذلوا كل غال في سبيل المحافظة على الشريعة المقدسة. متأملين تكرر هذه الندوات النافعة في فرصة قريبة.

اضف تعليق