q

العائلة مصنع المتميزين، هذا أمر متَّفَق عليه، فالتربية لها الدور الأول في هذا الجانب، تأتي بعد ذلك عوامل اخرى مثل الوراثة والذكاء وما شابه، والكل يتّفق ايضا على أن المرأة هي الموجّه التربوي الأول للطفل، فهي التي تصنع الابطال في مواجهة الحياة والتميّز بها، أو العكس، ولكن مع كل يوم جديد يتغير العالم الذي نعيشه، وتستجد فيه امور كثيرة، من بينها طبيعة حياة المرأة، فلم تعد حياتها محصورة في البيت والتربية، خاصة ان العائلة والمرأة باتت تحتاج الى موارد اضافية تتوافق مع تطور الحياة، فصارت قضية نزولها الى العمل خارج البيت أمرا لا سبيل لتجاوزه، فهي كائن يحتاج الى ضرورات الحياة مثل الرجل تماما، وهي تملك المواصفات التي تمكنها من الوقوف جنبا الى جنب مع الرجل.

وقد اهتم الاسلام ببناء وتشكيل الاسرة باعتبارها الخلية الاساس في المجتمع، وان الاستقرار النفسي والعاطفي للأفراد لا يأتي إلا من خلال التربية الصحيحة التي تؤديها المرأة في دور امومتها، وبما ان الكثير من النساء يحتجن للخروج من المنزل والعمل لساعات طويلة، فإنها بلا شك ستؤثر على تربية الابناء وسلوكياتهم وهنا تحتاج المرأة الى التوازن والوصول الى نقطة توازن بين بيتها وعملها، لهذا تحتاج الام العاملة لكثير من التنظيم كي تنجح بالمجالين وإلا سيصبح عملها اهم من بيتها وتربية اطفالها او العكس، وعلى الرغم مما تحققه المرأة من نجاحات في العمل نجد ان هناك آراء مختلفة حول عملها، بين مؤيد ومعارض، فهناك من يرى ان عمل المرأة يجعلها مقصرة في واجباتها الاسرية ويشغلها عن تكوين أسرة وبناء أناس ناجحين، وآخرون يؤكدون ان عمل المرأة ضرورة في ظل الحياة الاقتصادية الصعبة.

من ناحية أخرى اكدت بعض الدراسات الاجتماعية ان ابناء المرأة العاملة أفضل من غيرها، لأنها تكون واعية أكثر وعلى قدر من المسؤولية والثقة بنفسها، وتحاول جاهدة ان تعوض اسرتها عن الوقت الذي تقضيه في العمل وبحكمة أكثر، بينما الام المتفرغة تنحصر حياتها داخل دور واحد وهو رعاية أسرتها، فهي تعتمد على الزوج تماماً في الدخل والانفاق عليها وعلى الأسرة، وقد تشعر بالإحباط والانعزال عن العالم الذي تعيش فيه.

في هذا الجانب تنوّعت الآراء حول عمل المرأة وقد استطلَعت (شبكة النبأ المعلوماتية) آراء البعض ممن يتعلق الأمر بهنَّ من النساء.

التوفيق صعب

فقد قالت السيدة نرجس رضوي في هذا الشأن: "أنا جربتُ بنفسي أن قضية التوفيق بين العمل ومسؤولية البيت بالنسبة للمرأة، شيء صعب، ولكن هذا لا ينفي أن البعض من النساء لديهن القدرة على التوفيق بين المجالين ولكن نادراً ما يحدث ذلك بصورة متوازنة، فأنا أعتقد أن المرأة التي تكون اكثر كفاءة من غيرها، هي ربة البيت، لأنها سوف تُكرس كل وقتها وطاقتها لأولادها وزوجها، وخصوصاً في هذا الوقت، حيث وسائل الانحراف كثيرة بسبب وسائل الاعلام والاتصال التي جعلت العالم (غرفة واحدة) كما نلاحظ بالنسبة لشبكة الانترنت، التي باتت اكثر خطورة من اصدقاء السوء، لذلك من الواجب متابعة الاولاد (ذكور وبنات) ومراقبتهم حتى لا يكونوا ضحية الانحراف، بينما اذا كانت المرأة عاملة سوف تنشغل عنهم لأنها تقضي ساعات طويلة بعيدا عنهم (في العمل)، ثم تأتي من العمل منهمكة ومتعبة، فتصبح تحت ضغوط كبيرة ناتجة عن العمل خارج البيت وداخله (التنظيف والطهي وما شابه)، هذا يدفعها لإهمال جوانب تربوية مهمة جدا، قد تؤثر على تربيتها الصحيحة لأولادها.

شروط التوفيق

اما السيدة فاطمة مرزوق فكان لها رأيها أيضا إذ تقول: "أنا مع المرأة التي تملك القدرة على التوفيق والتنظيم بين العمل والبيت والتربية ولكن ضمن شروط منها:

- عدم ترك الاولاد في فترة العمل عند الشغّالة او المربية الخاصة.

- عدم إهمال حاجات الأطفال العاطفية.

- الاهتمام بنظافة الأطفال.

واذا لا تستطيع ان تعمل بهذه الشروط، فالأفضل لها ان تجلس في البيت وتنشغل بتربية الاسرة واحتياجاتها، إذن فقضية صعوبة هذا الهدف وكونه صعب المنال أو لا، يتعلق بالمرأة نفسها، مع مساعدة الرجل والعائلة لها في بعض الامور، ولكن الامر في النهاية يعود لها هي، لأنه يعتمد على قدرتها نفسها، فهناك نساء لديهم المقدرة ويرونها سهلة طبعاً مع مساعدة الزوج لها، وهناك العكس.

المرأة المثقفة

من ناحية اخرى هناك رأي آخر للسيدة فهيمة، إذ تقول حول عمل المرأة: "العمل والتربية أمران غير متناقضين، فالمرأة الجيدة المتمكنة باستطاعتها تدبر الامرين معاً، ولكن بالنسبة لي لا أحب العمل خارج المنزل، بالمقابل أنا أحب الدراسة كثيراً، وبرأيي أنه على المرأة أن تكون مثقفة، تقرأ الكتب المتنوعة التي تزيد وعيها وثقافتها، ويمكن ان تشارك في دورات تدريبية تربوية وسواها، ولكن هذا لا يعني ان المرأة لا تتمكن من التوفيق بين البيت والعمل، فهناك كثير من الموظفات قديرات في العمل وتربية الأولاد، و بالمقابل هناك ربات البيوت لا يصبرن ولا يتحملن صعوبات التربية والعمل.

توافر الارادة القوية

وأخيراً استطلعنا رأي (خلود البياتي) وهي مدربة في مجال التنمية البشرية "اختصاص تربية الطفل واللعب الموجه لتغيير السلوك " وقد كان رأيها حول موضوعنا كما يلي: لا يوجد شيء صعب المنال إذا اقترن بالإصرار والرغبة الشديدة للوصول اليه، المهم تحديد الهدف السامي ثم السعي باتجاهه، وشعارنا بإذن الله قول الامام الحسين عليه السلام "إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي) والاصلاح يشمل كل جوانب الحياة انبثاقاً من النفس.

واضافت البياتي ايضاً: إن الهدف السامي يسحبنا له ويُمهّد لنا الطريق مهما كانت الصعوبات التي لابد من وجودها للوصول لتحقيق الهدف، ومن المهم جداً أن تتوافر الارادة القوية والاصرار وكذلك الثقة بالله وبالنفس، وتنمية روح التعاون في البيت ليمنحنا قوة الانطلاق.

أما نحن فنقول في الختام أن المرأة مخلوق عامل بامتياز، وكل مجتمع مؤمن بقدراتها المتميزة، يحتاج لمشاركتها في تطوير جميع مجالات الحياة الخاصة والعامة.

اضف تعليق


التعليقات

محمد مصطفى
احسنتم موضوع جدا جميل2015-03-22