q

عادت قضية الهجرة في الولايات المتحدة مجددا لتتصدر المشهد الاعلامي بعد ما ندد الرئيس الامريكي ترامب كما نقلت بعض المصادر، خلال اجتماع عقد في البيت الأبيض بالهجرة القادمة من "بلدان الحثالة" معتبرا انه من الافضل ان تستقبل الولايات المتحدة مهاجرين من النروج مثلا.وهو ما اثار موجة جدل وانتقادات داخل وخارج الولايات المتحدة، حيث تعتبر هذه المواقف متعارضة تماما مع المبادئ العامة التي يعتمدها بلد مثل الولايات المتحدة يفتخر بقدراته على استيعاب المهاجرين وادماجهم.

ووصف ساسة ودبلوماسيون أفارقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالعنصري بعد تصريحات منسوبة له وصف فيها المهاجرين القادمين من أفريقيا وهايتي بأنهم من دول ”حثالة“.وقال سناتور حضر الاجتماع إن الرئيس استخدم لغة ”وضيعة ومبتذلة“ وإنه استخدم كلمة ”حثالة“ مرارا. ونفى ترامب أنه استخدم لغة مهينة لكنه واجه تنديدا واسعا في كثير من الدول الأفريقية وفي هايتي والسلفادور فضلا عن إدانات من منظمات دولية معنية بحقوق الإنسان.

وتذبذب موقف ترامب نفسه بشأن الهجرة بين خطاب صارم يطالب ببناء جدار على حدود الولايات المتحدة ولهجة أكثر ليونة تدعو إلى "قانون حب" للمهاجرين الصغار، مما دفع الديمقراطيين وبعض الجمهوريين إلى وصفه بطرف مفاوض غير جدير بالثقة. وكتب ترامب على "تويتر" في إشارة إلى الموعد القادم لانتهاء تمويل الحكومة "لا أحد يعرف على وجه اليقين ما إذا كان الجمهوريون والديمقراطيون سيتمكنون من التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج داكا بحلول الثامن من فبراير، لكن الجميع سيحاولون".

وأضاف ترامب "الديمقراطيون أدركوا للتو أن الإغلاق ليس الحل!"، بعد دعوته إلى "تركيز إضافي كبير على القوة العسكرية وأمن الحدود". وكان كثير من الجمهوريين قالوا إنهم يريدون مساعدة المهاجرين "الحالمين" الذي أُدخلوا إلى الولايات المتحدة بطريقة غير شرعية وهم أطفال.

وألغى ترامب برنامج "داكا" الذي أقره الرئيس السابق باراك أوباما والذي يحميهم من الترحيل. وقال راوندز إلى جانب السيناتور الأمريكي أنجوس كينج وهو مستقل عادة ما يتحالف مع الديمقراطيين، إن أي حل خاص بالهجرة من المرجح أن يركز على "الحالمين" وتعزيز أمن الحدود.

الهجرة والأمن القومي

وفي هذا الشأن اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن نظام الهجرة المطبق في الولايات المتحدة حاليا يضعف الأمن القومي في وقت تسعى إدارته إلى الحصول على دعم المحكمة العليا للسماح بترحيل 700 ألف مهاجر يعرفون بـ"الحالمين". وبعد أيام من إثارة ترامب غضبا دوليا بعدما أشارت تقارير إلى أنه اشتكى من المهاجرين القادمين من دول وصفها بـ"الحثالة"، سعت حكومته إلى تحويل مسار النقاش عبر ربط عدد من برامج الهجرة الحالية بالتهديدات الإرهابية.

وأفاد تقرير جديد صادر عن وزارتي العدل والأمن الداخلي أن نحو ثلاثة أرباع الإدانات بالإرهاب الدولي البالغ عددها 549 التي أصدرتها المحاكم الأميركية منذ اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 ترتبط بأفراد ولدوا في الخارج تم منح 148 منهم الجنسية بعد وصولهم الى الولايات المتحدة. وأضاف التقرير أنه تم منع مئات الإرهابيين المحتملين الذين حاولوا دخول البلاد بشكل شرعي أو غير شرعي. ونشر ترامب عبر موقع "تويتر" رابطا للتقرير دعما لجهود البيت الأبيض في انهاء برامج على غرار القرعة للحصول على الاقامة (غرين كارد) و"الهجرة المتسلسلة" التي تسمح بلم شمل عائلات المهاجرين إلى الولايات المتحدة.

وقال الرئيس "قدمنا إلى الكونغرس لائحة من الموارد والإصلاحات. نحتاج إلى ابقاء الولايات المتحدة آمنة، بما في ذلك الابتعاد عن الهجرة المتسلسلة العشوائية ونظام القرعة والتحول إلى (نظام هجرة) على اساس استحقاقها". وكشف وزير العدل عن التقرير بعد أيام على رفض ترامب لاتفاق بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي يقضي بإصلاح بعض برامج الهجرة وتمويل الجدار على الحدود مع المكسيك بشكل جزئي وضمان وضع "الحالمين"، وهو الاسم الذي يطلق على المهاجرين الذين دخلوا البلاد بشكل غير شرعي عندما كانوا اطفالا.

ووصف وزير العدل المعلومات الواردة في التقرير بأنها ليست إلا "رأس جبل الجليد"، مضيفا "لدينا حاليا تحقيقات مرتبطة بالإرهاب حول آلاف الأشخاص في الولايات المتحدة، بينهم المئات ممن وفدوا كلاجئين". وقال سيشنز إن "التقرير يكشف حقيقة لا جدال فيها بأن نظامنا للهجرة يقوض أمننا القومي وسلامتنا العامة". وندد ترامب بالنظام القضائي في بلاده الذي اعتبره "مجحفا" غداة تجميد قاض فدرالي في كاليفورنيا قرار إدارته وقف العمل ببرنامج "داكا" (اختصار "الاجراءات المؤجلة للأطفال الوافدين") الذي يحمي الحالمين من الترحيل منذ العام 2012.

وأثارت وزارة العدل مزيدا من الجدل عندما أعلنت أنها ستتجاوز محكمة الاستئناف في كاليفورنيا حيث ستطعن في قرار قاضي سان فرانسيسكو أمام المحكمة العليا مباشرة توفيرا للوقت. ويرى البعض أن هذا القرار يهدف تحديدا إلى تحويل الملف إلى قضاة من المرجح ان يصدروا حكما لصالح إدارة ترامب. من جهتها، رأت المسؤولة عن ملف سياسة الهجرة في اتحاد الحريات المدنية الأميركي لوريللا برايلي أن اجراءات الإدارة الأخيرة "ليست إلا الحلقة الأخيرة في سلسلة تصرفات عدائية تستهدف المهاجرين الشباب في أنحاء أميركا".

وخلال المفاوضات المعقدة على اتفاقية الهجرة بين الحزبين، اشتكى ترامب وفقا لأحد المسؤولين الحاضرين من المهاجرين القادمين من دول "حثالة" مشيرا إلى أنه يفضل النروجيين. وفي هذا السياق، رأى السناتور الجمهوري النافذ ليندسي غراهام أن موظفي البيت الأبيض "غير منطقيين" في الغائهم للتسوية التي تم التوصل إليها بين النواب الديموقراطيين والجمهوريين. وقال غراهام "لا أعتقد أن المقربين من الرئيس خدموه بشكل جيد (...) لا يمكننا المضي قدما في ظل وجود أشخاص مسؤولين في البيت الأبيض لديهم نظرة غير منطقية بشأن كيفية إصلاح الهجرة". وأضاف في إشارة إلى إصلاح الهجرة "علينا أن نكون مجددا دولة عظيمة حيث يعمل الديموقراطيون والجمهوريون معا للقيام بأمر كان علينا القيام به منذ سنوات".

لكنه أكد أنه سيواصل الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق يحمي المتقدمين لبرنامج "داكا" ويمول الجدار الحدودي بشكل جزئي ويوجه السياسة نحو هجرة مبنية على الاستحقاق. وتعهد للمستفيدين من "داكا" بأن "تنتهي الأمور بشكل جيد". وفي ايجاز للصحافيين، قال مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية إن واشنطن تريد نظام هجرة يأتي بأشخاص قادرين على المساهمة بمعرفتهم ومهاراتهم و"الاندماج" في المجتمع الأميركي. وأشار إلى أن "نظام هجرة يعمل بشكل جيد سيدعم الاندماج في جميع أشكاله". وأضاف أن نظاما كهذا "لن يدعم السماح (بهجرة) أفراد يستبعد نجاحهم واندماجهم ولديهم قابلية للتطرف أو أنهم متطرفون أصلا وهو ما يشكل تهديدا لأمننا القومي". بحسب فرانس برس.

ويوضح مسؤولون في البيت الأبيض بأنهم يرغبون بنظام مشابه لذاك المطبق في كندا واستراليا حيث يتم تقييم المتقدمين بطلب الهجرة بناء على نوع المهارات والمعرفة التي لديهم. لكن المعارضين يشيرون إلى أن الحكومة تهدف عبر توجهها هذا والتقرير الجديد الصادر بشأن الهجرة إلى إبعاد المسلمين بشكل أساسي. وأوضح مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية أن "هذا التقرير المدفوع باجندة معينة مصمم بشكل واضح لدعم سياسات إدارة ترامب المعادية للهجرة والإسلام". وأضاف "إنه يتجاهل العنف الذي مارسه اشخاص يؤمنون بتفوق البيض ومن غير المهاجرين ويسعى بدلا منذ ذلك الى إضفاء صبغة الإرهاب على جميع المهاجرين".

تصريحات وردود

من جانب اخر قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن خطة بشأن الهجرة عرضها الحزبان الجمهوري والديمقراطي على مجلس الشيوخ ستجبر الولايات المتحدة على استقبال مهاجرين من دول ”بها نسب عالية من الجريمة“ لكنه نفى استخدام لفظ بذيء في تعليقات نسبت له ووصفت بأنها عنصرية. وندد ترامب بالاتفاق الذي توصل إليه ستة من أعضاء مجلس الشيوخ عن الحزبين ووصفه بأنه ضعيف للغاية لكنه أصر على أنه لم يستخدم لفظ ”حثالة“ لوصف هايتي ودول أفريقية.

بيد أن السناتور الديمقراطي ديك دوربين الذي حضر اجتماعا بالبيت الأبيض بشأن الهجرة حيث تردد أن ترامب أدلى بتلك التصريحات أكد أن ترامب استخدم ”لغة حقيرة وبذيئة“ شملت كلمة ”حثالة“. ولاقت التقارير التي تناولت لغة الرئيس وإشارته إلى أصحاب البشرة الملونة من دول أخرى انتقادات من مشرعين أمريكيين من الحزبين ومنتقدين في الخارج قالوا إنه لا يمكن وصفها بأي شيء سوى بأنها عنصرية.

ولجأ ترامب إلى تويتر ليرد فيما يبدو على منتقديه. وقال الرئيس الأمريكي ”يبدو أن الديمقراطيين مصممون على استقبال أناس وإدخال مخدرات إلى بلادنا عبر الحدود الجنوبية مخاطرين بأرواح الآلاف“. وأضاف ”من واجبي حماية أرواح كل الأمريكيين وسلامتهم. لا بد أن نبني سورا عظيما. فكروا في قدوم المؤهلين وأوقفوا هجرة الأقارب والهجرة العشوائية“. وكان الأعضاء الستة بمجلس الشيوخ يعملون منذ شهور لصياغة تشريع يحمي نحو 700 ألف طفل دخلوا الولايات المتحدة كمهاجرين غير شرعيين وحصلوا في وقت لاحق على حماية من الترحيل وفقا لبرنامج يطلق عليه اسم (داكا).

وقال مصدران مطلعان إن ترامب تساءل لماذا تريد الولايات المتحدة أن تستقبل مهاجرين من هايتي ودول أفريقية مشيرا إلى بعضها بتعبير ”حثالة الدول“. ونفى ترامب أنه قال ”أي شيء يحقر من أبناء هايتي باستثناء أن هايتي وبكل وضوح دولة فقيرة للغاية وتواجه متاعب“. ولاقت تعليقات ترامب ردود فعل من الخارج. وفي جنيف قالت الأمم المتحدة إن التعليقات ”العنصرية“ تحرض على كراهية الأجانب. وقال روبرت كولفيل المتحدث باسم مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان خلال إفادة صحفية في جنيف عندما سُئل عن التصريحات ”هذه تصريحات صادمة ومشينة من رئيس الولايات المتحدة. لا توجد كلمة أخرى يمكن أن يستخدمها المرء سوى ‘‭‬‬‬عنصرية‘“.

وقالت جيسي دوارتي نائبة الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم في جنوب أفريقيا إن تعليقات ترامب أساءت بشدة لجنوب أفريقيا. وقالت دوارتي ”بلدنا ليس حثالة وكذلك هايتي أو أي دولة أخرى في محنة“. ووفقا للمصدرين اللذين طلبا عدم نشر اسميهما جاءت تصريحات ترامب التي أدلى بها في البيت الأبيض في الوقت الذي كان السناتور الديمقراطي ديك دربين والسناتور الجمهوري لينزي جراهام يطلعانه فيه على مشروع قانون جديد للهجرة أعدته مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين. بحسب رويترز.

وكان المشرعان يصفان كيفية عمل بعض برامج الهجرة بما في ذلك برنامج يوفر ملاذا في الولايات المتحدة لمواطني الدول التي تعاني كوارث طبيعية أو صراعات أهلية. ونسب مصدر تم إطلاعه على فحوى الحديث إلى ترامب قوله ”لماذا نريد كل هؤلاء الناس من أفريقيا هنا؟ هذه حثالة الدول... ينبغي أن نستقبل مزيدا من الناس من النرويج“.

وقالت جيسي دوارتي نائبة الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم في جنوب أفريقيا خلال مؤتمر صحفي في إقليم إيسترن كيب ”بلدنا ليس حثالة وكذلك هايتي أو أي دولة أخرى في محنة“. وقالت دوارتي للصحفيين ”وكأن الولايات المتحدة ليس لديها مشاكل... هناك بطالة في الولايات المتحدة وهناك أناس لا يتمتعون بخدمات الرعاية الصحية“. وأضافت ”لن ننجر إلى تصريحات تحط بهذا الشكل من شأن أي دولة تعاني من أي نوع من المصاعب الاجتماعية والاقتصادية أو غيرها من الصعوبات“.

واستدعت وزارة الخارجية في بوتسوانا السفير الأمريكي للتعبير عن الاحتجاج ووصفت التعليقات بأنها ”غير مسؤولة على الإطلاق ومستهجنة وعنصرية“. وقالت في بيان إنها طلبت من الحكومة الأمريكية من خلال سفيرها ”توضيح“ ما إذا كانت هذه التصريحات المهينة تنطبق أيضا على بوتسوانا نظرا لأن بعض مواطنيها يقيمون في الولايات المتحدة ولأن هناك آخرين يرغبون في الذهاب إلى هناك.

وذكر مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية أن وزارة الخارجية السنغالية استدعت أيضا السفير الأمريكي في دكار للتعبير عن استيائها. وقال الاتحاد الأفريقي إنه يشعر بانزعاج شديد من تعليقات ترامب ”العنصرية جدا“. وقالت المتحدثة باسم الاتحاد الأفريقي إيبا كالوندو ”نظرا للواقع التاريخي عن كيفية وصول الأمريكيين الأفارقة إلى الولايات المتحدة كعبيد ولكون الولايات المتحدة أكبر مثال على بلد بنته الهجرة، فإن خروج تعليق كهذا أمر مزعج بشكل خاص“.

صفحات سوداء

الى جانب ذلك تبدو توجهات الرئيس الاميركي دونالد ترامب المناهضة جدا للهجرة، ابعد ما تكون عن مضمون القصيدة التي نقشت على قاعدة تمثال الحرية الذي ينتصب في نيويورك لاستقبال المهاجرين المعذبين الهاربين من الظلمات في بلدانهم سعيا وراء بلد الحلم. القصيدة التي كتبتها الشاعرة الاميركية ايما لازاروس عام 1883 تتكلم باسم تمثال الحرية الذي يخاطب المهاجرين الواصلين بحرا الى نيويورك قائلا "اعطوني جماهيركم المتعبة المثقلة المسكينة المتزاحمة، جماهيركم الهاجعة التي تتوق الى استنشاق نسيم الحرية، إليَّ بالبؤساء والتعساء والمتضايقين والمُزدرَى بهم! أرسلوا إليَّ المُشرَّدين الذين تتقاذفهم العواصف والأنواء، ها أنا في استقبالهم رافعة مصباحي على مقربة من الباب الذهبي!".

ومن العودة الى الماضي يتبين ان توجهات ترامب ازاء المهاجرين تجد جذورا لها في صفحات سوداء تخللت تاريخ الهجرة الى الولايات المتحدة، حيث كانت تظهر مواقف مناهضة ورافضة لفئات معينة من المهاجرين. وبخلاف اسلافه منذ عقود عدة سارع ترامب الى اطلاق المواقف المناهضة للهجرة فارضا قيودا على تأشيرات الدخول، من دون ان يخفي رغبته بطرد ملايين المهاجرين غير القانونيين. بالمقابل دعا الى جذب المهاجرين الاغنياء اصحاب المستويات العلمية العالية، وخصوصا من بين الاوروبيين البيض.

الا ان المؤرخين الذين نبشوا التاريخ الاميركي يؤكدون ان البلاد شهدت موجات عدة من المواقف المناهضة للهجرة، ونقاشات حادة حول جدوى البقاء كدولة هجرة. وتقول استاذة التاريخ في جامعة ميريلاند جولي غرين "من يتمعن بكامل التاريخ الاميركي يرى ان اكثر ما يميزه هو تطور النقاش حول الهجرة ليركز على اعراق المهاجرين". ففي عام 1790 صدر قانون تجنيس كان الهدف منه منع السود من الحصول على الجنسية الاميركية. وفي عام 1798 صدر قانون جديد استهدف الفرنسيين، ثم قانون اخر عام 1875 منع دخول العمال الاسيويين. وفي عام 1924 اقر قانون استهدف سكان اوروبا الشرقية واوروبا الجنوبية حيث غالبية السكان من الكاثوليك واليهود.

ويقول استاذ التاريخ في الجامعة الاميركية الان ليشتمان "ظهرت مشاعر قوية مناهضة للهجرة طيلة القرن التاسع عشر. وخلال مراحلة عدة من التاريخ الاميركي كان ينظر الى فئة معينة من المهاجرين على انها تشكل تهديدا للولايات المتحدة". وقبل دونالد ترامب بنحو قرن جعل الرئيس الجمهوري وارن هاردينغ من موضوع الهجرة اساس حملته الانتخابية عام 1920. فقد وصل الى البيت الابيض اثر انتعاش اقتصادي كبير تواصل لاربعين عاما تدفق خلاله 22 مليون مهاجر الى الولايات المتحدة. الا ان الاميركيين في تلك الفترة كانوا يتخوفون من ان تؤدي موجة الهجرة من اوروبا الشرقية واوروبا الجنوبية الى ادخال "اعراق متدنية" الى البلاد او ادخال روس من البلشفيك. ويضيف ليشتمان "على غرار ترامب كان هاردينغ يقدم نفسه على انه رئيس +اميركا اولا+".

بعد ذلك عرفت البلاد ردات فعل مناهضة لفئات من المهاجرين لكنها كانت اقل حدة. فكان رفض للمكسيكيين خلال الثلاثينات، وحذر من الهجرة بشكل عام بعيد الحرب العالمية الثانية. وفي عام 1965 الغي نظام الكوتا للمهاجرين لتشجيع هجرة الاشخاص الكفوئين ولم الشمل، فكانت النتيجة ان الهجرة الشرعية كانت تضخ مليون شخص سنويا، القسم الاكبر منهم من آسيا اضافة الى هجرة غير قانونية من المكسيك. في عام 1986 شرع الرئيس الاميركي الجمهوري رونالد ريغان اوضاع 3،2 مليون مهاجر سري. وبعدها باربع سنوات اراد الرئيس جورج بوش تنويع اصل المهاجرين فادخل سياسة اليانصيب للحصول على الاقامة المعروفة بالبطاقة الخضراء.

الا ان المشاعر المناهضة للهجرة عادت بقوة مطلع الالفية الثالثة. وبسبب اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2001 استهدفت المشاعر المناهضة للمهاجرين المسلمين بشكل خاص. كما شهدت هذه المرحلة تغيرات عميقة في بنية الاقتصاد قلبت اوضاع الكثير من مناطق البلاد وغيرت ديموغرافيتها، ما جعل البيض اقلية في الكثير من المناطق. وامام 12 مليون مهاجر غير قانوني موجودين في البلاد سعى الرئيسان جورج بوش وباراك اوباما الى فرملة تدفق المهاجرين القادمين من الخارج، مع اعطاء فرص كثيرة لمنح الجنسية الاميركية للموجودين اصلا في البلاد. بحسب فرانس برس.

الا ان المؤرخين يؤكدون ان احدا لم يجعل من الهجرة مسألة سياسية كما فعل ترامب خلال حملته الانتخابية مدغدغا مشاعر البيض الخائفين من التطورات الديموغرافية التي تشهدها البلاد. ويضيف ليشتمان "لقد عمل على جذب اقلية لديها شعور قوي مناهض للهجرة. الا ان هذا الشعور ليس شعور الاكثرية". اما غرين فقالت بهذا الصدد "من السهل اللعب على العواطف في هذا المجال".

اضف تعليق