q

يعاني الاقتصاد البريطاني من أزمات خانقة وتقلبات كبيرة في مختلف قطاعاته، اثر تداعيات البريكست، كما تبدو المعطيات الاقتصادية الى أن المرحلة القادمة أصعب بكثير بحسب العديد من الخبراء الماليين البريطانيين.

إذ لا تزال نتائج التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي تتفاعل بقوة على الأرض، حيث تتواصل التداعيات السلبية على اوروبا وبريطاني نفسها، لاسيما في مجال حركة الاموال وتعاملات البنوك، وقيمة العملات التي تدحرجت الى الحضيض، حيث بلغ قيمة الجنيه الاسترليني بأدنى مستوى له منذ عام 1985، اي قبل ما يقرب من 30 عاما، ولم تكن نعظم التوقعات تميل الى تفوق الداعين الى الانفصال، ما أدى الى صدمة لا تزال وستبقى تفاعلاتها مستمرة الى وقت قد يطول كثيرا.

وروى بعض المتضررين من قرار الانفصال أن اعلانه كان بمثابة الكارثة المالية، فقد نزل خبر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بعد الاستفتاء، كالصاعقة على أسواق المال الأوروبية والعالمية. فقد استعد الجميع لنتيجة إيجابية ترجح بقاء بريطانيا في الاتحاد، لكن العواقب كانت أكثر مما يتخيل حتى الأكثر تشاؤما.

فيما يرى خبراء الاقتصاد أن المرحلة الحالية ترتفع فيها فرص التأثيرات القاسية على الاقتصاد البريطاني بشكل أكبر من فترة ما بعد الاستفتاء، خصوصاً في حال فشلت بريطانيا في عقد اتفاق مع التحاد الأوروبي واضطرت للخروج دون أي ضمانات اقتصادية من القارة الأوروبية، وهو ما قد يكون له تأثيرات قاسية على الأوضاع الاقتصادية في بريطانيا لسنوات قادمة.

فقد وصف الاقتصادي الأمريكي الحائز على جائزة نوبل، جوزيف ستيغليتز، أي محاولة لبريطانيا للتفاوض بشأن إبرام صفقات تجارية مع الولايات المتحدة في عهد ترامب بـ "مضيعة للوقت".

من جهتها، قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد إن الاقتصاد البريطاني يشعر بأثر قرار الناخبين العام الماضي بالخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي وقرار الحكومة بالمضي قدما في الانفصال.

في حين، قال صندوق النقد الدولي إن بريطانيا قد تكون بحاجة لجمع المزيد من الأموال من خلال الضرائب لتقلص العجز في ميزانيتها بعد الاعتماد بشدة على إحكام قبضتها على الإنفاق الحكومي، على الصعيد نفسه، قال مسؤولون نقابيون إن بريطانيا بحاجة للسماح بمزيد من الوقت للشركات كي تستوعب ثمانية آلاف و500 عامل مهددين بسبب انهيار شركة كاريليون للإنشاءات في الوقت الذي تواجه فيه رئيسة الوزراء تيريزا ماي انتقادات للطريقة التي تسند بها الحكومة الخدمات العامة إلى متعهدين، وانهارت كاريليون عندما رفضت البنوك أن تقرضها‭ ‬أموالا إضافية مما اضطر الحكومة إلى التدخل من أجل ضمان خدمات تتراوح من الوجبات المدرسية إلى أشغال الطرق التي كانت الشركة تقدمها في السابق.

من جانب اخر، ارتفع عجز الميزان التجاري البريطاني الى أعلى مستوى منذ خمسة أشهر على ما أظهرت بيانات رسمية، ما اثار مخاوف حيال مباحثات بريكست الوشيكة حول ملف التجارة،

وستغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي رسميا في آذار/مارس 2019 بعدما صوت مواطنوها العام الماضي بصالح بريكست إلا أن المفاوضات لا تزال جارية بشأن شروط انسحابها والعلاقات التجارية المستقبلية، وهناك مخاوف من أن يتسبب وصول المحادثات إلى طريق مسدود بخروج بريطانيا دون التوصل إلى اتفاق تجاري، ما قد يتسبب باضطرابات شديدة تعصف باقتصادها، وعلى العموم لا يمكن استباق النتائج، ولكن بحسب التحليلات الواقعية، فإن خروج بريطانيا لا يمكن ان يكون في صالحها، وربما كانت المكابرة الفارغة والتاريخ (الامبراطوري) هو الذي ورّط البريطانيين واسقطهم في هذا المنزلق، فقد خيمت الصدمة على حي المال والاعمال في لندن اثر الاستفتاء الذي ايد فيه البريطانيون الخروج من الاتحاد الاوروبي، في نتيجة وصفها ديفيد الذي يعمل في الاسواق المالية بالعاصمة البريطانية بانها "كارثة لعينة".

جوزيف ستيغليتز: تتفاوض بريطانيا التجاري مع ترامب مضيعة للوقت

وقال ستيغليتز، في تصريحات لبي بي سي، إنه لا يتعين على بريطانيا استخدام "مواردها الشحيحة" في مساعيها الرامية لإبرام اتفاقات لمرحلة ما بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وفي وقت سابق، قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إنه يعمل على إبرام "صفقة تجارية كبيرة" مع المملكة المتحدة.

وقال ستيغليتز إنه لا يجب على بريطانيا أن تثق في تصريحات ترامب بشأن الصفقات التجارية.

ترامب يتوقع التوصل إلى اتفاق تجاري قوي مع بريطانيا "قريبا جدا"، وفي حديثه لبي بي سي، الجمعة، قال ستيغليتز، الذي يشغل كذلك كبير الاقتصاديين في البنك الدولي، إنه يعتقد بأن ترامب "سيتحدث عن إبرام صفقة" كبيرة، وشكك في أن يحظى أي شيء يتفاوض عليه ترامب بـ "دعم كبير في الكونغرس".

وفى يوليو/ تموز، توجه وزير التجارة الدولية البريطاني، ليام فوكس، إلى واشنطن لبحث إمكانية عقد صفقات تجارية، وكان فوكس يسعى لإبرام صفقة لتعزيز التجارة بين المملكة المتحد، والولايات المتحدة على أن تدخل حيز التنفيذ عند مغادرة المملكة المتحدة الكتلة الأوروبية، غير أن الرئيس ترامب، أكد رغبته في علاقات تجارية أقل سخاء مع الدول والكتل التجارية الأخرى، ويريد ترامب التفاوض بشأن اتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا)، وهو الاتفاق الذي أدى إلى تقليص كبير للحواجز أمام حركة التجارة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا.

ويخشى خبراء من إمكانية استعداد إدارة ترامب للالتفاف حول قواعد منظمة التجارة العالمية وفرض قيود جديدة أمام الواردات بعيدا عن قواعد المنظمة الدولية.

وردا على سؤال حول ما إذا كان على بريطانيا أن تثق في الرئيس ترامب عندما يتعلق الأمر بالتفاوض بخصوص الصفقات التجارية، قال ستيغليتز: "لا، أعتقد بأن التفاوض معه سيكون مضيعة للوقت"، وأضاف: "إذا نظرتم إلى ما يقدمه في التفاوض حول اتفاق نافتا ستشعرون مدى الوقت الذي سيضيع"، وتابع: "لقد اقترح أن تكون نافتا لمدة خمس سنوات".

ومضى قائلا: "الأعمال التجارية لا يمكنها أن تستمر في جو من الثقة يُبنى على إبرام اتفاق كل خمس سنوات، ومن السخف أن الكتل التجارية التي دعمته كثيرا تضاءلت بصورة وقالت إن الأمر محكوم عليه بالفشل"، وأضاف: "نظرا للعقبات التي تواجهها بريطانيا في التفاوض مع الاتحاد الأوروبي... أعتقد بأنه سيكون مضيعة للوقت إذا استخدامتَ مواردك الشحيحة في محاولة للتوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة".

ضغوط على ماي لتأمين وظائف بعد انهيار شركة كاريليون

قال مسؤولون نقابيون إن بريطانيا بحاجة للسماح بمزيد من الوقت للشركات كي تستوعب ثمانية آلاف و500 عامل مهددين بسبب انهيار شركة كاريليون للإنشاءات في الوقت الذي تواجه فيه رئيسة الوزراء تيريزا ماي انتقادات للطريقة التي تسند بها الحكومة الخدمات العامة إلى متعهدين، وانهارت كاريليون عندما رفضت البنوك أن تقرضها‭ ‬أموالا إضافية مما اضطر الحكومة إلى التدخل من أجل ضمان خدمات تتراوح من الوجبات المدرسية إلى أشغال الطرق التي كانت الشركة تقدمها في السابق.

وقالت بريطانيا إنها ستدفع لموظفي كاريليون الذين يعملون في عقود للقطاع الخاص، أجر يومين فقط بعد سقوط الشركة ولن توفر لهم حماية مماثلة لتلك التي يحظى بها من يعملون بالقطاع العام، وقال رئيس نقابة جي.إم.بي البريطانية، الذي التقى وزير الأعمال البريطاني جريج كلارك يوم الثلاثاء، إن الحكومة بحاجة للسماح بمزيد من الوقت للعاملين البالغ عددهم 8500 عامل والتي تشير تقديراتها إلى أنهم أصبحوا الآن مهددين.

وقال المتحدث باسم ماي إن كلارك أبلغ البنوك بأهمية أن تتذكر أنه لا ينبغي إلقاء اللوم على الشركات الصغيرة في انهيار كاريليون، وقال تيم روشيه الأمين العام لنقابة جي.إم.بي، لراديو هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) ”نريد شركات القطاع الخاص الأخرى أن تستوعب هؤلاء العمال... هذا يأخذ وقتا“.

لاجارد: الانفصال عن الاتحاد الأوروبي يضغط على اقتصاد بريطانيا

قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد إن الاقتصاد البريطاني يشعر بأثر قرار الناخبين العام الماضي بالخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي وقرار الحكومة بالمضي قدما في الانفصال.

وقالت لاجارد في التقرير السنوي للصندوق حول الاقتصاد البريطاني ”هذان القراران لهما بالفعل تأثير على الاقتصاد على الرغم من أن من المستبعد أن تغادر المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي قبل عام 2019“، وأضافت أن الشركات تؤخر الاستثمارات حتى تتضح الرؤية أكثر فيما يتعلق بقواعد التجارة في المستقبل ودعت بريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى التوصل إلى اتفاق بشأن الترتيبات الانتقالية بحلول مارس آذار 2019.

وقال الصندوق إن الاقتصاد البريطاني من المنتظر أن ينمو بنحو 1.5 بالمئة في عام 2018 بما يتوافق مع التوقعات السابقة بعد أن يحقق نموا يبلغ 1.6 بالمئة في عام 2017، وهو معدل أقل من الكثير من الاقتصادات المتقدمة. واستندت توقعات 2018 إلى افتراض أن مفاوضات الانفصال ستواصل إحراز تقدم.

صندوق النقد: بريطانيا قد تحتاج لزيادة إيرادات الضرائب لضبط عجز الموازنة

قال صندوق النقد الدولي إن بريطانيا قد تكون بحاجة لجمع المزيد من الأموال من خلال الضرائب لتقلص العجز في ميزانيتها بعد الاعتماد بشدة على إحكام قبضتها على الإنفاق الحكومي، وقال الصندوق في تقريره السنوي حول الاقتصاد البريطاني “تقليص العجز منذ الأزمة المالية العالمية اعتمد في الأغلب على إجراءات الإنفاق.

”بينما يتعين على الحكومة الاستمرار في السعي إلى تحقيق القيمة المثلى للمال، ربما تكون هناك حاجة لاستحضار نهج أكثر توازنا لتقليص العجز في المستقبل“.

وذكر التقرير أنه ”وفق هذه الظروف، قد يكون الاعتماد الأكبر على إجراءات الإيرادات لدعم (الموازنة) مقارنة مع السنوات الأخيرة مكفولا“، كما رحب التقرير بالتقدم الذي تحقق في الآونة الأخيرة في مفاوضات الانفصال مع بروكسل لكنه ذكر أن الإطار الزمني للتفاوض حول اتفاق تجارة جديد طموح.

عجز الميزان التجاري البريطاني يتسع مثيرا مخاوف جديدة حول بريكست

ارتفع عجز الميزان التجاري البريطاني الى أعلى مستوى منذ خمسة أشهر على ما أظهرت بيانات رسمية، ما اثار مخاوف حيال مباحثات بريكست الوشيكة حول ملف التجارة، وذكر مكتب الإحصاء الوطني في بيان أن العجز في السلع والخدمات، أي الفارق بين الصادرات والواردات، اتسع في تشرين الثاني/نوفمبر بواقع نصف مليار جنيه ليرتفع إلى 2,8 مليار جنيه وهو الأعلى خلال خمسة أشهر، وأوضح المكتب أن الإنتاج الصناعي ارتفع 0,4 بالمئة في تشرين الثاني/نوفمبر مقارنة بالشهر السابق، مدفوعا بقطاع الطاقة القوي.

ومن المقرر أن تنتقل مفاوضات الطلاق الاوروبي البريطاني الى ملف التجارة، والاتفاقيات الانتقالية والأمن، فيما تستعد لندن لمغادرة الاتحاد الاوروبي في آذار/مارس 2019، وقال ياكوب ديب رئيس المداولات في منصة التجارة الالكترونية (انفينوكس) إن "هذه البيانات التجارية لن تساعد بريطانيا في المفاوضات مع اوروبا ونحن نبدا مباحثات التجارة بجدية هذا العام وفيما يقترب موعد بريكست". بحسب فرانس برس.

وتابع أن "مزيداً من الارقام التجارية السلبية ستستغل من مؤيدي بريكست بلا شك لتبرير الحاجة إلى اقامة علاقات تجارية جديدة حول العالم"، وأضاف "لكن في الواقع إنهم يساعدون فقط في التأكيد على الضعف الموجود في الاقتصاد البريطاني، وهو ما سيتم استغلاله في المفاوضات مع اوروبا واي شركاء تجاريين محتملين بعد بريكست".

500 ألف وظيفة مهددة في بريطانيا في غياب اتفاق حول بريكست

حذرت دراسة أعدت بطلب من رئيس بلدية لندن صادق خان ونشرت الخميس بأن بريطانيا قد تخسر حوالى 500 ألف وظيفة بحلول 2030 في حال خروجها من الاتحاد الأوروبي بدون التوصل إلى اتفاق.

وحذر رئيس البلدية العمالي المؤيد لأوروبا في بيان بأنه "في حال خرجت المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في آذار/مارس 2019 بدون اتفاق حول السوق الموحدة أو الاتحاد الجمركي أو التدابير الانتقالية (...) فإن ذلك قد يؤدي إلى خسارة 482 ألف وظيفة".

ومن القطاعات التي درسها مكتب "كامبريدج إيكونوميتريكس" للأبحاث، القطاع المالي المهدد بخسارة قياسية في الوظائف (-119 ألف وظيفة)، يليه قطاع العلوم والتكنولوجيا (-92 ألف وظيفة) والبناء (-43 ألف وظيفة).

وفي لندن، مركز المملكة المتحدة المالي، قد تصل خسائر الوظائف إلى 84 ألفا، لكن العاصمة ستتضرر أقل من باقي البلاد، ومن المحتمل أن تتراجع الاستثمارات على المستوى الوطني بـ15% أي بمقدار 46,8 مليار جنيه استرليني (52,8 مليار دولار).

وتناولت الدراسة التأثير المحتمل لخمسة سيناريوهات على ارتباط ببريكست على البلاد وعاصمتها، مركزا على سبعة قطاعات أساسية في الاقتصاد البريطاني، وتتدرج هذه السيناريوهات من الحفاظ على وضع قائم ترفضه الحكومة البريطانية منذ الآن، إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق ولا فترة انتقالية.

وفي السيناريو الأكثر تفاؤلا، وهو بقاء المملكة المتحدة في السوق الموحدة بعد فترة انتقالية مع خروجها من الاتحاد الجمركي، فإن بريطانيا قد تخسر 176 ألف وظيفة، واتهم صادق خان الحكومة البريطانية "بعدم الاستعداد على الاطلاق" لعواقب بريكست، داعيا السلطات إلى تبديل موقفها في المفاوضات والقبول ببقاء البلاد في السوق الموحدة والاتحاد الجمركي، وكان وزير بريكست ديفيد ديفيس أقر في كانون الأول/ديسمبر أمام عدد من النواب بأن أجهزته ليس لديها دراسة تتناول تأثير الخروج من الاتحاد الأوروبي على كل من القطاعات الاقتصادية على حدة، وقالت متحدثة باسم وزارته ردا على أسئلة وكالة فرانس برس أن لندن وبروكسل تعتبران أن بإمكانهما "التوصل إلى اتفاق طموح يضمن الازدهار للمملكة المتحدة وللاتحاد الأوروبي بـ27 عضوا"، وقالت المتحدثة إن "المملكة المتحدة تريد شراكة معمقة ومميزة مع الاتحاد الأوروبي"، وبعد التوصل إلى اتفاق انتقالي حول بريكست في كانون الأول/ديسمبر 2017، يتحتم على بريطانيا وبروكسل التفاوض هذه السنة بشأن فترة انتقالية ومستقبل علاقاتهما في مجالي التجارة والأمن بعد انتهاء هذه الفترة.

المصارف قادرة على دعم اقتصاد بريطانيا في حال بريكست "غير منظم" (البنك المركزي)

أعلن "بنك انكلترا" المركزي أنه سيكون بإمكان المصارف البريطانية دعم الاقتصاد في حال خروج لندن من الاتحاد الأوروبي بشكل "غير منظم"، بعدما نجح القطاع في آخر جولة من الاختبارات بشأن مدى قدرته على تحمل الضغوط.

إلا أن البنك المركزي البريطاني أكد أنه لا يتعين على أكبر سبعة مصارف تجزئة في البلاد أن تمتلك ستة مليارات جنيه استرليني (ثمانية مليارات دولار أو 6,7 مليار يورو) كمجموع احتياطات رأس المال لتجنب وقوع أزمة.

وأكد بنك انكلترا أن المصارف السبعة التي تضم "باركليز" و"اتش اس بي سي" و"رويال بنك أوف سكوتلاند" و"لويدز" و"نيشنوايد" و"سانتاندر" و"ستاندارد شارترد" اجتازت الاختبارات بشأن قدرتها على تحمل الضغوط الاقتصادية لأول مرة منذ بدأت الاختبارات عام 2014 حيث أنها "قادرة على الصمود" أمام أي ركود.

وأفاد بيان صادر عن لجنة السياسة المالية لبنك انكلترا أن "سيناريو اختبار القدرة على التحمل (...) يشمل سلسلة واسعة من المخاطر التي قد تواجه الاقتصاد الكلي البريطاني والتي يمكن ربطها ببريكست"، وأضاف "نتيجة ذلك، ترى لجنة السياسة المالية أن النظام المصرفي البريطاني قد يستمر في دعم الاقتصاد الحقيقي في ظل بريكست غير منظم"، لكن حاكم بنك انكلترا مارك كارني حذر في مؤتمر صحافي من أن بريكست غير منظم "ليس في مصلحة أحد" وسيكون له "تداعيات اقتصادية على الأفراد والأعمال التجارية".

وأشار كارني إلى أن بريكست غير منظم بدون ترتيب العلاقة التجارية من خلاله "ليس سيناريو جيدا"، وأكد أنه سيناريو "نعمل جميعنا على تجنبه حيث يحمل تكاليف اقتصادية واضحة حتى لو استمرت المنظومة الاقتصادية بالعمل خلاله".

وصُممت الاختبارات لمعرفة إن كان بمقدور القطاع المصرفي مواجهة ركود اقتصادي عالمي وانهيار أسعار العقارات وارتفاع مستوى البطالة، لكن بنك انكلترا حذر من أن اي عملية خروج فوضوية من التكتل الأوروبي مصحوبة بركود عالمي وتشوبهما سوء إدارة قد يؤدي الى أزمة اقتصادية "أكثر شدة" مما توقعته الاختبارات.

وأكد بيان البنك المركزي أن "اختبار القدرة على التحمل للعام 2017 يظهر أن المنظومة المصرفية البريطانية قادرة على الصمود أمام حالات ركود عميقة متتابعة في الاقتصادين البريطاني والعالمي وأمام أي تراجع كبير في أسعار الأصول والتكاليف المنفصلة جراء الضغط الناجم عن سوء الإدارة".

متظاهرات يضعن أقنعة تمثل رئيسة الوزراء تيريزا ماي قبل المشاركة في احتجاج قرب مقر الحكومة في لندن

عرض وزير المالية البريطاني فيليب هاموند الأربعاء الميزانية البريطانية التي تواجه ضغوطا كبيرة في وقت يتباطأ النمو وتتراجع القدرة الشرائية وتشهد الحكومة انقسامات أمام السياسة الواجب اتباعها لتنفيذ بريكست.

ولدى هاموند هامش ضيق للمناورة لأن مكتب مسؤوليات الموازنة سيخفض توقعات النمو إلى 1,5% بعد أن كانت 2% في آذار/2017. وهي وتيرة قد تستمر حتى نهاية العقد في بلد اعتاد على تقديم أداء أفضل.

بعد أن يتوجه هاموند إلى مجلس العموم في وستمنستر متأبطا حقيبته الحمراء، سيلقي كلمة يحاول فيها إرضاء شعب أنهكه التقشف مع الايفاء بالتزاماته بالحفاظ على التوازن.

فبعد عشر سنوات من أزمة مالية أفرغت خزائن المملكة المتحدة، لم يعد مسلماً به أن تتمكن الحكومة من خفض العجز العام إلى ما دون 2% من اجمالي الناتج الداخلي بحلول سنة 2021.

وسيكون الأمر صعباً في ظل الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي المضطرب.

ويقول مارك غريغوري كبير الاقتصاديين لدى شركة "ارنست اند يانغ" أن وزير الاقتصاد البريطاني "يواجه أسوأ الظروف نظراً إلى محدودية الموارد. فالنمو يتباطأ وثقة الشركات تنهار في حين يتعين على المملكة المتحدة أن تستثمر استعداداً لبريكست وللتغيرات في مجال التكنولوجيا".

وتبدي الشركات حذراً قبل الاستثمار لشعورها بالقلق من تعثر المفاوضات بين لندن وبروكسل حول الخروج من الاتحاد الأوروبي المرتقب في آذار/مارس 2019. وتتردد الأسر من جانبها في الانفاق بسبب ارتفاع الأسعار التي سرعها تراجع سعر الجنيه الاسترليني منذ الموافقة على بريكست.

ويعاني النشاط الاقتصادي بالتالي من خمول لا يسمح لوزارة المالية بتركيم الاحتياطات المالية التي يحتاجها هاموند لتجنب ما يمكن أن يخبئه بريكست.

وفي حين يتوقع أن يراجع مكتب مسؤوليات الميزانية المكلف وضع التوقعات الاقتصادية توقعاته للانتاجية، تفضل الشركات على ما يبدو الاستفادة من عمالة وفيرة رخيصة ومرنة بدلا من الاستثمار في الآلات.

الاستقالة؟

وفي النهاية، وعلى الرغم من تدني العجز العام عما كان متوقعا، فإنه لا يتوقع أن يحمل هاموند الهدايا قبل شهر من عيد الميلاد.

وقال المحلل لدى شركة بانتثيون ماكرو-ايكونوميكس صامويل تومبس إن هاموند سيستمر في سياسة الانضباط المالي على أن يضع هدفا له العودة إلى التوازن بحلول 2025.

ويتوقع إن يعلن عن بادرات باتجاه موظفي القطاع العام والصحة والشباب، وبرامج للمساعدة في امتلاك شقة، وان يؤكد على ضرورة الاستثمار من اجل ضمان مستقبل المملكة المتحدة الباهر، مع الاعلان عن تخصيص أموال من اجل البحث والتطوير.

ولكن لا يتوقع أن تهدىء مثل هذه الإجراءات الامور.

قال زعيم حزب العمال جيريمي كوربن الذي تلقى شعاراته المناهضة للتقشف صدى لدى الرأي العام إن على "الوزير أن يستثمر في البنى التحتية من اجل تنشيط الاقتصاد والاستثمار في الخدمات العامة وفي الوظيفة العامة والغاء الاقتطاعات في المساعدات الاجتماعية واطلاق برنامج جديد لبناء المنازل".

وقد ينهال الغضب على هاموند من داخل الحزب المحافظ اذ تعاني حكومة تيريزا ماي من الانقسام بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي مع تكثف المفاوضات حول فاتورة الانسحاب.

ويتوقع أن يعلن هاموند رؤيته لأمة "تتجه نحو الخارج والتجارة الحرة" في حين أنه محط انتقادات أنصار بريكست المتشددين بسبب تأييده تقديم تنازلات لبروكسل لتفادي صدمة الخروج بلا اتفاق.

ويأخذ انصار بريكست هؤلاء عليه المماطلة ويشبهونه بحمار كرتوني دائم الاكتئاب في قصة للأطفال، وهم يستعدون للانقضاض عليه لأقل هفوة في الميزانية لمطالبة ماي بإقالته علما أن علاقاتها به فترت.

وكاد هاموند يقدم استقالته في آذار/مارس بعد أن اضطر للتراجع عن زيادة ضريبية اعلنت قبل ايام.

ويتوقع بنك إنكلترا أن تتراجع ضغوط التضخم المرتبطة بانخفاض سعر الجنيه تدريجيا خلال العام المقبل. وفي الوقت نفسه، يفترض أن تتزايد ضغوط التضخم على الصعيد الوطني خصوصا بسبب انتعاش متوقع لزيادة الأجور.

وبين العوامل التي دفعت أغلبية أعضاء لجنة السياسة النقدية إلى التصويت على زيادة معدل الفائدة، ملاحظتهم أن معدل البطالة في البلاد بلغ أدنى مستوى منذ 42 عاما وفاق حد التوازن الذي قدره البنك المركزي البريطاني بـ4,5 بالمئة.

من جهة أخرى، كانت المؤشرات التي نشرت منذ اجتماع أيلول/سبتمبر بشكل عام أفضل مما كان متوقعا.

ومع ذلك، لا يرسم البنك المركزي صورة براقة للاقتصاد، مشددا حتى الآن على ضعف زيادة الأجور واستهلاك العائلات.

بنك إنجلترا سيسمح للبنوك الأوروبية بالعمل في بريطانيا بعد الانفصال

قالت هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إن بنك إنجلترا المركزي سيسمح للبنوك الأوروبية بمواصلة تقديم خدماتها في بريطانيا دون الحاجة لتأسيس وحدات تابعة باهظة التكلفة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي حتى لو لم توقع لندن اتفاق انفصال مع بروكسل.

ويعني القرار الذي يعلنه بنك إنجلترا في الساعة 1300 بتوقيت جرينتش يوم الأربعاء أن البنوك الأوروبية التي تقدم خدمات شاملة لن تواجه عقبات جديدة للعمل في لندن التي تنافس نيويورك على لقب العاصمة المالية للعالم.

ولم يرد بنك إنجلترا حتى الآن على طلبات متكررة للتعليق خارج ساعات العمل.

ونقلت بي.بي.سي عن مصادر في الحكومة والقطاع المصرفي طلبت عدم ذكر أسمائها دعمها للقرار.

وإذا جرى تأكيد القرار فسيكون مقترح بنك إنجلترا بادرة نوايا حسنة من لندن في محادثات الانفصال ومحاولة للحفاظ على مكانتها كمركز مالي يستضيف بنوكا أكثر من غيره.

وأكثر من مئة من البنوك العاملة في لندن هي فروع لمؤسسات مصرفية تقع مقارها الرئيسية في دول أخرى بالاتحاد الأوروبي. وتعمل هذه البنوك في بريطانيا حاليا بموجب قواعد ”تنفيذ أنشطة داخل الاتحاد الأوروبي“ التي ينتهي العمل بها مع انفصال بريطانيا عن الاتحاد في مارس آذار عام 2019.

اضف تعليق