q

ينظر الإسلام إلى المسلمين كلهم على أنهم أمة واحدة، والكل متآخون.. ويهيء فرصاً متكافئة للجميع.. ويعتبر أساس التفاضل بينهم هو (التقوى): (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) و(العلم): (يرفع الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات) و(الجهاد) (فضل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً) إلا أن هذه الموازين معتبرة عند الله، وعلى أساسها يثيب الأفراد.. أما في مقابل القانون الإسلامي.. فالكل ينبغي أن يعاملوا معاملة متساوية فالمسلمون (تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم) كما في مضمون حديث شريف.. و (لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى) و(كلكم لآدم وآدم من تراب) ونسب إلى أمير المؤمنين(ع) قوله:

الناس من جهة التمثال أكفاء أبوهم آدم والأم حواء

فإن يكن لهم من أصلهم شرف يفاخرون به فالطين والماء

لذلك نرى أن أمير المؤمنين (ع) يقف إلى جانب خصمه اليهودي في محكمة العدل الإسلامي، ليقضي (شريح) بالدرع لليهودي مع أن أمير المؤمنين(ع) هو إمام المسلمين المعصوم، والمفترض الطاعة، وخليفة رسول الله (ص) ورئيس الدولة الإسلامية المترامية الأطراف1، وهذا هو المقصود من الحديث الشريف: (المسلمون سواسية كأسنان المشط).

وهذا المبدأ السامي هو الذي تنص عليه (بغض النظر عن تنفيذه) القوانين العالمية في العصر الحديث تحت مبدأ (تكافؤ الفرص) الذي مؤدّاه: أن كل إنسان يمتلك القابلية الذاتية، له الحق في الوصول إلى أعلى مناصب الدولة بدون تدخل المحسوبية والمنسوبية والرشوة ومحاور الضغط والقرابة.. وقد سبق الإسلام إلى ذلك وطبقه رسول الله(ص) عملياً، فكان الأفراد في ظل دولته الكريمة يتمتعون بأوسع الحريات، وكان(ص) يحترم المعارضين، ويستمع إلى آرائهم، ويجادلهم بالتي هي أحسن2 ويعاملهم بالعدل، وكان للحرية والتسامح الذي اتبعه النبي(ص) الأثر الأكبر في انتشار الإسلام واستمالة خصومه، وكان من أثر هذه السياسة السليمة، والإدارة الحكيمة في ظل حريات الإسلام أن ساد الأمن والرخاء والعدالة، فاحتلت المدينة مكانة مكة المكرمة في التجارة والمال، وسادتها المساواة والمحبة والحرية، ولذا نجد أنه ينطبق على مجتمع المدينة أيام الرسول(ص) ما يسميه الفلاسفة (بالمدينة الفاضلة).. أي المجتمع الخيِّر الذي تسير فيه الأمور على قواعد المحبة والتعاون3.

وكان من ثمار تلك الحريات الواسعة أن انتمى إلى الإسلام من كل قوم ولون واتجاه، ووصلوا في ظله الظليل إلى قمة الحكم، أو ذروة العلم أو الثروة أو الجاه، لأن قانون (تكافؤ الفرص) هو الذي كان حاكماً.. لا المحسوبيات والمنسوبيات. وقد روي عن رسول الله(ص): (من ولي من أمور المسلمين شيئاً وولّى عليهم أحداً محاباة أو لقرابة، وهو يعلم أن فيهم من هو أصلح منه (من أي قوم أو جنس كان) فليتبوأ مقعده من النار).

ونصوص الحرية متواترة، قال تعالى: (فذكر إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر) (31/22) وقال أيضاً: (وما أنت عليهم بجبار) (ق/45).

وقال أيضاً: (يضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم) (الأعراف/157). وعن أمير المؤمنين(ع): (لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً) وقال عبد الله بن سلام: سمعت أبا عبد الله(ع) يقول: كان علي بن أبي طالب(ع) يقول: (الناس كلهم أحرار إلا من أقر على نفسه بالعبودية وهو مدرك...)

ومن هذه النصوص الشريفة وأمثالها.. استل الفقهاء القاعدة الفقهية المعروفة: (الناس مسلطون على أنفسهم وأموالهم). هذه النصوص برهان ساطع على أن المسلم حر في تصرفاته على كل الأصعدة، ودون قيد، ما لم يرتكب حراماً، وله أن يمارس حقه في (التصدي للقيادة والمرجعية) متى ما توفرت فيه الكفاءة الشرعية.

وكان المسلمون يتنافسون في أداء المسؤوليات.. وخدمة الدين الإسلامي الحنيف.. والقصة التالية نموذج حي للتنافس الإسلامي الساخن الحر لإحراز مرضاة الله الذي كان قائماً على قدم وساق بين المسلمين.

تنافس الأوس والخزرج

(قال ابن إسحاق: ولما انقضى شأن للخندق، وأمر بني قريظة، وكان سلام بن أبي الحقيق، وهو أبو رافع فيمن حزّب الأحزاب على رسول الله(ص)، وكانت الأوس قبل أُحد قتلت كعب بن الأشرف في عداوته للرسول(ص)، وتحريضه عليه، استأذنت الخزرج رسول الله(ص) في قتل سلام بن أبي الحقيق، وهو بخيبر، فأذن لهم، قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن عبد الله بن كعب بن مالك، قال: وكان مما صنع الله به لرسول الله(ص) أن هذين الحيين من الأنصار، والأوس والخزرج، كانا يتصاولان مع رسول الله(ص) تصاول الفحلين ولا تصنع الأوس شيئاً عن رسول الله(ص) غناء إلاَّ قالت الخزرج: والله لا تذهبون بهذه فضلاً علينا عند رسول الله(ص) وفي الإسلام، قال: فلا ينتهون حتى يوقعوا مثلها، وإذا فعلت الخزرج شيئاً قالت الأوس مثل ذلك ولما أصابت الأوس كعب بن الأشرف في عداوته للرسول(ص) قالت الخزرج: والله لا تذهبون بها فضلاً علينا أبداً، قال: فتذاكروا: من رجل لرسول الله(ص) في العداوة كابن الأشرف؟ فذكروا ابن أبي الحقيق وهو بخيبر فاستأذنوا رسول الله(ص) في قتله، فأذن لهم. فخرج إليه من الخزرج من بني سلمة خمسة نفر: عبد الله بن عتيك، ومسعود بن سنان، وعبد الله بن أنيس وأبو قتادة الحارث بن ربعي وخزاعي بن أسود حليف لهم من أسلم. فخرجوا وأمر عليهم رسول الله(ص) عبد الله بن عتيك، ونهاهم عن أن يقتلوا وليداً أو امرأة، فخرجوا حتى إذا قدموا خيبر. أتوا دار ابن أبي الحقيق ليلاً، فلم يدعوا بيتاً في الدار إلا أغلقوه على أهله. قال وكان في علّية له إليها عجلة (جذع النخلة ينقر في أماكن منه للصعود عليه) قال: فأسندوا فيها حتى قاموا على بابه فاستأذنوا عليه فخرجت إليهم امرأته فقالت: من أنتم؟ قالوا: ناس من العرب نلتمس الميرة. قالت: ذاكم صاحبكم، فادخلوا عليه، قال: لما دخلنا عليه أغلقنا علينا وعليها الحجرة تخوفاً أن تكون دونه محاولة تحول بيننا وبينه قالت: فصاحت امرأته فنوّهت بنا وابتدرناه4 وهو على فراشه بأسيافنا فوالله ما يدلنا عليه في سواد الليل إلا بياضه كأنه قبطية (ثياب بيض كانت تصنع في مصر) ملقاة. قال: ولما صاحت بنا امرأته، جعل الرجل منا يرفع عليها سيفه، ثم يذكر نهي رسول الله(ص) فيكف يده، ولولا ذلك لفرغنا منها بليل، قال فلما ضربناه بأسيافنا تحامل عليه عبد الله بن أنيس بسيفه في بطنه حتى أنفذه.. فقدمنا على رسول الله(فأخبرناه بقتل عدو الله...)5.

والتاريخ يشهد: أن مثل هذا التنافس كان قائماً على قدم وساق بين المهاجرين من جهة.. والأنصار من جهة أخرى.. وبينهم جميعاً وبين مجموعات النفاق المنضوية تحت لواء (عبد الله بن أُبي) و (أبي عامر الراهب) وهما قادة المعارضة السياسية ضد دولة رسول الله(ص).. وحزبهما كان يمثل الحزب المتآمر المتجسس لصالح أعداء الإسلام الاستراتيجيين كقادة قريش وقيصر الروم.

التعددية تعني التنافس الخلاق.. وسر تقدم الأمم

إن من أسرار تقدم الأمم المتحضرة في هذا العصر هو التنافس العلمي والتكنولوجي، والسباق السياسي الحاكم على أجواء تلك الأمم، والذي هو ثمرة من ثمار التعددية، ولولا هذا التنافس لكانت تلك الأمم لا زالت غارقة في ظلام القرون الوسطى، وتجتر الآلام والآهات تحت كابوس الكنيسة الديكتاتورية.. وقد صرح أحد أعلام السياسة في هذا القرن (جواهر لال نهرو) في كتابه (لمحات عن تاريخ العالم) وأكد: أن سر تقدم الدول الحرة وعصب الحياة فيها (التجارة!) فإذا قضي على التجارة الدولية الحرة، وزالت المنافسة داخل أي بلد من البلدان، فإن كيان الرأسمالية نفسه يزول...)6 وزوالها أمر منوط بالمفاسد المتولدة منها أما تقدمها فنابع من التنافس الذي تخلقه بأقوى أشكاله ومختلف صوره.. في سياستها واقتصادها واجتماعها...

وحول التنافس في ميادين السياسة، يقول الكاتب الإنجليزي الخبير بشؤون السياسة (جون استيوارت مل) في كتابه (حول الحرية): (إذ لا شك أن الحياة السياسية لا يمكن أن تقوم على أساس صحيح إلا إذا اجتمع فيها عنصران متعارضان: حزب المحافظة وحزب التقدم. وسيستمر ذلك حتى يتمكن أحد الحزبين من توسيع نطاق غاياته حتى يصير حزب محافظة وتقدم على السواء، ويصبح قادراً على تمييز ما هو جدير بالابقاء مما هو خليق بالالغاء. وكل من هذين العنصرين المتناقضين يشتق مزيته من نقائض ونقائص العنصر الآخر، إلا أن معارضة كل منهما للآخر هي السبب الأكبر في عدم خروجهما عن دائرة العقل و (أحادية القيادة) بطبيعتها الفردية تقتل التنافس الحر إذ توصد الأبواب في وجه المحاور الأخرى.. وتموت المعنويات ويوأد التقدم. ذلك لأن القائد الواحد لا يرى في الساحة من ينافسه ولا هو ينافس أحداً.. وكل من حوله من أعضاء جهازه الإداري والاقتصادي، حالهم كذلك أيضاً، إذ لا يجدون منافساً من خط آخر يراقبهم).

وما التقدم النسبي للحوزات العلمية، وصمودها في وجه أعتى الأعاصير الاستعمارية إلا للتنافس الحر الشامل للطلاب والخطباء والأساتذة والأجهزة المرجعية.. ومثل هذا التنافس وانفتاح الأجواء للنشاطات هو الضمان لتقدم القيادة المرجعية...

ومن الواضح: أن المنافسة الحرة في سبيل تقدم الأمة توجب كل خير، كما توجب تقديم الأفضل، والأكفأ. بخلاف ما لو انعدمت المنافسة.. لأن ميزان المنافسة الحرة الحقائق والكفاءات.. فحيثما كانت الحرية ينتخب الناس الأفضل فالأفضل، وبذلك يقبل الناس على مزيد من الفضيلة بينما الفردية والأحادية تعطي الأفضلية لمن يصفق للرئيس أكثر ويمتثل أوامره أسرع، ولذا كان الرسول(ص) يخلق جو التنافس بين المسلمين، ويذكر الفقهاء روايات تدل على ذلك مذكورة في (كتاب السبق والرماية).. ومرة وقف على مسرح مسابقة وقال مشجعاً: (أنا مع الحزب الذي فيه ابن الأدرع)..

والتنافس على القيادة ليس لهثاً وراء الجاه والدنيا، بل وراء الهدف من الجاه والدنيا، ذلك لأن الهدف من (المرجعية) أو (الثروة) أو (العلم) أو (الحكم) هو الذي يجعلها للدنيا أو الآخرة، لذلك قال أمير المؤمنين (ع) ما مضمونه: (والله إن إمرتكم هذه أهون عندي من عفطة عنز إلا أن أقيم حقاً أو أدفع باطلاً). وورد في الحديث: (نعم العون على الدين المال) و (نعم العون على تقوى الله المال) مع أن المال أقرب السبل إلى بهارج الدنيا، وبالحكم والمال تُحفظ كرامة الأمة وينقذ المسلمون من الضياع وبالمال قام الإسلام كما أن بالسلطان قام عمود الدين كما ورد في الحديث: (لا يقوم الإيمان إلا بالسلطان)، والتنافس من فطرة البشرية سواءاً على صعيد الدنيا ولغرض المال والجاه والحكم، كما نشاهد ذلك فيما يسمى بالعالم الحر، أو في سبيل الدين (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون).

التعددية النفسية

حقائق (علم النفس والاجتماع) قائمة غالباً على التجارب التي لها قيمتها.. وهي واضحة لكل ذي عينين.. وعلم النفس يقسم نفسيات المجتمع أكثر من (300) ثلاثمئة قسماً.. وعلم الاجتماع يؤكد هذا التقسيم.. ويعتبره واقعاً..

أما الواقع الخارجي فهو شاهد عدل نراه ماثلاً أمامنا.. يؤكد (التعددية النفسية).

(ديفرجيه) هو أحد أعلام الفكر السياسي ويُدرس كتابه في بعض جامعات العالم يقول: (إن الطبقة الإجتماعية الأكثر تطوراً هي بحكم البداهة، المميزة، الأمر الذي يؤدي بها إلى اتخاذ مواقف سياسية مختلفة..)7.

ويقول: (وأخيراً فإن روح الفردية عند الأعضاء، وتعصبهم للأصالة الشخصية، تدخل نزعة واضحة نوعاً ما نحو التعددية.. وإن هناك عنصر عام يبقى دائماً حاضراً وراء جميع العناصر الخاصة التي تتكون منها التعددية، وينسجم معها جميعاً، ذلك هو النظام الإنتخابي)8.

ويقول في مكان آخر مؤكداً حتمية: (التعددية النفسية): (ففي داخل كل (الجامعات والقوميات والطوائف والأحزاب) توجد فئة (المتشددين) وفئة (المتساهلين) الصالحين والمتصلبين، الديبلوماسيين والعقائديين المتسامحين والساخطين... وبقول أعمق: يمكن التفريق السوسيولوجي (الاجتماعي) بين المزاج الراديكالي والمحافظ، بفرق آخر هو التناقض بين المزاج (المتطرف) والطبع (المعتدل) لأن كلاً من التناقضين يتمم الآخر إذ هناك محافظون متطرفون ومحافظون معتدلون، وهناك (راديكاليون) متطرفون كما هنالك راديكاليون معتدلون... إن الثنائية الطبيعية لن تتغير)9.

وفي سبب التعددية يقول: (والتعددية تنشأ منه هذا الإستقلال المتبادل في الآراء المتناقضة..)10.

ولعل القصة التالية تدل نوعاً ما على (التعددية النفسية) أيضاً. ذات مرة ذهب شخص إلى دار الإمام الحسين(ع) فرآه وأصحابه صائمين، وكل منهم يتلو القرآن الكريم، وينتظرون صلاة المغرب.. وبعد هنيهة ترك الإمام وخرج من الدار متوجهاً إلى دار الإمام الحسن(ع) فرآه مفطراً وأصحابه مفطرين أيضاً، وقد اجتمع في داره جماعة من الضيوف يتناولون الطعام، فتعجب من هذين المشهدين.. فبادر الإمام بالسؤال عن ذلك، فأجاب الإمام(ع): (الحسين(ع) إمام الصائمين وأنا إمام المفطرين)..

وشبيه هذه القصة حدثت للمحقق العظيم (الشيخ مرتضى الأنصاري) (قدس سره).. ولصاحب كتاب (الجواهر).. أما الشيخ فكان من زهاد عصره، ولا يلبس إلا الخام الرخيص، ولا يسكن إلا في دار متواضعة صغيرة، ويأكل الخبز اليابس واللبن والملح، وهو أكبر مرجع للمسلمين.. وحينما زاره وفد الخليفة العثماني. ليأتمر بأوامره.. ورأى ذلك المظهر الغريب في تواضعه عاد إلى (الأستانة) وقدم تقريره إلى الخليفة قائلاً: (لقد وجدنا فيه ما يذكر في التاريخ عن زهد رسول الله محمد(ص))11.

أما صاحب الجواهر فكان عكس الشيخ في مظهره.. وهو أستاذ الشيخ وكان من أعلام دهره.. وتنعم بمختلف الطيبات التي أحل الله من الدور الواسعة، والمال الوافر، والشخصية الاجتماعية الرفيعة مضافاً إلى فقاهته.

ذات يوم دخل رجل على الشيخ الأنصاري.. وكان قد شاهد أسلوب صاحب الجواهر في معيشته.. وأسلوب الشيخ المعاكس.. فسأل الشيخ متعجباً: ما هذا الفرق العجيب في أسلوب معيشتكما؟ أيكما على حق وأيكما على باطل.. أجابه الشيخ فوراً: (ليس الأمر كما ذهبت.. إننا نظهر جانبين من الإسلام.. إنه يمثل جانب العزة وأنا أمثل الزهد..).

وهذه حقيقة نفسية واجتماعية في آن واحد.. وما كان مستحيلاً أن يكون معهما ثالث يظهر الإسلام في سياسته الإنسانية السامية ورابع يظهر روح الإسلام في ثورته الثقافية الشاملة.. وهكذا.. وهذا التعدد النفسي.. يوزع طبيعياً دور كل قائد.. ويقف في مكانه اللائق.. وليس تاريخ المعصومين من آل البيت(ع) في اختلاف برنامج كل واحد منهم عن الآخر.. إلا توزيع من الله تعالى للأدوار فيما بينهم، (ولم يكن السبب نفسياً طبعاً لأن نفوسهم(ع) في أرقى درجات الكمال).

وليس أسلوب معيشة الإمام زين العابدين(ع) في الإعتماد على الدعاء ونشر أفكار الرسالة عن طريقه ولبسه (جبة الخز) الثمينة البالغ سعرها كما في بعض رواياتنا ألف دينار شرعي 12إلا إظهاراً لعزة الإسلام.. وأداءاً للدور المناط إليه تنفيذه.. كما أن علياً(ع) الذي يكتفي بالخبز اليابس والملح إداماً.. ويدير دولة عظمى وبيده كل وسائل الرفاه والهناء.. كان أداءاً لدوره الخاص أيضاً وبياناً لسيرة الحاكم الإسلامي، ويلبس الخشن الجشب (لكي لا يتبيغ بالفقير فقره).

فالتعددية أمر طبيعي.. لأن النفسيات مختلفة.. سواءاً على صعيد القيادة.. أو على صعيد القاعدة.. ومع التعدد.. يكون (توزع الأدوار) وكل منهم يأخذ جانباً من الإسلام.. ولا نستطيع بوجه من الوجوه أن نعتبر هذا مخطئاً.. أو ذاك.. لأن كليهما يدعوان إلى دين الله الحق.. وتشملهما أدلة القيادة..

على أية حال: إن التعددية خير وسيلة لِلَمِّ شمل الأمة.. وسد الطريق أمام من يريد الإنفلات.. الإنحراف يميناً أو يساراً.. لأنه مهما كان اتجاهه فإنه لا بد وأن يجد في القادة من ينسجم معه نفسياً.. ويؤيد أسلوبه.. وبدون هذا التوزيع للأدوار.. لا تنضم فصائل الأمة كلها بما فيها من نفسيات متناقضة (عنيفة متشددة مثلاً وسلمية لينة للغاية) تحت لواء اتجاه واحد.. وقائد واحد..

ومن هنا.. فإن التعدد أسلوب ذكي لاحتواء الأمة ككل.. بينما الفردية.. تلازم انفلات الكثير من الإنضمام تحت لوائها.

الفلسفة الاجتماعية لتعدد الأدوار

إن القواعد الأساسية للشريعة هي نفسها القائمة على مصادر التشريع الأربعة: الكتاب، السنة، العقل، الإجماع، إلا أن تبدلات الظروف هي التي تفرض الحرب مرّة والصلح أخرى، واختلاف المجتمعات هي التي تفرض حكماً معيناً في بلد، ونقيضه في بلد آخر كفتوى جواز واستحباب بعض الشعائر الحسينية في الهند والباكستان وتحريمها في العراق من قبل الإمام الراحل السيد محسن الحكيم (قدس سره).

ولقد أفتى بعض الفقهاء بعدم جريان أحكام المسجد على ما يسمى في الهند والباكستان بـ (إمام واره) الذي هو عبارة عن مكان مقدس ينسب إلى أبي الفضل العباس(ع) أو بعض الأئمة.. فما كان من الناس إلا أن أعلنوا ارتدادهم عن ذلك الفقيه المفتي !.

على كل حال.. تختلف النفوس والظروف والمستويات الثقافية، مما يدعو إلى تغيّر الأحكام الأولية إلى أحكام ثانوية موقتة..

ولقد سأل ابن عباس (أمير المؤمنين(ع) (عن سبب إحجامه لبيان بعض الأحكام؟ فأجابه الإمام فوراً ما مضمونه: (لو بينتها لانهدم عسكري!).

وفي رواية: إن الراوي سأل الإمام الصادق(ع) سؤالاً فأجابه (ع) بوجوب (التقية) وكان قد سأل نفس السؤال من الإمام الباقر(ع)، وكان قد أجابه عكس ذلك، فسأل من الإمام الصادق ثانية: (أي الجوابين صحيح) ؟. أجابه الإمام(ع): (إن الشيعة أتوا أبي مسترشدين فأفتاهم بمر الحق، وأتوني شكاكاً فأفتيتهم بالتقية)13.

ونقل عن (الإمام البروجردي قدس سره) أنه قال: (... في مطلع مرجعيتي العامة، كنت أظن: أن عليّ الإستنباط وعلى الناس التطبيق، وكل ما أفتي به يعمل به الناس، ولكن أحداثاً وقعت بعد صدور بعض الفتاوى الخاضعة لذوق وظروف وطبيعة بعض الناس عرفت أن الأمر ليس كذلك وأن تصوري مغلوط)14.

مما مضى تبين أن الفتاوى والأحكام تتغير وفق (الحوادث الواقعة) وتطورات كل مجتمع وظروفه ونفسياته..

إذا كان الأمر كذلك، فإن كل مجتمع أو كل (فرقة) حسب تعبير الآية الكريمة (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين)15 تفرض عليها الحاجة، أن يكون لها مرجع يعرف ظروفها ويدرك مستواها وثقافتها، ويستطيع الإفتاء وفق تلك الحاجات الخاصة الملمة بذلك المجتمع.. وإلاّ فإن المرجع لو لم يلحظ ظروف ذلك المجتمع فإن فتواه تضر أكثر مما تنفع، وتحدث الردة في الناس أو على الأقل يتمرد الناس على تلك الفتوى (غير الواقعية التي لا تدرك بواطن الأمور وحقائقها، ولم تدرس الجذور الثقافية والنفسية والاجتماعية لذلك المجتمع.

فلو كان المرجع واحداً للأمة.. فهو أما أن يحجم عن دراسة القضايا الحساسة والحيوية للأمة، لكثرتها، وعدم قدرة فرد واحد على إشباعها بحثاً وتحقيقاً.. ثم إصدار الفتوى المناسبة بشأنها، وأما أن تصدر عن دراسة مبتورة، وتحقيق ناقص،.. وكلا الفرضين.. لا يعنيان إلا انسحاب أحكام الإسلام الحنيف عن واقع الحياة اليومية والعصرية للناس.. وسجنه في زوايا المساجد والمدارس الحوزوية..

تعــدد الأدوار

ليست الأدوار المنوطة بالقيادة الإسلامية محصورة في دور واحد أو دورين.. بل إنها متعددة عمودياً وأفقياً..

1 - والمقصود من الأول: هو التعدد في الأدوار عبر مراحل زمنية مختلفة.. والهدف موحد.. ونرى مثل هذه الأدوار المرحلية العمودية.. في تاريخ المعصومين الأربعة عشر(ع) إذ كل واحد منهم أدى دوراً واضحاً ومختلفاً عن دور من سبقه ومن لحقه من الأئمة(ع).

وفي حديث شريف جاء ما مضمونه: (إن الرسول(ص) سلم عليا(ع) اثنتي عشر رسالة مغلقة كل واحدة منها لواحد من الأئمة(ع) يسلمها إليه الإمام الذي قبله قبيل وفاته.. وحين تنتقل الإمامة إليه يفضها ليجد فيها مسؤوليته ودوره الخاص المناط إليه من الله تعالى).

(... إن هذا التنوع في طبيعة خطوط العمل الاجتماعي التي تبنتها الشريعة الإسلامية، ابتداءاً من الدعوة إلى الإسلام، ومروراً بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وانتهاءاً بالجهاد وغيره، إنما يأتي من طبيعة المهام التي يتوكل بها كل منهج، ومن سعة الدائرة التي يمتد خلالها، ولذا كان مفهوم الدعوة للإسلام ذا مهمة خارج حدود المجتمع الإسلامي فمن خلال هذا المفهوم تصل الدعوة لقوم لم يتسنَّ لها بلوغهم بعد، من أجل إدخالهم إلى الإسلام والأخذ بأيديهم إلى حظيرة الإيمان، ومفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعتبر الحارس الأمين الذي توكل إليه مهمة تصحيح الانحرافات، وتجاوز السلبيات، وترسيخ الفضائل والإيجابيات في إطار المجتمع الإسلامي، وأما الجهاد فهو العملية التي تناط بها مسؤولية الدفاع المادي عن الكيان الإسلامي أو مهاجمة قوى البغي من الأرض...)16.

واقع الحوزات العلمية.. وحتمية التعدد

الحوزات العلمية هي محضن العلماء والمفكرين والأرض الطيبة التي نبتت فيها فسائل المرجعيات، وارتوت من بحار علمها حتى صارت دوحة عظيمة في العلم والفكر والأخلاق. وهذه الحوزات العلمية المقدسة ليست حكراً لزيد أو لعمرو.. إذ أن أبوابها مفتحة على مصراعيها لكل من يريد أن يرتقي إلى قمم العلوم الإسلامية.. وللكل حقه الطبيعي في أن يصبح قائداً مرجعياً عظيماً.. فيما لو أحرز الشروط...

وليس لأية جهة سلطة على أهل الحل والعقد من العلماء الذين يرشحون المرجعيات بل إنهم ينتخبون بصورة طبيعية أية شخصية ارتضوها ووجدوا فيهـا الكفاءة المرجعية.. علماً وعدالة وادارة وغيرها..

على هذا.. فالاختلاف في تبني المرجعيات أمر طبيعي تابع للاختلاف في الآراء والاجتهادات.. فهناك من يرى أن زيداً هو الأعلم أو الأكفأ وهناك من يخالف ذلك بل يرى عمرواً هو الأكفأ لا غير فالأعلم أو الأكفأ يشخصه ذوو الخبرة لا غيرهم.. وهؤلاء تختلف آراؤهم وتشخيصاتهم.. لذلك نرى دائماً أن المحاور الحوزوية من أهل الحل والعقد في شؤون المرجعية يختلفون في هذه المسألة وبروز المراجع المتعددين على مدى التاريخ يثبت ذلك مع أن كلاً منهم يدعي الأعلمية لنفسه ويشترطها للمرجع في رسالته العملية.. ويتصدى للمرجعية من موقع كونه الأعلم.. ولا يمكن بل ولا يجوز لأحد أن يتهم أحداً منهم في دينه.. فتصديه للمرجعية.. مع اشتراطه للأعلمية.. معناه: أنه الأعلم من غيره.. اضافة إلى وجود رجال علماء من أهل الحل والعقد يؤمنون بأنه واقعاً فقيه أهل البيت وزعيم الملة والدين.. ومحرز للأعلمية فترى فئة يدعون الأعلمية لهذا.. وفئة ثانية تدعيها لذاك على كل حال فإن الواقع الحوزوي الراهن ومنذ ألف عام أو أكثر يعدد المراجع.. ويعدد الأعلم.. وواقع المرجعية الحالي دليل ذلك.. فالتعدد ثمرة طبيعية لنسيج الحوزة.. وحتمية لا مفر منها..

وليس بخافٍ: أن بروز أحدهم واثبات كفاءته علمياً أو مرجعياً أو غير ذلك.. لا يستدعي تغيير المعادلات الحوزوية وانسداد باب المرجعية أمام الآخرين.. فمهما كان البارز منهم قوياً ومشهوراً وكفوءاً.. فإن الآخرين موجودون.. ووجودهم واقع شرعي وحوزوي لا مفر منه.. ولا يجيز فقيه من الفقهاء تضعيف وتحطيم الوجود الضعيف.. مهما كانت التبريرات قوية لذلك.

الروايات.. وحتمية التعدد

إن الروايات الواردة في (ولاية الفقيه) والتي اعتمدها الفقهاء في هذا الباب، وكذا الواردة في شأن (القضاء)‎ التي استدل بها أيضاً على ولاية الفقيه، تؤكد (شرعية التعدد)..واستنبط الفقهاء‎ منها ذلك..‎منه1 - مقبولة (عمر بن حنظلة) التي ورد فيها عن الإمام(ع) أنه قال: (من كان منكم، ممن قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكماً، فإني قد جعلته عليكم حاكماً، فإذا حكم بحكمنا، فلم يُقبل منه، فإنما استخف بحكم الله وعلينا رد، والراد علينا كالراد على الله، وهو على حد الشرك بالله...).

وجملة (... ممن قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا...) عامة تشمل كل من يرتقي إلى درجة الاجتهاد، فالباب مفتوح على مصراعيه للتعدد..

2 - وعن أبي خديجة قال: (بعثني أبو عبد الله(ع) إلى أحد أصحابنا فقال: قل لهم: إياكم إذا وقعت بينكم خصومة، أو قد أدعي في شيء من الأخذ والعطاء أن تحاكموا إلى أحد من هؤلاء الفساق، اجعلوا بينكم رجلاً قد عرف حلالنا وحرامنا، فإني قد جعلته عليكم قاضياً، وإياكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى السلطان الجائر).

فالقاضي ينصب برضى المتخاصمين لأنه يريد التصرف في بعض شؤونهما والوالي أو الحاكم أو الولي الفقيه كذلك.. بل يتصرف في شؤون الناس أكثر من القاضي.. فبطريقة أولى يلزم كونه منتخباً من قبل الناس.. وهذه الأولوية يجمع عليها العرف.. ولو أشكل في الأولوية.. فلا شك أنه مؤيد لما نحن فيه..

ولو كان الانتخاب للحاكم من حق المسلمين.. فالغالب يتعدد الفقهاء.. وقلما يبرز واحد وتكون له القيادة بمفرده فإذا انتخب أفراد متعددون لزم التشاور فيما بينهم لئلا تقع الفوضى في أمور المسلمين.. والضعف في شوكتهم..

3 - وعن إسحاق بن يعقوب قال: سألت (محمد بن عثمان العمري) أن يوصل لي كتاباً قد سألت فيه عن مسائل أشكلت علي.. فورد التوقيع بخط مولانا (صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف): أما ما سألت عنه أرشدك الله وثبّتك - إلى أن قال -: (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله).

وكلمة (رواة الحديث) عامة تشمل الفقهاء الجامعين لشرائط المرجعية كلهم دون استثناء..

4 - (إن العلماء ورثة الأنبياء) و (إن علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل). و (إن علماء أمتي كسائر الأنبياء قبلي) و (منزلة الفقيه في هذا الوقت كمنزلة الأنبياء في بني إسرائيل) و (العلماء حكام على الناس) و (مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء) و (الفقهاء ورثة الأنبياء) و(الملوك حكام على الناس والعلماء حكام على الملوك) وغيرها...

هذه الإطلاقات وصيغ الجمع تشمل كل فقهائنا الأعلام ولا تخصص هذا دون ذلك.. فيفهم منها شرعية التعدد بصورة واضحة.

5 - وكان رسول الله(يبعث بعض أصحابه إلى مختلف أنحاء البلاد الإسلامية آنذاك كمعاذ بن جبل الذي بعثه إلى اليمن، فكانوا يجتهدون ويفتون الناس.. وقال علي(ع) في عهده لمالك الأشتر ما مضمونه: (وما اشتبه عليك فرده إلى الله ورسوله) وقال (لقثم بن العباس): (إفت الناس صباحاً ومساءاً). وكان الصادق(ع) يرجع الناس إلى (أبي بصير الأسدي) و (محمد بن مسلم الثقفي)، وأرجع الرضا(ع) علي بن المسيب إلى (زكريا بن آدم القمي) وقال الصادق(ع) لأبان بن تغلب: (أجلس في المسجد وافت الناس فإني أحب أن يرى في أصحابي مثلك) وكذا ارجاع الرسول(ص) بعض الناس إلى علي(ع) في القضاء، وقوله: (أنا مدينة العلم وعلي بابها، ومن أراد المدينة فليأت من بابها)، مع أنه(ع) أعلم من أمير المؤمنين (.. وبالطبع لم يناقش أحد في أصل هذه الروايات وإن ناقش في بعضها سنداً ودلالة.. وإطلاق هذه الروايات تدل على التعدد المرجعي.. وكذا إطلاقات الكتاب العزيز.. كما في آية النفر السابقة الذكر.

التعدد المرجعي.. وحرمة رأي الأمة

وما أروع أن يرى الإنسان نفسه حراً في اتباع أي قائد انتخبه وتقليد أي مرجع ارتضاه.. وقد كان من دأب بعض شخصيات الأمة أن تشد الرحال ضمن تشكيل وفود رفيعة المستوى اجتماعياً إلى العواصم المرجعية وتلتقي بكل المرشحين للمرجعية بعد أن يرحل المرجع السابق إلى الرفيق الأعلى.. كما حدث ذلك في العراق بعد ارتحال الإمام السيد أبو الحسن الأصفهاني (قدس سره) عن دار الدنيا.. وهذه أرقى وأسمى أنواع الاحترام لرأي الناس وتحسسهم بحريتهم التامة في الانتخاب.. وفي هذا الصدد، قالت (الطريق الإسلامي):

(الحفاظ على حرية الرأي، واحترام آراء الناس، إذ بتعدد المراجع يحرز للناس حرية انتخاب التقليد، وحرية الإنتماء إلى مؤسسة أي مرجع من المراجع الموجودين على الساحة..

وبتوفير هذه الحريات للناس، يصان المجتمع من الانحرافات الناشئة من الكبت والدكتاتورية المؤدية إلى تشكيل أحزاب إلحادية سرية، مناهضة للإسلام والقرآن)17.

الخلاصــة

ما مضى من البحث في هذا الفصل عرفنا ما يلي:

1 - أن أصل (الحريات الإسلامية) يفتح المجال واسعاً أمام تعدد (المحاور المرجعية القيادية) ولكل إنسان تجتمع فيه شروط المرجعية أن يتقدم ويعلن عن مرجعيته وقيادته..

2 - إن للتعدد المرجعي فلسفة نفسية واجتماعية وإدارية منطقية ومعقولة.. وليس التعدد في الواقع إلا توزيعاً للأدوار ونصباً لكل محور في مكانه المناسب.

3 - إن التعددية مبعث التنافس الخلاق الحر.. وهو سر تقدم كل أمة.. وبدونه تبقى الأمم أو الجماعات والطوائف ترتطم بصخرة الأزمات. والتخلف والجهل.. وشواهد الحال والتاريخ على ذلك أكثر من أن تُحصى..

4 - إن النصوص الشرعية من الآيات والروايات تلقي المسؤولية على عاتق (جماعة) لا فرد واحد.. وهي في الواقع متوافقة مع الفلسفة الاجتماعية والنفسية والإدارية لتعدد المحاور المرجعية..

وبقي علينا أن نعرف ما هو المطلوب؟ هل التعدد المبعثر أو الخاضع لتشكل ضمن شورى للفقهاء المراجع ؟؟

* مقال منشور في مجلة النبأ-العدد 46-1421/2000

...........................................
الهوامش
1 حكى التاريخ (ابن الأثير/ج3/ص 201) أن أمير المؤمنين (فقد درعاً فوجدها مع يهودي يدعي ملكيتها فقال (: بيني وبينك قاضي المسلمين. فتحاكما إليه.. وحضر الإمام واليهودي أمام القاضي فحكم القاضي لصالح اليهودي لأنه حائز للدرع، والحيازة سند الملكية، إن لم يثبت العكس.
وحكى التاريخ أيضاً (كما في كتاب (الأم) للشافعي/ج6/ص 286): أن الخليفة أخذ فرساً من رجل على سوم فحمل عليه فعطب، فخاطبه الرجل.. فقال الخليفة: اجعل بيني وبينك رجلاً، فقال الرجل: إني أرض شريح القاضي، فمثل الرجل والخليفة أمام شريح، فقال شريح للخليفة: أخذت فرساً صحيحاً فأنت له ضامن حتى ترده صحيحاً سليماً، فأدى الخليفة ثمنه للرجل..
2 جمع المحقق الطبرسي (قدس سره الشريف) احتجاجات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في كتاب قيم هو (الاحتجاج).
3 د. حسين مؤنس /علم الإسلام/177.
4 وفي رواية: ناولوه سيفاً وقاتلوه حتى قُتل.
5 سيرة ابن هشام /ج3/ص 170.
6 لمحات من تاريخ العالم/346.
7 الأحزاب السياسية.
8 المصدر.
9 المصدر/238.
10 المصدر/240.
11 والقصة تذكر بصورة أخرى.. واكتفينا هنا بالصورة المذكورة.
12 كان (يلبسها وفور ما يجد من يستحقها يتصدق بها له.
13 المرجعية والروحانية/186/ مبحث المشكلة الأساسية في التنظيم الحوزوي / آية الله المطهري/.
14 المصدر.
15 سورة
16 الأئمة الاثنا عشر، دراسة تحليلية/13.
17 مجلة (الطريق الإسلامي) عدد محرم/1408 هـ.ا:

اضف تعليق