q

من خلال الاحداث المهمة والمتسارعة في عالمنا الحاضر والتي يواجهها الغالبية العظمى من المسلمون المهاجرين في الدول الغربية سوف نسلط الضوء على اهم الاسباب والمسببات التي ادت الى هجرة المسلمون من بلدانهم والصعوبات التي يوجهونها والصراع الذي يتمثل بمواجهة خطر العنصرية، كل ذلك سوف نقدمه للقاريء الكريم على شكل حلقات نرجو ان نوفق لذلك.

لا شك ان كثرة استيطان المسلمين في الغرب يعزى الى اسباب اهمها سياسية بحته ثم تتدرج الى مراحل اخرى كالاقتصادية والاجتماعية ولكن الاحداث التي احيطت بدول المسلمين كالاضطرابات والاضطهادات التي تواجهها الشعوب سواء العربية او المسلمة من قبل قادتها ادت الى الهجرة الواسعة في بلدان العالم الغربي.

فالغرب بشكل عام ومن خلال الدخول في ميثاق الامم المتحدة وحقوق الانسان الذي يتيح ويعطي الحرية للفرد من دون اي تفرقة عنصرية او فئوية نرى ان هناك كيل بمكيالين، فنرى ان الدول العظمى حاولت دعم وتقوية وتسليح رؤساء الدول العربية والاسلامية وخلق شخصيات دكتاتورية في المنطقة همهم الوحيد هو الحكم والسيطرة والبقاء في السلطة اطول فترة ممكنة.

كل تلك الضغوطات على شعوب المنطقة ادت الى اندلاع اضطرابات ومواجهات بين تلك الشعوب وبين الحكام، وبما ان أولئك الحكام لهم القوة والسيطرة على مقدرات البلدان التي يحكمونها فلم تجد تلك الفئات الا سبيل الهجرة والهروب من بلدانهم التي اصبحت مقابر لمن بقى منهم، ومن هنا تحقق للغرب نظرية مفادها ان اي حركة ثورية وشعبية تحمل الروح الوطنية التي ترفض الظلم والاضطهاد سوف تتلاشى وتذوب في المجتمعات الغربية التي تواجدت فيها لأجل حياة حرة كريمة.

لذلك اندفعت اعداد كثيرة للهجرة الى البلدان الغربية طلباً للاستيطان وبعيداً عن التوترات والصراعات الامنية التي تشهدها البلدان العربية والاسلامية خصوصاً بعد احداث حرب الخليج الثانية التي ادت الى هجرة الكثير من العراقيين بسبب سياسات القمع التي كانت تواجههم من قبل نظام صدام الذي كان مدعوما من قبل الدول الغربية.

وحسب التخطيط لإيجاد سبل وليجة لتدخل الغرب في سيطرتها على منطقة الشرق الاوسط تم استحداث سيناريو جديد الفت انتباه العالم اجمع اليه وهو احداث 11 سبتمبر لخلق شيء مرعب جديد في محاولة غربية لنقل المعركة الحقيقية والصراع المستمر الى اعماق الدول الاسلامية بدءاً بالعراق التي كانت الدولة المخطط لها لإدخال شبح الارهاب اليها والتخلص من شخصية صدام الذي يمتلك الادلة والبراهين بدعم الغرب له فكان حرياً بالعالم الغربي ان يتخلص منه بأسرع وقت ممكن.

بدأت مرحلة جديد من المعاناة التي يشهدها العراق في مواجهة خطر الارهاب وانضم الى العراق سوريا فبدأت مرحلة اخرى من الهجرة والنزوح الى البلدان الغربية بحثاً عن وضع آمن واستقرار نفسي وذهني في الوقت نفسه كانت هناك الاحداث المتسارعة من احداث الربيع العربي التي حدثت في دول المغرب العربي ومصر وسوريا.

وفي لمحة مقتضبة على مجريات الهجرة للغرب فيمكن ان نقسمها بلد مثل العراق شهد هجرة قبل نهاية ثمانينات القرن الماضي بسبب مضايقات النظام لأصحاب الكفاءات ممن اتهمهم النظام بانتمائهم للحزب الشيوعي ومعاداة النظام، اما القسم الاخر من هجرة العراقيين فهو بعد حرب الخليج الثانية بعد انتفاضة اذار 1991، والقسم الثالث هو بعد ادخال داعش والمجاميع الارهابية واحتلال مدن العراق.

اما سوريا فشهدت قسمين من الهجرة: هجرة بسبب مضايقات النظام وقسم بسبب احتلال داعش لسوريا. ولم يبعد المشهد في هجرة المسلمين من البحرين فايضا بسبب مضايقات واضطهاد النظام الذي يستمد دعمه من السعودية التي هي الاخيرة هجرت الكثير من مواطنيها بسبب العنصرية والطائفية والاضطهاد. وانضم الى تلك الدول كل من لبنان وفلسطين فكانت هجرة الشعبين بسبب الضغوط الخارجية والحروب مع اسرائيل، والضغوطات والصراعات المستمرة مع الكيان الاسرائيلي. اما في اليمن فالاضطرار والهروب من شبح الحرب السعودية على اليمن واحلال الدمار والقتل والتشريد باهلها دفع الكثير من اهل اليمن ايجان ملاذ امن لهم هربا من بطش الحرب عليهم.

وعند القارة الاخرى فنجد الهجرة من بلدان افريقيا فكانت جلها بسبب الصراعات القبلية التي تشهدها الصومال والسودان بالإضافة الى الفقر والجوع والحرمان. اما نيجيريا فرغم الجوع والحرمان والفقر الذي يشهده الشعب النيجيري هناك اضطهاد ودكتاتورية الحكومة على الشعب. كل تلك الوقائع في هذه الدول ادت الى هجرة المجاميع الكبيرة الى الغرب.

كل تلك الاحداث والمراحل التي مر بها المسلمون وغير المسلمون في الدول العربية والاسلامية ادت الى هجرتهم واستيطانهم في الخارج لتنفتح لهم افاق جديدة ومعاناة اخرى ومن نوع اخر جلها تصب في توجيه بوصلة الاعلام الذي يصور للعالم ان منابع الارهاب من المسلمين ومن فكر اسلامي.

لا شك ان الجميع يدرك شبح الارهاب والأيدولوجيات التي يتحرك بها التي تنبع من معاداة وقتل الاخر وهذا بحد ذاته بعيد كل البعد عن ان ندخله او نصنفه ضمن دين معين فجميع الاديان السماوية جاءت من اجل السلام والتسامح والمحبة والاخاء، وعندما نرى ان بوصلة الاعلام العالم تتحرك لتوجيه كل تلك الاعمال الارهابية في العالم وتحصرها في زاوية الدين الاسلامي انما ذلك من سياسات مخطط لها اريد منها النيل من الاديان السماوية، فالإسلام بريء من كل تلك الاعمال الارهابية والاجرامية التي تقع في العالم ولو اطلعنا على استهداف الارهاب لنجده اكثر استهدافا للمسلمين في بلدان المسلمين كالعراق وسوريا والبحرين واليمن.

في الحلقة الثانية سوف اسلط الضوء على التحديات والمواجهات التي يواجهها المسلمون في الغرب، والاستهدافات والاعتداءات التي طالت المسلمين في الغرب في عودة اخرى لظاهرة الاسلاموفوبيا التي ظهرت بعد احداث سبتمبر 11.

* استراليا – ملبورن

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق