q

تغرق منطقة الشرق الاوسط هذه الايام بمتغيرات سياسية متسارعة، اهمها الازمة الخليجية بين قطر ودول الدول الاربع المقاطعة لها (الامارات، والسعودية، والبحرين، ومصر)، فيما عادت القضية الفلسطينية الى الواجهة من جديد بازمة اغلاق السلطات الاسرائيلية لبوابات المسجد الاقصى، اما العراق فقد شهد الحدث الابرز متمثلا بتحرير مدينة الموصل من تنظيم داعش الارهابي، وقد حضيت هذه الاحداث باهتمام مراكز الابحاث العربية بشكل متباين، الا ان حدث تحرير مدينة الموصل لم يحصل على مستوى الاهتمام المتوقع من هذه المراكز البحثية.

المركز العربي للابحاث تناول "قضية الأقصى وخطط إسرائيل لفرض سيادتها وتغيير الوضع القائم"، ويرى المركز من خلال قرائته للاعلام العبري ان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو اتخذ قرار نصب البوابات الإلكترونية في مداخل المسجد الأقصى، من دون إجراء نقاش معمق مع المؤسسة العسكرية والأمنية. واتهم نتنياهو انه "اعتقد أن بإمكانه استغلال عملية قتل جنديين من حرس الحدود لإحداث تغيير في "الوضع القائم" ومحاولة فرض السيادة الإسرائيلية الفعلية على المسجد الأقصى في ضوء الضعف الرسمي العربي، وانشغال الدول العربية بمشكلاتها الداخلية، واستمرار الانقسام الفلسطيني وتفاقمه".

لكن وبحسب المركز فان "صمود المقدسيين ومقاومتهم قلبا الحسابات؛ فانطلاقًا من مبدأ رفض أي تغيير في الوضع القائم الذي اتخذته المرجعيات الوطنية والدينية في القدس الشرقية المحتلة، وانخراط المقدسيين في النضال دفاعًا عن الأقصى، ومن ورائِهم الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وداخل الخط الأخضر، تغير الوضع كليًا. فقد ظهرت بوادر هبة شعبية واسعة تحمل بين ثناياها تجدد العمليات الفلسطينية وازديادها ضد جيش الاحتلال ومستوطنيه؛ مثل عمليات الطعن والدهس وإطلاق النار". وهذا ما ادى الى "إفشال مسعى سلطات الاحتلال لاستغلال عملية الأقصى لتطبيق إجراءات تهدف إلى تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، وفرض السيادة الإسرائيلية عليه، مستغلةً ضعف الوضع العربي لدفع العرب إلى التسليم لها بذلك".

اما مركز المستقبل للدراسات والابحاث المتقدمة فقد تناول الازمة الخليجية الراهنة وناقش تعدد الوساطات الدولية والاقليمية لحها واسباب فشل تلك الوساطات، لكنه اشاد بالوساطة الكويتية من بين الوساطات المتعددة عادا اياها "الأبرز، حتى الآن، من حيث جديتها، حيث يبذل أمير الكويت جهوداً كبيرة، منذ بداية الأزمة من أجل التهدئة وتخفيف حدة التوتر".

وارجع فشل تلك الوساطات الى (غياب الجدية، والحيادية السلبية التي تقتصر على مجرد اثبات الوجود بالنسبة للوسطاء، وانحياز الوسيط لطرف محدد، وهنا اتهم المركز بشكل مباشر الوساطة التركية بالانحياز لقطر، وانقسام الوسيط حيث يرى المركز هذا واضحا في الموقف الامريكي غير الثابت والمتذبذب بين المؤسسات الامريكية، فيما وجد ان التسريبات التي قامت بها قطر لمطالب دول المقاطعة قد ادت الى افشال مبادرات الوساطة الكويتية والوساطات الاخرى).

وعلى خط الازمة نفسها تناول مركز الجزيرة للدراسات اخفاق دول المقاطعة في تحقيق "تعبئة خليجية وعربية لدعم سياستها، وعجزها عن إقناع الأوروبيين، وتراجع آمالها في تبلور موقف أميركي أكثر ضغطًا على قطر، وضع حدودًا لتوجهات تصعيد الأزمة". ويعزو استبعاد الخيار العسكري ضد قطر الى الحضور التركي، والمعارضة الأميركية. ويشير المركز الى ان إجراءات القطيعة والحصار في 5 يونيو/حزيران 2017، ادت الى تقليص الخيارات امام دول المقاطعة باعتبارها بدأت باقوى اوراقها للضغط على قطر. وفي المقابل (بحسب المركز)، أظهرت قطر قدرة فائقة على الصمود، بل والتعايش مع وضع الحصار لفترة طويلة من الزمن. وتشير توكيدات وزير الخارجية القطري، 19 يونيو/حزيران 2017، على أن قطر لن تقبل الذهاب للتفاوض قبل رفع الحصار، إلى ثقة الدوحة المتزايدة بصلابة موقفها.

وفي تقرير له يضع (مركز الجزيرة) مستقبل الأزمة الخليجية أمام ثلاثة احتمالات رئيسة:

الأول: وهو الأرجح، أن تنجح جهود الوساطة الكويتية والضغوط الأميركية في إطلاق مسار تفاوضي بين قطر وخصومها الخليجيين، تحكمه محدِّدات واضحة، تفرِّق بين ما يمكن وصفه بهواجس دول الحصار، من جهة، وشؤون قطر الداخلية وشروط سيادتها واستقلال قرارها الوطني، من جهة أخرى.

الاحتمال الثاني: وهو تجميد الوضع، وهو أقل احتمالًا من الأول، ويدلِّل عليه ما أشار إليه وزير الدولة الإماراتي، أنور قرقاش، 18 يونيو/ حزيران 2017، بـخيار "عزل قطر لسنوات"، هو استمرار الأزمة لفترة غير محدودة، أو تحولها إلى ما يشبه الوضع الراهن المعتاد. بمعنى، أن تصر دول الحصار، مدفوعة بالكبرياء والغرور وأوهام المصالح الآنية، على القطيعة مع قطر وحصارها.

الاحتمال الثالث: هو مزيد من التصعيد، بممارسة الضغوط والإغراء لدفع دول جديدة إلى محاصرة قطر، لكن هذا السيناريو يبدو أقل السيناريوهات تحققًا؛ لأن كلفته مرتفعة للسعودية نفسها وللأميركيين. أما للسعودية فإن مجال نفوذها الرئيسي، وهو مجلس التعاون الخليجي، يبدو اليوم أقرب إلى معسكرين منقسمين: قطر وعُمان والكويت، في جانب، والسعودية والبحرين والإمارات، في جانب آخر. مثل هذا الانقسام لن يصيب المجلس بالشلل، وحسب، بل ويهدد مجرد وجوده أيضًا.

الشان العراقي لم يكن حاضرا في مراكز الابحاث العربية مقتصرا على المراكز العراقية، اذ تناول مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية (في كربلاء المقدسة) "سبل تعزيز النصر العراقي وإنعكاسه على دور العراق الإقليمي والدولي"، عازيا هذا النصر الى جملة من العوامل اهمها فتوى الجهاد الكفائي وتصاعد روح التكافل والتآزر الوطني بين ابناء البلد، والمعنويات العالية التي طغت على جميع المقاتلين الابطال.

ويضع المركز مجموعة من الخطوات من اجل الحفاظ على النصر العراقي وكما يأتي:

1- تحرير الأراضي التي لا زالت تحت سيطرة داعش في كل أرجاء العراق في تلعفر والحويجة وغرب الأنبار.

2- تنظيم المشهد السياسي العراقي وإبعاده عن التجاذبات والصراعات الحزبية والسياسية.

3- إرجاع كل النازحين إلى المناطق المتحررة وغلق هذا الملف بالكامل.

4- إعمار المناطق المحررة بالإستفادة من المساعدات العربية والدولية.

5- حل المشاكل العالقة بين المركز وإقليم كردستان العراق خدمة لمصلحة البلد.

6- الإهتمام بالبنى التحتية للبلاد من ماء وكهرباء ومجاري وصحة وتعليم ليعم الأمن والإستقرار النفسي للمواطن العراقي.

اضف تعليق