q

تحدثنا كثيرا عن اللاجئين والمهاجرين الى أوربا وما يتعرضون اليه من انتهاكات حقوقية وإنسانية كبيرة اثناء رحلة الموت للعبور الى القارة الاوربية لكن هنالك مشكلة كبيرة وكارثة إنسانية أكبر تتفاقم يوما بعد يوم وهي محنة الأطفال اللاجئين التي أصبحت جزءا من المحنة العامة للهجرة الجماعية إلى أوروبا في السنتين الأخيرتين.

أكثر من 100 الف طفل لاجئ ومهاجر وصلوا الى أوربا في العام الماضي، 33,800 ألف منهم من دون مرافقين أو تفرقوا عن ذويهم. بحسب ارقام رسمية صادرة من منظمة الهجرة الدولية وأن هؤلاء الاطفال يحتجزون في ظروف "مشينة" لاكثر من شهر، ويحتجز بعضهم في زنزانات الشرطة برفقه بالغين لعدم توافر أماكن شاغرة. لذا أعلن الاتحاد الأوربي بتخاذ اجراءات إضافية لتحسين حماية الاطفال المهاجرين المعرضين للاساءة والاستغلال مع تدفقهم على أوروبا بأعداد قياسية، بما في ذلك تجنب وضعهم في مراكز الاحتجاز. ورحبت جماعات حماية الأطفال باعلان المفوضية الاوروبية، وأعربت عن أملها في أن يتم تطبيق هذه الخطوات التي انتظرتها طويلا بسرعة.

حيث يتعرض الكثير من الأطفال المهاجرين الى اخطار في عرض البحر في الرحلة الى أوربا منهم من لقي حتفه في أمواج البحر العالية ومنهم من اخذته الأمواج الى جرف البحر لكن برغم قسوة الرحلة الطويلة الا انها لا شيء امام القسوة والاضطهاد والعنف الذي يتعرضون له على الأرض. بحسب تقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة ان العديد من الأطفال اللاجئين يتعرضون الى الإساءة والاستغلال والعنف والانتهاك الجنسي من قبل مهربي البشر لكنهم لا يتحدثون عما يتعرضون له، خوفا من الاعتقال أو الترحيل.

اما عن مراكز الاحتجاز فالأوضاع لن تكون احسن. حيث يتعرض الاطفال الى الحجز في مراكز إيواء اللاجئين و يعاني الأطفال من نقص الاحتياجات الأساسية وانقطاع الخدمات الضرورية هي شحة المياه وعدم توفر الكهرباء لذا يضطر الأطفال اللاجئين للكفاح والعمل من اجل الحصول على الاحتياجات الضرورية وهي الاغطية والأماكن الجافة للنوم والطعام والمياه والرعاية الصحية.

وقد وصف تقرير هيئة انقاذ الطفولة شعور الأطفال في ظل هذه الظروف المعاشية الصعبة بأنهم يشعرون انهم درجة ادنى من البشر. نتيجة لتلك الظروف المعاشية الصعبة التي يعاني منها الأطفال اللاجئين بدت تظهر عليهم علامات اضطراب ما بعد الصدمة وأعراض القلق والاكتئاب إضافة إلى الأرق والكوابيس والتبول اللاإرادي. حيث إن الأطفال الذين يقيمون بمخيمات للمهاجرين في اليونان يتعمدون إصابة أنفسهم بجروح ويحاولون الانتحار ويتعاطون أدوية مخدرة حتى يتمكنوا من تحمل "البؤس الذي لا ينتهي".

10 آلاف طفل دخلوا إلى أوروبا إثر فرارهم من مناطق النزاع، لا يعرف مصيرهم في القارة العجوز. بحسب ارقام صادرة من الفيدرالية الأوروبية للأطفال المفقودين والمستغلين جنسيا هذا ما اثار قلق المنظمات الحقوقية ومن اجل ذلك أطلقت أيضا الفيدرالية الأوروبية للأطفال المفقودين حملة على المستوى الأوروبي، دعت فيها الأوروبيين إلى لفت انتباه الوزراء المكلفين بشؤون الأطفال في حكوماتهم إلى وضعية هؤلاء الأطفال، واتخاذ التدابير اللازمة التي تضمن احترام حقوق هؤلاء الأطفال، وتوفر لهم الحماية الضرورية.

دق ناقوس الخطر

في نفس الموضوع ذكرت الفيدرالية الأوروبية للأطفال المفقودين والمستغلين جنسيا أن 10 آلاف طفل على الأقل من اللاجئين فقدوا في أوروبا. وأوضحت أن هؤلاء الأطفال يتهربون من المصالح الأمنية والاجتماعية بسبب التعقيدات الإدارية التي يلاقونها. وأطلقت حملة لإثارة انتباه المسؤولين الحكوميين في أوروبا لوضعية هؤلاء.

وصل عشرات الآلاف من الأطفال اللاجئين إلى أوروبا بسبب أزمة المهاجرين التي بلغت أوجها في 2015. ويجهل مصير الآلاف منهم، ما دفع بعدة منظمات إنسانية إلى دق ناقوس الخطر. مراكز الإيواء. وأوضحت الفيدرالية، التي تضم 30 منظمة موزعة عبر 26 بلدا أوروبيا، أن هؤلاء الأطفال يتهربون من المصالح الأمنية والاجتماعية في أوروبا، ويفضلون في الكثير من الحالات خوض رحلة البحث لوحدهم عن عائلاتهم، معتبرة أن العديد منهم يعاملون كـ"سجناء".

حملة لفت انتباه

لذا دعت الفيدرالية الدولية الأوروبية للأطفال المفقودين والمستغلين جنسيا إلى حملة للفت انتباه المسؤولين الحكوميين الأوروبيين إلى الظاهرة. يقول ميمون بريسون، وهو مدير المنظمة الألمانية "تحول 180 درجة" التي تهتم بالأعمال الاجتماعية، قال لفرانس24 إنه صادف الكثير من الأطفال اللاجئين في عمله اليومي، بينها حالة طفل في 14 من العمر، دخل عبر إسبانيا، وتجول عبر فرنسا وسويسرا، ثم ألمانيا لسنوات، وأكد مواجهة هؤلاء الأطفال عدة مشاكل داخل وأطلقت الفيدرالية الأوروبية للأطفال المفقودين حملة على المستوى الأوروبي، دعت فيها الأوروبيين إلى لفت انتباه الوزراء المكلفين بشؤون الأطفال في حكوماتهم إلى وضعية هؤلاء الأطفال، بإعادة نشر صور بهذا الخصوص، وضعتها الفيدرالية رهن إشارة الجميع، على مواقع التواصل الاجتماعي مع الإشارة إلى اسم الوزير المشرف على القطاع.

وترى الفيدرالية أن أغلبية الدول الأوروبية "لم تتخذ التدابير اللازمة التي تضمن احترام حقوق هؤلاء الأطفال، وتوفر لهم الحماية الضرورية"، كما أنها ترجع اعتمادهم على أنفسهم دون اللجوء للمصالح الأمنية والإدارية في أوروبا، لكون الحكومات الأوروبية "لا تقدم بديلا لوضعهم". ويعتبر بريسون أن ذلك يرجع إلى كون جميع الدول الأوروبية، لا تتوفر على نفس الإمكانيات الاقتصادية التي تسمح بمواجهة الإشكالات الاجتماعية بأكبر فعالية وبدرجة متساوية، ما يفرز تفاوت بينها في محاولة احتواء المشكلة.

البؤس الذي لاينتهي

حصلت رويترز على نسخة من تقرير قبل صدوره بمناسبة مرور عام على إبرام اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا لوقف تدفق اللاجئين والمهاجرين إلى الجزر اليونانية. وقال التقرير "صحتهم العقلية تتدهور بسرعة نتيجة للظروف التي نجمت عن هذا الاتفاق" مضيفا أن الأوضاع في المخيمات اليونانية أدت إلى زيادة في تعمد إيذاء النفس والعدوانية والقلق والاكتئاب.

وأضاف "أحد التطورات الصادمة والمروعة التي شهدها موظفو هيئة إنقاذ الطفولة هي زيادة في محاولات الانتحار وتعمد إيذاء النفس بين أطفال صغار في التاسعة من العمر." وقال التقرير إن طفلا عمره 12 عاما صور محاولته للانتحار بعد أن رأى آخرين يحاولون إنهاء حياتهم بأيديهم. وقالت هيئة إنقاذ الطفولة إن أطفالا يقيمون بمخيمات للمهاجرين في اليونان يتعمدون إصابة أنفسهم بجروح ويحاولون الانتحار ويتعاطون أدوية مخدرة حتى يتمكنوا من تحمل "البؤس الذي لا ينتهي".

ووصفت هيئة انقاذ الطفولة لأوضاع في المخيمات المكتظة بأنها "مهينة" و"تشبه الاعتقال" مما يضطر طالبي اللجوء للكفاح من أجل الحصول على الاحتياجات الأساسية مثل الأغطية والأماكن الجافة للنوم والطعام والمياه الساخنة والرعاية الصحية. ونقل التقرير عن موظف في مؤسسة براكسيس شريكة هيئة إنقاذ الطفولة قوله "ظروف المعيشة أدت إلى أنهم فقدوا الأمل وجعلتهم يشعرون وكأنهم حيوانات وأشياء وأنهم ليسوا بشرا وإنما بشر من درجة أدنى."

رحلة قاتلة للأطفال

من جهتها حذرت الأمم المتحدة من أن عددا كبيرا من الأطفال مازالوا يخاطرون بحياتهم من أجل أن يقوموا بالرحلة من ليبيا إلى إيطاليا. وورد في تقرير لوكالة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أن 26 ألف طفل، معظمهم غير مصحوبين بذويهم، عبروا البحر المتوسط العام الماضي. ونبه التقرير إلى أن العديد من الأطفال يتعرضون للعنف والانتهاك الجنسي من قبل المهربين، لكنهم لا يتحدثون عما يتعرضون له، خوفا من الاعتقال أو الترحيل. وفق وكالة BBC الإخبارية.

وتقول الوكالة إن مراكز الاحتجاز في ليبيا تعاني من شح في الطعام والمياه الصالحة للشرب والأدوية. ويوثق تقرير اليونسيف، الذي صدر بعنوان "رحلة قاتلة للأطفال"، وبتفاصيل مروعة، حالات استعباد وانتهاكات جنسية لعدد كبير من الأطفال الذين يحاولون الهجرة إلى إيطاليا.

مركز احتجاز مهاجرين في ليبيا.

وأفاد التقرير بأن نصف النساء والأطفال الذين تحدث إليهم الباحثون تعرضوا لانتهاكات جنسية، وخاصة على المعابر والحدود، وأن الكثير من المنتهكين أشخاص بزي رسمي، وهذا أحد أسباب خوف الضحايا من الحديث عما يتعرضون له. وورد في التقرير أيضا أن ثلث الذين جرى التحدث إليهم قالوا إنهم تعرضوا للانتهاكات في ليبيا، وحين سئل الأطفال من اعتدى عليهم رفض غالبيتهم الإجابة.

الأطفال يدفعون الثمن

على صعيد متصل تعد النتائج التي توصل إليها فرانسوا كريبو المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان حول أوضاع طالبي اللجوء من أشد الانتقادات التي توجهها المنظمة الدولية لسياسات الاحتجاز الأسترالية المثيرة للجدل. وهي تأتي وسط نقاش عالمي حول كيفية التعامل مع الأعداد الهائلة من طالبي اللجوء الذين شردتهم الصراعات.

وقال كريبو "هؤلاء الأطفال ظهرت عليهم علامات اضطرابات ما بعد الصدمة وأعراض القلق والاكتئاب إضافة إلى الأرق والكوابيس والتبول اللا إرادي. هذا غير مقبول." وكريبو واحد من المراقبين الدوليين الذين تفقدوا الأوضاع في مركز احتجاز في جزيرة ناورو الصغيرة الواقعة في المحيط الهادي. وقال إن الأطفال يدفعون ثمن سياسة الاحتجاز الأسترالية القاسية لطالبي اللجوء. حسب رويترز.

وبمقتضى قوانين أمن الحدود الأسترالية يجري اعتراض طالبي اللجوء الذين يحاولون الوصول إلى البلاد بالزوارق وإرسالهم إلى مراكز احتجاز في ناورو وفي جزيرة مانوس في بابوا غينيا الجديدة لتقييم أوضاعهم. ولا يسمح أبدا بإعادة توطينهم في استراليا. وقالت إدارة الهجرة الأسترالية في بيان إنها "لا تقبل بعض الملاحظات الأولية" التي قدمها كريبو وإن سياستها تتفق مع "الالتزامات الدولية ومبادئ حقوق الإنسان."

الأطفال يحتجزون

في أيلول/سبتمبر الماضي ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن الاطفال المهاجرين يحتجزون في ظروف "مشينة" لاكثر من شهر، ويحتجز بعضهم في زنزانات الشرطة برفقه بالغين لعدم توافر أماكن شاغرة. ودعت المفوضية إلى نشر مسؤولين عن حماية الاطفال في مراكز استقبال اللاجئين في دول من بينها اليونان وإيطاليا، وتعزيز دور الاوصياء على القصر الذين جاؤوا بدون رفقة أي من والديهم. وفق فرانس برس.

وتظهر أرقام الاتحاد الاوروبي أنه من بين إجمالي الوافدين إلى أوروبا هناك نحو 90 ألف طفل دخلوا دول الاتحاد بدون مرافق العام الماضي. واكدت المفوضية وجوب أن يحصل جميع الاطفال فورا على مساعدة قانونية ورعاية صحية ودعم نفسي وتعليم. كما دعت جميع الدول الأعضاء إلى تعزيز عمليات التبليغ بشكل منهجي وتبادل المعلومات عن جميع الأطفال المفقودين.

حماية الاطفال المهاجرين

من اجل ذلك أعلن الاتحاد الاوروبي اجراءات إضافية لتحسين حماية الاطفال المهاجرين المعرضين للاساءة والاستغلال مع تدفقهم على أوروبا بأعداد قياسية، بما في ذلك تجنب وضعهم في مراكز الاحتجاز. ورحبت جماعات حماية الأطفال وبينها منظمة الامم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسف) ومنظمة "انقذوا الاطفال" و "الاطفال المفقودون في أوروبا" ومفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين بالاجراءات الجديدة وأعربت عن املها في تطبيقها بسرعة.وفق فرانس برس.

وتم تسجيل أكثر من 1,2 مليون طلب لجوء جديد في دول الاتحاد الاوروبي العام الماضي بعد وصول نحو 1,26 مليون لاجئ في 2015، بحسب الارقام الرسمية. وقال المفوض الاوروبي لشؤون الهجرة ديمتريس افراموبولوس "يجب أن نضمن عدم تعرضهم (الاطفال) لخطر الاساءة أو الاستغلال أو الضياع". وقالت المفوضية، الذراع التنفيذية للاتحاد الذي يضم 28 بلدا، "يجب بذل كل الجهود الممكنة لتوفير بدائل من الاحتجاز الاداري للاطفال".

اضف تعليق