q
{ }

تيمنا بذكرى مواليد أئمة اهل البيت عليهم السلام وخصوصا ميلاد الإمام الحجة المهدي المنتظر "عج الله تعالى فرجه الشريف" ناقش ملتقى النبأ الاسبوعي موضوعا، تحت عنوان (العولمة ومشروع الإمام المهدي العالمي)، وذلك بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية، وبعض الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية والصحفية، والذي يعقد كل سبت في مقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام.

وقد بين مدير الجلسة سماحة الشيخ مرتضى معاش رئيس مجلس إدارة مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام "بأن الكثير من الناس أرادوا ان يتخلصوا من النزعات الأنانية والفردية والحروب والصراعات، ورفع الحواجز ورفع الحدود بين مختلف البشر، التي وضعها البشر وانعزلوا وحرموا على الاخرين ان يعيشوا فيها، فطرح الفلاسفة والمنظرون والمفكرون الكثير من المشاريع وكان أحد وابرز هذه المشاريع هو مشروع العولمة".

وأضاف "-وان يكون العالم عالما واحدا- مفهوم العولمة تبناه الغرب بشكل جدا قوي وخصوصا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث لاحظ الغرب ان هاتين الحربين العالميتين الكبيرتين أدتا الى هلاك مئات الملايين من الناس، بالنتيجة تأسست الأمم المتحدة وكان تأسيسها باكورة مشاريع العولمة، لكن العولمة بشكلها الحقيقي لم تظهر الا بعد ظهور الفضائيات وظهور الانترنيت، بحيث اصبح الاتصال والتواصل مع البشر قويا جدا، لذلك حاول الغرب من خلال تقوية الانترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي الغاء الحدود والحواجز، واخذ يبشر بالعولمة تبشيرا كبيرا حتى اعتقد احد المفكرين انها تمثل نهاية التاريخ".

وبين معاش "خصوصا بعد الحرب الباردة التي انتهت في عام 1990وسقوط جدار برلين الذي كان اللحظة الحاسمة في صعود العولمة الغربية، ولكن بعد سنة (2001) وضرب برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك وظهور تنظيم القاعدة، بدأت الشكوك تحوم حول قضية العولمة وهل أنها فعلا حققت ما مطلوب منها، وظهر ذلك بشكل قوي جدا في عام (2008) بعد الازمة المالية العالمية، والتي أدت الى سقوط الاقتصاد الغربي وسقوط الكثير من الاقتصاديات وبدأت ازمة مالية كبيرة ما تزال آثارها قائمة لحد الآن".

وأوضح معاش "إن الشيء المؤكد الذي أدى الى التبشير بسقوط العولمة هو ظهور داعش في سنة (2010 و 2011)، وفي سنة (2013) عندما سيطرت داعش على الموصل ومن ثم اصبح العراق وسوريا امام معركة كبيرة مع الإرهاب العالمي، وبدأت موجات المهاجرين تخرج من سوريا والعراق وبعض الدول الاخرى وتغزو أوروبا، وبالتالي اشتعلت أوروبا بتسونامي المهاجرين، هذا الشيء أدى الى ظهور ما يسمى البريكست البريطاني وخروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي، والذي اعتبر ضربة قاصمة لأهم مشاريع العولمة الغربية وهو الاتحاد الأوربي، وبعد ذلك ظهرت قضية صعود ترامب والذي يعتبر يميني انعزالي، بالنتيجة هو في مشاريعه وأهدافه يدعو الى ضرب العولمة ولا يقبل بالكثير من معاهدات العولمة مثل معاهدة تغيير المناخ ونزع الأسلحة والحمائية بالتجارة".

وأشار معاش "يريد ترامب أن يلغي كافة الاتفاقيات الدولية ومنها منظمة حقوق الانسان ومعاهدات أخرى تعتبر هي جوهر وأساس للعولمة التي طرحها الغرب، ناهيك عن ظهور الأحزاب اليمينية الآن في الدول الاوربية التي تدعو الى الانعزال والخروج من الاتحاد الأوربي ومن منطقة عملة اليورو، والان هناك توقع بصعود المرشحة للرئاسة الفرنسية ماريان لوبان "هي زعيمة اليمين المتطرف"، وبالنتيجة سترتفع جدران العزلة كما يحصل الان في جدار المكسيك وجدار المجر ضد المهاجرين، وربما هناك جدران سترتفع واسلاك شائكة وبالتالي فإن كل ذلك يعد تعبيرا عن نهاية العولمة".

من خلال هذا العرض الموجز للمشاكل التي تعاني منها العولمة نطرح الأسئلة التالية:

 السؤال الأول: هل فشلت العولمة ام لا؟

- يؤشر الدكتور علاء الحسيني "التدريسي وأستاذ القانون الإداري في جامعة كربلاء- كلية القانون والباحث في مركز ادم" الى أمرين:

 أمر يفرق بين العولمة المتوحشة التي أرادت أن تسلخ هوية الشعوب الثقافية الاجتماعية الاقتصادية، وبالتالي كانت تقدم خدمات جليلة لبعض الدول الإستكبارية والإستعمارية وذات النهج الاستعلائي، وهذا ما لمسناه في الكثير من المناسبات السابقة التي حصلت في الشرق الأوسط بالتحديد، اذ كان هناك نوع من التنكر للهوية الوطنية والهوية الدينية ومحاولات الغرب الانسلاخ من القيم الإنسانية، قبل ان تكون قيما دينية كالحجاب مثلا للنساء والمثلية الجنسية والتي اخذت مأخذها الواسع في تلك الدول".

أضاف الحسيني "هذا أدى الى ان تأخذ غالبية الناس موقفا حذرا مما يطرح، وهل العولمة تعني الإنسلاخ فعلا من القيم أم أنه لا بد من الحفاظ على الهوية الوطنية والدينية الثقافية للناس.

 الامر الآخر أو الوجه الاخر للعولمة بوجهها الحسن، وهو ما وجدناه الآن على شبكات التواصل وشبكات الانترنيت، التي أصبحت تقرب البعيد بالنسبة للمعلومة العلمية وأصبح الطبيب يستطيع أن يدخل على موقع الإتصالات ليرى أحدث الأجهزة الطبية واحدث الطرق لإجراء العمليات الطبية وهذه حسنة محمودة".

ويكمل الحسيني بقوله "كذلك اصبح الانترنيت أداة خصبة لتلقي المعلومات باعتبار انك تستطيع ان تطلع على بقية التجارب، وان تتلاقح الأفكار والرؤى ويتشارك الناس الرأي في الكثير من الأحيان، وبالتالي هناك جانب مشرق من العولمة وهذا لا يمكن ان نتنبأ بانتهاءه بصعود اليمين المتطرف في بعض الدول، وانما نتوقع أن يستمر هذا ويزدهر في قادم الأيام اما الذي سيغلق ربما او يتم تحجيمه، هو التجانس البشري حيث ربما ستغلق هذه الدول حدودها بوجه المهاجرين".

ويضيف أيضا "وهنا ستأتي لوبان التي تؤكد على الهوية الفرنسية وان المهاجرين قد تسببوا بضرر لهذه الهوية، فهذا هو الجانب الذي ربما سيشهد تراجعا في حين ان الجانب المشرق من العولمة على العكس سيشهد انفتاحا".

أما الدكتور خالد عليوي العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية يذهب الى كون العولمة لا زالت مستمرة علما بان العولمة كان ينظر لها على انها تمس جوانب محددة، الا ان واقع الحال العولمة يكاد ان يؤشر الى جميع مفاصل الحياة الإقتصادية والسياسية والثقافية والأمنية والعسكرية، لكن يبدو أن القراءات في ذروة تشكل العولمة وخصوصا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق وتطور وسائل التواصل والتقنيات الحديثة، انه ينظر الى العولمة على انها نظير للغربنة او للأمركة وهذا الامر طالما راود مسامعكم، وفي هذا الجانب فان العولمة هي نتاج لتطور طبيعي في حياة المجتمعات البشرية، وهو ناجم عن تطور هذه المجتمعات من ناحية قدرتها على التواصل فيما بينها".

 وأضاف العرداوي "وتطور وعيها السياسي ووعيها الثقافي وحاجاتها الاقتصادية طبيعة العصر الجديد الذي دخلت اليه البشرية، كل هذه الأمور جعلت الغرب باعتباره المتسيد لأدواتها التقنية والاقتصادية ومؤسساتها، يتزعم الموجة ليعولم آخرين بناءا على مرتكزاته الثقافية وبالنتيجة ان الغرب كان يريد مركزية الغرب في قضية العولمة، وبالتالي تفاجئ هذا الغرب انه عندما يعلم هذا البشر، لا تكون هناك مركزية لثقافة ما على ثقافة أخرى وان نفس الأدوات التي جعلت الغرب يحاول ان يحتكر العولمة بأدواتها لمصلحته الثقافية الأمنية العسكرية، هذه الناحية ممكن ان يستثمرها الاخرون بنفس الطريقة وبالنتيجة لن تكون ثقافة الغرب هي الثقافة الوحيدة في الفضاء المعولم".

ويكمل العرداوي "وانما هناك ثقافات أخرى ستبرز الى السطح تحتك وتضغط على الثقافة الغربية، وان هنالك نماذج اقتصادية ستبرز وتطفو على السطح بل هنالك قيم أيضا ستبرز الى السطح عن طريق الفضاء الإلكتروني، وعن طريق أدوات العولمة وتضغط على القيم الغربية وهذا الامر ليس على مستوى الجوانب الإيجابية، بل حتى التنظيمات الإرهابية كان بإمكانها ان تستثمر أدوات العولمة لمصلحتها، وبالتالي سيكون هناك عولمة للإرهاب وعولمة للاقتصاد ولكل شيء، الشيء الاخر كما يشير العرداوي أن العولمة هي أشبه ما يكون بتيار جارف لن يقف عند حد ولن يستطيع احد منعه، ما نلاحظه اليوم هو فشل احتكار الغرب للعولمة لمصلحته وهذا ليس ناجما من كون الغرب يريد ان يترك العولمة".

ويضيف أيضا "بالتالي ان العولمة لم تفشل بل فشل الغرب في قيادة العولمة لمصلحته، وعندها وجدنا الغرب الذي كان يبشر بالكثير من الإيجابيات والمزايا ظهر لنا هذا الغرب، بان ضيق الأفق اتجاه الاخر واتجاه الثقافات واتجاه الاقتصاد، وأيضا ظهر لنا هذا الغرب الذي كان مستعمرا وغاشما بان جدرانه مليئة بالثقوب وهو ضعيف امام العولمة، ولا يمكن ان يتحكم بها او بميول الناس او توجهاتهم، اليوم هذه الحالة الغربية ستكون سلبية على العولمة ولن تستطيع إيقاف العولمة".

ويسترسل العردواي "ان العالم لن يرجع الى الوراء، وان المشكلة في الغرب اليوم كونه كان يطالب العالم بضرورة ان يستوعب العولمة ومحركاتها، وان الدول تفتح حدودها وفضاءاتها؛ الغرب اليوم لم ينسجم مع تلك الحقيقة وإن الدعوة غير بريئة وانما فيها الكثير من النوايا السيئة، فعندما تحقق هذا الهدف وجدنا الغرب ينكفئ على نفسه بشكل غير اعتيادي، فالغرب إذا لم يستوعب الدرس فانه سيرتكب خطأ كبيرا ويسوق المجتمعات كرها الى اشعال الحروب والصراعات، وانما عليه ان ينفتح أكثر على العالم ويحاول أن يحول العولمة من إطارها السلبي الذي لا يهدد الغرب فقط وإنما يهدد كل الشعوب، إلى اطارها الإيجابي الذي بالإمكان استثماره لبناء حضارة انسانية واحدة وان يتمتعوا بها بقدر المساواة".

ويتصور حامد الجبوري الباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية "انه في ظل انضمام اغلب دول العالم تحت أدوات العولمة سيستمر الغرب في ريادة العولمة وعدم القدرة على ايقافها، نعم ربما يحصل تلكؤ في دولة او منطقة وبالنتيجة ان النظام الإسلامي يرفض فكرة العولمة ويعتبر أن الجميع متساوون وليست هناك ثمة فوارق او فواصل بين فرد واخر".

أما الاستاذ حمد جاسم التدريسي في جامعة كربلاء والباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية "فيعتقد ان فكرة العولمة ليست فكرة غربية فقط بل هي متجذرة في كل حضارات شعوب العالم وحتى داعش تؤمن بحقيقة رفع الحدود في افريقيا او في الشرق الاوسط، اذا هذا تعزيز للعولمة وليس ضدها وان الحرب ما بين الشرق والغرب ليست حربا ضد العولمة وانما للسيطرة على الشرق، والدليل على ذلك التحرك الأمريكي الموجود في العراق وسوريا وكوريا الشمالية كذلك ان ظهور الأحزاب الشعبوية في أوروبا، ليس هدفه التقليل من فرص العولمة بل هو الخلاص من قيود الاتحاد الأوربي وبالتالي فان العولمة مستمرة".

- ويرى الدكتور قحطان حسين الباحث في مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية، "أن مشروع العولمة مرتبط بشكل أو بآخر بسمات وملامح النظام الدولي، فما يهيئ لنجاح هذه الفكرة هو نظام القطب الأحادي، فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي اتسم النظام الدولي بنظام القطبية الأحادية والتي فرضت سيطرة الولايات المتحدة الامريكية، بشكل واضح على النظام الدولي ومقدراته فبدأت آفاق وملامح العولمة تنتشر، وقد تكون حققت نجاحات واسعة في فترة التسعينيات أضاف حسين "على اعتبار ان الكثير من الدول انضمت الى المعسكر الإشتراكي، انقلبت في توجهاتها لتنضم الى النظام الرأسمالي الأمريكي، لذلك فان نظام القطبية الأحادي يسهل ويساعد بشكل او باخر بنجاح العولمة، السؤال المرتبط بهذه القضية هل إن العولمة في هذا العصر بالتحديد بدأت عصر الإنهيار، الجواب بالتأكيد سيكون بان العولمة بدأت تنحسر شيئا فشيئا، لصالح تيارات فكرية وسياسية في العالم ابتداءا في أمريكا وأوروبا والشرق، ويبدو ان القناعات بنجاح العولمة في الداخل الأمريكي بدأت تتغير جراء صعود التيار الشعبوية في امريكا وفي أوروبا.

ويكمل حسين "أيضا تبنت امريكا برامج وأفكار ومشاريع تدعو الى الحد من جهود نشر العولمة، أيضا لو لاحظنا العلاقة الامريكية مع الصين بالتحديد، وانتبهنا بان الصين هي المستفيد من العولمة ورغم ان العولمة ليست فكرة صينية ولكنها حققت أرباحا ونسبة نمو عالية جدا، جعلت من أمريكا تعيد النظر مع أوروبا في سياسة العولمة ونشر القيم الاقتصادية والسياسية والثقافية، ويبدو انه لو حصل فعلا انهيار للعولمة فانه سيتم برغبة امريكية، اضف الى ذلك فإن هناك خمس دول اوربية تبنت سياسة انعزالية ودعت الى إلغاء الديمقراطية المالية، وهذا معناه انها احست في اللحظة الأخيرة بان العولمة بدأت تأتي بانعكاسات سلبية، مما دفعها الى أن تعيد حساباتها وتراجع نظرياتها لعلها تبتدع نظاما اقتصاديا ثقافيا جديدا يخلصها من المأزق".

- أما الاستاذ عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية "فيتصور أن العولمة هي جزء من صراع دولي يتجسد بالسياسة مرة وبالاقتصاد مرة أخرى، لكن المرتكز الأساسي هو الإقتصاد ومحاولة فرض الارادة عن طريق الاقتصاد، بشكل عام نستطيع القول أن وهج العولمة قد خفت نوعا ما في الآونة الأخيرة، وحتى الحديث عنها بدأ شبه معدوم أو يكاد لا يذكر، ويبدو ان متبني العولمة إما وصلوا الى نتيجة أن هناك أساليب جديدة للعمل في الإقتصاد، او انها بدأت لا تعرف طريقها الى النجاح وبدأوا البحث عن طرق أخرى".

وأضاف الصالحي "والاحتمال الثالث انها وصلت الى النتائج المرجوة، وبذلك هم يكتفون بهذا الشيء ويبحثون عن طريق اخر لإكمال المسيرة، بالنتيجة ما زالت العولمة لم تأخذ المدى الواضح في العالم وكما مخطط لها، وبمعنى آخر انها تعيش حالة سبات الان".

- أما الدكتور حيدر ال طعمة من كلية الادارة والاقتصاد والباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية "فيؤكد على ان أبرز وجوه العولمة يتمثل في عولمة الثقافة والاعلام وعولمة الاقتصاد، بالنسبة للجانب الأول لا زال هذا الجانب يخدم أجندة الدول المسيطرة على العالم مثل أمريكا وإسرائيل وغيرها، وبالتالي فان عولمة الثقافة والاعلام والاتصالات ستكون لا نهائية وهذا مد وتيار اقوى من أي شخص يفكر في الغائه، نأتي الى عولمة الاقتصاد فان الحديث عن انتهاء العولمة اشبه بالخرافات".

 أضاف آل طعمة "العولمة الاقتصادية ليست نظام سياسي ممكن ان ينتهي بانقلاب، العولمة الاقتصادية هي نتاج مؤسسات تعمل وشركات عملاقة لها فروع في كل العالم وتدفق لرؤوس الأموال يوميا، لذلك فالموضوع أوسع من النهاية وممكن ان تكون هذه وعكة تصيب العولمة نتيجة الازمة المالية لكن سرعان ما تنتهي، اما بالنسبة لنظرة أمريكا من ان بعض البلدان استطاعت ان تستفيد من العولمة مثل الصين وألمانيا، فهذه ليست نظرة أمريكا بل نظرة الرئيس ترامب فالمؤسسات الامريكية مستفيدة والاقتصادي الأمريكي مستفيد".

ويكمل آل طعمة" والدليل ان الازمة المالية حدثت في أمريكا وتعافت منها بعد سنة ونصف وبدأت تحقق معدلات نمو طيبة، في حين انتقلت الازمة الى أوروبا والى بلدان أخرى وهذا دليل على أن العولمة، ساعدت الولايات المتحدة في نقل العدوى الى خارج أمريكا هذا هو الجانب الأول، اما الجانب الثاني فيما يخص الدخل القومي فهناك تفاوت واضح في توزيع الدخل القومي وهذا ما تعاني منه أمريكا، لكن حل هذا الموضوع ليس بإلغاء العولمة بل بإيجاد نظم كالرعاية الصحية لمعالجة الموقف، أما بالنسبة للمؤسسات الدولية فلا زالت هذه المؤسسات تعمل ليل نهار على تدعيم أسس العولمة".

يضيف أيضا "وتعتبر ان ثمارها للجميع وان الدولة التي لم تقطف الثمار هذا يعود الى كسل هذه الدولة، لذلك أي دولة تنخرط في العولمة تستطيع ان تستفيد منها إذا انتجت بكلفة منخفضة وبجودة عالية، وهذا هو المنطق الاقتصادي لكن هناك بعض السياسات وبعض الاقتصاديات هي التي تشوه شكل العولمة، إذا صعود اليمين المتطرف والدعوة بالحمائية وغيرها هذه كلها عبارة عن شعارات غير قابلة للتطبيق، لذلك اعتبر انه في الامد القصير وحتى المتوسط العولمة مستمرة بالانتشار والتوسع والامتداد بشكل اقوى".

- ويميل احمد جويد مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات" الى فكرة كون العولمة لا تعنى بالجانب الاقتصادي فقط بل هي متعلقة بالثقافة وبحقوق الانسان، فاليوم ردة الفعل التي واجهت الشعوب في أوروبا كون بعض الشعوب تميل نحو الشعبوية، وان تكون شعوب منغلقة وبالتالي ان العنصرية تنامت ومن جانب آخر هي قد فشلت فشلا ذريعا من اجل عولمة افكارها للدفاع عن حقوق الانسان، ولطالما عمدت تلك الدولة الى رفع شعارات حماية حقوق الانسان وحقوق المرأة واضطهاد الإسلام للمرأة من جهة نظرهم".

 وأضاف جويد "ولما وصلت الأمور على المحك اتضح ان كل هذه الجعجعة هي مجرد زيف، ظاهر انه شعار حماية حقوق الانسان لا تتعدى جغرافية تلك الدولة اما المجتمعات الأخرى فلا تعني لهم شيئا فالان نشاهد حقوق الانسان تنتهك في اليمن على سبيل المثال بينما الدول التي تتصدر ملف العولمة هي من تصدر الأسلحة لقتل الشعب اليمني، بالنتيجة ان العولمة لا تتراجع على المستوى الاقتصادي والثقافي، لكن على مستوى حقوق الانسان ولا يوجد لشعارات حقوق الانسان محل على خارطة الدول العالمية".

 السؤال الثاني: ما هو دورنا نحن كمراكز بحثية ومؤسسات اعلامية في تحقيق البعد الإنساني العالمي؟

- يتصور الدكتور علاء الحسيني "ان دورنا يبدأ بمرحلة نظرية ومرحلة عملية المرحلة النظرية هي التذكير بالجذور وبالأسس وبالقاعدة العامة، التي منها منهج اهل البيت عليهم السلام وهو عبارة عن منهج انساني بامتياز، وكذلك التركيز على نتاجات الحضارة العالمية او نتاجات العولمة ولكن ببعدها الإنساني السامي وليس ببعدها الاخر غير السامي هذا على المستوى النظري، اما على المستوى العملي فلابد ان نكون مصداقا لما نقول بحيث ان نطبق ما جاء به الإسلام الحنيف، وما انتهت اليه الحضارة الإنسانية من التعامل الإنساني بامتياز والحفاظ على الحقوق والحريات واغاثة الملهوف".

 وأضاف الحسيني "والتركيز كذلك على تذويب كل الفوارق التي حرصت بعض فئات المجتمع او بعض الدول الاخرى، على التركيز عليها وابرازها وهي التفاوتية والطبقية وما الى ذلك ومحاولة اذابتها عمليا".

- أما الدكتور خالد العرداوي " فيصف الظواهر السلبية التي تم تشخيصها عن العولمة بأنها حالة طبيعية، وبالتالي كما ان للعولمة جانبها السلبي فكل الأنظمة التي سبقتها العولمة هي أيضا لديها جوانب سلبية، وهذا يدل ان وجود الظواهر السلبية لا تدفعنا لأن نقف بوجه العولمة، اما فيما يتعلق بموضوع دور مراكز الأبحاث فأننا لا نمتلك تلك الأدوات والاليات الرائعة والمجنونة، التي تمتلكها قوى العولمة المؤثرة والفاعلة وبالتالي لا نستطيع ان نؤثر عن طريق الغذاء او عن طريق البنى التحتية، لكننا نستطيع من خلال الكلمة ومن خلال وجود الفضاء المعولم وان نستثمره بالشكل الأمثل، من خلال شبكات التواصل أو من خلال الانترنيت وأن يكون لدينا فكر ناقد وموضوعي ومحاولة التأثير على صانع القرار وطنيا وإقليميا وعالميا".

- ويشير حامد الجبوري "الى حقيقية خلق نوع من التوازن على المستوى الإنساني والثقافي والاقتصادي".

- ودعا حمد جاسم "مراكز الابحاث ومنظمات مجتمع مدني الى تفعيل دورها واسماع صوتها الى صانع القرار السياسي داخل حدود الوطن ومن ثمة التفكير في العولمة، كذلك ارتباط اغلب مؤسسات المجتمع المدني ومراكز الأبحاث في مؤسسات خارجية، وبالتالي لابد ان نتعايش مع العولمة حقيقية واقعة".

- ويرى قحطان حسين "أن دور مراكز الأبحاث مهم وكبير جدا خصوصا وأن كل المشاريع والبرامج والأفكار، ابتداء اتنطلق من المراكز البحثية وهي أساسا نتاج فكري للمراكز البحثية، وهنا يكمن دور مراكز الأبحاث فيما يتعلق بالعولمة على المستوى المحلي هناك دورين أحدهما عام والآخر خاص، الدور الخاص هو الذي يجب ان يوجه لصناع القرار في الدولة وذلك من خلال طرح الرؤى والأفكار، اما على المستوى العام فالمراكز البحثية مطالبة باعتماد برامج تثقيفية وتوعوية لعامة الناس".

ويضيف حسين "ويجب ان تعرفهم ما هي العولمة طبيعة المشتركات الإنسانية العالمية التي تربطهم بالشعوب الاخرى، كيف نستطيع ان نلج النظام الدولي بفاعلية أكثر بعيدا عن الاستسلام لكل ما يأتي من خارج الحدود، وممكن ان تمارس مراكز الأبحاث دور على المستوى الدولي إذا ما استطاعت ان تقيم صلات تعاون او ترابط مع مراكز بحثية اخرى على المستوى العالمي، وممكن ان تؤثر وتتأثر بالأخر".

- ويعتقد عدنان الصالحي "ان مراكز الدراسات والأبحاث تضطلع بدور مهم في تبسيط المفاهيم ونشرها في المجتمعات، وان المسؤولية مضاعفة إذا ما عرجنا على المجتمع العربي والعراقي بشكل خاص فهنا تكون المسؤولية مضاعفة، فالطبيعية العلمية والثقافية للمجتمعات الغربية بحكم وضعها هي أفضل بكثير من المجتمعات العربية والعراقية، وهنا تكون المسؤولية مضاعفة على مراكز الدراسات بشرط ان تتحدث بلغة مبسطة وسلسة للمجتمعات كي تفهم المصطلحات".

 وأضاف الصالحي "اليوم مركز البحوث او مركز الدراسات في أوروبا يتحدث بطريقة علمية وأكثر دقة وأكثر تفصيلية، والسبب لأن المجتمعات أكثر تطورا لكن هذا الخطاب إذا ما طبق على المجتمعات الشرق اوسطية يكون صعبا جدا".

- ويرى حيدر الى طعمة "ان تيار العولمة لا يقاوم ولكن يمكن الاستفادة منه، وبالتالي على البلدان النامية التكيف مع العولمة والاستفادة من المزايا وتقليل الخسائر".

- اما احمد جويد "فيعتقد أن العولمة استطاعت من خلال النفوذ الإعلامي ان تروج لمفاهيم كبيرة وخطيرة في انتهاك حقوق الانسان، ومن ضمن هذا المفاهيم الجهاد والجماعات الجهادية التي روجت للإرهاب وعولمة الإرهاب، بالتالي على مراكز الدراسات ان تقوم بنشر المفاهيم الحقيقية للحفاظ على حقوق الانسان وعدم انتهاكها".

"ويرد سماحة الشيخ مرتضى معاش بأن الفرص في العولمة أكثر من المخاطر، وان الذين يغوصون في المخاطر ويغضون النظر عن الفرص أولئك هم الخاسرون، فلابد ان نستثمر الفرص كي نضمن ان نتقدم الى الأمام، وان المتقاعسين ومن يحملون فكرة المؤامرة وبنظرية عدم الإمكان وعدم القدرة، هذه كله يقع في خانة التنازل عن الفرص الحقيقية فنحن يمكننا من خلال مراكز الدراسات صناعة الأفكار الجديدة، وتسويق هذه الأفكار الى العالم الى جانب ذلك فان مؤسسات المجتمع المدني لها دور كبير في الدفاع عن حقوق الإنسان".

اضف تعليق