q

هناك صراعات عالمية بدأت بالظهور مؤخرا وهي ليس كأي صراع معروف انه صراع حضارات وانتهاج اسلوب معين مابين مؤيدين العولمة ومنتهجين اسلوب الشعبوية حيث بعض الاتجاهات تحاول فرض الشعبوية والاخرى تحاول ان تحافظ على العولمة التي ظهر في تسعينات القرن الماضي.

تمثلت العولمة او ماتسمى بثورة المعلومات والاتصالات نقلة نوعية في الاقتصاد العالمي لانها تبنت قيم وسلوكيات عالمية وفق معايير المؤسسة الرأسمالية الغربية واعتبرت حلقة وصل وثيقة بين البلدان ذو الاقتصاد العالمي وفتحت الفرص امام التجارة وتبادل السلع وترويج الخدمات المختلفة في مجال الاتصالات والخدمات المصرفية وايضا ساعدت بلدان اخرى في تروج السياحة والخدمات العقارية.

لكن في الاونة الاخيرة بدأت تحارب العولمة بسلاح الشعبوية حيث ظهر من هو مناهض وضد هذا المبدأ ويحاول الغاءه لكي تسود الشعبوية فقد تبنت الكثير من الدول حول العالم الميول الى الرؤية الاكتفائية المنغمسة بأسلوب الشعبوية واكبر دليل على ذلك قرار بريطانيا في يونيو حزيران الخروج من الاتحاد الأوروبي.

فضلا عن الولايات المتحدة الامريكية اكبر دول العالم من حيث السلطة كان الرئيس الجديد دونالد ترامب قد انتهج مبدأ الشعبوية من خلال خطاباته التي كان يضع فيها امريكا اولا وقبل كل شيء الى قراراته حول الهجرة التي اثارت الرأي العام. ليس فقط ترامب من انتهج هذا الاسلوب فقد بدأت المرشحة اليمينة مارين لوبان في الانتخابات الرئاسية في فرنسا حملتها الانتخابية بشن هجوم مزدوج على العولمة والأصولية الاسلامية.

في الوقت نفسه بينت منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي ان 36 دولة انتهكت القانون الدولي إذ أقدمت بشكل غير مشروع على إعادة لاجئين إلى بلدان تتعرض فيها حقوقهم للخطر ايضا حذرت المنظمة في تقريرها السنوي من انتشار خطاب الكراهية بين السياسيين على المستوى العالمي، والذي لم يعد بالضرورة حكرا على القادة الشعبويين، وأشار التقرير إلى تزايد أعداد السياسيين الذين يقولون إنهم ضد المؤسسات التقليدية ويتبنون برامج "سامة" قائمة على استهداف جماعات كاملة من البشر و"تجريدها من إنسانيتها".

من جانب اخر كانت هناك دول تدافع على ديمومة العولمة وتمنع من تفشي اسلوب الشعبوية

ففي هولندا اتفقت عدد من كبرى الشركات بينها شركات شل ويونيليفر وفيليبس وشركة فريزلاندكامبينا العملاقة لمنتجات الالبان على توحيد جهودها واطلاق حملة للتغلب على الشعبوية، بحسب ما اوردت الصحف الهولندية.

بينما اكد الدبلواماسين في الصين ان المبادرة التي اطلقها الرئيس شي جين بينغ مبادرة "حزام واحد.. طريق واحد" التي تتمثل في استثمار مليارات الدولارات في مشروعات للبنية التحتية تشمل مد خطوط سكك حديدية وإنشاء موانئ وشبكات طاقة عبر آسيا وأفريقيا وأوروبا. سيساعد في تعزيز التعاون الدولي في وقت يتنامى فيه خطر الانعزالية.

في حين حذر مارك زوكربيرغ، مؤسس موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي من وجود مخاطر تهدد التفاهم المشترك بين البشر دفعت البعض للمطالبة بالانغلاق ووقف التواصل مع العالم وتحدث عن رؤية شركته بوصفها حصنا واقيا ضد الانعزالية المتزايدة حيث كتب للمستخدمين أن موقع التواصل الاجتماعي الشهير قد يكون "البنية الأساسية الاجتماعية" للعالم.

العفو الدولية: خطاب الكراهية سام

اتهمت منظمة "العفو الدولية" في تقريرها السنوي قادة من العالم مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنشر خطاب كراهية وصفته بأنه "سام" يشوه صورة مجموعات محددة ويزيد من الانقسام والخطورة في العالم. وجاء في تقرير منظمة العفو "أصبح تأجيج الخوف والانقسام عنصرا خطيرا في الشؤون الدولية.

فمن دونالد ترامب في الولايات المتحدة إلى فيكتور أوربان في المجر، ومن رجب طيب أردوغان في تركيا إلى رودريغو دوتيرتي في الفيلبين، يتزايد عدد السياسيين الذين يقولون عن أنفسهم إنهم ضد المؤسسة التقليدية ممن يتبنون برامج سامة تقوم على ملاحقة جماعات كاملة من البشر وتجريدها من إنسانيتها وجعلها كبش فداء".

وتابع التقرير أن "سياسات شيطنة الآخر السائدة في الوقت الراهن تروج بلا حياء لفكرة مفادها أن هناك بشرا أدنى إنسانيا من غيرهم، وهو الأمر الذي ينزع الصفة الإنسانية عن جماعات بكاملها من البشر"، وأول المستهدفين بهذه السياسات بحسب التقريرهم اللاجئون.

وأشار التقرير تحديدا إلى المرسوم الذي أصدره ترامب وحظر مؤقتا الهجرة والسفر من سبع بلدان ذات غالبية مسلمة إلى الولايات المتحدة، قبل أن يعلقه القضاء الأمريكي، وإلى الاتفاق "غير القانوني والمتهور" الذي أبرم بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة والذي يسمح بإعادة طالبي لجوء إلى تركيا. بحسب فرانس برس.

وشدد التقرير على أن خطاب الكراهية ونبذ الآخر له تأثير مباشر على الحقوق والحريات، ذاكرا بهذا الصدد أن "بعض حكومات العالم غضت بصرها عن جرائم حرب، واندفعت لإبرام اتفاقيات تقوض الحق في طلب اللجوء، وأصدرت قوانين تنتهك الحق في حرية التعبير، وحرضت على قتل أشخاص لمجرد أنهم اتهموا بتعاطي المخدرات، وبررت ممارسات التعذيب وإجراءات المراقبة الواسعة، ومددت الصلاحيات الواسعة الممنوحة للشرطة".

المسلمين: الأهداف الرئيسية للديماغوجية الأوروبية

قال مدير منظمة العفو لأوروبا جون دالويسن إن خطاب استهداف الآخر ليس حكرا على القادة المتطرفين، بل اعتمدته أيضا "أحزاب توصف بأنها وسطية (...) بشكل مبطن أحيانا، وبصورة أكثر صراحة أحيانا أخرى". فقد عدد دالويسن عدة أمثلة، فذكر أن "الخطاب الذي يجرد الناس من إنسانيتهم، هو حين يصف رئيس الوزراء المجري المهاجرين بـ’السم‘، هو حين يتحدث (النائب الهولندي من أقصى اليمين) خيرت فيلدرز عن ’الرعاع المغاربة‘، هو أيضا حين يكتب رئيس الوزراء الهولندي رسالة مفتوحة تدعو المهاجرين إلى التصرف بصورة ’طبيعية‘ أو العودة إلى ديارهم".

وشدد على أن الأجانب والمسلمين هم "الأهداف الرئيسية للديماغوجية الأوروبية"، مشيرا إلى أنهم "يقدمون على أنهم يشكلون خطرا على الأمن والهوية الوطنية، ويسرقون الوظائف ويستغلون نظام الضمان الاجتماعي". وفي فرنسا حيث عرضت المنظمة بصورة استثنائية تقريرها السنوي في حين أن مقرها في لندن، نددت منظمة العفو بالقيود المفروضة على الحقوق الأساسية في سياق الإجراءات المتخذة لمكافحة الإرهاب، وخصوصا حال الطوارئ التي فرضت بعد اعتداءات 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 وتم تمديدها منذ ذلك الحين.

ويشير التقرير الذي يغطي الفترة الممتدة من نهاية 2015 إلى نهاية 2016، إلى أن "0,3 بالمئة فقط من التدابير المرتبطة بحال الطوارئ أفضت إلى تحقيق قضائي في مسائل إرهاب". في المقابل، قالت رئيسة منظمة العفو الدولية في فرنسا كاميل بلان إن "تدابير الإقامة الجبرية أدت إلى خسارة هؤلاء الأشخاص وظائفهم أو تهميشهم". واعتبرت المنظمة أن "فرنسا لم تتحمل مسؤولياتها على الصعيد الدولي" فيما يتعلق باستقبال اللاجئين، وهي لا تؤمن الحماية الكافية للاجئين والمهاجرين الموجودين على أرضها. بحسب فرانس برس.

وقالت كاميل بلان إنه "في إطار الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي ستجري عام 2017، تقف فرنسا عند مفترق طرق بالنسبة لحقوق الإنسان، بما يعكس توجها عالميا، وعلى المواطنين ألا يقعوا في فخ هذه الخطابات التي تقود إلى الكراهية أو الخوف أو الانطواء على الذات".

فرنسا: العولمة تخنق المجتمعات ببطء

قالت المرشحة عن حزب الجبهة الوطنية اليميني، أمام حشد من مؤيديها في مدينة ليون في شرق فرنسا، إن "العولمة تخنق المجتمعات ببطء حتى الموت". ويتعهد حزب الجبهة الوطنية بإجراء استفتاء على عضوية فرنسا في الاتحاد الأوربي، إذا ما أخفق في إعادة التفاوض حول شروط عضوية فرنسا بالاتحاد.

وتجرى الانتخابات الفرنسية في الثالث والعشرين من أبريل/ نيسان المقبل، في واحدة من أقوى الانتخابات من حيث المنافسة منذ عقود.ولن يترشح الرئيس الحالي، فرانسوا أولاند، في الانتخابات لفترة رئاسية ثانية. ويصنف حزب الجبهة الوطنية نفسه باعتباره الحزب الرئيسي المناهض للمؤسسات، حيث تأمل زعيمته لوبان في الاستفادة من "وقت التغيير"، متشجعة بفوز الرئيس دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي.

وترى لوبان أن حزب الجبهة الوطنية كان حزب الشعب الفرنسي، مؤكدة أنها ترغب في "بلد حر ومستقر وديمقراطي". وقالت لوبان إن العولمة قادت إلى "تصنيع من جانب العبيد، بهدف البيع إلى العاطلين عن العمل"، بينما يعتمد الحل الذي يتبناه جزب الجبهة على "ثورة محلية" تقودها "حماية ذكية ووطنية اقتصادية".

وقالت لوبان إن الاتحاد الأوربي بمثابة "اتحاد فاشل"، ولم " يف بأي من وعوده"، وتعهدت بإعادة التفاوض على شروط عضوية فرنسا بالاتحاد الأوربي بشكل كامل، وكذلك بإجراء استفتاء على الخروج من الاتحاد إذا ما أخفقت في إعادة التفاوض. حسب موقع BBC الاخباري.

الصين: تتصدى للانعزالية

قال رئيس مجلس الدولة الصيني يانغ جيه تشي في تصريحات نشرتها صحيفة تشاينا ديلي الرسمية إن مبادرة "حزام واحد طريق واحد" التي تدعو لإقامة مشاريع بنية أساسية على طول أراض تاريخية وممرات تجارية بحرية تساعد في "مواءمة تطور الصين مع تطور دول أخرى".

وذكر أن "المنافع المشتركة" لمشروع طريق الحرير تتناقض مع ارتفاع "الأصوات المناهضة للعولمة" وتحول نحو "الانعزالية والتفكير الذي عفا عليه الزمن واتفاقيات التجارة المفككة." ويأتي هذا في وقت تلعب فيه الصين دورا كقوة استقرار في قضايا مثل التجارة الدولية وتغير المناخ في ظل بداية مضطربة للرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب الذي شهدت أيامه الأولى خلافات مع الإعلام واحتجاجات. بحسب رويترز.

ودافع الرئيس الصيني شي جين بينغ بحماس أثناء كلمة في المنتدى الاقتصادي الدولي في دافوس بسويسرا عن العولمة ولمح إلى رغبة بكين في لعب دور أكبر على الساحة الدولية. ومن ناحية أخرى وقع ترامب أمرا بانسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الشراكة التجارية عبر المحيط الهادي وهدد بفرض قيود تجارية على المكسيك ووجه انتقادات للصين وفرض حظرا مؤقتا على دخول اللاجئين للولايات المتحدة.

هولندا: تكافح الشعبوية

اتفقت عدد من كبرى الشركات الهولندية بينها شركات شل ويونيليفر وفيليبس وشركة فريزلاندكامبينا العملاقة لمنتجات الالبان على توحيد جهودها واطلاق حملة للتغلب على الشعبوية. واطلقت هذه الشركات حملة علاقات عامة تزامنا مع حملة انتخابية محتدمة في البلاد، تبرز النجاحات التي حققتها هولندا في خوض خمسة تحديات مستقبلية، بحسب ما اوردت صحيفة "هيت فينانسيل" المالية.

وتسلط الحملة بعنوان "مشاكل عالمية، حلول هولندية" الضوء على نجاح الشركات الهولندية في زيادة المحاصيل الزراعية وتحسين ادارة المياه واستيعاب مشكلة شيخوخة السكان، ومتطلبات التمدن والتحول الى الطاقة المتجددة. وصرح رئيس شركة يونيليفر في اوروبا جان زيديرفيلد للصحيفة ان "الشعبوية هي من اعراض انعدام التقدم .. وفي الوقت الحالي ليس هناك نظرة مستقبلية للنمو وهذا يزيد السلبية". بحسب فرانس برس.

واضاف "لمكافحة الشعبوية نحتاج الى نموذج اعمال جديد، ونقطة في الافق نعمل للوصول اليها في العقد المقبل". وتعزف الاحزاب اليمينية المتطرفة على وتر الهجرة والاسلام والركود الاقتصادي. ويتصدر النائب غيرت فيلدرز اليميني المتطرف والمعادي للاسلام وحزب الحرية الذي يتزعمه استطلاعات الرأي منذ اشهر، فيما يحتل الحزب الليبرالي بزعامة رئيس الوزراء مارك روتي المرتبة الثانية.

مارك: هذا برنامج عملنا لإعادة تفعيل العولمة

أعرب مارك زوكربيرغ، مؤسس موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي، عن مخاوفه العميقة من أن العالم الآن ينجرف في اتجاه مضاد للعولمة. وقال زوكربيرغ في لقاء مع بي بي سي إن "الأخبار المزيفة ووجهات النظر المستقطبة وكذلك فقاعات الترشيح (تقديم نتائج موجهة ومختارة للمستخدمين من خلال محركات البحث على الانترنت بناء على موقعهم واختياراتهم السابقة ما يتسبب بعزلهم عن المعلومات التي لا يتفقون معها) كانت تدمر التفاهم المشترك".

وأوضح أيضا أن الناس تخلفوا عن اللحاق بركب النمو العالمي، ما أجج المطالب بالانسحاب من "العالم الاتصالي المتواشج". وفي دعوة للتحرك، أكد زوكربيرغ على ضرورة عدم وقوف الناس مكتوفي الأيدي ومحبطين، بل يجب عليهم التحرك لتشييد "بنى تحتية اجتماعية". وقال "عندما بدأت فيسبوك، فإن مهمة ربط العالم لم تكن مثار جدل".

وتحدث مؤسس فيسبوك لبي بي سي قائلا "هناك أناس حول العالم يشعرون أنهم تخلفوا عن اللحاق بالعولمة والتغيرات السريعة التي تحدث، ونتيجة لهذا ظهرت تحركات للانسحاب من بعض هذا الاتصال العالمي". وتأتي مقابلة زوكربيرغ في توقيت نشره رسالة مطولة من 5500 كلمة، كتبها حول مستقبل الفيسبوك والاقتصاد العالمي.

واقتبس زوكربيرغ في رسالته مقولة الرئيس الأمريكي أبراهام لنكولن، الذي تحدث عن الاداء المتناغم و"الاحتياجات الروحية"، والمشاركة المدنية، ويقول إن "كثيرا من الناس فقدت الأمل في المستقبل". وأضاف "لبضعة عقود وربما أطول، تخلى الناس عن فكرة أن اتصال العالم مع بعضه البعض سيجعل كل شيء يسير على نحو أفضل".

وشدد زوكربيرغ على أن الكثير من التحديات التي نواجهها اليوم هي أيضا تحديات عالمية، سواء كانت مواجهة التغيرات المناخية أو إنهاء الإرهاب أو القضاء على الأوبئة، أو حتى عندما تؤدي حرب أهلية في بلد ما إلى أزمة لاجئين في مختلف القارات. وقال "هذه أمور عالمية بطبيعتها وتتطلب مستويات مختلفة من البنى التحتية، أكثر من تلك التي كنا نملكها تاريخيا".

اضف تعليق