q

التوتر المتصاعد بين الهند وباكستان والذي تفاقم بشكل كبير في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، عندما هاجم مسلحون قاعدةً للجيش في القسم الهندي من كشمير، وقتلوا 18 جنديًا في هجوم أنحت الهند باللائمة فيه على باكستان التي نفت ضلوعها في هذا الهجوم، هذا التوتر ما يزال يثير قلق العديد من الدول والأطراف التي تخشى من حدوث حرب خطرة قد تهدد الأمن والاستقرار العالمي، يرجع تاريخ النزاع حول كشمير بين الهند وباكستان وكما نقلت بعض المصادر، إلى أغسطس سنة 1947م حيث لم يتقرر وضع كشمير في مرحلة التقسيم سواء بالانضمام إلى الهند أو إلى باكستان وخاصة أن غالبية السكان كانوا مسلمين في الوقت الذي كانت الهيئة الحاكمة من الهندوس في وقت التقسيم.

وطالب مهراجا كشمير بابقاءها على حالها الراهنة دون أن تنضم إلى أي من الدولتين ولكن نشبت بعد ذلك اضطـرابات كبيرة بين المسلمين والحكام الهنود وشهدت كشمير مصادمات مسلحة تدفق على إثرها رجال القبائل الباكستانية لمساندة المسلمين وطلبت حكومة كشمير آنذاك مساعدة الهند وأعقب ذلك دخول القوات الهندية لمساندة المهراجا وخاصة بعد أن أعلن موافقته على الانضمام إلى الهند، ولكن ترتب على ذلك دخول القوات الباكستانية النظامية إلى المنطقة وبدا القتال بينها وبين القوات الهندية واستمر لفترة تزيد على عام كامل إلا أنه في يناير 1949 م تدخلت الأمم المتحدة وتوقف القتال وأنشئ خط وقف إطلاق النار جاعلا ثلثي مساحة كشمير وأربعة أخماس السكان تحت السيطرة الهندية والباقي تحت السيطرة الباكستانية.

وأهمية الإقليم للهند إستراتيجية؛ حيث ترتبط قضية كشمير بتوازن القوى في جنوب آسيا، وتوازن القوى بين الهند والصين، أما أهميته لباكستان فجغرافية وسكانية، حيث تنبع أنهار باكستان الثلاثة (السند وجليم وجناب) منه، وتنفتح الحدود بين باكستان والإقليم وهو ما يشكل تهديدًا للأمن القومي الباكستاني في حالة سيطرة الهند عليه، يضاف إلى ذلك أن مصالح الإقليم الاقتصادية وارتباطاته السكانية قوية بباكستان، فالإقليم ليس له ميناء إلا كراتشي الباكستاني، فضلا عن تقارب السكان الديني والعائلي.

وفيما يخص اخر تطورات هذا الملف قال متحدث باسم الشرطة الهندية إن أربعة مسلحين وجنديين هنديين كانوا من بين سبعة أشخاص قتلوا في تبادل لإطلاق النار في كشمير في أحدث إشارة إلى تنامي التوترات في المنطقة المتنازع عليها بين الجارتين النوويتين الهند وباكستان. وقال إس.بي باني نائب المفتش العام للشرطة إن المسلحين فتحوا النار على قوات الجيش في قرية بريسال جنوبي سريناجار العاصمة الصيفية لولاية جامو وكشمير الهندية.

وأضاف باني "رجلان من الجيش وأربعة مسلحين ومدني هو مالك المنزل قتلوا في تبادل إطلاق النار". والمنزل الذي يشير إليه هو مبنى اختبأ فيه المسلحون. وأصيب ثلاثة جنود في تبادل إطلاق النار. وقال راجش كاليا وهو متحدث باسم الجيش إن الجيش ضبط أربعة بنادق من موقع المعركة في القرية الذي طوقته قوات الشرطة.

وألقت الهند بالمسؤولية على باكستان في إذكاء العنف في كشمير من خلال نقل مسلحين ومواد عبر الحدود لكن باكستان تنفي تلك الاتهامات. وتصاعدت وتيرة العنف في العام الماضي بعد أن قتلت قوات الأمن الهندية برهان واني (22 عاما) وهو زعيم انفصالي كان يتمتع بشعبية واسعة في المنطقة ذات الأغلبية المسلمة في يوليو تموز. وفي وقت سابق قالت الشرطة إن ثلاثة عمال طرق قتلوا بعد أن شن مسلحون مجهولون هجوما على مخيم يؤويهم.

اتهامات مستمرة

الى جانب ذلك اتهمت وكالة التحقيق الوطنية الهندية أعلى هيئة لمكافحة الإرهاب في البلاد جماعة جيش محمد المتشددة التي تتخذ من باكستان مقرا لها وزعيمها بشن هجوم أسفر عن سقوط ضحايا على قاعدة جوية هندية. وقالت الوكالة إن المسلحين الأربعة الذين اقتحموا القاعدة في وقت سابق كانوا باكستانيين وإن مولانا مسعود أزهر زعيم جماعة جيش محمد هو العقل المدبر للهجوم.

وقال مسؤول كبير في الوكالة في نيودلهي "كل الإرهابيين متهمون بشن حرب ضد الهند. تلك كانت مؤامرة إجرامية للهجوم على بنيتنا التحتية الأمنية." وتقديم مذكرة الاتهام للمحكمة ينهي التحقيق الهندي في الحصار الذي دام 18 ساعة لقاعدة باثانكوت الجوية الذي قتل فيه سبعة من قوات الأمن الهندية والمهاجمين الأربعة. وتسبب الهجوم الذي وقع بعد أسبوع واحد من زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لنظيره الباكستاني نواز شريف في تقويض ذوبان مبدئي في الجليد بين الجارتين النوويتين المتنافستين. بحسب رويترز.

ولم يسفر تحقيق مشترك في الهجوم عن أي نتائج وتصاعد التوتر بين البلدين على مدى عام بسبب احتجاجات واشتباكات عبر الحدود في إقليم كشمير المتنازع عليه. وقال محققون في نيودلهي إن عريضة الاتهام والأدلة ستقدم للسلطات الباكستانية لاتخاذ إجراءات ضد مرتكبي الهجوم. وقال مسؤول هندي كبير في وزارة الداخلية الهندية يشرف على التحقيق "نريد من باكستان اعتقال مولانا مسعود أزهر ويجب أن يسلم إلى الهند."

السفينة الأم للإرهاب

من جانب اخر وصف رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي باكستان بأنها "السفينة الأم للإرهاب" وذلك خلال قمة دول مجموعة بريكس للاقتصادات الناشئة في اختبار لتماسك مجموعة ينظر أحد أهم أعضائها وهي الصين إلى باكستان باعتبارها حليفة وثيقة. وتصعد تصريحات مودي خلال اجتماع مع قادة مجموعة بريكس التي تضم البرازيل وروسيا والصين وجنوب أفريقيا إلى جانب الهند مسعاه الدبلوماسي لعزل باكستان التي تتهمها نيودلهي برعاية الإرهاب عبر الحدود.

وتصاعد التوتر بين الجارتين النوويتين منذ هجوم على قاعدة للجيش الهندي في كشمير بالقرب من الحدود المتنازع عليها مع باكستان مما أسفر عن مقتل 19 جنديا هنديا في أسوأ هجوم من نوعه منذ 14 عاما. وقالت الهند في وقت لاحق إنها نفذت "ضربات دقيقة" عبر الحدود الفعلية في كشمير وهو ما أسقط عددا كبيرا من الضحايا. ونفت باكستان أي دور لها في الهجوم على قاعدة أوري العسكرية كما نفت أمر العملية الهندية وقالت إنه كان إطلاق نار عبر الحدود.

وقال مودي (66 عاما) في تصريحاته لقادة بريكس المجتمعين في أحد فنادق ولاية جوا بغرب الهند "يشكل الإرهاب تهديدا خطيرا للسلام والأمن والتنمية في منطقتنا." وأضاف في سلسلة تغريدات نشرتها وزارة الخارجية الهندية من تصريحاته "من المؤسف أن السفينة الأم للإرهاب هي دولة مجاورة للهند" وذلك دون ذكر اسم باكستان مباشرة. وقال "أجمعنا على الاعتراف بالتهديد الذي يمثله الإرهاب والتطرف ليس فقط على السلام والاستقرار والرخاء في المنطقة وفي العالم... وإنما أيضا على مجتمعنا وأسلوب حياتنا والبشرية كلها."

وقال شاشانك جوشي الخبير في شؤون جنوب آسيا "يدرك مودي أن مثل هذه اللغة لن تحظى بالتوافق المطلوب لإدراجها في البيان الختامي. إدراجها في كلمته يكفل انتشارها على نطاق واسع بأي حال." واتفقت القمة على إنشاء معهد أبحاث زراعية وتسريع وتيرة العمل من أجل إنشاء وكالة تصنيف ائتماني مشتركة. ويمثل موقف مودي المتشدد من باكستان خروجا على ضبط النفس الاستراتيجي التقليدي للهند. وعبر الغرب وروسيا عن دعمهما لنيودلهي بعد الهجوم على القاعدة العسكرية.

لكن الصين حليفة باكستان التي تخطط لبناء ممر تصدير بقيمة 46 مليار دولار التزمت بضبط النفس علنا. وعقد مودي والرئيس الصيني شي جين بينغ اجتماعا ثنائيا وأشارت روايات عن المحادثات بين الزعيمين لوجود اختلافات أساسية في الرأي. وفي تصريح نشرته وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية (شينخوا) قال شي إن الصين والهند "ينبغي أن تدعما بعضهما البعض في المشاركة في الشؤون الإقليمية وتعزيز التعاون داخل الأطر متعددة الأطراف." بحسب رويترز.

وكرر الإعلان الختامي لقمة بريكس تنديدات سابقة "بالإرهاب بكافة صوره" وخصص فقرات عديدة للجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب. لكنه تجنب إلقاء اللوم على التوتر بين الهند وباكستان. وقال جوشي وهو باحث كبير في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن "حتى الآن لم نشهد أي دليل على أن الصين تخفف دعمها العام لباكستان. لم تتوقع الهند أمرا مختلفا."

تحذيرات جديدة

على صعيد متصل وجه قائد الجيش الباكستاني المنتهية قيادته تحذيرا شديدا للهند جراء العنف في منطقة كشمير المتنازع عليها أثناء تسليم القيادة قائلا إنه يجب ألا يُعتبر الصبر ضعفا. وتصاعدت التوترات بين البلدين النوويين في الشهور الأخيرة مما أدى إلى قصف يومي تقريبا عبر الحدود عند خط المراقبة الذي يقسم الجزء الواقع تحت سيطرة الهند من كشمير عن الجزء الواقع تحت سيطرة باكستان.

وقتل العشرات وبينهم جنود ومدنيون على جانبي الحدود بنيران مدفعية وأسلحة صغيرة ويتبادل الجانبان الاتهامات بالتحريض على القصف. وقال الجنرال رحيل شريف الذي سلم القيادة للجنرال قمر جاويد باجوا في مراسم عسكرية "أود أن أوضح للهند أن اعتبار سياسة الصبر التي ننتهجها (في كشمير) إشارة إلى الضعف سيكون خطيرا بالنسبة لها." وأضاف "لسوء الحظ في الشهور الأخيرة عرض إرهاب الدولة المتزايد (في الجزء الواقع تحت سيطرة الهند) من كشمير وخطوات الهند العدائية السلام الإقليمي للخطر." بحسب رويترز.

وتولى باجوا الآن قيادة سادس أكبر جيش في العالم من حيث عدد الجنود بعد أن عينه رئيس الوزراء نواز شريف في المنصب. وسيتعامل باجوا -الذي قاد في الماضي الفيلق العسكري الباكستاني عند خط المراقبة - مع الصراع مع الهند وأيضا مع القتال ضد الإسلاميين المتشددين في المناطق القبلية الواقعة على الحدود مع أفغانستان وفي أماكن أخرى.

من جهة اخرى قال الجيش إن باكستان أطلقت أول صاروخ لها من على متن غواصة في استعراض للقوة في دولة تعتبر تطوير الصواريخ أسلوب ردع لخصمها الهند. وأُطلق الصاروخ بابور-3 القادر على حمل رؤوس نووية الذي يصل مداه إلى 450 كيلومترا من مكان مجهول في المحيط الهندي ومن المرجح أن يؤجج ذلك التوتر المستمر منذ فترة طويلة بين الهند وباكستان. وقال الجناح الإعلامي في الجيش في بيان "تعتبر باكستان هذا التطوير خطوة تجاه تعزيز سياسة ردع معقولة. وخاضت باكستان والهند ثلاث حروب منذ الاستقلال عن بريطانيا عام 1947 وكل من الدولتين يطور صواريخ منذ أن أجريتا تجارب نووية في مايو أيار عام 1998

اضف تعليق